إيران تترنح بعد خسارة سوريا ... قراءة نيويورك تايمز للمشهد السياسي والعسكري لطهران إحباط تهريب شحنة أسلحة هائلة وقوات دفاع شبوة تتكتم عن الجهة المصدرة و المستفيدة من تلك الشحنة الحوثيون يجبرون رجال القبائل جنوب اليمن على توقيع وثيقه ترغمهم على قتال أقاربهم والبراءة منهم وتُشرعن لتصفية معارضي المسيرة القوات المسلحة تعلن جاهزيتها لخوض معركة التحرير من مليشيا الحوثي الاستراتيجية الأميركية التي ينبغي أن تتخذها إدارة ترامب المقبلة تجاه ملف اليمن؟ أميركا تتسلم مواطنها الذي كان معتقلاً في سجون الأسد بسوريا عاجل : قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع : دخلنا مدننا وليس طهران وما حصل في سوريا هو انتصار على المشروع الإيراني بعد احتلالها أراضي سورية...تركيا تحذر إسرائيل ... إدارة العمليات العسكرية تفرض هيمنتها وسيطرتها على كل الأراضي السورية ماعدا هذه المساحات برئاسة اليمن.. قرار لمجلس الجامعة العربية يخص فلسطين
جبر البنا, المطلوب رقم 26 على لائحة الإرهابيين الأكثر خطورة لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي ( FBI ) وأحد الفارين من سجن الأمن السياسي بصنعاء مطلع فبراير 2006م ضمن مجموعة الـ22 والمتهم مع 35 فرادا بالانضمام إلى تنظيم القاعدة والإعداد والتحضير للهجمات الانتحارية, التي استهدفت المنشآت النفطية في مأرب وحضرموت منتصف سبتمبر 2006م والمرصود مكافأة مالية قدرها 5 ملايين دولار لمن يدلي بأي معلومات تساعد في القبض عليه يظهر فجأة في قاعة المحكمة الجزائية الإستئنافية التي تنظر في قضيته وبقية زملائه الـ35 المتواجدين خلف القضبان, فيما هو وبكل شجاعة وبمبادرة شخصية منه يعلن عن نفسه ويفصح عن شخصيته أمام هيئة المحكمة والمدعي العام وجموع الحاضرين المذهولين مما يجري أمامهم.
لا أحد يدري من أين جاء البناء، ولا إلى أين غادر بصحبة أربعة مرافقين، لكن الهارب من سجن الأمن السياسي منذ عامين كان يجلس بين جموع الحاضرين في قاعة المحكمة المفترض أنها تحاكمه، وقد تطوع المتهم بتعريف نفسه لهيئة المحكمة وأبرز بطاقته الشخصية قطعاً للشك والريبة.
مرسل من عند الرئيس
الرسالة التي نقلها البناء لهيئة المحكمة هي أنا جبر البناء، حكم عليّ بالسجن عشر سنوات في هذه القضية, وبثلاث سنوات في قضية أخرى، أنا مظلوم ولم أرتكب أي جريمة لا في اليمن ولا في أمريكا، وهربت من سجن الأمن السياسي وسلمت نفسي للرئيس علي عبدالله صالح، ثم تم إطلاقي بموجب ضمانات في آيار (مايو) الماضي.
وغادر البنا برفقة أربعة أشخاص من دون أن يعترضه أحد، ومن يجرؤ على اعتراضه بعد أن قال أنه سلم نفسه للرئيس وتم إطلاقه بموجب ضمانات؟!
هل جاء البناء خصيصاً إلى قاعة المحكمة لينقل رسالة خاصة من الرئيس؟ وهل كل من التقى بالرئيس من المطلوبين والصادرة بحقهم أحكام قضائية تسقط عنهم تلك الأحكام؟!
الغريب في الأمر أن المشكلة السابقة المتعلقة بإطلاق سراح جمال البدوي المتهم بالتخطيط والإعداد لعملية تفجير المدمرة الأمريكية (كول) لم تنته بعد مع الجانب الأمريكي في الوقت الذي يسارع فيه النظام إلى الدفع بورقة جبر البناء! وكأن النظام يتعمد استفزاز الأمريكيين أو كأنه يحاول خلط الأوراق عليهم.
لن نسأل أين كان يختبئ الهاربون من سجن الأمن السياسي وعلى رأسهم البدوي والبناء طيلة الفترة الماضية، لكن دعونا نسأل لماذا يظهرون تباعاً وفي توقيتات زمنية حساسة؟
ولماذا يذهب أحد أخطر المطلوبين للسلطات اليمنية والأمريكية طواعية إلى قاعة المحكمة التي تحاكمه بصفته أحد العناصر الإرهابية التي أضرت بالمصالح الوطنية ليقول لهم ها أنا ذا موجود ولا داعي لأن تجهدوا أنفسكم بالبحث عني؟!
