بين يدَيّ حزب الإصلاح
بقلم/ صلاح السلقدي
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 20 يوماً
الخميس 09 فبراير-شباط 2012 05:01 م

- نعرف جيدا ان لدى حزب الإصلاح بعدن وبكل الوطن الحق بان يعمل على نقل ما يسمى بالشرعية الدستورية من علي عبدالله صالح إلى عبدربه منصور بانتخابات أو باستفتاء، كي لا يظل الأول يزايد على الكل بشرعيته المزعومة ويبطش وينهب ويفسد إلى ما لانهاية، ونتفهم ان يستميت أي الإصلاح بعدن وغير عدن بحشد أعضائه لتلك الانتخابات ان كانت ستأخذ طابع تنافسي ونتيجتها غير معروفة مسبقا كباقي انتخابات العالم، لكن وقد أصبحت تلك الانتخابات أو بالأصح الاستفتاء المرتقب نتيجتها محسومة سلفا والفائز فيها هو المرشح الوحيد، كونها انتخابات تحصيل حاصل للمبادرة الخليجية وتوافق حزبي اقتضته ضرورة الوصول السريع إلى مجلس الوزراء، فلا يوجد بالتالي مبررا لكل هذا الحماس المبالغ فيه وكل هذه المجازفة من قبل إصلاح عدن بتفجير الوضع بمدينة هي تعيش أصلا على تخوم الفوضى وشفير الانهيار بجل مناح الحياة فيها، نقول انه لا يوجد مبرر لذلك غير حاجة في نفس قيادات هذا الحزب القابعة هناك في صنعاء مغزاها استهداف القضية الجنوبية وطمس ملامحها - مع يقيننا ان قضية شعب هي أكبر من أن يحتويها صندوق انتخابي - من خلال استثمار تلك الانتخابات لبعث رسالة للمجتمع الدولي بان الجنوب لا توجد لديه قضية بالحجم المطروح ولا له مشكلة إلا مع علي عبدالله صالح وان انتخاب رئيسا جديدا ومن الجنوب أيضا كفيلا بان يكون عطارا يصلح ما افسده دهر سلفه ذو العقود الثلاثة. هكذا يسعى مركز الإصلاح بصنعاء ان يسطح قضية بحجم القضية الجنوبية ويجعل من فروعه بالجنوب كباري مرور ليقضي وطره السياسي المرسوم، وإلا ماذا يعني ان يسعى الإصلاح بكل طاقاته إلى التركيز على إجراء الانتخابات وإبراز اهميتها فقط بالجنوب وفي عدن تحديدا وبأي ثمن مع ان باقي الساحات التي يهيمن عليها الإصلاح بالشمال لم تشهد أي مسيرة أو نشاط مؤيد لهذه الانتخابات على الاقل حتى اليوم واقتصر نشاطه المحموم في عدن وباقي الجنوب فقط؟ ونافلة في التأكيد ان ساحات التغيير هناك تقف بوجه إقامة هذه الانتخابات من منطلق رفضها للمبادرة الخليجية من أصله باستثناء غريب هو في الجنوب فقط.

- فمثلما ان الاعتراض الجنوبي على الانتخابات المقبلة ليس اعتراضا على شخص الأخ عبدربه منصور فهو ايضا ليس اعتراضا على مشاركة الإصلاح فيها، بل الاعتراض هو على اجراء هذه الانتخابات في ظل مراوحة وضع القضية الجنوبية مكانها دون ان تحدد القوى المنخرطة بهذه الانتخابات موقفا مستقبليا واضح حيال هذه القضية يركن عليه ويبعث في النفوس شيء من الطمأنينة ولو بحدها الأدنى لتخبو معه فورة غاضبة تجتاح النفوس، ولكن لأن شيئا من هذا لم يحصل فقد كان قرار مقاطعة هذه الانتخابات المقاطعة الإيجابية هو الخيار الوحيد الذي أبقته هذه القوى أمام أنصار الحراك الجنوبي وكل القوى الجنوبية التي ترى بان مستقبل الجنوب يساق الى مذبح التسويات السياسية الظالمة ويراد من خلالها ان يذبح مرتين، مرة بساطور الوحدة ومرة بخنجر الثورة، ف من المخجل التعثر مرتين بالحجر نفسه .

- يعرف حزب الاصلاح انه عجز الى حد كبير هو وشريكه بالحرب الظالمة التكفيرية على الجنوب المؤتمر الشعبي العام ان يسدا الفراغ الذي خلفه خروج الحزب الاشتراكي من الجنوب منذ ذلك التأريخ برغم تلك الطاقات الهائلة التي امتلكاها والمتسلحة بثروات الجنوب وإمكاناته المنهوبة وبرغم التشتت والضياع الذي عاشه الجنوب حينها، فكيف يمكن اليوم وبعد ان استنهض الجنوب بكل مكوناته الشعبية والجماهيرية والسياسية ان يفكر الإصلاح أو غير الاصلاح بان بمقدوره ان يتفرد بحسم المستقبل منفردا؟ فالخطأ الذي يصيب الاصلاح في مقتل سياسية هو انه الى اليوم لم يعرف ان للجنوب خصوصية سياسية تختلف عن الوضع هناك في الشمال ولا بد له ولغيره من القوى السياسية ان تعي هذه الحقيقة وتتصرف وفقها.

