رسالة من زوجة إرهابي " ماذا فعل بنا فراقك المغلف بالعار ؟"
بقلم/ زعفران علي المهناء
نشر منذ: 17 سنة و 5 أشهر و 6 أيام
الأحد 08 يوليو-تموز 2007 06:18 ص

دق الصيف بعمق حرارته الأجراس ... حينها قرارا أن يعلنا زفافهما للناس فكان السؤال أين سنقضي شهر العسل..؟

 الذي يجب أن يكون متميز يقدر الحب الذي جمعنا فـما كان منها إلا أن اقترحت أن تكون الوجهة إلى... مهد الحضارات وبلد الأجداد ...لعلنا نعود و بين أحشائي جنين اختلط بهواء وماء تلك الأرض السعيدة فنفخر بأننا عدنا به من بلد الأجداد فما كان منهما إلاأن انضاماالى فوج سياحي قادم إلى مهد الحضارات.

 كان سرورها يفوق كل سرور تركت على إثره كل مساحيق التجميل وفساتين السهرات واستبدلتها بكتب تشرح تاريخ عرش بلقيس و سد مأرب وذلك الفأر الذي لقح العالم بفعلته بأعرق الأصول البشرية التي هاجرت على جراء سقوط السد .

 ربطا حزام الطائرة المعلنة قيام الرحلة إلى صنعاء وهما يحضنا أيدي بعضهما وكأن هذه الأيدي تلف قلبيهما الذي يرقـص طربا ومضت الطائرة محلقة في السماء تتخطى البحور والبلاد ونظرا بأعينهما بعد أن أعلنت مضيفة الطائرة إنهما يمران من فوق بلد الكنانة ملقيين التحية ومعلنين الوعـد بأنها ستكون الرحلة الثانية بعد زيارتهما لبلدهم الأم .

كان هذا ما تخيلته وحادثت به نفسي وأنا أقود سيارتي متجه إلي مبنى النيابة العامة عندما تلقيت تكليف بالتحقيق مع بعض الإفراد الذين تم اعتقالهم نتيجة تورطهم في حادث الانفجار الأخير لفوج السياح الذي كان في طريقة لزيارة معبد الشمس وكان من ضمن الفوج العريسين الأنفيين الذكر.

 وقبل أن اتجه إلى مكبتي قادتني قدماي إلى غرفة الحجز لألقي النظرة الأولية فأنا اعشق الانطباع الأول لأيماني بأنها أكثر عمقا ... !!!

أمسكت براسي بعد أن شعرت كأن مطارق شيطانيه تدق على رأسي حينها تزاحمت الذكريات وتمالكت نفسي قبل أن بتصبب العرق مني بعد أن التقيت عيني بعينه ...

(( ياألهي انه هو بعينه))

 تزاحمت بعدها الأسئلة في راسي وهو يبادلني النظرات التي كانت تعبر عن عنجهية وغرور

 وناديتهم بصوت قوي :- أهلا بالخونة ... بالعملاء ..... بالمأجورين ......

 فرد بصوت عالي : لسنا خونة ولا مأجورين إنما نحن من سينهي عهد الظلم والاستبداد نحن نقود راية جديدة تنطوي تحت مطالبتنا بالحرية.

أطلقت العنان ليدي لتمسك به من ثيابه صارخا بوجهة بصوت اعلي :-

الثعابين لا تخرج من جحورها إلا للغدر والخيانة وبأيدي خفية لا تريد لكم إلا الموت ...!!!

أومأت بعدها للشرطي أن يسحبه بعدي ومضيت أتمتم :

حرية... أي حرية انتم فئة لم تصلوا إلى المستوى الحضاري الذي يجعلكم تقدرون معنى الحرية ...فما زلتم في مرحلة الطفولة التي ينطبق عليها قاعدة فأمروهم لسبع واضربوهم لعشر.... العصا ولا شيء غير العصا... وعصاي هي عصا القانون ..... سيكون بيني وبينكم القانون.

 دخلت إلى غرفتي انشغلت بترتيب... أوراقي... أقلامي... بحثت عن سيجارتي... فلا بد أن أخرج من دائرة الغضب وأدير الأمور بالحكمة والهدوء.

أخذت نفسا عميقا وأنا اسحب الكرسي المقابل له وأوجهه قائلا له : 

- الضابط : أتذكر ... ؟

- الخائن :لا أتشرف بأي ذكرى تجمعني بك ...!!

- الضابط : لكنك ابن عمي وأنا ابن عمك ...!!

- الخائن : العرق دساس لعنها الله من قرابة ....!!!

 - الضابط : هل تذكر جدنا والكتاب الذي ألفه عن تاريخ اليمن وكيف شرح فيه كل خطط من سبقونا لنيل من هذا اليمن السعيد.

