ميناء عدن.. مؤامرات دولية بأيدٍ يمنية (الحلقة الأولى)
بقلم/ جريدة مأرب برس
نشر منذ: 11 سنة و 9 أشهر و 8 أيام
الأحد 03 مارس - آذار 2013 07:09 م


بدأت تصريحات وزير النقل الأخيرة الدكتور واعد باذيب حول ميناء عدن كما المغرد خارج السرب وهو يؤكد عزمه استعادة كافة الأصول المنهوبة لشركة الملاحة الوطنية بعدن في إطار سعيه لإعادة ترتيب أوضاع النقل وتطويره ونقله إلى مصاف المنافسة الحقيقة , في ظل مستقبل مجهول يهدد ميناء كان يحتل المرتبة الثانية عالميا بعد نيويورك على مدى عقود خلت.
وعود واعد تأتي والميناء يشهد تراجعا كبيرا في أدائه وانخفاضا في إنتاجيته جراء الفساد المالي والإداري الذي يعصف به , مما حدا ببعض من شملهم التحقيق إلى وصف تصريحات وزير النقل بالمهزلة وهم يتحدثون عن حقائق مهولة تكاد تكون مغيبة عن الكثير من البشر .
أيضا لم يأتِ من فراغ تصريح الدكتور محمد المخلافي وزير الشئون القانونية لبرنامج "لقاء اليوم" على قناة الجزيرة وهو يوضح أن أبرز معوقات المرحلة الانتقالية تكمن في مهمتين رئيستين هما وضع التشريعات التي ستؤسس للمستقبل ومكافحة الفساد مستدلا بالأخيرة على وزارة النقل بقوله : ( التصرف بالموانئ، بيع أراضي الموانئ، التصرف بأراضي المطارات ) .
 بمجرد التعمق في مهمة البحث عن الحقيقة وأسباب التدهور الذي يشهده ميناء عدن تتضح حقائق بلا نهاية ولكل حقيقة أبعادها التدميرية التي أتت على كل شيء جميل لأهم وأعرق وأقدم ميناء في العالم ..
درة ثمينة وهبها الله لليمنيين
البداية مع أحد رجال الأعمال اليمينين والذي اقتربت خسارته من مليار ريال بفعل الإضراب الذي شهده ميناء عدن منتصف العام الماضي وصولا إلى الاعتداء المسلح وإغلاق الميناء مطلع العام الجاري , والذي فضل بداية حديثه وبنوع من الأسى أن يكون عن ميناء عدن ومستقبله متناسيا بذلك كل خسائره والتي اعتبرها هينة مقابل ما يحاك من مؤامرات خطيرة تجاه الوطن.
 يستهل الرجل قوله بحسرة عن عراقة ميناء عدن بقوله : هذا الميناء من أعرق المواني الموجودة في المنطقة ويتميز بخصائص فريدة لا توجد في أي ميناء في العالم وأهمها موقعه الاستراتجي الهام واقترابه من خط الملاحة الدولي التي يبعد عنها بنحو 4 أميال بحرية مما يجعله الأنسب والميناء رقم واحد لرسو البواخر العالمية ونقطة ترانزيت لاقترابه من خط الملاحة.
تكمن أيضا أهمية ميناء عدن - والذي يعتبر هبة من الله لليمن واليمنيين – في تناغم ظروفه الملاحية طوال العام وهي الميزة التي ينفرد فيها ميناء عدن عن كل المواني العالمية بما في ذلك المجاورة والتي تتوقف لأبسط التغييرات المناخية.
 يتميز أيضا ميناء عدن بموقعه الاستراتيجي وإطلالته على القرن الإفريقي واقترابه من باب المندب وتوسطه ما بين الشرق والغرب ما جعله ثاني أهم ميناء في العالم بعد ميناء نيويورك حيث لعب في مرحلة تاريخية دورا مهما في التجارة العالمية.
 يضيف: موقع ميناء عدن هذه الدرة الثمينة لليمن جعله مطمعا لقوى استعمارية إقليمية كبرى في العالم وكانت أهم أسباب احتلاله من قبل الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس وهو الاستعمار الذي لم يأتِ من فراغ وإنما بعد دراسة عميقة وفهم متعمق ..
