هل تكون حركة حماس هي طوق النجاة الأخير للحوثيين؟!!
بقلم/ أحمد الظرافي
نشر منذ: 15 سنة و يومين
الأربعاء 09 ديسمبر-كانون الأول 2009 12:20 ص

تتناقل وسائل الأعلام المحلية والعربية، أخبار وصول خالد مشعل ووفد مرافق له من حركة حماس إلى صنعاء في 7ديسمبر 2009.

وقد يكون المثير والملفت للانتباه في هذه الزيارة أنها تأتي بعد الخبر – الصاعقة، الذي نشرته صحيفة القبس الكويتية، في أول ديسمبر 2009 ، حول طلب الحكومة الإيرانية من خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، تنشيط كوادرها وخلاياها في اليمن للوقوف إلى جانب الحوثيين، والذي زعمت الصحيفة أن خالد مشعل وافق عليه بامتعاض.

وفي الواقع أن ورود الخبر – والذي لم تنفه حماس - على النحو السابق غير صحيح. فلا يمكن لحركة مثل حماس أن تنزل إلى هذا المستوى من التبعية لإيران مهما بلغت قيمة الدعم الإيراني لها، ومهما بلغت الروابط من عمق بينها وبين نظام ولاية الفقيه.

والأقرب للصحة، هو أن الحكومة الإيرانية، قد تكون طلبت من خالد مشعل، التوسط لدى النظام في صنعاء، لوقف الحرب التي يشنها الجيش اليمني ضد معاقل جماعة الحوثي في صعدة، وطبعا هذا الطلب غير مستعبد من النظام الإيراني، لاسيما بعد رفض النظام اليمني طلبات الوساطة أو إيقاف الحرب ضد الحوثيين التي تقدمت بها أو نادت بها - أطراف عدة ( التيار الصدري، حزب الله، جماعة الإخوان، النظام الإرتيري..) وذلك لوجود شبهة وقوف إيران خلف هذه الأطراف. هذا من جهة.

ومن جهة ثانية بعد إعلان الحكومة اليمنية عن اعتماد الخيار العسكري كخيار وحيد للتعامل مع جماعة الحوثي، والضرب عرض الحائط بكل ما ترتب عن الوساطة القطرية. وهو خيار برهنت عليه الحملة العسكرية التي يشنها الجيش اليمني ضد معاقل الحوثيين في صعدة وحرف سفيان بصورة متواصلة، منذ أكثر من أربعة أشهر، ودون توقف حتى الآن.

ومن جهة ثالثة بعد أن رفضت الحكومة اليمنية مرتين متتاليتين استقبال وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي في صنعاء خلال أقل من شهرين، وذلك كرد من الحكومة اليمنية على قيام الحكومة الإيرانية بإطلاق اسم حسين بدر الدين الحوثي، على أحد الشوارع الرئيسية بطهران، وتعزز القناعة اليمنية بتورط إيران في دعم تمرد الحوثيين.

ولعل الزيارة التي يقوم بها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والوفد المرافق لصنعاء خلال هذه الأيام، إنما تأتي كبرهان على استجابة قيادة حماس في دمشق، لضغوط الحكومة الإيرانية، بشأن التدخل لوقف الحرب التي يشنها الجيش اليمني ضد جماعة الحوثي، والحيلولة دون القضاء عليها، وذلك لما يمثله الإبقاء على هذه الجماعة من أهمية كبيرة لدى نظام ولاية الفقيه في طهران، ولكي لا تخسر طهران نهائيا ورقة ربحتها في شمال اليمن، على الحدود مع المملكة العربية السعودية ( الوهابية )– عدوها اللدود.

ومن هنا نجد أن إيران تحاول باستماتة استخدام كل الوسائل المتاحة للتدخل لإنقاذ هذه الجماعة بل والعمل على تحويلها إلى منظمة ثقافية – سياسية على غرار التيار الصدري. وكان عبد الملك الحوثي زعيم التمرد، وبعد أن تكبد أتباعه خسائر فادحة واستسلام وتصفية المئات منهم في الأربع الأشهر الأخيرة، كان قد جدد " التزامه الشروط الخمسة لوقف الحرب، وليس تعليقها فقط. في مقابل الحصول على بعض التنازلات أهمها " عودة الأوضاع في صعدة، ومناطق أخرى إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الحرب الأولي في 2004" و" عدم الاعتراض «على عملنا الثقافي القرآني باعتباره حقاً طبيعياً " كما جاء في بيان الحوثي.

وعن المقصود بعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الحرب الأولى، قالت مصادر مطلعة - لصحيفة الندا (الثلاثاء 24 نوفمبر 2009م). إن الحوثي يقصد انسحاب الجيش من القرى والمزارع، ووقف الاستهداف الأمني والسياسي والفكري لجماعته، وإعادة الموظفين والمدرسين المبعدين عن أعمالهم وصرف مستحقاتهم السابقة. وهو ما يعني إقطاع صعدة للحوثيين مرة أخرى، ليقوموا بنشر فكرهم الهدام فيها بحرية. 