- ان الأحداث المؤسفة التي حدثت يوم الجمعة الماضية في مدينة المعلى بعدن ما كان لها ان تحدث ان كان الإصلاح في عدن ادار ظهره لتوجيهات المركز المغامر الذي يود ان ينفذ كلما بروزنامته بأي ثمن كان ونفذ فعاليته تلك في ساحته المعروفة بكريتر على الأقل من منطلق الحفاظ على الوضع كما هو عليه من الهدوء النسبي الذي يحتاجه الإصلاح لتمرير الانتخابات، ولا يعطي الفرصة للعناصر التي تريد تخريب العملية الانتخابية كما يقول، فهو أي الاصلاح اكثر حزب محتاج الى عدم إحداث أي فوضى في هذه الفترة. ومع هذا فلا يمكن ان نعفي الطرف الآخر من المسئولية عما حدث.

- نعتب على الإصلاح بانه يتحمل الوزر الأكبر من المسئولية عن تلك الاحداث كونه حزب منظم ولديه الامكانات المالية والإعلامية والسياسية وهيئات منضبطة تمكنه من ان يكون عامل مؤثر نحو الاستقرار وليس باحث عن الفوضى بعكس الحراك الجنوبي الذي هو عبارة عن حركة شعبية عفوية تفتقر للهيئات التي بمقدورها ان تكون موجه وكابح لجموع تهور انصاره.

- ثمة اسئلة كثر تنتصب أمام أعيننا باحثة عن اجابة اصلاحية شافية مثل ان نتساءل: لماذا بعد كل الوعود التي اطلقها الإصلاح بانه سيعمل بمجرد إسقاط النظام وقد سقط بالفعل رأس النظام على حل القضية الجنوبية الحل العادل أدار ظهر المجن للجنوب وتحلل من كل وعوده وذهب اليوم قدما بالترتيبات القادمة؟ فما الذي تغير بالأمر حتى يمكن ان يقتنع به الجنوبيين لينخرطوا بالعملية الانتخابية ومن بعدها العملية السياسية برمتها كما يطلب منهم اليوم؟ وبالتالي نقول لماذا يلام الجنوب والحراك الجنوبي وباقي القوى التي ترفض الانتخابات طالما والوضع لم يتغير منذ اطلق الإصلاح وعوده بل ان العملية السياسية ازدادت غموضا وتعقيدا وبالجنوب خاصة اكثر مما كانت عليه اثنا وقبل إطلاق تلك الوعود؟

- يقع اللوم كثيرا على اصلاح الجنوب برغم قناعتنا بان قياداته هي من افضل ما اختار الإصلاح ولكن اللوم الذي لا تعفى منه تلك القيادات هو انها واقعة تحت طاعة حزبية عمياء برغم ان هذه القيادات أي القيادات الاصلاحية بالجنوب كان لها دورا مميزا بالدفاع عن القضية الجنوبية وشاركت بفعالية كبيرة بإبراز هذه القضية كقضية سياسية عادلة ولكن حين يصدر إليها اوامر حزبية من المركز تبتلع هذه القيادات ألسنتها وتتملكها حالة من الرعب والخوف من سطوة المركز، وبالتالي تتمكن قيادات الحزب بالمركز الصنعاني من أكل الثوم بالجنوب بأفواه جنوبية مغلوبة على أمرها وبهذا تكون قيادات الإصلاح الجنوب وبرغم نقاء نواياها وصفاء ذهنها قد جعلت من نفسها جسرا تمر من فوقه قوافل الاستبداد إلى الجنوب أو قل (الاستعمار) كما وصف الوضع بالجنوب منذ حرب 94 م الجيش الموالي للثورة بصنعاء قبل أشهر عبر بيانات متلاحقة وصفقت لهذا الوصف كل وسائل إعلام الإصلاح واثنت عليه كل تصريحات قياداته وهيئاته الحزبية التي توسع الجنوبيين وحراكهم السلمي اليوم تهما وشتائم من قبيل مصطلحات: (البلاطجة - وعناصر مأجورة من بقايا النظام وعناصر الامن القومي - والحراك الارهابي المتعاون مع القاعدة والشيعة الروافض - وقطاع الطرق، وهلم جرى من حمى الصرع السياسي من تهم ومصطلحات تصعق السمع وقاحتها وتبعث على الأسى فجاجتها، فلا تكن كقمة الجبل ترى الناس صغارا ويراها الناس صغيرة!

- لم نستخدم في تناولتنا هذه مصطلح (أحزب اللقاء المشترك) لدرايتنا ان هذه التسمية ما هي إلا تسميه صورية يراد منها إفهام العوام بأن الحزب الاشتراكي راض عن كل ما يمرره المركز بصنعاء سلطة ومعارضة بالجنوب وان هذا التحالف المسمى المشترك قد جعل هذا الحزب أي (الاشتراكي ) حصان ينفذ من خلاله مركز الإصلاح الى طروادة الجنوب ليدوس بسنابكه على كل الرقاب بأسم الوحدة تارة وبأسم التغيير تارة اخرى وبينهما فتاوي قاتلة لا تزال تنثال من لدنها فتاوي أخرى، وللأسف فقد قبل هذا الحزب العريق على نفسه ان يكون بهذا الموقع ويحني ظهره ويمعن بالانحناءة وتخلى عن دوره بالجنوب على الدور الاخلاقي المفروض ان يقوم بها كونه من قاد الجنوب الى محرقة اسمها وحدة اندماجية فورية.!

*حكمة: ( لا يؤسفني أنك كذبت عليّ، لكن الذي يؤسفني أنني لن أصدقك مرة أخرى - نيتشة -)