- الخائن : تلك فلسفة أفسدوا عقولكم بها

الضابط:

- حب الوطن هراء

- وقتل الأبرياء عين العقل

- والتأمر مع أعداء الوطن ما تراه صحيحا

 أشاح بوجهة عني ناظرا إلى سقف الغرفة :

 نحن نؤمن بهذا التيار الذي سيخلص الدنيا من هذه الكفرة...!!!

 أعدت وجه بيدي لينظر لي قائلا:

 ومن أنت أو انتم حتى تحكمون أننا الكفرة ...؟

أصر على أن ينظر إلى سقف الغرفة ويشيح بوجهه عني قائلا:

 نعم انتم كفرة تخرجون عن تعاليم تيارنا الذي يبشر بحياة خالية منكم أو جنة الخلد..!! وقفت لا أدور حوله دورة كاملة عله ينظر إلي مخفضا راسي محاذيا آذنه وهمست له: ضمنت الجنة وأنت تقتل الأبرياء

ضحك ضحكة صفراء وقال:

لقد قتلنا منكم الكثيرين وسنظل نقتل منكم الكثيرين هنا وهنالك وفي كل ارض والموت هو الحل إلى أن تستجيبون لمطالبنا أو نحكم عليكم بالنهاية الحتمية وهي القتل...!!! 

أمسكت بمقبض الكرسي الذي يجلس عليه وجعلت وجهي مقابل وجهه موجها سؤالي :

و من يدعمكم من ورائكم...؟

 حدقت به مجددا وقلت له: أتسمعني

نظرت إليه ولأول مرة أحس بان في نضرته شيء يسير من الإنسانية وسألني :

لماذا أنت بالذات ...؟

رفعت بيدي عن الكرسي مصوبا له إبهامي قائلا : أنا هنا لحماية بلدي. 

فرد بنفس الضحكة الصفراء:

 وأنا هنا لأحرر العالم من الكفار وانتظر أن ارزق بالشهادة....!!!.

 شعرت وقتها برغبة جادة أن ابصق في وجهة ولكني تمالكت أعصابي وتبسمت نفس البسمة الصفراء مخاطبا إياه :

 الشهادة .... أي شهادة أيها العميل .... المأجور.... الخائن

أشاح بوجهه وهو يصرخ ويقول:

دعني وشاني ..... دعني وشاني ..... أعدني إلى الحبس

أشرت للشرطي أن يعيده إلى حبسه ولكن هذه المرة إلى حبس انفرادي حتى أتفحص كل الأوراق والإثباتات التي تدينه وانتظر تقرير البصمات... توالت بعدها جلسات التحقيق التي كانت تؤكد تورطه في هذه الجريمة الشنعاء .

وكان صباح اليوم التالي قد انبثق بعد ليلة شاقة وكئيبة ومليئة بالمفاجآت المفجعة قررت أن اخذ قسط من الراحة وأن ألوذ إلى منزلي وأتفقد أبنائي لنتلو معا ترانيم الصباح بأجمل الأغاني الوطنية فتلمس شغاف قلوبهم ويتعمق لديهم حب الوطن فلا افجع فيهم في يوم من الأيام كما صدمت بابن عمي الذي هو قطعة مني وأنا بضعه منه وفي الطريق للمنزل تذكرت زوجته وابناه ودعوت لهم بالصبر فأنا لا اعرف عنهم شئ منذ أن أخذهم للعيش في القرية .

  ألقيت بجسدي على السرير بعد أن أطللت براسي من خلف الباب الخاص بغرفة أولادي فما زالوا نائمون محدثا نفسي أين سيذهبون بعطلتهم هذه ...؟

النوم أفضل لهم .

 لكني لم استطع إغماض عيني وأخذت أتمتم بقراءة الفاتحة بصوت لايكاد يسمع وأوشكت أن أغفوا ووثبت فزعا على طرق باب المنزل بكل قوة ....!!!

مر الشريط سريعا في مخيلتي زوجتي في الوظيفة... وأولادي نيام... ووالدتي تتلو كتاب الله كعادتها كل صباح ..!!!

 (( الله لايسامحهم يأبني الحبيب أفزعوك من نومك ))

قالتها أمي الحبيبة وهي تحثوا الخطى مسرعه لفتح الباب كنت قدا أدركتها وأمسكت بيديها الحنونة أن انتظري أيتها الغالية سأجيب الباب بدل عنك.

 فتحت الباب وياليتني لم افتحه دارت بي الأرض وقتها اختلط بي كل شي تحول إلى كتلة من السواد الكامل زادت الصورة في مخيلتي... هولا... وغموضا... وحيرة ... انه أمرأ صعب من الموت....!!!!

 شعرت بيد أمي تهزني برفق وتبعدني بإصرار تحركت وأنا أخذ نفس فيه صرخة واستغاثة الرحمة يارب ...!!!

