خروج قضية المتقاعدين عن مسارها الوطني
بقلم/ عباس الضالعي
نشر منذ: 17 سنة و شهر و 17 يوماً
الثلاثاء 16 أكتوبر-تشرين الأول 2007 09:33 م

مأرب برس – خاص

أحتفلت بلادنا ومعها الشعوب العربية والإسلامية بعيد الفطر المبارك كمناسبة دينية سنوية يعيش فيها الناس أفراحهم مع أبنائهم واهلهم وأقاربهم ، ونحن في اليمن صادف عيد الفطر المبارك هذا العام تزامنه مع العيد الــ 44 لثورة 14 أكتوبر التي أخرج الثوار المستعمر البريطاني من جنوب الوطن عام 1963م ويحتفل الشعب اليمني بها كذكرى سنوية لتجسيد بطولاته وإنتصاراته و وفاءا للشهداء والأبطال ، وكان من الأجدر أن تحترم مناسباتنا الدينية والوطنية لقدسيتهما معا ..

والأحداث التي وقعت ثاني أيام عيد الفطر المبارك وعشية الذكرى الـ44 لثورة 14 أكتوبر في محافظة لحج الباسلة مهد الثورة ومنطلق شراراتها الأولى شيء مؤلم جدا على المستوى الوطني ومؤلم على الأ رواح التي ذهبت ضحية لصراعات لم يكون المطلب الحقيقي منها هو مطالبة حقوق المتقاعدين وإنما تصفية حسابات خارجية إقليمية ودولية مع أطراف محلية وبأدوات محلية عنوانها المتقاعدين والمبعدين عن وظائفهم نتيجة الصراعات السابقة ، وهنا الخطر الحقيقي الذي يجب أن يتبنه له كل الأطراف السياسية سلطة ومعارضة في الداخل والخارج لأن القضية إذا وفرت الأجواء والأدوات للتدخل الخارجي أيا كان جنسيته وأهدافه فإنه سيلحق بالبلد مشاكل لا يستطيع المؤيدين والمستعينين بالطرف الخارجي أن يوقفوا التدهور العام الذي سيلحق بالوطن وبهم أيضا وعلى الساعين لهذا أن يعتبروا يغيرهم ..

فهل يعقل أن يصل النضال الذي خاضه الشرفاء خلال أكثر من ثلاثين عاما وذهب ضحيته آلاف الشهداء والجرحى وأهدرت أموال طائلة بغرض الوصول إلى الوحدة الشاملة أن يأتي اليوم الذي ترفع فيه رايات العداء ضد الوحدة وبأيدي وطنية ونضالية نتيجة تصفية حسابات لا تصل إلى درجة المساس بالوحدة وبدعم خارجي بات ظاهرا وغير قابل للتكهنات ، فلو أن القضية قضية متقاعدين فعلى جمعياتهم أن تنشر الأسماء التي لم يتم معالجة أوضاعها إن وجدت وعلى الحكومة أن تنشر أسماء من تم معالجة أوضاعهم بالتفاصيل دون العموميات هذا بقصد أن تسد ذريعة الإدعاءات من هذا الطرف أو ذاك ..

وأمر آخر هو أن هؤلاء المتقاعدين الذي يرفع بإسمهم شعارات العداء للوحدة اليس هم نفس الأشخاص الذين كانوا ينتهجون النضال من أجل الوحدة وكانت عندهم مبدأ وطني له أولويته وقدسيته ، لماذا هم اليوم وسيلة للعرض والطلب ؟! في بورصة الصراعات السياسية وسبلا للتدخل الخارجي الذي يرفضه أي وطني يؤمن ولو بقدر قليل من الوطنية والولاء للوطن ، ما بالنا أن غالبية هؤلاء هم من كبار الهامات الوطنية التي كانت تريد أن تستعجل وحدة الوطن بقوة السلاح إيمانا منها بتجاوز الصراع السياسي الذي كان سببا في تأخرها لسنوات ..

أين الحزب الذي كان .. وآل .. صامتا !!:

أسئلة تبحث عن إجابات ان ما يحدث من شعارات تهدد الوحدة الوطنية والحزب الإشتراكي اليمني !!! صاحب التاريخ النضالي الطويل والمبادئ الوحدوية التي ولد من أجلها وعاش من أجلها كل رجاله وأبطاله ومناضليه وسجل – الحزب – صفحات ناصعة في تاريخه النضالي من أجل الوحدة ، فهل يدرك الحزب انه يتم تفريغ رصيده النضالي وتاريخه المشرف من محتواه كواحدة من حلقات التآمر المستمرة عليه وهذه المرة من الأطراف التي سلم الحزب رقبته لها ونسى أو تناسى حجم العداء الأيدلوجي الذي يكنونه له ؟ وهل الحزب الإشتراكي اليمني في غفلة من أن تحلفه هذا مع بعض الأطراف يهدف إلى تسجيل آخر مرحلة من مراحل إستهدافه وبنيران صديقة هذه المرة ؟ !! 

