القطاعات النفطية تفتح شهية الطامعين: نافذون يسعون للسيطرة على قطاع 5 النفطي وسحبه من شركة بترومسيلة الحكومية لصالح شركة تجارية جديدة توكل كرمان: لم ينهب بيت واحدة في حلب ولم تحدث عملية انتقام واحدة هذا أمر مثير لاعجاب العالم هناك جيش وطني حر اخلاقي يعرف مايريد وكيف يحكم سوريا بريطانيا تحمل الرئيس السوري مسؤلية ما يحدث حاليا من تصعيد عسكري عاجل:بشار الأسد يطلب المساعدة من إسرائيل وتل أبيب تشترط طرد إيران من سوريا أول رد من الإدارة الأمريكية على المجزرة الحوثية بحق مدنيين في أحد الأسواق الشعبية هل يواجه الحوثيون مصير الميليشيات الإيرانية في سوريا؟ ما حقيقة مغادرة قادة حركة حماس وعائلاتهم قطر النشرة الجوية: ''طقس بارد في 11 محافظة وأمطار محتملة على هذه المناطق'' مليشيا الحوثي تستهدف منازل المواطنين بقذائف الدبابات جنوب اليمن جمرك المنطقة الحرة ومطار عدن يضبطان أجهزة مراقبة عسكرية وأدوية مهربة
شهاب المقرمي رسّامٌ يسكُنهُ إنسان وديع ومخلوق ثلجي لايغضب، يسأل الناس أنفسهم (متى يغضب شهاب؟). هجر شهاب الرسم سبعة عشر عاماً "خشية أن يحشر مع المصورين" وعاد إلى حبيبته الأولى على رمش عيون فتوى أعادته إلى أحضان معشوقته. هذا هو شهاب "قصة مدينتين" وحبيبتين الأولى الرسم والثانية مخرجاً لجريدة "الصحوة" اليمنية وما بين هما حنينٌ إلى الحب الأول والعهد الأول مأرب برس تغوص في أعمق فنان مبدع وتضع حصيلة في سياق هذا الحوار .
حاورة / عبد المنعم الشيباني ......
• من خلال مقدمة كتابك (وجوه رصاصية) يتبين لنا أنك لست رساما فحسب بل وروائيا أيضا كما يظهر فيها جليا الجهد والتعب... ألم تشعر أن سرد قصتك مع الرسم كان سردا روائيا لسيرة المؤلف الذاتية على لسان البطل بلغة تتسم بشيء من الحزن والدرامية؟
- هذا صحيح لأمرين: أولا لدور المقدمة وأهميتها فهي المفتاح للكتاب ولعلك تعلم أن المقدمة التي كتبها الناقد الكبير عزرا باوند مصدرا بها قصيدة ت. س. إليوت (الأرض اليباب) مهدت الأرضية لتكون أعظم قصيدة في القرن العشرين.. وقبل ذلك كانت مقدمة ابن خلدون أهم من الكتاب نفسه..
ثانيا : بما أن الكتاب كتاب فني مرسوم فليس فيه فرصة للكلام إلا المقدمة لذا حرصت ان تكون مركزة ووافية ورغم أن الكتاب اتعبني كثيرا إلا أن المقدمة استهلكتني وادمتني.
أما الحزن الذي تتسم به المقدمة فهو ناتج عن المعاناة التي يعانيها المبدع في بلادنا فهو يريد ان يسهم في نمو وازدهار وتحضر بلاده وتحسين الذائقة الفنية والجمالية مما يسهم في التخفيف من التوتر والاحتقان لدى الناس وتحسين الصحة النفسية والاجتماعية، تدفعه الرغبة في ان تتبوأ بلادنا مكانتها اللائقة بها بين الأمم ومع ذلك لايجد الفنان والمبدع استجابة أوتفاعل لدى جهات الاختصاص ربما لعدم ادراك المسؤولين في هذه الجهات لأهمية الدور الثقافي والفني والابداعي عموما اضافة الى طغيان وهيمنة الجانب السياسي على بقية جوانب الحياة الثقافية والصحية والتعليمية والرياضية...الخ
تصور أن فرنسا الغت الدعم عن الوزارات والمؤسسات الحكومية واستثنت الثقافة لأهميتها، وجهد الفنان ليس له ثمن، يقضي اوقاتا طويلة في مرسمه بدافع الحب لبلده وفنه ومالم تقم الجهات المعنية كوزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية والاعلامية بدورها في النشر والترويج ومن ثم تناولها بالدراسة والنقد مع حفظ الحقوق المادية والفكرية فسيعجز المبدع عن نشر أعماله وربما ينتهي فنيا. والخلاصة أن الفن في بلادنا مهنة تنفق عليه ولاينفق عليك.
