شاحن هاتف ينهي ويوجع حياة 7 أفراد من نفس العائلة في السعودية توافق دولي عربي على الوضع في سوريا جدل بشأن عودة السوريين اللاجئين في أوروبا إلى بلادهم بعد سقوط الأسد وزير الدفاع التركي يكشف عن عروض عسكرية مغرية قدمتها أنقرة للحكومة السورية الجديدة ماذا طلب الرئيس العليمي من واشنطن خلال اجتماع عقده مع مسئول كبير في مكافحة الإرهاب؟ قرارات واسعة لمجلس القضاء الأعلى القائد أحمد الشرع يتحدث عن ترشحه لرئاسة سوريا أميركا تطلب من عُمان طرد الحوثيين من أراضيها مؤشرات على اقتراب ساعة الخلاص واسقاط الإنقلاب في اليمن.. القوات المسلحة تعلن الجاهزية وحديث عن دعم لتحرير الحديدة تعرف على ترتيب رونالدو في قائمة أفضل 100 لاعب في العالم
مأرب برس – خاص
بعد أن عرفنا واجبات الفرد في معالجة مشاكله الاقتصادية وأزماته المالية ابتداء من ذاته، وأحب أن أنبه هنا أن الكلام في هذه المقالات يرجع إلى معالجة الحيل و المغالطات النفسية التي تدعو إلا التواكل والدعة أو عدم تحمل المسؤولية في مواجهات المشاكل الاقتصادية سواء ما يكون في البداية من داخل الفرد ثم من المجتمع وكذا من قبل الدولة المسلمة أو التي تدعي إسلاميتها، ولذا بسبب ما ذكرنا سيكون العلاج من منطلقات شرعية من الكتاب والسنة.
وكما ذكرنا من وجوب تغيير ما في النفس من إتكالية وكسل بما ذكرنا حتى يتم تغيير الحال، ولا بد على المؤمن أيضا أن يكون على يقين أن الله عز وجل الرزاق قد تكفل بالرزق للجميع قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) [الذاريات/58] ، وما جعله الله عز وجل في الكون من موارد اقتصادية كافي لإشباع الحاجات الإنسانية لكل البشر. ولكن لا بد من حركة وعمل أو المشي في الأرض كما سماه الله عز وجل فالرزق يحتاج إلى مجهود ولذا " نرى الإسلام دعوة للعمل الدؤوب و الإعمار وتنمية الإنتاج لتحقيق مجتمع الرفاهية الذي يسعى إليه كل نظام اقتصادي على الأرض." ( )
كما أن الإسلام قد عالج الأسباب التي تعود على الفرد من نفسه من كسل وخمول وإيثارا للدعة ، فقد غطى أيضا جانب العجز الواقع من خلال الدعوة إلى المشاركة الخارجية من أفراد المجتمع وهيئاته في إقالة العثرات والتعاون البناء. وعلى ذا فقد غطى الإسلام بمنهجه الثغرات الحاصلة في البنيان الاجتماعي للمجتمع المسلم من قبل الفرد، ومن بعدها دعا إلى المشاركة المجتمعية في العلاج " فمنهج الإسلام القويم منهج يدعو إلى العمل والإنتاج ، ويكفل لكل فرد في المجتمع نصيبه من الثروة ، فلا يجوع أحد ولايعرى ولايظمأ ولايضحى ، مجتمع متضامن في السراء والضراء ، قادر النزال والصمود على مدار التاريخ." ( )
ورتب لهذا العلاج مجموعة من التشريعات، ونوَّع درجة وجوبها بين الإلزام إلى الندب، ومع هذا فقد وجه جميع أعضاء المجتمع الإسلامي عند حصول المشكلة الاقتصادية بشكل ظاهر إلى المشاركة في علاجها ففي في وجهة النظر الإسلامية أن الغني أيضا له مشكلة وإن كانت خاصة به ألا وهي أنه " مسئول عن إخوانه الذين تقل مواردهم عن حاجتهم ، فهو إذا مبتلى بالغنى، وهم مبتلون بالفقر... ، مسئول عن حسن استغلاله موارده ، وحسن توزيع هذه الموارد على حاجاته وحاجات عياله ،وحسن استغلال الفائض في أعمال الاستثمار الدنيوي (الإنتاج ) أو الأخروي (الصدقات)" ( ) ومما امتازت به الشريعة مع تنوع أوجه المشاركة المجتمعية واختلاف درجة إلزامه من كون الزكاة هي الركن المالي في الإسلام إلى النفقات الواجبة على من يعول، إلى الندب في الصدقات وصلة الأرحام إلى الإباحة في ما يتعلق بتوثيق الصلات الاجتماعية الأخرى. كما أنها قد تتدخل في حكم المكروه كمن يُعطي مبذرا يصرف ماله في الإكثار من المباحات، أو تصل المشاركة المجتمعية إلى الحرمة في حالة الإنفاق على أصحاب إشباع الشهوات المحرمة فيما يستخدمونه في الحرام .