وقد تأتي مبادرة خالد مشعل رئيس الجناح السياسي – والله أعلم - لتصب في هذا الاتجاه.

وقد يكون مدخل خالد مشعل، لا استدراج الرئيس اليمني للتعاطي مع مبادرة حماس بوقف الحرب ضد الحوثيين، هو عرض حركة حماس استعدادها التعاطي الإيجابي مع جهود الرئيس علي عبد الله صالح، فيما يتعلق بالوساطة بينها وبين حركة فتح. بل وربما تعهدها بتسهيل مهمته في هذا الصدد. أو بالأحرى التنازل عن بعض الشروط التي كانت قد اشترطتها حركة حماس أثناء المفاوضات التي جرت في صنعاء بينها وبين حركة فتح برعاية الرئيس صالح في العام الماضي.

ولعلنا في ضوء ذلك قد نفهم مناسبة تصريح خالد مشعل عشية وصوله إلى صنعاء الاثنين 7ديسمبر 2009 :" إن حركة حماس حريصة ومصرة على المصالحة الفلسطينية لأنه لا مجال لمواجهة التحدي الصهيوني إلا بتحقيق المصالحة".

وهذا اليوم اجتمع الرئيس علي عبد الله صالح ونائبه عبد ربه منصور هادي مع خالد مشعل والوفد المرافق له، حيث "جدد الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية مواقف اليمن الداعمة للشعب الفلسطيني..." وتأكيده " على أهمية تحقيق المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية .... " من جانبه أطلع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس فخامة الرئيس على تطورات الأوضاع في الساحة الفلسطينية وما وصلت إليه جهود المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية. وفقا لما نشره موقع الثورة نت الرسمي، والذي لم يذكر شيئا يتعلق بفتنة جماعة الحوثي، سوى أن خالد مشعل أكد " موقف حركة حماس الداعم لأمن اليمن واستقراره ووحدته". 

وهو تأكيد للتصريح المقتضب التي صرح به خالد مشعل لوكالة الأنباء اليمنية، وهو " أن حماس وكل أبناء الشعب الفلسطيني مع أمن واستقرار اليمن ووحدته. وقال:" نحب أن نرى اليمن دائما متعافي من كل سوء".

وهذا التصريح المبهم والغامض – بل والسلبي جدا - هو أقصى ما تستطيع أن تجده حول موقف خالد مشعل وحركة حماس من الفتنة الحوثية في صعدة. فليس هناك أي إدانة رسمية للحوثيين من قبل حركة حماس، رغم ما تشكله من خطورة – ليس على أمن واستقرار اليمن فحسب وإنما على عقيدة الأمة ومقدساتها في مكة والمدينة. وهذا الموقف الحمساوي السلبي جدا من الحوثيين ليس له من تفسير سوى الخوف من إثارة الحكومة الإيرانية بشكل خاص والشيعة بشكل عام ضد حركة حماس وانقطاع مصدر الدعم ( الخمس ) عنها. ولهذا نجد أن خالد مشعل يتحرج حتى من ذكر اسم جماعة الحوثي بلسانه. فلا كان ذلك اليوم الذي استدرجت فيه لتقع – وتوقع من ثم حركتك معك - في فخ النظام الإيراني يامشعل!! 

وعلى أي حال فإن هذه الوساطة - إن صحت - فسكون لها أثرها على سمعة ومستقبل حركة حماس. ولا أظن أن هناك أي مسلم سني غيور سيتطلع إلى وجه خالد مشعل بعدها إلا بتقزز. فحذار يا مشعل ..حذار.. فإن الأمة قد شبت عن الطوق ولم تعد تصغي للتصريحات والشعارات الاستهلاكية يا مشعل !! وإن يكن كثير من أهل السنة قد تناسوا لك تصريحك السلبي بشأن قضية المسلمين في الشيشان، فإنهم لن ينسوا لك أي دور قد تقوم به لصالح الحوثيين، أزلام النظام الإيراني، مهما صغر هذا الدور، وأولهم كوادر حركة حماس في قطاع غزة. ولا تحسب أنك يا مشعل من خلال الوفد المرافق لك قد تخفف عن نفسك من المسئولية التي ستتحملها أمام الله وأمام الأمة وأمام حركتك. فمسألة الحوثيين يا مشعل مسالة عقيدة، فلا تحفر قبرك بيدك يا مشعل.. واتق لعنة الأجيال والتاريخ يا مشعل!!

قلت - إن صحت وساطة خالد مشعل هذه - رغم أنها غير مستعبدة، لا سيما وأنها لم تكن الوساطة الأولى التي يقوم بها خالد مشعل، نيابة عن نظام ولاية الفقيه في طهران، فقد سبق لمشعل أن لعب دور الوساطة لدى جماعة الأخوان المسلمين السورية، في المنفى، في محاولة لإدخالها بيت الطاعة للنظام السوري، من الباب الإيراني. إلا أن هذه الوساطة فشلت نظرا لتعنت النظام السوري، واشتراطه عودة الجماعة أفرادا وليس كتنظيم. 

والله من وراء القصد!!.