ويبدو ان بلادنا تحتاج الى وقت وجهد طويل لكي ندرك اهمية العمل الفني والاعلامي عموما حتى على مستوى القطاع الخاص وعند ذاك فلن نحتاج لدعم الدولة فالعمل الفني الجيد سيفرض نفسه في النشر والتداول والدراسة والنقد لأنه يحمل بذور البقاء، وقد سبقتنا دول عربية كمصر ولبنان في ادراك اهمية الفن وصارت لها تقاليد ومؤسسات مستقلة تمنكها من الوقوف ذاتيا بالاعتماد على ثقلها وتجاوب المتلقي معها، أما في الدول الغربية قد تنهار دول عظمى وسياسات ومؤسسات اقتصادية ومالية وبنوك -والازمة المالية الحالية التي هزت امريكا والغرب تشهد- لكن المؤسسات الاعلامية لن يهزها شيء بل ستزداد ازدهارا فالمطابع ستدور بالكتب والصحف، وستخرج الافلام متناولة الازمة بالنقد وكذا الكاريكاتير واللوحات والمعارض الفنية والمسلسلات لأن الكل يدعم المؤسسات الاعلامية وأولهم وأبلغهم استهلاكا ودعما المواطن.
• أشعر أن عنوان كتابك (وجوه رصاصية) يحمل أكثر من معنى... فالمعنى القريب انها وجوه مرسومة بالقلم الرصاص... هلا حدثتنا عن المعنى البعيد؟
- ما فهمته أنت هو فعلا ما قصدته أنا.
• يقول الأستاذ نصر طه مصطفى وهو يقدم لكتابك انه لاشيء يحتاج الى صبر كالرسم... وأنا أرى أن شهاب خلق رساما صبورا لما جبل عليه من سمات فطرية (جليدية) لاتسأم ولا تمل ... هل لشخصية الرسام الجليدية -علاقة بالانجاز؟
- فعلا كلام الاستاذ نصر الذي قاله في التقديم -وهو غير المقدمة- صحيح، ولابد من الصبر خاصة في اللوحات الزيتية إذ لابد ان تجف الطبقات السفلى تماما كي تبني عليها طبقات جديدة وإلا فسدت اللوحة. كما ان اللوحة أي لوحة قد لاترضي الفنان بسرعة بل لابد ان يطمئن الى اكتمالها واستدراك ما فيها نقص خاصة فيما يتعلق برسم الوجوه (البرتريهات).
بالمناسبة أنا الآن انوي ترك الرسم بالقلم الرصاص والاتجاه الى الرسم بالزيت وذلك بعد ان فرغت من اللوحة الشاملة (الذاكرة الشهابية) وكذا كتاب (وجوه رصاصية).
• أذكر وأنا في الابتدائية في معهد تعز العلمي زميلا قليل المطالعة كثير الرسم كانت تستهويه رسم صورة حسن البنا وأبي الأعلى المودودي... لم أكن أعرف حينها من هذين الرجلين... أيها الفنان لماذا تستهويكم شخصية حسن البنا بالذات؟ من وجهة نظر نفسية، وفكرية، وجمالية؟
- شخصية البنا شغلت الناس بمختلف اتجاهاتهم ومهنهم... شخصية جبارة آسرة مؤثرة، ملامح سمحة مع وسامة ووقار (مثال للرجل السوبر شكلا وجوهرا) نقاء السريرة وصفاؤها وطهر الجوارح له أثر على جمال الملامح وبهاء البشرة، هذه الصفات اسهمت بشكل كبير في تقبل الناس له والتفاعل معه، لكنك لاتجدها في الشكل التقليدي للعلماء والدعاة الآن فملامحهم قاسية منفرة يكسوها التجهم، تفتقد روح الألفة والبساطة والدعابة والاختلاط بالناس خاصة بالشباب... يطغى على لغتهم ومفرداتهم المستخدمة التخويف والنذير والرعب والعذاب والتهديد والوعيد وحرام وبدعة غافلين عن وسائل الدعوة في جذب الناس وتحبيب الدين اليهم وربطه بالتنمية والانتاج والتطلع للإحسان والإتقان والابداع وتغيير الواقع المتخلف والانحطاط المهيمن على عالمنا الاسلامي. وتغيب عنهم الأولويات -حتى الإخوان منهم- فيقدمون الصلاح الفردي كإطلاق اللحى وتقصير الثياب على الصلاح الجمعي للأمة بإطلاق الحريات ورفع الاستبداد والمطالبة بتحقيق العدل والمساواة!
