بسكويت لكل طالب
بقلم/ رشاد الشرعبي
نشر منذ: 16 سنة و 7 أشهر و يومين
الإثنين 12 مايو 2008 08:56 م

"بسكويت بقيمة 5 ملايين دولار في العام تشجيعاً للإلتحاق بالتعليم", مجرد عنوان لخبر صحفي نشرته صحيفة رسمية يمنية, لم يكن يتعلق بمشروع ستنفذه إحدى الدول التي تجاوزت فقر الغذاء أوالفقر المطلق ووصلت بشعبها الى حياة الرفاهية كحال سويسرا والسويد وغيرها, لكنه – وياللعجب – خبر يمني 100%.

ويشير الخبر الذي نشرته يومية السياسية الصادرة عن وكالة سبأ الرسمية إلى مباحثات ساخنة خاضها وزير التربية والتعليم في حكومة المؤتمر الشعبي مع ممثل برنامج الغذاء العالمي لبحث آليات عملية توزيع بسكويت لـ 300 الف طالب وطالبة بتكلفة 5 ملايين دولار ( أي مليار ريال يمني) تشجيعاً للطلاب والطالبات للإلتحاق بالتعليم الأساسي.

وليزداد القاريء طمأنينة, فإن الوزير اكد ضمن تلك المباحثات – بعد ان أعانه الله وسدد على طريق البسكويت خطاه – على أهمية إعادة النظر في آليات توزيع المواد الغذائية خاصة فيما يتعلق بفتح المجال أمام شركات النقل لإيصال المواد الغذائية في وقت أسرع وبأقل تكلفة.

 لم أفهم القصد من الأخيرة بصورة دقيقة, لكن ما أعرفه أن هناك مساعدات غذائية تقدمها جهات دولية منذ سنوات مديدة تشجيعاً لتعليم الفتاة اليمنية ومايصل منها للفتاة وأسرتها هو الفتات وقد صار في حالة سيئة بعضه غير صالح للإستخدام الآدمي. ويبدو أن معالي الوزير قصد من خلال تلك (البهررة) الديبلوماسية على المسئول الدولي أن السبب في تأخر وصول تلك المساعدات بين أيدي حمران العيون – عفواً أقصد الفتاة اليمنية وأسرتها - ولازالت سليمة هو عملية النقل لها وليست المخازن ذات المواصفات السيئة التي تكدس فيها تلك المساعدات وترافقها عمليات (لطش) وبعدها فرز للمستفيدين حسب بطاقة الإنتماء للوطن الشعبي العام.

وبغض النظر عن كل ذلك, فلا يزال الأمر طبيعي ومعتاد من حكومة المؤتمر سواءٌ من حيث التلاعب بالمساعدات الغذائية التشجيعية لتعليم الفتاة وتكديسها حتى تتلف وتصير غير صالحة للإستخدام أوالتوزيع الإنتقائي لها, الجديد هو المشروع الضخم المتمثل بتوزيع البسكويت الذي سيجذب 300 الف طالب وطالبة من بين 5 مليون طالب وطالبة إلى قاعات الدراسة.

 وبحسب وجهة نظر حكومة المؤتمر لم يعد اليمنيين بحاجة لإستغلال هذا المبلغ في توفير إحتياجاتهم الأساسية خاصة القمح والدقيق, فقد تكفلت الحكومة بتشفير الكيس وبيعه عبر كروت تصل قيمة الواحد منها عن 7 آلاف ريال وفي بعض المناطق يزيد المبلغ حتى 9 آلاف ريال, إلا أن المؤسسة الإقتصادية ستقدمها بأسعار مخفضة مع تشفير يحافظ على مميزاته الغذائية عالية الجودة.

كمواطن وأب لثلاثة أطفال يسعدني كثيراً أن يكون هناك مايجذب أطفالي إلى التعليم, رغم إنجذابهم الفطري الذي يقف في طريقه سوء الأحوال التعليمية والمادية لوالدهم ككل الآباء اليمنيين, وأعبر عن إعجابي الشديد بهذا الإنجاز الكبير الذي تحقق كثمرة لمباحثات معالي وزير التربيةمع المسئول الأممي, لكن أتساءل هل كان الوزير حينها والمسئولين المشاركين في المباحثات يعيشون في جو سويسري ذهب بهم حد تصور أن الشعب قد وصل إلى حالة من الرفاهية ولم يعد ينقصه سوى جذب أطفاله للتعليم إلا بعلبة البسكويت؟ وكيف سيتم تمييز 300 الف طالب وطالبة يمنية بعلب البسكويت لعام كامل دون بقية الطلاب اليمنيين الذين يزيدون عن 4 مليون وكذلك الاكثر من المليونيين الذين هم في سن الإلتحاق بالتعليم ولا تمنحهم الكثير من الاسباب لعل اهمها الفقر المتصاعد وتردي الخدمات التعليمية فرصة الإلتحاق بالتعليم؟.

ويبقى السؤال الأهم: مانوع البسكويت الذي سيتم توزيعه ومامصدره؟ هل هو صناعة وطنية ام سيكون مستورداً؟ ومن سيتولى أمر إبرام صفقة الشراء مسئولين يمنيين ام مسئولين دوليين؟ والأهم من ذلك: من سيتولى عملية توزيعه على الطلاب المستهدفين, المؤسسة الإقتصادية أم المؤتمر الشعبي أم مؤسسة الصالح الخيرية؟.

وأتصور – كمواطن حاقد تلسعه اصوات فشل سياسات الحكومات المؤتمرية المتعاقبة - أن الأمر لن يقف عند الفساد في ابرام الصفقة والفهلوة في نوع ماسيجذب الطلاب للتعليم وعملية التوزيع, لكن توقيت عملية التوزيع ستتم بصورة قد خطط لها بأن تسبق الإنتخابات البرلمانية ابريل (2009) ليشارك فيها هذه المرة أطفال في سن الإلتحاق بالتعليم وسيصوتوا لمرشحي المؤتمر, وكل صوت لبراعم الديمقراطية مقابل علبة بسكويت, فمشاركة أشبال وفتيان الديمقراطية والأموات والجن في الإنتخابات السابقة لم تعد مجدية في ظل اليمن الجديد والمستقبل الأسوأ.

ـــــ

Rashadali888@gmail.com

* بالتزامن مع الناس