بل قد تدور الأحكام الخمسة على نفقة واحدة تنفق على معين على حسب ما سوف ينفقها فيه (طبعاً مع العلم من المُنفق فيما المستفيد سيصرف هذه النفقة)
على كلٍ الحض على النفقة والصدقة في سبيل الله عزوجل من قبل أفراد المجتمع للمحتاجين لا يخفى بل هو من أهم أبواب توثيق العلاقة مع الله عزوجل، لكن لا بد من مأسسة المشاركة المجتمعية في كثير من أوجه الإنفاق حتى لا تتركز في جوانب قد تورث أمراضاً أكبر من كونها علاجا لمشاكل أو أزمات اقتصادية.
وأما ما هي حدود السقف الموضوع للوصول إليه كحد أدنى عند العلاج للمشكلة الاقتصادية من قبل المجتمع أو الدولة " فالمشكلة الاقتصادية في الإسلام لم ترتبط منذ البداية بهدف توفير الضروريات الأساسية للمعيشة ، وإنما تهدف رفع مستوى المعيشة وتحسينه ، وهو ما انتهى إليه أخيرا الفكر الاقتصادي الحديث بعد أربعة عشر قرنا معبرا عنه باصطلاح (الرفاهية الاقتصادية) أو (الرخاء المادي) "( ) وسيبقى لنا دور الدولة ذات الصبغة الإسلامية في مواجهة أزمات الأفراد وقلة كفاية مواردهم لإشباع حاجتهم الضرورية.
وأما الحديث عن دور الدولة في القضاء على الفقر ومعالجة الأزمات فهو من صميم مهام الدولة في الإسلام وهذا مما لاشك فيه بلا خلاف، وسنتحدث عن الجوانب التطبيقية لمسألة إشباع الحاجات من قبل الدولة الإسلامية فنبدأ بعهد النبوة الشريفة وهي المرجع في اعتماد نظام معين أو الموافقة على صورة معينة ، وهي مرحلة زاخرة بالأحداث ونحاول أن نجتزئ بعض الأدلة التي تبين لنا وضع مسألة إشباع الحاجات في الشريعة الإسلامية فنختار منها ما يعطينا صورة سريعة حول تعامل النبي > مع هذه المسألة فالنبي > بعد زيادة موارد الدولة الإسلامية تكفل بقضاء الديون التي كانت لتلبية حاجات سابقة إذا حال الموت دون قضائها فعن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ النبي > قال: ما من مُؤْمِنٍ إلا وأنا أَوْلَى بِهِ في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اقرؤوا إن شِئْتُمْ (النبي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ من أَنْفُسِهِمْ) فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ من كَانُوا، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أو ضَيَاعًا فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلَاهُ. ( )
وقد حدد النبي> ما هي الحاجات التي تقوم الدولة بإشباعها لموظفيها فقد جاء أن رَسُولَ اللَّهِ > قال:.﴿ من وَلِيَ لنا عَمَلا ولم يَكُنْ له زَوْجَةٌ فَلْيَتَّخِذْ زَوْجَةً وَمَنْ لم يَكُنْ له خَادِمٌ فَلْيَتَّخِذْ له خَادِمًا وَمَنْ لم يَكُنْ له مَسْكَنٌ فَلْيَتَّخِذْ له مَسْكَنًا وَمَنْ لم يَكُنْ له دَابَّةٌ فَلْيَتَّخِذْ دَابَّةً قال أبو بَكْرٍ : أَكْثَرْتَ يا رَسُولَ اللَّهِ فقال رسول اللَّهِ > من أَصَابَ سِوَى بعد ذلك فَهُوَ غَالٌّ ﴾ ( ) وبالتصوير الحديث لما جاء في هذا الحديث في واجبات الدولة توفيره لكل موظفيها هو إعانته على الزواج، ويحل محل الخادم إيجاد الأدوات المنزلية التي تعمل ما كان يعمله الخادم من الغسالة والفرن والثلاجة و.......الخ، وتُؤمِّن له السكن الملائم لحاجته بناءً على عدد أفراد أسرته، ثم وسيلة المواصلات الخاصة به. وهذا كله غير ما تدفعه له مقابل عمله وما يقوم به على حاجات أسرته الأخرى من الغذاء والكساء.
