الحديدة: تزايد نسب الانتحار بين النساء بسبب العنف
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 11 سنة و 7 أشهر و 9 أيام
الأحد 21 إبريل-نيسان 2013 07:06 م

أظهرت دراسة ميدانية حديثة زيادة العنف ضد المرأة بمديريتي الحالي والمراوعة بمحافظة الحديدة وتصدر الحرمان من التعليم وحق الحصول عليه قائمة العنف بحسب الدراسة.

وأكدت الدراسة - التي شملت مسحاً ميدانياً في العام الماضي في مديريتي الحالي والمراوعة، ونفذتها منظمة بروجرسيو، وبالتنسيق مع جمعية أبي موسى الاشعري ولجنة المرأة بملتقى منظمات المجتمع المدني بالحديدة – أكدت أن أكثر عنف تتعرض له المرأة هو الحرمان من التعليم، حيث بلغت نسبة الأميات 50%، ومن حصلن على الابتدائية 23%، والحاصلات على مؤهل الثانوية 16%، وأن 50% من النساء لا يسمح لهن بالخروج من المنزل، و25% يسمح لهن بالخروج وأن سن الزواج هو ما بين 14ـ 19 سنة.

وأضافت الدراسة: أن مظاهر العنف تعدد ما بين الضرب وحالات الاغتصاب والحرمان من الرعاية الصحية وغيرها.

وحول هذه الدراسة نفذ عدد من الصحفيين والإعلاميين والناشطين نزولاً ميدانياً وبالتنسيق مع مؤسسة "العاطف" إلى مديريتي المراوعة والحالي لرصد عدد من حالات العنف، وتحدث لصحيفة "مأرب برس" عدد من الأهالي - ذكوراً وإناثاً - وإليكم الحصيلة..

في البداية تحدثت الأستاذة سالمة أحمد - مديرة برنامج تدريب وتأهيل المعاقين منزلياً بمديرية المراوعة بالقول: إن العنف بجميع أشكاله وأنواعه موجود في مديرية المراوعة وبنسبة قد تصل إلى 95%، وأكثر عنف يمارس ضد المرأة هو الحرمان من التعليم والمنع من الخروج وإقامة أية علاقات اجتماعية مع الجارات أو الصديقات وبعض المدرسين ممن يفكرون في غرائزهم يمارسون العنف ضد بعض الطالبات مثل التحرش الجنسي (اللفظي)، وهم السبب في حرمان كثير من الفتيات من التعليم، فحادثة تحرش واحدة من مُدرس ضد طالبة إذا تم فضحها تُحرم بسببها كثير من الفتيات من التعليم، وحل هذه المشكلة في الغالب يكون بمنع الطالبة المُتحرّش بها من التعليم وترك المدرس ليمارس تحرشاته ضد طالبة أخرى.

وتضيف: "بالنسبة لتنظيم النسل كثيرات لديهن الرغبة فيه لكنهن يضطررن لتحمل الحمل والولادات المتكررة والمتقاربة لأن كثيراً من الأزواج يهددون زوجاتهم بالزواج عليهن إذا استخدمن وسيلة من وسائل تنظيم النسل وبسبب عدم وجود خدمات صحية كافية في الكثير من العزل فقد تفقد امرأة حياتها بسبب النزيف أو حمى النفاس قبل أن يتم إسعافها لمدينة الحديدة ومع وجود عدد كبير من الأبناء في ظل أسرة فقيرة تظهر الكثير من المشكلات منها عمالة الأطفال وموافقة الكثير من الفتيات الصغيرات على الزواج المبكر لاعتقادهن أنهن بزواجهن سوف يحصلن على حياة أفضل، ولهذا كثير منهن يكرهن حياتهن الزوجية بعد مرور أشهر، خصوصاً عند حدوث حمل مبكر..