- بنوع من التنهد يتابع حديثه : زرت معظم مواني العالم ولم أجد ميناء كعدن وهناك دول تعتمد على الإمكانيات المالية والخبرات العالمية في تطوير موانئها , أما نحن وللأسف الشديد لا نعرف ما بين أيدينا من نعمة رغم أن المؤشرات تقول أن كل مسئولي الدولة على دراية بما يشكله هذه الميناء من رافد هام للاقتصاد ولكن هناك تجاهل والجهل مشكلة كبيرة عانت منها الأمم التي لجأت إلى العلم ما جعلها متطورة ولو استغلت الدولة العلم في تطوير ميناء عدن لأصبح أعظم ميناء في العالم.
مؤامرة محلية ودولية
وعن وضع الميناء في وقته الراهن يؤكد رجل الأعمال أن الواقع لا يبشر بخير , مردفا : بقدر ما أملك من الآمال العريضة والتي ستكون بجهود الخيرين من أبناء الوطن في النهوض في هذه الميناء , ونحن التجار حريصون على تحقيق هذه الغاية بالرغم من كل المؤشرات التي توحي بتعرض الميناء لمؤامرات دولية وبمسميات عديدة وبأيدي محلية للأسف الشديد من الذين باعوا أنفسهم وذممهم للشيطان مقابل المال.
 وتشير الحقائق أن بعض القوى تحاول تأمين حركة الملاحة وهناك من القوى لها من المصالح في المنطقة ما يجعلها حريصة لسيطرة على هذا المنفذ. كمدرك لما حولي ولا أتهم أي من الإخوة المناط بهم الدفاع عن الوطن ولكن من اختصاصهم البحث والتعمق فيما يجري من وراء الكواليس وحجم المؤامرات التي تحاك وأعتقد أنهم يدركونها جيدا ..
أوجه المؤامرات
وتتمثل أوجه وطرق هذه المؤامرات بحسب المتحدث إلى افتعال سلسلة من الاضطرابات المفتعلة التي تهدف إلى الإضرار بميناء عدن , مستدلا : وإذا ما تحدثنا عن الإضراب الذي وقع في شهر مايو من العام الماضي والذي ظاهره مطالبة العمال بزيادة أجورهم غير أنه حمل في طياته الكثير من المخاوف لاسيما وأن حدوثه وقع والميناء في أوج ازدحامه وهو لا يزال تحت إدارة مواني دبي العالمية كما أن تزامنه جاء مع شدة الحر ومع أقترب شهر رمضان والذي يتبعه موسم الأعياد حيث ترتفع إيرادات الأسواق المحلية في مثل التوقيت إلى 90% مقارنة ببقية أشهر السنة وكلها تأتي عبر ميناء عدن.
 إغلاق الميناء وهو في قمة نشاطه – العام الماضي – يدل على الأبعاد الخطيرة التي تقف خلفها أقطاب محلية برؤوس كبيرة وهي من قادت الإضراب من خلف الكواليس ومتخفية وراء ستار حيث أستمر إغلاق الميناء لمدة 25 يوما وبدون سبق إنذار وفي الوقت الذي كانت فيه الأسواق المحلية بحاجة لكل السلع والبضائع.
خسائر فادحة
يؤكد تجار عدن وهم يحملون ملفات عملاقة من المآسي التي تعرضوا لها أن خسائر القطاع الخاص في إضراب مايو الذي استمر قرابة شهر وصلت إلى مليارات فيما قرابة عشرة تجار أعلنوا إفلاسهم بشكل نهائي في حين تعاون آخرين فيما بينهم للتخفيف من معاناة زملائهم.
 وتمثلت خسائر التجار في تلف معظم البضائع أثناء رسوها في الميناء بفعل دراجة حرارة الصيف المرتفعة وخاصة البضائع المجمدة مثل اللحوم والأجبان والشوكولاتة وحتى الأحذية التي تأثرت بالحرارة وتساقطت أجزائها لذوبان الغراء الخاص بها , علاوة عن الرسوم المفروضة على المستورد من قبل الميناء والمتمثلة في رسوم الأرضية والتي كانت تذهب لشركة مواني دبي ورسوم الديمرج للشركات الملاحية والتي بلغت ملايين الدولارات.
وقت مهدور وتجار مهددون
يكشف العديد من التجار عن تعرضهم للتهديد بالتصفية الجسدية في حال اعتراضهم على سياسية الميناء أو محاولة انتقاد أي من الرؤوس الكبيرة.
 ينوه تاجر أن زميلاً تجاهل هذه التهديدات ولم تمضِ 24 ساعة حتى تم اختطافه من قبل جهات وصفها بالمجهولة والإفراج عنه بعد تعهد بعدم التصعيد مرة أخرى , حدث وإن تم ممارسة العديد من التعسفات تجاه العديد من الزملاء ولا أحد يعلم الدور القادم على من.