الأزمة الصامتة قد تتفجر
يجدر بنا أن نذكر أولاً بأن أزمة حقيقية نشبت بين الجانبين اليمني والأمريكي على خلفية إطلاق سراح المدعو جمال البدوي في أكتوبر2007م وإسقاط الأحكام القضائية بحقه عقب لقائه بالرئيس صالح ثاني أيام عيد الفطر الماضي، وقد برزت تداعيات تلك الأزمة في إعلان الجانب الأمريكي إلغاء استضافة اليمن لفعاليات منتدى المستقبل الذي ترعاه الدول الثماني الكبرى، وحرمان اليمن من مبلغ عشرين مليون دولار عبر صندوق تحدي الألفية الأمريكي، إضافة إلى إعلان وزارة الدفاع الأمريكية أن أكبر عقبة تحول دون إغلاق معتقل جوانتانامو هم المعتقلون اليمنيون, وانعدام الثقة في أن الحكومة اليمنية ستتخذ إجراءات مشددة بحقهم في حال تم إطلاق سراحهم.
وزادت حدة الأزمة بين الجانبين بإصرار الجانب الأمريكي على ضرورة تسليم حكومة صنعاء المطلوبين في قضايا الإرهاب ومنهم جمال البدوي, وتضغط إدارة بوش باتجاه توقيع الجانبين على اتفاقيات أمنية لتبادل المطلوبين وهو ما تتهرب منه الحكومة اليمنية على اعتبار أن الدستور اليمني يحظر تسليم مواطنين يمنيين لدول أخرى.
بيد أن الأمريكيين ساروا في اتجاه تصعيد الأزمة الصامتة بينهم وبين نظام الرئيس صالح من خلال سيل التقارير الأمريكية التي تناولت في الآونة الأخيرة الأوضاع اليمنية الداخلية بشكل مكثف، وهي تقارير صادرة عن مراكز أبحاث ودراسات, وعلى ما يبدو فإن الإدارة الأمريكية سمحت بنشر تلك التقارير لممارسة نوع من الضغوط على نظام صنعاء لإجباره على الرضوخ لمطالبها.
التقارير الأمريكية الأخيرة التي تناولتها وسائل إعلام المعارضة بوتيرة متصاعدة ركزت حول جملة قضايا أساسية أهمها:
1- التأكيد على أن نظام الحكم في اليمن استبدادي وليس ديمقراطيا وأنه قائم على التركيبة الثلاثية (عسكري- تجاري- قبلي) وهذا ما يعوق انتقال اليمن إلى دولة المؤسسات بحسب تلك التقارير.
2- الفساد في اليمن أصبح اقتصاداً مستقلاً بحد ذاته.
3- تدهور الاقتصاد قد يفضي إلى تمرد شعبي وتقسيم البلاد إلى دويلات مستقلة خاصة في المناطق المنتجة للبترول (وهي إشارة غير مباشرة لحالة الاحتقان الشعبي في الجنوب).
4- أشارت التقارير إلى أن الإدارة الأمريكية لديها مشروع إقامة قاعدة جوية عسكرية –غير معلنة- في إحدى الجزر اليمنية أو في حضرموت لأجل القيام بمراقبة نشاط وتحركات الأسلحة ونشاط الجيل الجديد من القاعدة ومواجهة احتمالات الانفلات الأمني في بعض مناطق اليمن المحاددة للسعودية.
5- وتجيء النقطة الأكثر أهمية في الموضوع وهي تلك التي أشار إليها تقرير معهد دراسات الشرق الأوسط الأمريكي من أن تصاعد الأزمة السياسية في المحافظات الجنوبية وغزارة المظاهرات يجعل الوضع خطيراً جداً على نظام الرئيس صالح, ويوسع من احتمالات مخاطر أن يفقد هذا النظام واحداً من أهم إنجازاته التي يتباهى بها وهي الوحدة والاستقرار.
وقد علق خبراء على بعض تلك التوصيات التي وردت ضمن تلك التقارير التي سمحت الإدارة الأمريكية بنشرها بل وبترويجها على نطاق واسع (عبر مراكز الدراسات) أن ذلك يهدف إلى زعزعة استقرار النظام الحاكم اليمني بدرجة أساسية.