• حدثنا روائياً عن قصة رسمك للملكة اليزابيت الثانية.. وكيف تفاعل البريطان (على وزن الأمريكان) مع ابداعية تصويرك لملكتهم.. وماذا تعني لك تلك القصة في مشوارك الفني وفي أي كانت؟
- لقد فاجأتني بذكر هذه القصة: لقد حدثت عام1985م رسمت الملكة اليزابيت وجئت بها الى المركز الثقافي البريطاني كانت لوحة زيتية، أخذوها وبروزوها وعلقوها، ومنحوني دورة في اللغة مجانا وثلاثة آلاف ريال وكانوا يعاملوني معاملة خاصة ويدعوني للمشاركة معهم في المعارض الفنية التي يقيمونها، وكنت اظن ان الموضوع قد انتهى عند هذا الحد.. لكن بعد انتهاء الدورة أعادوا لي اللوحة فاستغربت لماذا؟ قالوا لقد استأجرناها ونحن الآن نعيدها لك مع الشكر..
الواقع ان للقصة عدة أبعاد: أناس لاتعرفهم ولاتربطهم بك علاقة.. يقدرون عملك ويهتمون به ويحفظون لك حقوقك المادية والمعنوية ويخجلوك بتصرفاتهم النبيلة... بينما الجهات المحلية المعنية تتنصل من نشر أعمالك لمجرد انك رسمت شخصيات تاريخية مؤثرة كالإمام احمد ضمن مئات غيره ليس لتحيز أو تأثر به وإنما لمدى التأثير ولكونه عنوانا لفترة ماقبل الثورة تماما كالمؤرخ هل بإمكانه ان يغفل ذكر الإمام احمد عند تناوله تاريخ اليمن الحديث؟
• رسم الفنان شهاب المقرمي ثلاثة آلاف وجه (سياسيين، علماء، مفكرين، أدباء، صحفيين، رياضيين،.. حتى قادة العدو الصهيوني من باب اعرف عدوك) صف لنا شعورك وانت ترسم الشيخ أحمد ياسين والشعور المقابل وأنت ترسم شارون؟
- لم ازد شيئا عما هو كائن في الشخصيتين وجه أعزل وجسد مشلول مضيء يقاوم وجها مسخا مدججا بالأسلحة موغل بالدموية والصلف.. رسمت ايضا موشي ديان وزير دفاع العدو ايام النكسة، ورسمت جولدا مايير رئيسة وزراء العدو آنذاك المرأة التي هزمت قادة 22 دولة عربية، ورسمت كذلك بن جوريون أول رئيس وزراء لدولة العدو وهرتزل من باب اعرف عدوك... الشيخ أحمد ياسين حي رغم مرور سنوات على استشهاده بينما المجرم شارون في غيبوبة من ثلاثة أعوام عقاب إلهي جراء مااقترفت يداه ولا أحد يعلم عنه شيئا امعانا في الاهمال والاحتقار، ولتكون نهايته لمن خلفه آية وعبرة.
وتراودني فكرة رسم لوحة زيتية للشيخ ياسين اتمنى تنفيذها قريبا.
• وسيلتك الوحيدة القلم الرصاص... ماهي مزايا هذه الوسيلة على غيرها؟
- من مزايا الرسم بالقلم الرصاص إظهار اللوحة بتناغم وهدوء وبروز التضاد بين الضوء والظل (الكنتراست) اضافة الى السهولة المطلوبة خاصة حينما تكون بإزاء رسم آلاف الوجوه، وهناك طريقة قريبة من الرسم بالقلم الرصاص هي الرسم بالفحم لكني لم أجربها، وكما قلت سابقا سأحاول الآن الدخول في المرحلة الزيتية لأجهز لمعرض يليق بطول فترة الانقطاع عن الرسم.