وفيها بيان أن أقل ما يصيبه العامل مقابل عمله ما فوق حد الكفاف أي حد الكفاية . أما تغطية فوق حد الكفاف فهو من باب أولى لكل الناس (أي أن على الدولة توفير الغذاء والكساء واللباس لكل مواطني الدولة غير القادرين) و ما يبين لنا أهمية ما ذكره النبي > من الحاجات التي تقوم الدولة بإشباعها أنه جاء في فترة لم تكن دولة الإسلام قد أمنت موارده التي تغطي حاجتها الأساسية ، وأما بعد ما توسعت موارد الدولة الإسلامية فقد أصبحت هذه الحاجة مما تُؤمن لكل أفراد الدولة الإسلامية فقد جاء " أن عمر بن عبدالعزيز كتب إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن وهو بالعراق أن أخرج للناس أعطياتهم فكتب إليه عبد الحميد إني قد أخرجت للناس أعطياتهم، وقد بقى في بيت المال مال. فكتب إليه إن انظر كل من أدان في غير سفه ولا سرف فاقض عنه. فكتب إليه إني قد قضيت عنهم وبقي في بيت مال المسلمين مال، فكتب إليه أن انظر كل بكر ليس له مال فشاء أن تزوجه فزوجه واصدق عنه. فكتب إليه إني قد زوجت كل من وجدت وقد بقي في بيت مال المسلمين مال فكتب إليه بعد مخرج هذا أن انظر من كانت عليه جزية فضعف عن أرضه فأسلفه ما يقوى به على عمل أرضه فأنا لا نريدهم لعام ولا لعامين." ( )
وطبعا عهد عمر بن عبدالعزيز كان بعد قرابة مائة عام من الهجرة فيكون فيه مثال تطبيقي للدولة الإسلامية ، وما تقوم به من إشباع لإفرادها عند سعة مواردها.
وفرض العطاء لكل أفراد الأمة حق واجب على الدولة المسلمة بناءً على ما ذكرنا، ويقدم على كثير من الصرفيات العامة ، ويضم إلى الخدمات الأساسية من الدفاع والأمن والقضاء والتعليم والصحة واستكمال البنية التحتية (رأس المال الاجتماعي).
وفي خطبة لعمر رضي الله عنه بين هذا للناس فكان بمثابة إعلان عقد بينه وبين الناس بناء على ما حدده الشرع من حقوق وواجبات لكل طرف فمما قال "ولكم علي أيها الناس خصال أذكرها لكم فخذوني بها: لكم ألا أجتبي شيئا من خراجكم ، ولا مما أفاء الله عليكم إلا من وجهه ، ولكم علي إذا وقع في يدي ألا يخرج مني إلا في حقه، ولكم علي أن أزيد أعطياتكم وأرزاقكم" ( ) فكم ينفذ قادتنا (المسئولون عنا أمام الله أولاً ثم أمام التاريخ الذي سيشهد لهم أو عليهم) من هذه العلاجات اللازمة لحل أزمة الأفراد الاقتصادية أترك الجواب للقارئ.