رحلة البحث عن أمي الغالية
بقلم/ فائزة البريكي
نشر منذ: 17 سنة و 10 أشهر و 20 يوماً
الإثنين 08 يناير-كانون الثاني 2007 02:46 م

مأرب برس – خاص

(أمي ) تلك الكلمة التي كم أتمنى أن اتفوه بها وأحسها بصوت مسموع وأشعر بها تخنقني لإنني أود قولها وأود سماع ردها من والدتي التي كانت ترد علي دائما بكلمتين ( أمي حبيبتي بريكية)

تتفوه بها أمي عن حب وعن شوق وعن عاطفة جياشة طالما تعبر عنها عندما تكون في سكون مع نفسها لوحدها دون أي مؤثرات خارجية .

دارت السنوات وقيلت كل الحكايات ونسجت حولها كل المكائد لإبعادي عن والدتي التي كنت أستمد حنانها البعيد القريب مني من بعيد الى بعيد بحكم أنني لا أعيش معها في نفس المدينة أو نفس المنزل.

لعل الكثير سيستغرب ماأكتبه الآن عن والدتي ولماذا وماهو الداعي لذلك ؟

السبب بأنني لم استطع أن أصل الى أمي منذ سنوات لظروف خارجة عن إرادتها وإرادتي ولكن لابد من وجود طرق أخرى يستطيع بها المقربين أن يجعلوني أسمع فقط صوتها دون أن أتكلم لو ارادوا ذلك حتى يطمأن قلبي عليها ولكن أغلقوا كل الأبواب في وجهي وصورا لوالدتي بأن التواصل معي قد يؤدي بهم الى مالايحمد عقباه .

كل واحد في هذا الزمن لا يلتفت الا لنفسه ولمصلحته وينسى حتى اقرب الناس له فوضعت نفسي في مكانهم لو أحدا منهم حدث له ماحدث لي فهل سأسكت؟ أقسمت بالله بأنني سأعمل المستحيل لكي أجد طريقة لتواصلهم مهما دفعت من ثمن لكي أحقق رغبة لإخت لي أو حتى صديقة ولكن وجدت نفسي كمن تحلق لوحدها بدون سبب الا أنني ابنه أبحث عن أمي التي أعرف اين هي ولكن لست أدري كيف!!!

مرت أعياد كثيرة ومناسبات أكثر كنت الوحيدة التي أقطع كل رحلات عملي وإجازاتي لكي أحتفل بأي مناسبة مع والدتي وبالذات في عيد الأم التي لا أفرط فيها مهما كان تجدني والدتي أول الحاضرين وآخر المغادرين من بيتها لكي أقبلها من رأسها حتى أخمص قدميها وبعد أن أكون قد جمعت جميع أفراد الأسرة لنحتفل معا وأقوم بكل تلك الترتيبات لوحدي وبمجهودي الشخصي حتى أرى دموع الفرح تذرف من عيني أمي وكانت لا تنفك بأن تحضنني حتى أخر لحظاتي قبل مغادرتي حفلها.

كانت بالفعل اياما جميلة لم أنسى فيها كم كنت أحتاج لتلك اللحظات التي كنت مستعدة أن ادفع اي ثمن مهما كان لكي أجدها أو أسمعها أو أعيشها حتى ولو لحظات حتى ولو كانت لحظات كاذبة ولكن أعزي نفسي بها لعل وعسى تخفف عني ذلك الشعور بفقدان العاظفة الجياشة التي تتمناها أي أبنة من أمها .

أحيانا أكون في بيتي لوحدي أسمع صوتا يناديني كصوت أمي (فايزة) أو (بريكية) حسب مايحلو لأمي كانت أن تناديني ألتفت نحوي أقول بسم الله الرحمن الرحيم يتكرر الصوت معي أقوم من مكاني أتتبع الصوت ربما تكون روح أمي الغالية تسكن منزلي الطاهر النظيف الذي لم ولن يعرف الا الحب والخير لكل من فيه ومن ليس فيه .

تبدأ رحلة البحث الغير واضحة لدي لإجد أنه مجرد صوت يعكس رغبة كامنة بداخلي أن ارى أمي أو اسمع صوتها حتى ولو للحظات فتتحول هذه الرغبة المكبوتة الى صراع داخلي بين الألم والشوق والحب لها وبين عدم قدرتي على التواصل معها بأي شكل من الأشكال لإن هناك من يعرقل ذلك وبكل السبل والطرق .

بعد أن فقدت شئ من الأمل في عدم رؤيتي لوالدتي وفي حتى عدم سماع صوتها رغم كل محاولاتي .

التي باءت بالفشل كتبت هذه السطور وقررت أن انشرها لكي تكون دليلا على عدم نسياني لوالدتي لحظة بلحظة بالرغم من إنني متأكدة وعلى يقين بأن هناك من يحاول أن يسرب لها أخبارا غير صحيحة عني وبأنني نسيتها ولا أبحث عنها وغيرها من الكلمات التي تجعل الأم تغضب من أبناءها ولكن إيماني بالله قوي بأن من يفعل الخير سيجده أمامه ومن يفعل الشر بالتأكيد سيجده أمامه ومن يكون حجر عثرة في التفرقة بين صلة الرحم الزمن لن يرحمه والقدر سيكون له بالمرصاد .