فالحزب الإشتراكي اليمني صاحب الخبرة الطويلة في شؤون السياسة والإدارة والعلاقات الدولية المتميزة ، إضافة إلى نموذجيته في بسط هيبة الدولة وفرض قوانينها لتحترم من الكل صغيرا أو كبيرا يقبل ان يكون اليوم ورقة ربحية لطرف بعيد عن السياسة وعن الدولة وهذا الطرف يعرف الحزب قبل غيره أنهم عبارة عن مجموعة من الدراويش وانهم دخلاء على السياسة بل لايفقهون منها الإّ الذم والسب والشتم وكل ما يفرق بين الناس ، لماذا ينجر الحزب وراء سراب هؤلاء وهو الخبير بهم ؟ وهل وصل الحزب وقياداته إلى درجة من الثقة التي تعطيه نسبة من الأمان من غدرهم وتقلبهم وفق مزاجيات أشخاص منهم ؟!

الحزب الإشتراكي لا زال يحتل مكانة كبيرة في نفوس وعقول وضمائر الغالبية من الشعب ولا ينسى أو يتناسى أن غالبية الجماهير تحن إليه وإلى ماضيه النضالي النظيف ، وعليه أن لا يخيب آمال هذه الجماهير ويغتاله بأيدي الغدر والرجعية وعليه أن يعرف أن هؤلاء الذي يتمترسون وراء إسمه لغايات بعيدة عن ما يعلنونه له فحساباتهم غير ما يسعى إليه الحزب وأهدافهم ومبادئهم غير ما يؤمن الحزب به فلا ينسى أنهم العنصر الأقوى في محاولة القضاء عليه ولا يزالون مستمرين في محاولتهم ، فالوعي الذي يتمتع به الحزب اكبر من أن ينال منه دراويش السياسة وفقهاء الرجعية ورموز التخلف ..

الحزب في الفترة الأخيرة تنازل عن كثير من مبادئه الوطنية التي كان يسعى من خلالها لبناء دولة حديثة وعصرية بمواصفات عالية الجودة ورفع شعارات لا زال الكثير من جمهوره العريض والطويل بعرض وطول الوطن (( عاصمة خالية من السلاح ، بناء دولة النظام والقانون ، حرية المرأة ، العدالة الإجتماعية ، المساواة ، عدالة توزيع المشاريع ، المواطنين سواسية أمام القانون ، الحكم المحلي وغيرها الكثير )) هل تراجع الحزب عن كل هذه الآمال أم تم مقايضتها ؟؟!!.

الجماهير في إنتظار أن يحدد الحزب موقفه من كل هذا أو يعلن أنه قد تحول تحويلا جذريا وأن عمامة الرجعية والتخلف قد لبسها ، وهذا ما لا يظن أحدا أو يتخيله ، ورسالة أخيرة نوجهها للحزب وقيادته في الداخل والخارج وكل عقلائه وحكمائه وهي هل يدركون حجم وضعهم داخل أعضاء المشترك وخاصة الإصلاح ودرجة إحترامهم له ، إذا كان لا يعلم فعليه أن يعلم أن النظرة إليه منهم عبارة عن وسيلة تؤدي بهم لتحقيق أحد مآربهم وهو الوصول إلى السلطة لتكوين دولة إسلامية على غرار النموذج الأفغاني والسوداني وحكومة غزة وغيرها من الأشكال الفاشلة في الحكم والسياسة ، وعليه أن يضع في حساباته هذه النظرة ولا ينسى أنه سيكون أول ضحاياهم ، وانه لا زال الحزب الكافر في منهجهم وأدبياتهم !!!.

الحزب اليوم في محنة وطنية تمثل الجزء الأهم في تاريخه ورصيده النضالي فهو مطالب للعودة إلى صفوف الجماهير كما هو في قلوبهم وأن يبتعد أولا عن الدخلاء الذين يحومون من حوله وأن يعود للمشاركة البناءة ويرسم من خلالها الصورة النموذجية التي كان يحكم بها وخبرته في تنفيذ القوانين ، ويتذكر اليوم أنه جالس محصورا في الزاوية محاصرا بقوى التخلف والرجعية والفوضى وعليه أن يؤمن أن المبادئ لا تتغير بهذه السرعة فالأطراف التي ناضل من أجلها هي نفس الأطراف ولو تغيرت المسميات ، فالبندقية التي رفعت في وجهه وكانت سببا في إلحاق الضرر به هي البندقية التي تنتظره !!

