شبوة العظمى
بقلم/ علي العقيلي
نشر منذ: 4 سنوات و شهر و 7 أيام
السبت 07 نوفمبر-تشرين الثاني 2020 06:28 م
 

في أواخر مثل هذا الشهر (نوفمبر) من العام 2018م، عيّن الرئيس هادي، محمد بن صالح بن عديو محافظاً لمحافظة شبوة.

بعد أقل من شهر من تعيينه وصلت إلى قيادة محور بيحان برقية تدعوهم إلى الحضور كضيوف في فعالية الاحتفال بالذكرى الأولى لتحرير مديريات بيحان الذي كان بتاريخ 15 و 24 ديسمبر 2017م.

وجه بن عديو الجهات المعنية في سلطته المحلية بمحافظة شبوة بسرعة الترتيب والتجهيز للحفل وقرر أن يكون في مدينة بيحان العليا بتاريخ 24 ديسمبر 2018م.

وأنا في طريقي إلى مكان الاحتفال صباح ذلك اليوم 24 ديسمبر 2018م، كان نفسي الكثير من الاستياء من حضور أبطال محور بيحان كضيوف في فعالية الاحتفال بذكرى نصر عظيم هم من أنجزه، ومن غياب أبرز الأبطال الذين قادوا التحرير واستشهدوا قبل حلول ذكراه الأولى وعلى رأسهم الشهيد القائد أحمد بن صالح العقيلي، والشهيد الاستاذ أحمد المصعبي.

وكنت أحدث نفسي وأقول: "اليوم يأتي الغير ليحتفل بتحرير بيحان ويغيب أبطاله أو يحضرون كضيوف"..!!!.

ولكن سرعان ما تغير ذلك التفكير، لمجرد مشاهدة التنظيم والترتيب والانتشار الأمني المكثف الذي يشعرك بحضور الدولة ويجعلك تدرك بأن هناك دولة قادمة قادرة على إرساء دعائم الأمن والاستقرار.

على بعد أكثر من 10 كم من مكان الاحتفال كانت أول نقطة أمنية مستحدثة ما يشعرك بأنك دخلت في مربع أمني مشدد، وعند الاقتراب من المكان شاهدت السيارات تقف في مربعات منتظمة وكأنها في معارض بيع، وعند الدخول تجد مدخل واحد فقط يسمح لك رجال الأمن بدخول معه ويمنعونك من الوقوف العشوائي حيثما تريد.

هذه المظاهر البسيطة على أرض الواقع العظيمة في ميزان النظام والقانون، جعلتني أدرك بأن بن عديو رجل دولة وجدير بقيادة محافظة شبوة، فهو صنع وأوجد سلطة محلية وقوة أمنية من الصفر خلال فترة لم تتجاوز 28 يوماً من تاريخ تعيينه 26 نوفمبر 2018م، وتاريخ ذلك الاحتفال 24 ديسمبر 2018م.

ولم يصطحب تلك القوة الأمنية لحماية شخصه، بل لحماية الناس، فلم أشاهد جندي واحد في جواره في الحفل أو يقف خلفه، فجميعهم ينتشرون في محيط الحفل وخارجه ويقومون بتنظيم الناس والسيارات، كما يقومون بتأمين الناس في منطقة الاحتفال بالكامل على امتداد 10 كم مربع.

وهناك فرق كبير بين من يصطحب القوات الأمنية لحماية شخصه، ومن يتخذها لحماية الناس، فمن يتخذها لنفسه تجده يسبب ازدحام في الشوارع وقد يتم اغلاقها حتى يمر بموكبه، ويقلق السكينة العامة وقد يطلق مرافقيه النار على من لم يفسح الطريق لمرور موكبه وعندما يصل مرادة يتحدقون حوله.. بينما المسؤول الذي يتخذها لحماية الناس يقومون بتأمين الطريق وحمايتها للجميع وينظمون السير حتى يمر الجميع ويقضون حتى على الازدحام المعتاد الذي لم يكن بسبب مرور ذلك المسؤول النزيه وقد يمر بسلام دون فوضى وازدحام واقلاق سكنية الناس.

ومن خلال كل ما شاهدت أدركت بأن بن عديو لم يكن هدفه الظهور الإعلامي كما كنت أتوقع وكما اعتدنا من العديد من قيادات الشرعية خصوصاً الوزراء وغيرهم الذين يأتون فقط لالتقاط الصور على حساب تضحيات الأبطال، ولا يهمهم الوطن.