فنشري لهذا المقال عن أمي وعن رحلة البحث عنها وعن شوقي الذي يعتصرني بها الما يكاد يقتلني وحبي لها الذي يسري في دمي وعروقي وليقيني بأنني لم أكن يوما إلا سندا لها وقلبا محبا والعيون التي ترى بها الناس حسب ماكانت تقوله لي وبأنني لها تلك القوة والصحة التي تستمدها كلما أطليت عليها لزيارتها أو سمعت صوتي وضحكتي التي كانت تحبها وتحب أن لا تسمعني إلا وأنا اضحك .

هذه السطور بمثابة شاهد إثبات مع مرور الزمن لك ياأمي بأنني رغم كل تلك السنوات فأنا لم أكل او أمل في رحلة البحث عنك ليلا ونهارا أبحث عنك جسدا ولكن تسكنين بداخلي روحا أعطتني الحياة في السابق وتركتني أتعذب وحدي منذ سنوات الى يومنا هذا.

أعرف ياأمي بأنه لا يد لك ولا حيلة وأعرف أو عرفت الأسباب مع إنني عرفتها متاخرا وبعد فوات الآوان التي جعلت أمورا كثيرة أن تحدث بأسمك وبأنك أنتي من كنتي تطلبين ذلك ولكن أكتشفت ياأمي بأنها لم تكن الا لعبة قذرة لعبها الشياطين حولي وحولك لكي يحرموني حبك وحنانك ودعواتك التي كنت أسمعها كل صباح وقبل النوم مع عبرة محبة من أم لإبنتها .

لازال صدى صوتك يتردد في إذني ياأمي ولازالت لحظاتي معك لا تفارقني لحظة بلحظة ولازال كل شئ يطوق علي وماقتلني الا شوقي لك وفقط لكي أطمأن عليك وعلى صحتك ياغاليتي.

أمي الغالية

أن كتب علينا القدر أن لا نلتقي فهذه سطوري قد يقرأؤها لك يوما حفيدا من ابناءك أو بناتك وقد يقراؤها لك غريبا فاعل خير أحب أن يوصل لك هذا السلام والتحية والحب والشوق من أبنة الى أمها بعد أن فقدت كل وسائل الإتصال بك وأهل الخير كثيرون بالرغم من يقيني بأنه لا يحيط بك إلا الأشرار فأن الدنيا لازالت بخير بمن يحب أن يفعل خيرا!!!

أعذريني ياأمي فقد غلبني الشوق لك هذه المرة وأصبحت أرى وجهك في كل الناس وفي كل الطرقات وعلى الإضاءات حتى في نومي لاتمر ليلة دون أن تزوريني في منامي فأعيش معك لحظات حلم جميلة أصبحت فيها أنتظر وقت منامي فقط لكي أراك واصبحت أكره أن أصحو لأنني سأفيق على واقع أنتي لست موجوده فيه فأعذريني ياأمي على أحلامي وأعذريني على واقعي الذي فرض علي أن لاأعيش فيه لا واقعا لإبنة تبحث عن أمها بالرغم من أنها تعرف أين هي ولكن لا تعرف كيف تصل اليها.

رسالتي لك هذه ياأمي لعل أحد يقراؤها ممن تبقى له ضميرا وقلبا في الحشا ينبض بالخير يقول لك بأن ابنتك تريد فقط أن تطمأن عليك وتسمع صوتك ولو لمرة وبعدها أموت وقد تحققت لي هذه الأمنية فالحياة بدون أم لاتطاق رغم أنه لا ينقصتي شيئا ياأمي ولكن هل حب الأم يشترى أو يعوض؟ لا يمكن مستحيل بل وفوق كل المستحيلات فالأم أم والجنة تحت أقدام الأمهات وجنتي الحقيقية بين يديك وقدميك ياأمي.

فبالرغم من أنني أعيش فرحة جميلة هذه الأيام تمنيت فيها أن تكوني معي وبجانبي ولكن أشعر بنقص فقط لإنك لست معي فأحببت أن افرغ كل شحنات الألم والفراق والشوق والحب لك في مناسبة لاأستطيع ذكرها ولكن حتى أبلغك بأنني أعيش فرحة ناقصة لأنك لم تكوني بجانبي فأدعي لي ياأمي بصوت يصلني وبدعوات كتلك التي عهدتها منك تشق الصخر وتذيب الحجر وتصل الى ماوراء البحار والمحيطات فلم يعد للعمر بقية

  ياأمي أحبـكــــــــــ

وأتمنى أن يقرأ لك أحدا هذه السطور قد يكون فاعل خير وقد يكون هناك من سيستيقط ضميره لكي يقول للزمن بأننا لا نعيش مرتين وأننا لن نأخذ معنا في دنيتنا هذه الا عمل الخير لعل وعسى.

أعذريني ياأمي على هذياني فشوقي لك قد قتلني وشغفي لرؤيتك قد ذبحني وصدى صوتك قد ملأ كل أركان مكاني ولكن في النهاية لازلت أبحث عنك رغم كل شئ فلازال بداخلي أمل كبير سأموت معه مهما كانت أمنيتي لم تبلغني في حياتي فأسال الله أن التقي بك في آخرتي أفلا يكيفيني ياأمي كأم حرماني من إبنتي فأنا في الجانب الآخر أعيش أكثر من معاناة حرماني من أمي كأبنة وحرماني من إبنتي كأم وأسال الله أن يثبتني ويصبرني والشكر لله على ماأبتلاني به لعله خيرا وليجعله الله صبري هذا ومعاناتي في ميزان حسناتي.

ودمتي بحب وبخير وبصحة وعافية أمي غاليتي .

وكل عام ويوم ولحظة ودقيقة وثانية وأنت بالف صحة وسلامة يارب .

ياست الحبايب يا حبيبتي.

fayzaalbreiki@yahoo.co.uk