الرئيس هادي لا يزال يتنفس
بقلم/ عبدالفتاح الحكيمي
نشر منذ: 4 سنوات و 5 أشهر و 13 يوماً
السبت 27 يونيو-حزيران 2020 10:21 م
 

 أكثر ما أراد ان يقوله الرئيس هادي في اجتماع اليوم بالرياض بقيادات البرلمان ومستشاريه والحكومة الشمعدانية: أنه لا يزال يتنفس, وعلى قيد الحياة للرد على شائعات وفاته.. وكأن شيئأً لم يحدث في البلد من خضات ونكبات متلاحقة..

ونخشى أن يكون الموقف الهزيل هو المسمار الأخير في نعش الشرعية, لأن ما رجح عن الكواليس السابقة تراجع عن المعلن في التزام التنفيذ المُزَمَّن لاتفاقية الرياض ٥ نوفمبر ٢٠١٩ م .. ولا موقف من التحالف( المتسبب).؟. والشيء الذي يثير الإنتباه في كلمة الرئيس هادي فقط عندما قال (ما يسمى المجلس الانتقالي) أي لا اعتراف بالمتمردين لا شكلاً ولا مضموناً .. و(ما يسمى) يعني غير موجود .. ففي النفس شيء .. وطفح الكيل!!. وكل تسريبات وهرطقات الحكومة والموقف من الإمارات ومحاكمة المتمردين ومنع سفرهم وتجميد الارصدة تبخرت كسراب. * جاهزية البديل الشعبي * أللحظة الراهنة أسوأ من مشروع الإنفصال وتقسيم وتشطير اليمن بكثير. هذه اللحظة علامة فاصلة في علاقة الشعب اليمني كله بمسمى القيادة الشرعية والسعودية والإمارات والحوثة والمتربصين .. حالة الغضب العارمة التي اجتاحت البلاد كلها سوف تتصاعد ليس لأن مليشيات الانتقالي تسلمت جزيرة سقطرى كقطعة شوكولاتة بتواطؤ من تحالف السعوماراتي فقط, بل وأبعد من ذلك أن ثقة الشعب اهتزت تماماً ليس بالتحالف وحده (غير الموثوق به من قبل وإلى يوم يبعثون) بل وبقيادة سلطة الشرعية نفسها الموبؤة أيضاً المتهمة بالتحايل ولعب دور ما في كل ما حصل وممارسة ذلك بصمت مشبوه متواصل منذ انقلاب عمران, صنعاء, عدن الأول والثاني وسقوط أبين, لحج , سقطرى والبقية تأتي. إذا لم يتأهب الرئيس عبدربه منصور هادي ويترك المَخَدَّة بقرارات ومواقف عملية حاسمة حازمة في استعادة الحد الأدنى من هيبة ومكانة الدولة فعليه قراءة الفاتحة على ما تبقى في الشمال والجنوب, ويكون هو الآخر وجوقة منتفعيه الطفيليين في الحكومة والبرلمان قد شبعوا موتاً انسانياً واخلاقيا وكرامة,ً فوجود رئيس لا يمثل ارادة ونبض وضمير الشعب مثل عدمه, وليس مجرد موت سريري أو الموت الجسدي الذي يروج له خصومه فقط .. ألقيادات التي تخذل جماهيرها في كل منعطف وانتكاسة لا تستحق البقاء ولا التَّحَسُّر على مصيرها المخجل ووقعتها المدوية. هذه اللحظة النادرة وحدت إرادة وعنفوان وقلوب اليمنيين كلهم من صعدة الى المهرة ومن ميدي إلى سقطرى وحضرموت وصنعاء ومأرب وغيرها لغسل عار الأشقاء الذي طعن كل يمني في كبريائه وعزته واعز ما لديه. ليس لمجلس الانتقالي التائه علاقة مباشرة فيما حدث, فهو أداة معروف حجمها ودورها ومصيرها النهائي .. والإمارات المتحدة لا تخفى مواقفها المعلنة من السيادة اليمنية ولا سيلان لعابها وشراهتها في ابتلاع ثروات ومقدرات وجغرافية اليمن .. ومهما ظلت تعمل في السر والعلن فأمرها مكشوف .. وليس مسؤولية ما يدور ويحدث من تعدي وتماديات إلّا على السعوديين أنفسهم الذين لا تشبه مواقفهم عناوين المعركة( الحزم) فلا هم حازمون مع الإماراتيين الذين يغرقونهم في المستنقع ويأكلون الثوم بفمهم, ولا مع أدواتهم التاريخية(الجنوبية) ..