 لا أكاد أصدق ما أرى وهذا كنت أخشاه أين الان خبراء الحرب والسياسة ... أين علماء الدين .... أين الأصدقاء.... أين كل النياشين التي حصلت عليها وأنا أحمي الحمى في تلك الحدود البعيدة ... أمام ما أنا فيه الان .... تلك هي زوجته وأولاده تلفت حولي لعلي أجد أحدا ينقذني من أهوال هذا الموقف أنفاسي...تتلاحق وشعرت بما يشبه الاختناق ماهذا العار....!!! لماذا لم يضع في حسابه ما نحن فيه الان 

احتضنت أمي الحبيبة الأولاد مرحبة بزوجته المسكينة .

 انتشلتني من ما أنا فيه بقولها : أتيت اليوم بالرغم من كل العقبات والأشواك التي سأتحملها عندما يعلم زوجي إني حادثت رجل غريب.

 تفضلي ياأختاه

 أريد زوجي ....؟خنقتها العبرات .... أنت من سيعيد لي زوجي 

أريده أن يعيش ولو أخذه إلى الصحراء حيث لا يوجد فيه إلا أنا وأبنائه .

 والحديث لها لعن الله السياسة والأيادي الخفية التي تلعب بالرجال.

 رد ولدها الصغير بسرعة :

أبي من أعظم الرجال ولا يوجد في الدنيا مثله وهو الان إما شهيد في الجنة وإما ..........

لم ادعه يكمل واستجمعت قواي وصرخت في وجهه:

 لا أيها الابن المسكين أبوك عميل ... مأجور ..... خائن 

ولكني أريد زوجي بظلمه لنفسه... أريده بظلمه لي... أريده بظلمه لأولاده... أريده وكفى ...انظر إلي والى أبنائه لقد انتهى منا لون الحياة إنني شبح امرأة تعيسه بنيت من ماضي كان ولن يكون الأن ..أعدك إني سآخذه وأتوارى عن كل الأنظار... فوزنك في البلد يسمح لك أن تردلي زوجي وأبو أولادي .

 كنت افهم انه يمضي في الطريق الخطاء لكن أميتي أعمت عني طرق الدفاع لأحميه.. وأحمى أولاده... أنا عشق بلادي... وينفس الوقت أريد زوجي.... وأجهل طرق الحفاظ على أبنائه من بعده وكلمة الإرهابي تلحق بنا في كل مكان .

 غاب صوتها عن إذاني عندما صاح صوت بداخلي.. لايجب علينا أن نخلق مبررات للإرهاب فلإرهاب بكل إشكاله عمل مقيت وتدمير بشع ويجب أن نقف بصلابة وحزم لمحاربته... واجتثاثه... ولو كان بضعه منا ... ولكن عملنا سيكون ناقصا ومختلا أذا لم نحاول الوصول إلى معرفة أسبابه الجوهريه التي أخرجته إلى الساحة .... كيف تصل هذه الأيادي القذرة وألنتنه إلى أوساط البسطاء لتشكل بؤرا لتفريخ الإرهاب وخلق فتنه وزعزعة ثقة تؤدي إلى وبال خطير أننا في أزمة نحتاج في نهاية الأمر إلى التآزر...

 ووقـفـت بعدها منتصبا للبحث عن علم بلدي مهديه للإبنه وأقول له هذا علم الوطن عدني أن تجعله دائما مرفوعا خفاقا حتى تعيش في ضله وستجد الكثير منا يقوم بدور الأب لك ولإخوانك ... ومن هذه اللحظة أنت الابن لي أنت وإخوانك ...

وأنت أيتها الأخت العزيزة لا املك لك سوى الدعاء بان يلهمك المولى الصبر وتستطيعين أن تصلحي ما بني من الخطاء...والمخطئ لابد أن يأخذ جزاؤه.

أخفضت رأسها مجهشة بالبكاء بينما رفع ولدها الصغير العلم لأول مرة .

 استأذنت بعدها أن طمأنتهم أن المنزل ملكهم وأنا سأعود إلى عملي حيث قسط الراحة انتهى لحظتها رفعت زوجته المسكينة رأسها قائله :

 استحلفك بالله أن تقول له عل لساني التالي إن رايته ...

لماذا اليوم توجتني بالفراق مغلفا بالعار مقابل حفظي لك بما يرضي الله قدرا استطاعتي ....!!!

 لماذا اليوم توجتني بالفراق مغلفا بالعار مقابل محبتي لك وأميتي معك ....!!!

لماذا اليوم توجتني بالفراق مغلفا بالعار مقابل صفحتي البيضاء التي لم تحملك من الذنوب ماتلومني عليه يوما ما ...!!!

 قل له: 

ألم تسأل نفسك ماذا سيفعل بنا فراقـك المخلف بالعار