المرأة ليست خادمة

أما الاخ أحمد الكاف - من أبناء المراوعة، فيقول: "في حقيقة الأمر لا يزال البعض يتعامل مع النساء أو مع الفتاة داخل المنزل وينظر لها كأنها خادمة، ولا يعتبرها النصف الاخر التي تقوم بعدة مهام وأنشطة، وتقوم بدور كبير في الرعاية بالأولاد وتربيتهم وتتحمل اعباء كبيرة في ذلك.

ويضيف "الكاف": لو عدنا إلى تاريخنا الاسلامي المجيد لوجدنا أن الاسلام جاء ليكرم المرأة ويمنحها حقوقها بعد سلب ذلك منها، وأعطاها حق الميراث, وشاركت إلى جانب الرجل في الحروب ضد المشركين، وكانت تقوم بدور كبير في العناية بالجرحى لتخفيف ذلك.. وتساءل: لماذا اليوم يتم النظر إلى المرأة بهذه النظرة القاصرة، ويُقال لها: "أنتِ مكانك البيت فقط".

للأسف الشديد ما يلاحظ في مديرية المراوعة ومديريات أخرى التعامل مع المرأة تعامل بنظرة ضيقة, دون فتح الباب أمامها للمشاركة في مختلف نواحي الحياة سياسياً واجتماعياً، وكذا الوقوف معها لمواصلة تعليمها, والعطف والرحمة لهؤلاء القوارير، حيث أوصانا رسولنا الكريم وحثنا ديننا الاسلامي على أن نرفق بهم.

العنف والانتحار

وأقدمت عدد من الفتيات بمحافظة الحديدة على الانتحار وبأشكال مختلفة نتيجة العنف الاسري والحرمان مما دفع بالكثير منهن إلى الانتحار.

وتربعت محافظة الحديدة - التي تتزايد فيها حالات الانتحار وبأشكال مختلفة - قائمة إجمالي حالات الانتحار التي شهدتها اليمن خلال العام الماضي بحسب تقارير لجهات مهتمة, بعدد بلغ أكثرمن (230) حالة من الجنسين (الإناث والذكور)، وبفئاتهم العمرية المختلفة، وتشمل تسع عشرة حالة انتحار للأطفال.

وتوزعت أعلى نسب للانتحار في مدينة الحديدة بنسبة 45 حالة انتحار، في مقدمتهم النساء والأطفال، تليها صنعاء بنسبة ثلاثين حالة انتحار وتليهما كل من تعز، فحجة ومأرب.

وأقدمت فتاة تبلغ من العمر 23 عاماً بقرية برخل بمديرية الزيدية الشهر الماضي على إشعال النار في جسدها مما أدى إلى وفاتها بعد محاولات إنقاذها من قبل أسرتها إلا أنها باءت بالفشل.

وأرجع البعض من أهالي الحي إلى الحالة النفسية التي تعيشها الفتاة جراء المشاكل الأسرية، وهذه الحادثة هي الثالثة من نوعها خلال عام بنفس المنطقة.

وكانت امرأة في الثلاثينيات من عمرها قد شنقت نفسها شهر فبراير الماضي بربط حبل متدلٍّ في منزلهم في ظل غياب رب الأسرة المغترب في المملكة العربية السعودية بعد وصول خبر هروب ابنتها مع أحد الشباب بمديرية المنصورية بمحافظة الحديدة.

فتاة هي الأخرى لا يتجاوز عمرها الـ"16" عاماً حاولت الانتحار عندما أقدمت على قطع الأوردة بيدها نهاية ديسمبر الماضي.

وأقدمت الفتاة "م. ع . ج" على قطع بعض الأوردة في يدها اليسرى لتتخلص من الحياة إلا أن بعض أقاربها سارعوا إلى إسعافها إلى أحد المستشفيات بمحافظة الحديدة.

وتقف المشاكل الأسرية وراء الحادثة، خصوصاً وأن الفتاة متزوجة بحسب مصادر موثوقة.

وتعاني الكثير من الفتيات من مشاكل نفسية وصحية بعد إرغامهن على الزواج في سن مبكر مما يتسبب في الكثير من المشاكل.