ولكن اتضح لي أن حضور بن عديو واهتمامه بالحفل وترتيبه له، كان تكريماُ لأبطال محور بيحان وتقديراً لجهودهم وتضحياتهم، من باب الشعور بالمسؤولية تجاه كل مديريات محافظته ومن الوهلة الأولى من تعيينه.

ولو لا حضوره واهتمامه لما كان الحفل بذلك الحجم، فقد أدرك أبناء مديريات بيحان الثلاث (عسيلان – بيحان – عين) بأن هناك محافظ يهتم بكل مديريات محافظته ويشاركهم الأفراح والأتراح، كما أدركت القيادة العسكرية في محور بيحان بأن هناك سلطة محلية تقف جنباً إلى جنب مع الوحدات العسكرية في المحافظة وتقدر جهودها وتضحياتها.

كانت له كلمة في الحفل بحجم الحدث والمناسبة، تحدث عن الشهداء وتضحياتهم ومنح درع الوفاء للشهداء لوالد الشهداء اللواء مفرح بحيبح قائد محور بيحان، وتحدث عن حق أبناء مديريات بيحان في الحصول على الكهرباء وكافة حقوقهم الأساسية من صحة وتعليم وطرق وأمن واستقرار، ووعدهم بذلك وحقق العديد من المشاريع في تلك المديريات، ولا تزال عجلة التنمية تمضي بوتيرة عالية، رغم الظروف والتحديات.

لا يستطيع أحد أن يقول ان بن عديو جاء وكل شيء جاهز.. فكل المحافظين الذين سبقوه مكثوا سنوات ولم ينجزوا ما أنجزه هو في شهر واحد، وجميعهم قرار تعيينهم من قبل الرئيس هادي ويقفون مع شرعيته.. حتى اللذين يعتقد البعض بأنهم هم من حقق ويحقق لابن عديو كل ذلك النجاح، لو كانوا يمتلكونه لمنحوه لأنفسهم فقد تفوق عليهم بن عديو في تحقيق النجاح وإذابة التحديات.

كان ذلك الحفل في ظل سيطرة مليشيا الانتقالي على كافة مديريات محافظة شبوة بما فيها مدينة عتق مركز المحافظة، باستثناء مديريات بيحان التي حررها أبطال الجيش الوطني ولم تشارك النخبة الشبوانية المدعومة إماراتياً في تحريرها.

جاء بن عديو إلى بيحان من مدينة عتق التي كانت تسيطر عليها مليشيا الإمارات ومر عبر نقاط تلك المليشيا في مديريات نصاب ومرخة، وعاد مع ذات الطريق وإلى نفس المكان المحتل، لكنه بناء قوة أمنية تحميه وتحميه سلطة المحافظة واشتغل بكل حنكة وترك النخبة وشأنها.

ولم يهاجم بن عديو النخبة الشبوانية بل تركها وشأنها حتى بدأت هي بالهجوم عليه بتوجيهات إماراتية واقتربت من منزله وظنت أنها قادرة عليه، فوجه قواته الأمنية بضبط تلك العناصر واستعان بقوات الجيش ودعا أبناء المحافظة والذين لبوه لأنهم يدركون بأنه رجل دولة ويعمل من أجلهم وحقق انتصار كاسح في غضون ساعات دون خسائر كبيرة بشرية أو مادية.

هذا هو ابن عديو وهذه هي شبوة العظمى وهؤلاء هم أبنائها الذين أدركوا عظمتها وعظمة أنفسهم فانتصروا لها وانصفوا انفسهم وحافظوا على محافظتهم وسيحافظون عليها، فهم أحق بها من سواهم، واليمن أولى بها فهي يمنية الأرض والهوية.

اليوم لا قرار يسبق قرار البناء والتنمية ولا صوت يعلوا على صوت آلات البناء والعمل والانجاز في شبوة العظمى، واليوم الذي فيه يوقع بن عديو عقد العمل في المشروع مع الجهة المنفذة تبدأ اليوم التالي بالعمل فيه، ولا مجال للوعود البعيدة وبيع الوهم للناس.

هذا هو المسؤول الذي تحتاجه كل محافظة يمنية بل كل اليمن.. لا توجد في قاموسه كلمة "مستحيل" ولا جملة "المرحلة تتطلب ذلك".. ولا ميزان له سوى العمل والانجاز والنزاهة، فمن عمل وأنجز وتنزّه رفعه، ومن خالف وضعه.. وينظر للثمار قبل القرار.

فسلام الله عليه وعلى شبوة العظمى وعلى أبنائها الأحرار وكل من وقف إلى جانبها وروى ترابها بدمه.. سلام عليهم في الأولين والآخرين، وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين.