تعرف على التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم 2026 أول دولة أوربية تستعد لتداعيات موجعة في حال غادر السوريون أراضيها وزارة الداخلية السعودية تطلق ختمًا خاصًا تحت مسمى «أهلًا بالعالم» قيادي حوثي رفيع يدخل في مواجهة وتحدي مع مواطنين بمحافظة إب و يهدد أرضهم وحياتهم الجامع الأموي بدمشق يشهد حدث تاريخي في اول جمعه بعد سقوط الأسد عاجل: قائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا أحمد الشرع يكشف عن مخطط جديد لمبنى سجن صيدنايا تعرف على الشروط الأمريكية لرفع هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب ملك خليجي يبعث برسالة ''ودية'' إلى القائد أحمد الشرع ''الجولاني'' سقوط بشار يرعب عبدالملك الحوثي.. ''قال أن لديه مئات الآلاف من المقاتلين جاهزين للمواجهة'' صنعاء درجة واحدة فوق الصفر.. توقعات الطقس للساعات القادمة في اليمن
تصاعدت مشكلة ارتفاع الاسعار في بلادنا وعكست تاثيراتها على الناس بصورة مقلقة وكثر الجدل وتصعيد الخطابات المقلة بين السلطة والمعارضة ، صحيح ان مشكلة الاسعار مزعجة ومقلقة لكن اين مكمن المشكلة وجذرها وطبيعة نشئوها ؟ الجواب هو ان المشكلة ناتجة عن طبيعة الواقع الاقتصادية للدولة والمجتمع ، وهو واقع هش محكوم بتبعية مفرطة للاستيراد فالنسبة الغالبة مما يستهلكه يستورد من الخارج ، وطبيعى ان يكون الاقتصاد اليمني محكوما بالاختلالات والتضخمات السعرية الناتجة عن الفجوة الكبيرة بين مايتم انتاجه وتصديره وبين مايتم استيراده واستهلاكه فتكون القاعدة السوقية محكومة بتاثيرات الخارج على الاسعار واشكاليات الداخل القائمة على تركز الانشطة واحتكار المنافع والسوق وضعف اليات الحكومة للتحكم بالازمات قبل حدوثها او رقابة الاسواق وحماية المستهلكين .
أي اقتصاد لبلد ليس فيه قاعدة اقتصادية منتجة تحقق ارتفاعا في نمؤ الدخل للناس والدولة وتقلص الاعتماد على الخارج يظل محكوما بالتبعية للاستيراد ومحكوما بالتضخمات ،كفيف يمكن ان يتحول الاقتصاد اليمني الى اقتصاد منتج ؟ فنحن ليس لنا من مدخل للحلول ومخرج للمشاكل والتخلف الاقتصادي الا العمل وفق رؤية للنهوض بالاستثمار والانتاج وتوليد البدائل الاقتصادية المنتجة، لكن لماذا لم نعمل كما عمل الاخرون ولماذا تخلفنا عن الاخرين في تنمية قدراتنا ومقوماتنا وفرصنا التي تزخر بها البلاد كمكونات اقتصادية كبيرة يعززها موقع اليمن الاستراتيجي .
المتتبع لخطابات الأخ رئيس الجمهورية وأطروحاته المتكررة حول قضايا الاستثمار والقضايا الاقتصادية يدرك اهمية الطرح والوعود الحكومية بتوفير الضمانات الآمنة للاستثمار والمستثمرين ومعالجة الاختلالات وتصحيح القوانين والتشريعات التي تتطلبها البيئة الاستثمارية السليمة .
نحن ندرك أن الاستثمارات لن يجذبها الدعوات والخطابات والوعود اكثر من انجذابها للبيئة الاستثمارية الآمنة ، التي توفر حماية للملكية من خلال سلطة قانون نافذ لايعلو عليه احد يؤمن للمستثمرين الشعور بالثقة وضمانات الواقع المؤسسي من مخاطر الاستثمار وتناقضات الواقع الحكومي والاجتماعي ، فالاستثمار محكوما بفلسفة الربحية الآمنة فهو يتجه نحو البيئة التي يشعر فيها بالثقة ويستقرفي المكان الذي يجد فيه الاحترام والرعاية .
ماذا بعد مؤتمر الاستثمار؟
نحن عقدنا مؤتمرا للاستثمار في شهر مايو الماضي بشراكة بين الحكومة اليمنية ومجلس التعاون الخليجي ومثل هذه المؤتمرات تمثل فرصا لاستعراض الحكومات برامجها وتوجهاتها واصلاحاتها وفقا لمعايير التنافسية وفرصها القابلة للتنفيذ لتخرج الحكومات بمكاسب جذب رؤوس الأموال والاستثمارات اليها وفقا لما يقتنع به المستثمر ويتخذ قرار الاستثمار في مشاريع تتناسب مع ميولاته وتخصصاته وتوجهاته وقناعاته .
قدمنا للمستثمرين اطروحات لاتتفق مع حقيقة الواقع واشكالياته ، فالكثير من القوانين والتشريعات مازالت عائقا امام الاستثمار ، فهناك اشكاليات متعلقة باحتكار الملكية لبعض الانشطة الاستثمارية الخدمية (بنوك وتامينات وتسويق ) وهناك غياب واضح لحماية الملكية الاستثمارية في المشاريع ذات المساهمة العامة فالمستثمر ليس شرطا ان ياتي ليقيم مشروعا مباشرا فالاموال يتم استقطابها من خلال مشاريع المشاركات والمساهمات استنادا الى ضمانات مؤسسية توفرها الدولة ، واعتقد ان غياب هذه الجوانب في بنية التوجهات الاستثمارية للدولة اليمنية لن يتيح المجال لاستقطاب الاموال والاستثمارات بغياب تلك الضمانات،والسوال الذي يجب ان يطرح على الحكومة وقيادة الدولة ماذا بعد مؤتمر الاستثمار ؟؟؟ واين هي الرؤية الحكومية حول هذه القضايا ؟، وماهى الادوار التي يجب القيام بها لمعالجة الاختلالات المؤثرة على البيئة الاستثمارية في كل الجوانب والسياسات والقوانين والنظم الضريبية والمصرفية والتأمينية والتجارية ؟؟ وماهي المشاريع التي يجب ان توليها الدولة اهتمامها وتعزز الطلب عليها باعتبارها مشاريع ذات ميزة نسبية تفاضلها الدولة كونها تمثل قاعدة لنشاط اقتصادي منتج وتنمية مستدامة .
عندما تغيب هنا الروية الحكومية في ادراك متطلبات البيئة الاستثمارية وشروط النجاح فيها فستظل المشكلة مستمرة وغير قابلة للحل ولن يكون حل مشكلة البيئة الاستثمارية بمفهوم النافذة الوحدة فالنافذة الواحدة هنا نظام اجراء لترخيص او تسجيل المشروع بعيدا عن البروقراطية وتعدد الاجهزة والتي يتم جمعها في اطار هيئة الاستثمار، فالنافذة الواحدة هي جزء في منظومة نظام البيئة الاستثمارية ولا يمكن القول والادعاء ان حل المشكلة التي تعيق الاستثمار مرتبطة فقط بالاجراءات ومستوى العلاقة المتعلقة بطبيعة الحصول على ترخيص المشروع بعيدا عن التعقيدات الروتينية .فاغلب المشروعات تم تسجيلها وبالالاف وانجزت تراخيصها لكنها لم تنفذ وذلك بسبب اشكاليات ومشاكل اخرى خارج اطار هيئة الاستثمار ، وهنا تظهر الاشكاليات .
فقضية النافذة الواحدة ليست المشكلة الوحيدة المتعلقة بالبيئة الاستثمارية التي ستوفر الرضاء والقناعة للمستثمر وهي متوفرة بالأصل منذ تأسيس هيئة الاستثمار وتم تنشاءها كنافذة واحدة لكن كانت محكومة باشكالات هيكلية وفنية وقدرات بشرية ضعيفة وغياب اهتمام الحكومة والقيادة السياسية بالقضية الاستثمارية ، فقناعة المستثمر مرتبطة بعدة متطلبات وشروط يعكسها طبيعة النظام العام للدولة ومكوناته وطبيعة توجهات الحكومة البرامجية وتوجهاتها ونزاهة البنية المؤسسية للدولة ،ومدى نفاذ سلطة القانون ومستوى الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني .
الاستثمار لايمكن ان يتحقق لأي نشاط مالم تتوفر البيئة المناسبة التي تتوافق مع شروط التنافس مع الآخرين باعتبار المجال مفتوح للمستثمر للاستثمار في أي دولة ، فالقضية هنا تتطلب منا الى تشخيص المشكلات وفقا لدراسة ميدانية وواقعية لكل الجوانب المتعلقة بالبيئة الاستثمارية وشروط تحسينها .
يمكن ان يتحصل المستثمر على ترخيص المشروع من هيئة الاستثمار وفقا للنافذة الواحدة وهذا مايحدث لكنه يجد واقعا معقدا لايسهل له الولوج الى تنفيذ مشروعه وتتكشف امامه المشاكل والمعانات في الاراضي والبلديات والضرائب والبنوك والتامينات والمضايقات والقضاء والامن والكهرباء والتحيزات الادارية ضد المستثمر الجديد وغيرها من الاشكاليات وفئاة الاحتكار والمضاربات ......الخ . فماذا وفرت له النافذة الوحيدة غير الترخيص وخرج منها ليلاقي كل تلك العوائق والإشكاليات .
يريد ان يقيم مشروعا انتاجيا صناعيا اين يقيمه؟؟ ليس هناك مناطق صناعية واراضي مخططة ومخصصة واذا وجد ارض من الحكومة ظهر له من يدعي ملكيتها واذا تملك الارض لابد له من الاستثمار في توفير الكهرباء والمجاري والاتصالات والمياه ، واذا طلب الى عمالة ماهرة يصعب الحصول عليها وكل هذه العناصر زيادة في التكلفة الاستثمارية وبالتالي فقدت الفرصة الاستثمارية ميزة التنافسية .
واذا اقام المستثمر مشروعا انتاجيا واستهدف السوق المحلية واجهته سياسات وقوانين تفقده ميزة التنافس فيجد ان السلع التي تشابه منتجاته تحضى بميزات تعريفة جمركية وضريبية محدودة تصب فوائدها لصالح المستورد فمثلا يتم معاملة الحديد المستورد بقيمة جمركية للطن 300$ ويعامل خامات المصانع التي تنتج نفس المنتج بقيمة جمركية 420$ ليصب هذا الاجراء في صالح المستورد مما يفقد المشروع الاستثماري القدرة على المنافسة ، واذا لم تحدث مثل هذه الاشكالية تحارب المشروعات الداخلية من خلال التهريب الرسمي ومثل هذه الحالات كثيرة وظلت مستمرة وحتى اليوم .
وعندما يتم التساءل لماذا كل تلك الاشكاليات الاتفكر الحكومة بمخاطر هذه الاشكاليات وانعكاسها على مستقبلها الاستثماري ؟؟ المشكلة متعلقة كون الحكومة ظلت طوال الفترات والسنين السابقة والى اليوم لاتعمل وفقا لرؤية فلو كان لديها الرؤية لعالجت كل تلك الاختلالات والمشاكل .
شروط موجبة للنجاح؟؟
ولكي تكون البيئة الاستثمارية مناسبة وصديقة للاستثمار كمنظومة قيمية وقانونية واجرائية ومؤسساتيه لابد من توافر خارطة واضحة للاستثمار تتحدد من خلالها الفرص الاستثمارية ومقوماتها وطبيعة كل فرصة وبنيتها التكوينية المتمثلة بالخامات والخدمات وتناسقها مع شروط قبول المستثمر للدخول فيها كفرصة معززة بالحوافز والامتيازات ومستوى الطلب السوقي عليها داخليا وخارجيا ومدى توفر عناصر البنية الاساسية للاستثمار مثل خلو ارض المشروع ومكوناته الاساسية من أي مشاكل او مخاطر ومستوى توفر الخدمات (الطرق والمياه والاتصالات والكهرباء الايدى العاملة الماهرة خدمات البنوك والتامينات ) .
ولكي تتشكل القناعة بصورة اكبر لدى المستثمر ، لابد من توفر البيانات والمعلومات وسهولة الحصول عليها حول كل الجوانب المتعلقة بالمتطلبات الاستثمارية مثل البيانات عن الاقتصاد الكلي للسياسة المالية والنقدية ، مستويات التضخم والعجز البيانات عن حجم السوق المحلي ، ومستويات استقرار العملة ، وطبيعة الدورة الاقتصادية الكلية فيه انتاجا واستهلاكا ،سهولة الحصول على مدونات القوانين ذات العلاقة بالأنشطة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والضريبية والجمركية ،توفر الاستشارات الاستثمارية القانونية والمحاسبية القائمة على العلمية والشفافية والمصداقية ،توفر مؤسسات دراسات الجدوى ، خدمات الاستثمار الميسرة ،معالجة الاختلافات وسهولة التقاضي بعيدا عن البيروقراطية والتعقيدات من خلال اليات التحكيم الفاعلة او المحاكم ذات السمعة الجيدة .
ولكي لايجد المستثمر اى مشكلة في توافر هذه المكونات لابد وان تتوفر ضمانات الاستقرار السياسي والامني ونفاذ سلطة القانون دون تمييز او تحيز، فاذا وجد المستثمر واقع المجتمع محكوما بالعنف وانتشار الاسلحة فهو لايشعر بالثقة والامان فالاستثمار حساس لايقبل مظاهر الخوف والقلق . وحينما تتوفر كل تلك المعايير وشروطها تكون البيئة الاستثمارية مكتملة الأسس والمقومات وتكون الآليات قادرة على جذب الاموال والاستثمارات وبمستويات عالية ترفع معدلات الثقة بالواقع وقدرته حماية الملكية .
اعتقد ان على الحكومة والقيادة السياسية للدولة الوقوف إمام هذه المتطلبات المؤسسية للبيئة الاستثمارية وجعلها القضية المحورية لمرحلة سنوات ماقبل الانتخابات البرلمانية القادمة على ان تؤسس لذلك رؤية للعمل الاقتصادي يبدا تنفيذها كبرنامج متكامل للإصلاحات والمعالجات التي تتطلبها البيئة الاستثمارية وبيئة الأعمال المناسبة لكي نواجه مخاطر الانهيارات الاقتصادية المتوقعة خلال السنوات القادمة اذا استمر الاقتصاد الوطني يسير وفقا للسياسات المعتلة القائمة ،والتي لم تعد مناسبة لتعزيز الاستقرار الاقتصادي ومواجهة الاختلالات المالية والنقدية للدولة والمعتمدة كأساس للثبات على موارد النفط وهو مورد يتراجع مستوى إنتاجيته بمعدلات مخيفة لاتعوضه مستويات الاستكشافات بين الحين والأخر ويرافق هذا التراجع هدرا واسعا للموارد المحدودة وبمعدلات تتجاوز قدرة الدولة والمجتمع على تقبله .
لم يعد هناك مجالا للتقاعس والتواكل والإهمال فالبلد تتطلب إصلاحات ومعالجات جذرية وسريعة في بنية الدولة ومؤسساتها وجعلها في مستوى الكفاءة والقدرة على تطوير قدراتها السياسية والإدارية والاقتصادية ،وهنا محور التحدي الذي يفرض شروط مواجهته بجدية وإرادة مالم ستكون النتائج على مدى السنوات القادمة سيئة وخطيرة