وبحسب مراقبين فإن حالات الانتحار تتزايد بمحافظة الحديدة خصوصاً الفتيات والأطفال جراء المشاكل الأسرية التي يكون طرفاها الزوج والزوجة نتيجة صعوبة العيش وإرغام بعض الفتيات على الزواج في سن مبكر دون رغبة منهن.

ويقول محمد علي "مدرس": إن حوالى 35% من نساء المراوعة يعانين من أمراض نفسية نتيجة الضغوطات والمشاكل الاسرية والعنف الاسري وحرمانها من أبسط حقوقها فيما تزداد حالات المعاناة لدى النساء اثناء الحمل والولادة في ظل غياب الرعاية الصحية وعدم وجود أبسط الخدمات لهن مما يؤدي بالكثير منهن إلى الاجهاض ودخول المرأة في حالات غيبوبة وإغماءات، وقد يؤدي بالمرأة إلى الوفاة إذا لم يتم إسعافهن إلى مدينة الحديدة بعد غياب الخدمات الصحية في المديرية.

المركز الصحي وخدماته الصفرية

وفي زيارتنا للمديرية حاولنا دخول المركز الصحي الوحيد لمديرية المراوعة، التي يوجد بها 20 عزلة لنتعرف على مدى الخدمات التي يقدمها للمواطنين، فقيل لنا: إنه يجب علينا أخذ موافقة مدير المركز، الذي لم يكن موجودا في حينها، وقد ذهبت محاولاتنا، لإقناع المختص في المركز بإعطائنا -ولو بعض المعلومات البسيطة عن المركز - أدراج الرياح فلجأنا لبعض المواطنين للتنسيق مع المدير، فجاء الرد منه بضرورة أخذ تصريح من رئيس المجلس المحلي بمحافظة الحديدة أو مدير مكتب الصحة لإعطائنا المعلومات الخاصة بالمركز والخدمات التي يقدمها.

ويشكو الاهالي من تردي خدمات المركز وعدم وجود ابسط الخدمات والعلاجات اللازمة والفحوصات المخبرية مما يضطر الاهالي إسعاف مرضاهم إلى مدينة الحديدة، مما يتسبب في المضاعفات التي تلحق بالمريض، خصوصاً حالات الولادة اثناء السفر للوصول إلى مستشفيات المدينة.

فقر مدقع

ينتشر الفقر المدقع بين أفراد سكانها كما تنتشر نسبة البطالة فيها بشكل مرتفع جداً.. نسبة كبيرة من سكان هذه المديرية التي تتكون من 26 عزلة لم يحصلوا على أي حق من حقوق الإنسان، وكثير من أحيائها نسبة التنمية فيها صفر وكثير من المنازل في معظم أحيائها البعيدة غير صالحة للسكن الآدمي، والمشكلة التي تحز في النفس أن كل رب أسرة يعيش في هذه الأماكن يرفض فكرة تنظيم النسل، فنجد داخل هذه البيوت من 8 إلى 10 أطفال، مما يشكل عبئاً على رب الاسرة وكذا نقصانهم من الرعاية والاهتمام.

ويقول العاقل "أحمد سالم خماش": إن المديرية لا يوجد بها كادر طبي ولا يوجد أدوية وقد تفارق المرأة الحياة في حالة الولادة، خصوصاً حالات النزيف وعدم وجود متخصصين والمركز الصحي يغلق أبوابه قبيل المغرب وبالنسبة للمراكز الاهلية فقال: إنها مراكز "سلخ" نتيجة الاسعار الخيالية في المعاينة وصرف الادوية.

وتقع مديرية المراوعة شرق مدينة الحديدة  على الطريق الرئيس (صنعاء الحديدة) على بعد jr كم. ويبلغ عدد سكانها نحو 130.247 نسمة، تضمهم 156 تجمعا سكانيا تنتشر على امتداد وادي سهام الزراعي، منها مدينتا المراوعة والقطيع بالإضافة الى مناطق عزل (الكتابية - الوعارية – الرقابة – الربصة – القطاملة – الرمانية - بني صلاح – العامرية والدحلي- الفلافلة).