هل ظهر بصيص أمل في نفق الأزمة اليمنية
بقلم/ علي مبارك ملص
نشر منذ: 13 سنة و 7 أشهر و 3 أيام
الأربعاء 27 إبريل-نيسان 2011 05:15 م

منذ أن بدأت الأزمة اليمنية بدأ معها الكثير من التوقعات غير أنها سارت بإيقاعات درامية فاقت كل التوقعات وخرجت عن كثير من الحسابات وأربكت جميع المراقبين لها والساعين لحل لغزها المعقد , وكلما توقع أحد أنها ستحط رحالها فاجأهم النظام بالتصريحات التي تبعد جميع التوقعات بعيدا عن ساحل موجها المتلاطم. 

ونظرا لتشابه خيوط الأزمة اليمنية وتعدد أطرافها بل قل أن كل طرف منها يظم عدة أطراف أو يوكل عنه غيره في أتون هذه الأزمة المستحكمة , فالنظام مثلا ليس طرفا واحدا وذلك ما تظهره التصريحات , فما يوافق عليه طرف منه يرجع عنه طرف آخر , وكذا المعارضة, أضف إلى ذلك الوسطاء حتى أصبح يصدق على هذه الأزمة ( إذا كثر الطباخون فسد المرق ) ولعل هذا كان سببا في إطالة هذه الأزمة وظهورها بمظهر يختلف عن الأزمات في الدول العربية الأخرى التي لا يتصارع فيها إلا طرفان فقط وفي بداية الأزمة كان يتوقع الكثير أن النظام لا يستطيع إدارتها بنفس الطرق والنفس الذي أدار به جميع المنعطفات والأزمات الذي مر بها والتي كان البعض منها من صنيعته فالنقلب فيها السحر على الساحر أو كان سببا فيها لكن يظهر أن خبرته في هذا المجال قد مكنته نوعا ما على اللعب على مثل هذه الحبال كما أن المعارضة أثبتت وكأنها كمن لا يستطيع أن يتصرف إلا وفق ما تربى عليه من أخيه الكبير من دروس, وان كان يحاول التمرد عليه فهي وان كانت تدرك أكثر من غيرها تلاعب النظام بها وعدم مصداقيته إلا أن الظروف من حولها لم تسعفها من التحرر التام منه وفي النهاية تبقى فاتورة الأزمة الباهظة يدفعا الشارع والذي ما زال صغيرا جدا بالمقارنة بإخوانه في النظام والمعارضة والذين قد شاخت عقولهم قبل أن تشيب رؤوسهم فأطبقت على قناعات لا يستطيعون الانفكاك عنها إلا كما يستطيع المدمن أن ينفك عن سبب إدمانه كل ذلك ليبق الباب مفتوحا أمام السؤال المطروح الآن بعد أن دخلت الأزمة في كثرة أسابيعها تعدد أطرافها وكثرة أطروحات وسطائها , فالجمعة هي جمعة واحدة ولكنها في الأزمة اليمنية جمعتان وفي الأزمات الأخرى طرفان ولكنها في الأزمة اليمنية كثيرة والشارع في الأزمات الأخرى واحدة وفي خصوصيات الأزمة اليمنية شارعان وقس على ذلك الجانب الإعلامي والأمني وغيره مما يضفي للأزمة اليمنية خصوصية لم تسبقها أزمة قبلها ولعلها لن تعقبها أزمة بعدها لكن يبقى السؤال هل ظهر بصيص أمل في نهاية نفق الأزمة اليمنية المستحكمة والجواب في تقديري يكمن في الأمور التالية

1ـ أن يصل النظام إلى قناعة تامة انه لا رجعة للورى وأن جميع المناورات والمراهنات وكذا التكتيكات الأنية والسياسية لا جدوى منها وأن العد التنازلي لبقائه قد قرب إلى النهاية وأنه لم يبقى لديه إلا اللعب في الوقت الضائع ولعل هذا ما أظهرته أخيرا تصريحات أحد عتاولة النظام ورموزه .

2ـ أن تبلور قناعة أطراف الأزمة اليمنية والتي يعول عيها النظام في استمداد بعض قوته في البقاء إلى واقع ملموس وأن صلاحية هذا النظام حقا قد انتهت وأن جميع المراهنات التي يراهن عليها خاسرة ومكلفة وأنها قد تؤثر في مقتبل العمر على علاقتها بالأطراف اليمنية المقبلة وبالتالي تضغط على النظام باللجؤ إلى حلحلة هذه الأزمة.

3ـ أن تغير المعارضة في طرقها الراديكالية في إدارة هذه الأزمة وتنظر إلى الأزمة من زاوية الصالح العام للأمة اليمنية وليس للنظر إلى زاوية أنها هي الوريث الآهل لهذا النظام البائد. 

4ـ أن تتوحد إدارة الساحة الحقيقية للأزمة اليمنية والمتمثلة في الأجهزة الأمنية والتي تلعب الدور الحقيقي على الأرض وتجعل مصلحة اليمن فوق كل مصلحة وتعي أن دورها يكمن في حمل العقيدة الأمنية للأمة اليمنية وفق ثوابتها الشرعية المستندة إلى هويتها الإسلامية لا العقيدة التسلطية لأن ذلك قد يؤدي بها إلى أن تكون كبش الفداء الحقيقي لهذه الأزمة. 

5ـ أن تتحرك القوى الفاعلة الأخرى في المجتمع بالقدر الصحيح أو ما يمكن أن يطلق عليه بعرف الشرع( بأهل الحل والعقد ) من النخب العلمية والثقافية والاجتماعية باستخدام جميع الوسائل للضغط الحقيقي على النظام لتجنيب البلاد ويلات وتداعيات هذه الأزمة .

6ـ ينبغي على الشارع أن يكون واضحا وحازما مع جميع الأطراف فإنه فبقدر ما كان حازما وواضحا مع النظام فإنه يجب أن يكون حازما مع الأطراف الأخرى بالقدر الذي هو حازما فيه مع النظام وليعلم أنه ينعقد على موقفه هذا آمال الكثير من الجماهير المجمهرة من الأمة اليمنية وأن أمامه مسؤولية تحمل تبعة ما يفعله فإنه إن لم يكن على قدر الحزم والجدية يخشى أن يخيب آمال كثيرا من الناس .

ختاما فإنه ينبغي على الجميع أن يتقوى الله سبحانه في هذا الشعب الذي أضنته تجارب المجربين وأنهكته تصرفات المفسدين وإجحاف الظالمين كما ينبغي أن من أراد إن يتكلم في هذه الأزمة أن يتقي الله وليسعه قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( من كان يؤمن بالله والبوم الآخر فاليقل خيرا أو ليصمت ) وأنه إذا تكلم أن يفتح باب أمل لهذا الشعب المكوم وإذا تحدث من باب التوعية والنصح له وأخذا العبر والدروس من ماضية والدخول في حاضرة والتطلع في مستقبله بنظرة تغيرية تضمن سلامة البلاد وكرامة العباد وإقامة حق رب العباد في هذه الأمة التي رضيت به ربا وبدينه دينا وبرسوله نبيا ورسولا.