الديناصورات المترهلة, العُصْبَة المتحكمة بتصرفات وتحركات الانتقاليين وتوظيفهم للابتزاز وصفقات التجارة والأرباح الطائلة والموت المجاني في صحارى ورمال الموت الشرهة لغير أبنائهم. والأدهى ليس فقط وجود مطامع ومطامح غير متكافئة للسعوديين في مد انبوب نفط بحر العرب أو غيره ألتي يعرقلونها بأنفسهم بتجاوز قاعدة تكافؤ الحقوق, بل وجعلت حساباتهم في تحقيق ذلك متذبذبة في الرهان على الشرعية أو الانتقالي وانتظار ما لن يأتي ..

ولصالح من كفة ميزان العبث بالدماء والأرواح , ولن يتذوقوا حلاوة أوهامهم في اغتصاب حق الغير بدون التخلي عن الاستكبار والاعتراف بحقوق اليمن السيادية اولًا على منافذ مياهها وبحارها واراضيها والثروات .. ولكنهم فوق ذلك والاهم بكثير افتقادهم للحزم والعزم الحقيقي المطلوب في فرض التزاماتهم الأخلاقية أمام العالم إلى درجة لم يستطيعوا معها تأمين مرور قافلة دعم عسكري تابعة لهم من عدن إلى جبهة البيضاء بعد تسلمهم إدارة قيادة التحالف .. وغيرها ؟!!. باختصار إذا لم ترتقِ قرارات السلطة العليا كما حدث اليوم في اجتماعات وكولسات الرياض الحالية إلى مستوى الجاهزية الجماهيرية المتوثبة في هذه اللحظة الفاصلة لليمنيين, فإن خيارات الشعب السياسية الانتخابية والدفاعية مفتوحة,وكل شيء ممكن, من سحب ارادة التفويض الشعبي ألتي انتخب بها سلطة الرئاسة إلى تنظيم مكونات أبناء اليمن جنوباً والشمال أنفسهم وقدراتهم ورصّ الصفوف في مواجهة شاملة مع الطارئين في الداخل والخارج.

والخيارات المقابلة متاحة أيضا ً أمام ما يسمى بالتحالف, فأما ان تختار السعودية وقوف الإمارات معها فقط في معركتها الحدودية والوجودية شمالًا مع الحوثيين, أو تكتفي بالدعم اللوجستي العسكري والمالي للجيش الوطني ونفض يدها عن الوصاية والتحكم بالقرار الوطني السيادي لليمن مقابل المَدَد اليماني لها في صد الخطر الإيراني الهادوي الجعفري الداهم الذي يتهدد مصير المملكة بمقتل عظيم. ألقوى الوطنيةاليمنية قبائل وعشائر وأحزاب ومجتمعات المدن والقرى داخل وخارج اليمن أمام مفترق طرق بعد وضوح حجم المؤامرة الخارجية الإيرانية الخليجية, فأما يدُسُّوا رؤوسهم في الرمال كالنعام أو التهيئة لمنازلة تاريخية ولو سلمية طويلة النفس مع الحوثيين وغيرهم .. فلا يحتاج اليمني إلى دعم بالسلاح لقتل نفسه وتدمير ما تبقى , ومدد كاذب يدوس على الكرامة وماء الوجه وعزة النفس.. إسقاط كل مشاريع الاستبداد الداخلي والخارجي العنصري والسلالي ممكن جداً سلمياًً وبكلفة أقل بكثير من إنجازات تحالف الخراب, فالدعم الذي يَمُنُّ به علينا السعاودة والشخابيط أهدر كرامتنا وأمعنوا في تحويل قهر عصابات الداخل إلى شماعة للبغي والإذلال من الخارج .. على الشعب بكل أطيافه بعد مفاجأة ظهور الرئيس هادي وزبانية الحكم اليوم بتلك الطأطأة تهيئة الذات لمرحلة المقاومة الشعبية للتحرير الشامل في اليمن من بطش الداخل الحوثي الإيراني, والخارج الفرعوني الشقيق. مخاض لن تتأخر ولادته طويلاً مع بوادر استنساخ طبعة أكثر سؤاً من شخاطيط اتفاقية الرياض (١) ألتي لن ترى النور مع غيرها .. أما مسمى مجلس الانتقالي فهو طوال الفترة الماضية يتراجع خطوة بالالفاظ فقط ليتجاوز أميالًا في الواقع لكنه عزل نفسه عن حاضنته الشعبية .. ومن يراهن في فرض مشروعه على غشامة قوة عسكرية متآكلة يومياً ,يستحيل استمراره كمشروع سياسي حقيقي على الأرض , فلن يستطيع بعد ذلك لا تمثيل نفسه ولا احتكار تمثيل غالبية رغماً عنها !!.