شمال غزة يباد.. والصحة العالمية تكشف عن وضع مروع في مستشفى كمال عدوان انفجار يقتل أرفع مسؤول نووي في الجيش الروسي تحرك تركي عسكري سريع ومكثف في الساحل يباغت الدول المجاورة شاهد ما يشبه انفجار قنبلة ذرية في جزيرة بمساحة قطاع غزة مقتل قائد قوات الدفاع الإشعاعي والكيمياوي بالجيش الروسي ومساعده بانفجار في موسكو ضربة جوية أميركية تستهدف منشأة قيادة وسيطرة للحوثيين في صنعاء الكشف عن مقبرة جماعية جديدة في سوريا تحوي 100 ألف جثة على الأقل عاجل :إسرائيل تستعد لتوجيه ضربات وصفتها بالقاضية للمليشيات الحوثية في اليمن المليشيات الحوثية تقتحم مجمع أبو بكر الصديق التربوي بحملة مسلحة وتعتقل أحد التربويين اللواء سلطان العرادة يطالب الشركاء الإقليميين والدوليين إلى تصحيح مسار العملية السياسية في اليمن والتحرك العاجل لردع المليشيات الحوثية
خلال اليومين الماضيين، تطوّر الاضطراب في جنوب اليمن الى اشتباكات بين الجيش والقوى الأمنية من جهة، وأتباع طارق الفضلي، الجهادي السابق واللاحق، من جهة ثانية.
والواقع أن عناصر الاضطراب بشمال اليمن وجنوبه، لا يمكن أن تجتمع وتتكاثف بالمصادفة. فما الذي يجمع "الشامي على المغربي" في الجنوب، كما يقول المثل، وبين هؤلاء الجهادي السلفي والاشتراكي والقبيلي والصوفي؟! ثم كيف يعمد الحوثي الشمالي الذي صار يذهب الى أنه "شيعي" من دون أن يذكر زيديته ـ الى تأييد "الحراك الجنوبي" الذي من المفروض أنه يضم ألدّ أعدائه، من الحلفاء السابقين لنظام حكم علي عبدالله صالح، ومن المكفّرين للزيدية والشيعة؟
أما في الصومال فقد كان المفروض أن رئيس الجمهورية الانتقالي هو شيخ الإسلاميين وزعيمهم، وسيعني مجيئه للسلطة توحيداً لصفوف الإسلاميين، وعودة لوحدة وطنية غابت على يد شيوخ القبائل وزعماء الميليشيات منذ العام 1992! أما الذي حصل فهو أنه بمجرد انتخاب رئيس المحاكم الإسلامية لرئاسة الجمهورية، انشق عنه "الحزب الإسلامي" وانشق "شباب المجاهدين"، وراحوا يقاتلونه قتالاً ما قاتلوه للإثيوبيين من قبل، ومن وراء هؤلاء جمهورية أرتيريا الماركسية اللينينية التي تؤيد إقامة "دولة إسلامية" في الصومال؟
ما معنى هذا كله؟ ولماذا هذا الاضطراب المشتعل في بلدين على المحيط الهندي، الذي تغصّ سواحله أيضاً بزوارق القراصنة أما ما يحدث في الصومال، فهو تعبير عن استمرار الصراع على القرن الإفريقي، والذي ما استطاعت الولايات المتحدة أن تحسمه لصالحها بعد. ولأن الأمر تعدّى البر الى بحر المحيط، ولأن القاعدة تدخلت فيه وليس أريتريا فقط؛ فالمنتظر أخيراً أن تهبّ الولايات المتحدة "للدفاع عن الديموقراطية والاستقرار وأمن الملاحة الدولية ومكافحة الإرهاب". وقد يستفيد من ذلك الصوماليون بعض الشيء، لجهة حلول بعض من الاستقرار والنظام بعد طول فوضى واضطراب، على أن الأمر لا يقتصر على الصومال الذي يحتاج بؤسه الى جهود كبيرة وكثيرة تمتد على مدى سنوات؛ بل هناك الاضطرابات الأخرى بالقرن الإفريقي وعلى أطرافه ومنها الوضع السوداني، والوضع المتوتّر بين إريتريا وإثيوبيا. والمؤسف أن الاتحاد الإفريقي لا يستطيع فعل شيء جدي في سائر أزمات إفريقيا ومنها أزمات القرن الإفريقي، لانتشار الاضطراب في سائر أنحاء القارة، بحيث صارت مصائر الاتحاد بيد العقيد القذافي الذي قاده باتجاهات فولكلورية!
ومشكلة اليمن أصعب وأعقد. فالحوثية انشقاقٌ داخل الطائفة الزيدية بالاتجاهات الثورية لدولة إيران الإسلامية، وحزب الله ونموذجه وهي تتغذى مما تعتبره تهميشاً للزيود في العقدين الأخيرين من حكم الرئيس علي عبدالله صالح. وتسود فيها نزعةُ خصوصية مثل تيارات الإحياء الإسلامي بالعودة الى الجذور، وهي في هذه الحالة الجذور الشيعية، وحقوق أهل البيت.
أما الاضطراب في الجنوب، فيتغذى على الفقر أيضاً وعلى فساد نظام الحكم. لكن القوى الحاملة له ذات أهداف متنوعة، إذ منها القاعدة، ومنها الحزب الاشتراكي الذي كان حاكماً، ومنها الشبان العاطلون من العمل، ومنها الطموحات السياسية لبعض الزعامات التي لم تجد فرصةً مع النُخب الحاكمة بعد توحيد الشطرين عام 1990. وقد اجتمعت هذه الأطراف كلها ـ من دون اتفاق في الأهداف ـ على مُعاداة نظام الحكم، والدعوة للانفصال.
وهذا الالتقاء بين القوى المختلفة، ثم التناغم بين الشمال والجنوب، يوحي بأن المقصود نشر الفوضى في اليمن للمزيد من الضغوط على بلدان الخليج، وللمزيد من تشتيت الانتباه على مشارف المرحلة الجديدة للترتيبات الإقليمية والدولية. وهذا فضلاً عن اضطرار القاعدة للانسحاب من العراق وأفغانستان وباكستان الى اليمن والصومال تحت وطأة الضغوط القاهرة.
وإذا كانت هناك أسباب خارجية ومحيطية للصراع والاضطراب فإن ذلك لا ينبغي أن يصرف النظر عن إصلاح الحكم باليمن. ذلك أن هذا العامل يقع بين الأسباب الرئيسية لاندلاع الاضطراب واستمراره.