المرأة في الإعلام
بقلم/ سمر عبد الحكيم
نشر منذ: 17 سنة و 9 أشهر و 14 يوماً
الأحد 25 فبراير-شباط 2007 07:20 م

تشير أغلب الدراسات الاجتماعية إلى حقيقة واحدة ، هي أن تقدم المجتمعات أو تخلفها إنما يقاس بأوضاع المرأة فيها ومقدار الحقوق التي تحصل عليها والمناصب العليا التي تتقلدها ، وكانت هذه التفصيلات وغيرها محل اهتمام ندوة ساخنة عقدت مؤخرا للإجابة على بعض التساؤلات المنهجية التي تقود بالنهاية للحكم على مكانة المرأة التي تمثل نصف المجتمع بل هي النواة الرئيسية لقيام المجتمعات . 

 ولعله بنظرة سريعة سيكتشف القاصي والداني كيف أن أوضاع المرأة العربية ، تبعث علي القلق ، فنظرة عامة علي أحوالها ت
ؤكد أن حالها لا يدعو إلي التفاؤل بقدر ما يبعث علي القلق ، فالتخلف الواضح في حصولها علي حقوقها كاملة ونسبة الأمية المرتفعة بين النساء العربيات والبطالة والعنف وغير ذلك مما يحيط بالمرأة العربية من مخاطر وصعوبات لا زالت ماثلة في الأفق رغم التطور والتشدق بنيل الحقوق .

 كل ذلك وغيره طرح نفسه في تقرير التنمية البشرية العربي الذي أعدته الأمم المتحدة وناقش أوضاع المرأة العربية بشكل مفصل، وقد أعد هذا التقرير منذ عام 2005إلا أن تجاهل هذا التقرير وما فيه من نتائج قد دفع المركز المصري لحقوق المرأة برئاسة الأستاذة المحامية نهاد أبو القمصان إلى مراجعة النتائج التي توصل إليها وعرضها هذا التقرير وعليه فقد أقام المركز المصري لحقوق المرأة ندوة حول أوضاع المرأة العربية في تقرير التنمية البشرية العربي .

 حضر الندوة الدكتور محمد نور فرحات مستشار الأمم المتحدة لحقوق الإنسان،الأستاذة الدكتورة كاميليا شكري عضو الهيئة العليا لحزب الوفد،والأستاذة الدكتورة إقبال السمالوطي رئيسة جمعية حواء المستقبل .

 وفي بداية الندوة أكدت الدكتورة نهاد أبو القمصان رئيس المركز المصري لحقوق المرأة أن التقرير كان صادماً جداً لكل النساء العربيات حيث أوضح هذا التقرير أن حقوق المرأة العربية قد حصلت على المركز قبل الأخير من حقوق النساء في العالم وأنه لم يتخلف عن المنطقة العربية إلا إفريقيا الوسطي أو ما يسمى بالصحراء الإفريقية، وقالت :إن التخلف البين في حقوق المرأة يكمن في نقص المعرفة والحريات وفي أوضاع المرأة الاقتصادية،وهذا التقرير هو تقرير صادق بالضرورة لأنه يصدر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وقد قام بكتابته أساتذة وخبراء كبار من المنطقة العربية ، وأكد التقرير ضرورة الحاجة لإزالة بذور التمييز ضد المرأة من التقاليد العربية والدعوة إلى الاجتهاد والتفسير المستمر في القضايا الدينية للتغلب على العراقيل الثقافية ، كما يقترح التقرير سلسلة من الإصلاحات القانونية فيم يتعلق بالأمور الخاصة بالمرأة وأيضا تفعيل الاتفاقيات الدولية مثل السيداو التي تحفظ للمرأة حقوقها .

تشريعات دينية منصفة

 وأضافت الدكتورة كاميليا شكري : إن إصلاح أحوال المرأة لا ينبغي أن يأتينا من الخارج فماذا لو كانت النساء بالعالم العربي هن اللواتي نادين بحقوقهن؟!!،ولا ينبغي علينا مطلقا أن نأخذ بالنموذج الغربي في حركات تحرير المرأة لأن هذا النموذج قد لا يتناسب والمنطقة العربية وتقاليدها وأعرافها لأن المجتمع لدينا يركز على حقوق الأسرة ككل وليس على حقوق المرأة كفرد، ولكن ينبغي أيضا أن ننتبه إلي أن تحجيم المرأة ووضعها في إطار معين من شأنه أن يفقدها حقوقها التي تنص عليها الدساتير العربية، وربما يعتبر البعض أن التشريعات الدينية في الوطن العربي هي التي تفقد المرأة العربية حقها ولكن ذلك غير صحيح لأن هناك تأويلات كثيرة في الدين وعلينا أن نركز على القرآن والسنة النبوية فقط ولا نأخذ بالآراء المتشددة التي ربما لا تمت إلى الدين بصلة في بعض الأحيان والداعية إلى أن المرأة مكانها الوحيد هو المنزل وأنها عورة يجب تغطيتها .