• الرسم مدارس كمدارس الشعر... يلاحظ أن وجوهك الرصاصية ليس فيها خربشات سريالية ولاغموض تجريدي ولغتها واضحة ومقروءة... هل أنت إذاً رسام كلاسيكي؟
- لاتعنيني التصنيفات وعلى الفنان أن يحلق عاليا بعيدا عن القيود ولوكانت فنية، علي فقط ان أرسم وعلى النقاد تصنيف أعمالك، كما أني لازلت ابحث عن بصمتي المميزة الخاصة بي وكلما ظننت الوصول اجدها تروغ عني.
• من بين اللوحات الرصاصية لوحة لكوكبة من الشخصيات النسائية اليمنية أبرزهن الأستاذة رشيدة القيلي.. كيف تعامل الفنان شهاب (تعبيريا) مع تلك اللوحة، وكيف تريدنا أن نقرأها؟
- يتعرض قطاع غير قليل من النساء في بلادنا كسائر بلدان المنطقة الى ظلم الرجل لهن في الميراث والحرمان من التعليم والصحة والحقوق الشرعية، والعنف الجسدي واللفظي، واكراههن على الزواج المبكر، أو الزواج بمن لايردن، ومع ذلك خرجت نماذج طيبة من النساء المتميزات في مجالهن وتخصصاتهن ومنهن الأستاذة رشيدة القيلي التي تتلمذنا على كتاباتها منذ زمن طويل، فهي مدرسة في الصحافة والإرادة والطموح غير المحدود.
• عودتك الى مرسمك بعد سنوات عديدة قضيتها مخرجا لصحيفة (الصحوة) عودة الى (وجه الحبيب الأول) من بعد أن كانت تفصل بينكما مسافة وعهد وفتوى... حتى أعادت الفتوى الحبيب الى حبيبه الأول... حدثنا مرة أخرى عن فرحة الرسام شهاب بأوبته من بعد غياب..
- عدت الى الرسم بنهم شديد وهمة عالية لعلي اعوض سنوات اليباب والسراب، تيقظت فجأة بعد سبات طويل متفقدا الذاكرة عن رموز الفن والادب فلم اجد أكثرهم، بحثت عن رمبرانت وفان جوخ ومايكل انجلو وسيزان ودافنشي وسلفادور دالي وبيكاسو، وفتشت عن شيكسبير وبرنارد شو وبودلير واللورد بايرون وهمنجواي وباكثير وسارتر والسياب وصلاح جاهين وناجي العلي وناظم حكمت ونيرودا وعزيز نسين وعبدالحليم وفيروز واحمد زكي وعاطف الطيب وأيوب والفضول وبلفقيه والمحضار والبردوني وهاشم علي والرازحي وبلال فضل بابريك وجمال أنعم والفقيد حميد شحرة وكثيرين غيرهم، فلما لم اجدهم أصررت على استعادتهم، وكان لي ماأردت خلال أربعة أعوام -قضيتها بصحبتهم- مليئة بالجهد والعزلة و(الطفر) والمعاناة المستعذبة!
• رأينا الفنان شهاب المقرمي الشاب الرشيق في المعرض الفني الكبير الذي اقيم في المركز الثقافي عام 1986م يعرض لوحاته للزائرين وابرزهم الاستاذ عبدالعزيز عبدالغني رئيس الوزراء آنذاك والاستاذ حسن اللوزي وزير الاعلام.. ثم رأينا شهاب المقرمي عام 2007 ينتفض على عمله كمخرج للصحوة ويقول: (آن الأوان أن أعود لعشقي الأول الرسم).. لو سألناك ان ترسم وجها رصاصيا لصديقك شهاب المقرمي : شهاب 86 وشهاب 2007 كيف سترسمه؟
- لم يتغير كثيرا كان في الثامنة عشرة وصار في السادسة والعشرين -طبعا بعد أن حذفنا السنوات اليباب من العمر- مع صلع خفيف يزيده وقارا وربما شيئا من وسامة أيضا!
• ختاما نسألك عن حكمتك المفضلة؟
- كن رأسا لذبابة ولاتكن ذيلا لأسد!