 معاناة التجار وخسارتهم صاحبها إهدار للوقت أيضا مما أدى إلى تضرر العديد منهم بطريقة أو بأخرى ..
 أحد موردي المواد الغذائية يصف شهر ديسمبر بأكثر الأشهر حساسية كونه يمثل آخر عام ويعني للعديد من أصحاب رؤوس الأموال ( الجرد ) ومعرفة سير خط تجارتهم على مدى العام وكذلك الربح والخسارة , وبسبب الإضراب لم يغلق العديد من التجار حساباتهم للعام الماضي لاسيما وقد صاحبها عمليات جرد غير دقيقة وحتى أن بعضهم لم يراجع أرصدته في البنوك كما تعرضت بعض المعاملات التجارية للتعقيدات وكل ذلك بسبب إضراب الميناء.
مؤشرات بعودة الإضراب
يتفق تجار اليمن أن الواقع الراهن غير مطمئن في ظل مؤشرات تنبأ بعودة الإضراب كما تسمى في الظاهر بينما هي عبارة مؤامرات, وفي الوقت الذي انعدمت فيه الثقة بين التاجر وقيادات الميناء فلا أحد يستبعد أن تكون هناك طبخة جديدة تجري في هذه الأيام قد تتكشف نتائجها قريبا.
أعباء إضافية
كنموذج يقول أحد تجار السلع المجمدة أنه اضطر إلى استئجار مولدات كهربائية من أجل الحفاظ على بضاعته التي لم يفرج عنها إلا بعدما تضاعفت خسارته كون الحاويات الخاصة به من نوع ( ثلاجات ) حيث يبلغ رسوم كل حاوية في اليوم 80 دولار مرشح لزيادة أسبوعيا وذلك بعد أسبوع مجاني من قبل الميناء وفيما يتعلق بالشركة المالكة للحاوية فإنه يلزم دفع إيجار يومي يقدر 125 دولار لكل واحدة من أصل قرابة 50 حاوية توقفت في الميناء لمدة 25 يوماً.
 لم تقف معاناة التاجر عند هذا الحد وبمجرد أن رفع الإضراب ووقع الميناء في أوج ازدحامه في إخراج بضائع التجار اضطر أيضا إلى استئجار كرينات سفري ( ونش للرفع الحاويات ) خاصة للعمل الفردي من أجل نقل بضاعته وتداركها.
تسليم السيادة لدولة أخرى
يتفق جميع من التقيناهم أنه لم يحدث وأن سلمت أي دولة في العالم ميناءها لدولة أخرى وبأي ثمن كان كونه لا يمكن لأي شخص عاقل أن يؤجر باب منزله ويدخل من الشباك مؤكدين أن الخطاء فادح لا يغتفر لاسيما والميناء استراتيجي ويعد البوابة الرئيسية المطلة على العالم ومثلما هو نافذة لاستيراد جميع البضائع الغذائية من جميع دول العالم هو نافذة أيضا لتصدير المنتجات اليمنية إلى الخارج .
تكرار الخطأ
يكشف مصدر خاص لـصحيفة " مأرب برس " عن معلومات مفادها أن هناك مفوضات سرية تهدف إلى تسليم الميناء مجددا إلى شركة صينية بغرض تطويره.
 يستدل المصدر : بسفر وزير النقل الأخير للصين الشعبية ومكوثه لعدة أسابيع بغرض مناقشة الصفقة والتي قد تتكشف نتائجها في قادم الأيام..
وبما أن الدلائل تشير أن زيارة الوزير كانت بغرض مباحثات تطوير وتعميق ميناء الحديدة غير أن المصدر يردف بقوله : بمجرد أن تم إغلاق ميناء عدن حتى تم تخفيض الإنتاجية في ميناء الحديدة , تصور انخفاض إنتاجية ميناء الحديدة إلى النصف بينما المفترض أن يكون هناك رفع في الإنتاجيات بما يسهم من الحد من المشاكل ولكن ما حدث هو العكس تماما . ومؤخرا نشرت صحيفة 14 اكتوبر الرسمية عن تسليم ميناء المخا لأحد الشخصيات المقربة من الحوثي وتعيينه مديرا عاما ..؟
عدن .. دبي الثانية
يؤكد عدد من تجار عدن عن تفاؤلهم بمجرد أن سلمت اليمن ميناء عدن لدولة الإمارات وبعضهم عمل احتفالا خاصا وهم يتوقعون أن يصبح ميناء عدن دبي الثانية لما للشركة من مكانة عريقة وخبرة دولية علاوة على نجاحها المستمر وسمعتها الممتازة بين مختلف شركات الملاحة العالمية.