 موروثات ثقافية خاطئة

 ومن الغريب والعجيب أن المرأة لا تأخذ حقها إلا في الثورات والحروب ، يعني أن الرجل يلجأ إلى المرأة عندما يقع في كارثة وخلافاً لذلك فحقوقها كلها مهضومة ،والحقيقة قد يعود ذلك إلى موروثات ثقافية أكثر منها دينية وهذا يبرز في مناهج التعليم ،التي تؤكد على الفروق بين الرجل والمرأة لا من خلال الجنس وإنما تعد تمييزا عنصريا بكل ما تعنيه هذه الكلمة ففي المطالعة بالصف الثالث الابتدائي يعلمون الأطفال أن الولد يجلس على الكومبيوتر والفتاة تلعب بالقطة ،وأن الأب في العمل والأم في المطبخ.

 ولقد اقترح هذا التقرير مجموعة من الحلول العملية لمواجهة هذا التخلف الفكري منها تحديث مناهج الدراسة لدى الأطفال وتقديم مواد دراسية ونشاطية لهم تؤكد على مساواة الرجل بالمرأة في الحقوق والواجبات ، أيضا أكد التقرير ضرورة وجود حركات مجتمعية تنبت من نساء القاع إلى نساء السطح تتضمن التركيز على حقوق المرأة .

مجرد كلام

 وانتقد الدكتور محمد نور فرحات الحكومات العربية قائلا: إن أغلبية الحكومات العربية تلجأ إلى الحديث فقط عن حقوق المرأة عندما تشعر بالضغوط عليها المطالبة بتوسيع مناخ الديموقراطية فتتظاهر أمام الغرب أنها منشغلة بالبحث عن حقوق المرأة ، وهل يعقل أن تحصل النساء على حقوقهن في مجتمع يعاني أفراده رجالا كانوا أم نساء من الاضطهاد والديكتاتورية؟! وعلينا أن نوفق بين متطلبات العصر والثوابت في الشريعة الإسلامية ،وهناك حقوق كثيرة للمرأة في الدستور لا تطبقها كثير من الدول العربية .

التقرير الصدمة

 وعلقت الدكتورة إقبال السمالوطي على هذا التقرير بقولها: لقد صدمت جدا عندما قام أحد الوزراء بلم جميع نساء الجمعيات كي يكن في استقبال سفير أجنبي حتى يظهر أمامه أنه قد أصبح في مصر جمعيات نسائية تطالب بحقوق المرأة وأن المناخ الديموقراطي قد تحسن، وعندما طلبنا من نفس الوزير فيما بعد الوقوف الجاد إلى جوار هذه الجمعيات لم نجده ولم يتنازل حتى ويقابل أية امرأة ترأس جمعية، في الحقيقة لا يوجد النية حتى في الجدية لمعالجة مشاكل المرأة بالمنطقة العربية ،وهذا واضح للعيان عندما تم اختيار 6سيدات فقط للتمثيل في البرلمان بالتعيين وتعيين قاضية واحدة بالقضاء المصري ومحاولة إدخال 7 قاضيات

أخريات ما تزال قيد البحث.

 نحن نحتاج إلى الضمير وإلى الإخلاص في تنفيذ القرارات وإعطاء المرأة كافة حقوقها،من ناحية أخرى أظهر هذا التقرير مدى الهجوم الشرس على المرأة العربية خاصة في التلفزيون ،فلا يوجد مسلسل أو فيلم عربي لم تضرب فيه المرأة وكان ذلك شيئا عاديا ، فالإعلام قد أظهر المرأة إما غانية أو امرأة مستضعفة أو امرأة تتشبه بالرجل في كل شيء وكأن هذه الأنوثة عيبا يجب أن تخفيه،من ناحية أخرى أكد التقرير تأنيث الفقر وأن هناك نسبة عالية جدا من النساء في الوطن العربي يعانين من الفقر،وإذا كانت تصل نسبة الأمية بين النساء في دولة مثل مصر إلى ما يقرب من 50% ،وان 18% من الأسر الفقيرة في مصر تعولها امرأة هذا يدل أن كثيرا من النساء المصريات يعشن تحت خط الفقر، وهذا أمر ينبغي علينا الإلتفات له .

 ومن الجدير بالذكر أن أغلبية الدول العربية قد وقعت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ووافقت على جميع شروطها ،ولكن لم نر أي تفعيل لهذه الاتفاقية بداخل أية دولة عربية ، ربما يعود السبب إلى تنامي التيار الإسلامي المتشدد داخل كثيرا من الدول العربية حيث يرى أغلبية المتشددين دينيا أن مسالة تمكين المرأة ووضعها بمراكز قيادية يعد مخالفا للدين حيث أنهم يعتبرون المرأة غير مؤهلة للولاية وليست صالحة للقيادة على كافة مستوياتها ،وقد يلجأ المعادون لحقوق المرأة إلى مثل هؤلاء الأشخاص لإقناع المجتمع دينيا أن المرأة قد لا تصلح للقضاء أو التمثيل النيابي أو حتى الوزارة ويحتجون أن حصول المرأة على حقها الدستوري والقانوني مخالفا للشريعة الإسلامية .

المصدر / محيط