المؤتمر وإعادة بناء الثقة :

الحزب الإشتراكي اليمني والمؤتمر الشعبي العام عاملان رئيسيان في البناء ومثله في الهدم فهما من حقق مبادئ ثورتي سبتمبر وأكتوبر في تحقيق الوحدة اليمنية وإن كان للحزب السبق المنهجي والبرامجي فيها ، ولإسباب وظروف لا داعي للتذكير بها بإعتبارها جرح في جسم الوطن وإنما أجزم على أنها خطأ كان للحزبين دور فيه دون مغالطة أو تجاهل ، تلك مرحلة يجب أن يتجاوزها الطرفين وأكثر من يتجاوزها هو المؤتمر الشعبي العام ، والحزبين اليوم – الإشتراكي والمؤتمر – يجب أن يدركوا أن هناك مساعي للنيل من اليمن تحت مظلة عدد من المبررات التي يجب على المؤتمر أولا إزالتها والنزول بسياسته تجاه الحزب عن الوضع التي هي عليه اليوم ، فالمؤتمر يجب أن لا يبالغ من الجحود في دور الحزب ومكانته في المحافظات الجنوبية وعلى المؤتمر أن يدرك ان الحزب هو الخبير بشؤون تلك المحافظات وأنه مفتاح الحلول وإزالة الإحتقانات ، فإذا وصل المؤتمر إلى هذه القناعة على الرغم من وجودها لديه إنما يكابر بتجاهلها نوعا ما ويسعى إلى إحداث قفزة شجاعة ووطنية ويعمل على الحوار مع الحزب من أجل تشكيل لجنة إعادة الثقة وترميم الأخطاء وتجاوزها يبعد من هذه اللجنة كل المفسرين والمتخيلين والمبالغين من الطرفين للوصول إلى المربع الأول من العلاقة الصادقة والشفافة وأن يدرك المؤتمر أن الأشخاص والأفراد الذي يستعين بهم في معالجة الأوضاع في المحافظات الجنوبية لا يمثلون كل المحافظات وقبولهم الجماهيري محدود فالمحافظات الجنوبية ولائها لا زال للحزب نهما تجاهلنا هذه الحقيقة .

وعلى الحزب أن يتجاوز أشياء وإن كانت ضرورية لكنها في صالح الوطن ووحدته ، وأن يعرف الطرفان أن التعبئة التي تمت في تلك المرحلة الحرجة هم نفس اللاعبون وإن تبدلت مواقعهم على الخريطة ، فالذي كان سببا في تأجيج الصراع بين الحزبين هي جماعة معروفة سعت إلى رسم صورة في أذهان قادة المؤتمر أن الحزب لم يعد ممثل الجنوب وهي تسعى الآن في رسم صورة في أذهان قادة الحزب بأن الشارع وتهديد الوحدة هي الطريق السليم وخسر الحزبين – الإشتراكي والمؤتمر – وتحققت أحلامهم وسيكررون اللعبة نفسها مع الحزب لإيقاعه في حفرة جديدة .

الحزبين الإشتراكي والمؤتمر هما الأجدر بقيادة البلد وأن الخطأ هو الإستمرار في تجاهل كل طرف للآخر فالحوار الجاد والبناء يجب أن يبدأ ومن خلاله إماّ مراجعة شاملة بشفافية وروح وطنية أو تجاوز كل الأحداث وفتح صفحة جديدة بنوايا سليمة مسبقا وإذا لم يتحقق لا هذا ولا ذاك فإن تيار الوطن قادم وسيبتلع الطرفين ، أمنيات نابعة من مخاوف الإنزلاق الذي يسعى الطرفان له كل حسب رؤيته في الصواب وهذا الإنزلاق – لا سمح الله – سيكون مدمرا وكارثيا على الكل ولا يستطيع أحد المسك بزمامه وعلينا وقادتنا في السياسة في المؤتمر والحزب أن يعتبروا من الدرس العراقي فكل طرف سعى للإطاحة بالدكتاتورية أكتوى أولا بنيران ملتهبة من الطائفية وتصفية الحسابات وتجارة السلاح وشركات الأمن ولا يوجد أي طرف أو شخص في العراق اليوم قادر على إحداث شيء وتحول البلد كله إلى مجموعة من الفوضى العارمة ... فهل يعتبر الحكماء من السياسيين في الحزبين ... والله على ما أقول شهيد،،،،،،