كان المتوقع يضيف أحدهم : أن يستعيد ميناء عدن مكانته التاريخية وبالتالي تصبح عدن بوابة القرن إلى العالم , ومع مرور الأيام كانت النتائج غير المتوقعة.
ميناء بلا كنترول ودفع نحو الانفصال
ولتسليط الضوء أكثر على بعض الأبعاد الخفية التي يشهدها الميناء يبدى أحد رجال الأعمال السياسيين تخوفه عبر " مأرب برس " مما يجري في ميناء عدن منوها أن الأبعاد خطيرة وتقف وراءها قوى إقليمية تسعى جاهدة لتدمير اليمن مستغلة بذلك الكثير من الثغرات التي يشهدها الوطن.
 يوضح الرجل : إن قول علي سالم البيض الأخير بمناسبة 13 يناير أنه جاهز للانفصال يضع حوله العديد من علامات الاستفهام التي يمكن ربطها بميناء عدن فكل المؤشرات توحي أن ضرب أي دولة يبدأ بتدمير أهم روافد اقتصادها من خلال السيطرة والتحكم بمفاصل النقل التي تسيطر على تدفق السلع والمواد الغذائية وخاصة الأساسية .
 في ذات السياق ينوه أحد التجار القدماء أن تدفق السلع إلى اليمن في سياسات السوق الحر الدولية يتطلب كنترول كما في كل دول العالم غير أن اليمن لا تملك كنترول إلى الآن ما يجعل الوطن مهددا من قبل العصابات التي تسعى للتحكم بكل ما تريد إدخاله إلى الميناء وما تريد إيقافه.
وكون الاقتصاد في اليمن غير مقيد القانون أعطى التنافس للجميع من أجل خدمة الشعب وتقديم الأفضل مما يسهم في كسر سياسة الاحتكار، عكس الاقتصاد المقيد وبالتالي فإن واقع اليمن يتطلب التعامل بمبدأ الاقتصاد الإسلامي حيث لا سوق حر ولا سوق مقيد وإنما وسط.
سري للغاية
في الأول من نوفمبر من عام 2008م وتحديدا عند الساعة الثانية عشر من منتصف الليل تمت إجراءات التسليم والاستلام النهائي بين مؤسسة موانئ خليج عدن اليمنية وشركة دبي وعدن لتطوير الموانئ وتشمل محطة عدن للحاويات ومحطة المعلا للحاويات في ميناء المعلا, وتمت العملية وسط ظروف غامضة وأحيطت بالسرية التامة من كل اتجاه .
 في ذلك الوقت كان عدد العاملين في الميناء 800 عامل وتراجع العدد ليصل إلى 600 عامل مؤخرا كما كشفت بذلك مصدر خاصة للجمهورية , موضحا أن شركة موانئ دبي تمتلك أسهم ما يعادل 20 % من الميناء وابن بقشان30% والحكومة 50 % وكانت تعتبر هذه المعلومات ضمن الأمور السرية التي يحضر الكشف عنها.
 في شهر سبتمبر من عام 2010م أعلن الخط الملاحي الدولي (PIL) رسمياً وقف التعامل مع ميناء عدن للحاويات، وقرر عدم إرسال بواخره التي تحمل حاويات الترانزيت وتحويلها إلى الموانئ المجاورة وتحديداً جيبوتي، بعد أن كانت الأجور التي يوفرها هذا الخط الملاحي الدولي لميناء عدن تمثل ما نسبته 80% من دخل الميناء.
 وفي حينها كشفت وسائل إعلامية يمنية عن سفر للمدير العام للخط الملاحي الدولي (PIL) آرثر فلين إلى سنغافورة والتقى بالمدراء التنفيذيين للخط للاطمئنان على سير إجراءات انتقال الخط من ميناء عدن إلى ميناء جيبوتي الذي تديره شركة موانئ دبي العالمية والتي تشغل أكثر من 58 ميناء حول العالم.
وفي عام 2012 أقدمت العديد من الشركات الملاحية على اتخاذ نفس الخطوات مما ينذر بتوقف الميناء والعمال على حد سواء.