النظام يناور
نستطيع القول –بعد الذي أوردناه- أن ظهور جبر البنا في هذا التوقيت وإعلانه مقابلة الرئيس وتسوية قضيته معه شخصياً يأتي كرد فعل طبيعي وانعكاس لحالة الأزمة القائمة (المتصاعدة) بين واشنطن وصنعاء، ولفت نظر الأمريكيين إلى أن ملف الإرهاب في اليمن ما يزال بيد الرجل الأول والأقوى في البلاد, والتأكيد على أن هؤلاء المطلوبين أمريكياً تم تطويعهم واحتواءهم وتجنيدهم لخدمة النظام، وبالتالي لم يعودوا يشكلون أي خطورة على النظام أو على المصالح الأمريكية في اليمن، وأنه بواسطة هؤلاء سيتم التعامل مع الجيل الثاني للقاعدة الذين ما زالوا يرفضون فكرة المهادنة والتصالح مع النظام.
أما الشق الثاني من القضية وهو الأكثر أهمية هنا فيكمن في محاولة نظام صنعاء معاقبة الإدارة الأمريكية على تماديها في توصيف نظام الرئيس صالح بأنه بات عرضة للانهيار بفعل احتجاجات الشارع الجنوبي وبأنه صار معرضاً لأن يفقد أحد أهم إنجازاته على الإطلاق وهي الوحدة! وما يمكن أن يفهمه الرئيس صالح من تلك الإشارات الأمريكية بقرب زوال نظامه وتفكك وحدة بلده هو أن الأمريكيين ربما باتوا يأملون بالفعل بتحقيق ذلك, وأنهم ربما قرروا إغماض أعينهم عما يدور في المحافظات الجنوبية من حراك سياسي تحاول بعض القوى الخارجية توظيفه لصالحها, وبالتالي فإن الرسالة المطلوب قراءتها من قبل الأمريكيين تقول لهم إن معركة النظام اليمني مع القاعدة وانخراطه في إستراتيجية الشراكة الأمريكية للحرب على الإرهاب مرهون بموقف أمريكي واضح يدعم استمرار بقاء النظام الحالي ويحول دون انهيار الأوضاع السياسية في المحافظات الجنوبية كشرط أساسي لاستمرار النظام في مواجهة القاعدة والعمل على احتوائها بشكل أو بآخر، وإلا فهاكم القاعدة تفضلوا أرونا كيف ستتعاملون معها وأنتم من فشلتم في هذه المهمة بامتياز في أفغانستان والعراق والصومال.
المعارضة على الخط
في الأسبوعين الماضيين كانت حركة السفير الأمريكي بصنعاء مريبة ومقلقة للنظام فقد التقى السفير بقيادات المشترك مرتين, كانت الثانية بمقر تجمع الإصلاح وهو ما أثار حفيظة الحزب الحاكم وجعله يهاجم المشترك عبر وسائل إعلامه ويتهمه بالاستقواء بالخارج والتفريط بالمبادئ الوطنية, أضف إلى ذلك فإن الأمريكيين من خلال المعهد الديمقراطي الأمريكي بصنعاء (والذي كان الرئيس قد طلب منهم لعب دور الوسيط للحوار بين المؤتمر والمشترك) يذهبون في بعض قضايا الخلاف بين المؤتمر والمشترك إلى تبني وجهة نظر الأخير فيما يتعلق مثلاً بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات التي يرون ضرورة تشكيلها بشكل متوازن بين الطرفين إلى جانب تراكم قناعة الأمريكان بأن المشترك هم الأحزاب الفاعلة في الساحة كأحزاب معارضة, وهذا يعني بدوره بأن المؤتمر فشل في تقديم أحزابه الموالية (المجلس الوطني للمعارضة) كبديل معارض أمام شركائه الأمريكيين والأوروبيين.
ونتيجة لما يراه الحزب الحاكم من حدوث تغير ملموس في حركة الأمريكان باتجاه المشترك، وهو ما قد يفسر من قبله بأن قناعات بدأت في التشكل لدى الجانب الأمريكي بأن المشترك يصلح كبديل حقيقي وجاهز لاستلام السلطة من المؤتمر، فإن هذا الأخير دفع بقوة ورقة الإرهاب لإعادة مسار حركة الأمريكيين إلى ما كانت عليه حيث تبدأ وتنتهي في السلطة القائمة، وتحذيرهم (الأمريكان) من مغبة الانحراف بتلك العلاقات الإستراتيجية مع السلطة في اتجاه آخر هو مرفوض جملة وتفصيلا ولا تهاون بشأنه.
• مدير تحرير صحيفة العاصمة
adelameen@maktoob.com