صعدة .. الحرب الخامسة أو السلام
بقلم/ ريما الشامي
نشر منذ: 16 سنة و 9 أشهر و 9 أيام
الثلاثاء 04 مارس - آذار 2008 02:32 م

مأرب برس – خاص

تدخل صعدة العام الخامس على التوالي وهي تعيش اتون حرب مستعرة مهددة بالتواص ل في أي لحظة طالما و أن فرار الحرب بأيدي المستفيدين من تدفق دماء اليمنين بلا حساب في حروب عبثية وطالما أيضا وأن الوطن يدار وفقا للرغبات الشخصية والقرارات الفردية التي تحدد الحرب والسلام و مصير22 مليون انسان على وجه هذه الأرض

و يؤمل أبناء صعدة والوطن عموما على الوساطة القطرية واتفاقية الدوحة الثانية في أن تضع حد لجولات هذه الحرب المارثونية التي لم تفضي إلى انتصار طرف على أخر غير تشريد مئات الأسر والاف القتلى والجرحى الذين سقطوا من أجل اشباع النزوات الفردية المحضة .

لكن هناك مؤشرات مقلقة جمة تبعث المخاوف في حالة ما اذا تم افشال الوساطة القطرية مرة أخرى وتحويل اتفاقية الدوحة الثانية الموقعة بين علي محسن الأحمر ويحي الحوثي إلى مجرد هدنة وقتية لفترة زمنية قد تطول أو تقصر ثم تعود الحرب لتتواصل مجددا حين يجد قادة الحرب الظروف مؤاتية لتدشين جولة جديدة .

 فالسلطة لجأت إلى قطر كي تواصل وساطتها ـ التي أفشلتها المرة الأولى ـ تحت وطأة الضغوط الشعبية التي تشهدها الساحة الوطنية والرافضة لاستمرارية حكم الاستبداد وسياسات الفساد والطغيان التي أدت إلى تمزيق الوطن وتدمير اقتصاده وتعميم الفقر والجوع على مختلف شرائح الشعب ، وازاء هذا الوضع الوطني المتفجر الذي تعيشه البلد و الذي ينذر بنتائج كارثية ستقود حتما إلى انهيار الدولة والمجتمع كحصاد طبيعي للسياسات الفاشلة التي ظل الحكم الفردي يدير بها الوطن طوال 30 سنة مضت ومع أن الأزمة الوطنية اكتملت حلقاتها ووصلت أوضاع البلد إلى مرحلة لا تستدعي مزيد حروب وخلق أزمات جديدة الا أن الرئيس صالح لجأ إلى تكرار سياساته وتكتيكاته الروتينية ولعل استعانته بدولة قطر حتى تتوسط لوقف الحرب مؤقتا ليتمكن من التفرغ لنقل المعركة إلى ساحات أخرى في الوطن و على وجه الخصوص التوجه نحو قمع واحتواء الحراك الشعبي السلمي في الجنوب والذي امتد ليشمل محافظات الشمال ويشكل رأيا عاما و موقف شعبي واسع رافض لنظام الرئيس صالح وسياسات الحروب والتجويع والفساد التي يعتمدها في حكم شعبه.

هكذا يفشلون اتفاق الدوحة

أما على الأرض وبالتحديد في منطقة الحرب بصعدة فقد بدأت السلطة سياساتها المعتادة في المماطلة والتسويف وعدم الالتزام بتنفيذ بنود الوساطة القطرية الثانية وانبرى قادة الحرب والمستفيدين منها يرفضون اتفاقية الدوحة ويجرمونها و الهدف من وراء كل هذه الأساليب هو ابقاء المنطقة في حالة اللاحرب واللاسلم طوال مرحلة الهدنة المؤقتة ومن ثم التنصل من الاتفاقية لتجد السلطة لنفسها بعد ذلك المبرر لتدشين الحرب الخامسة في الظرف و المرحلة التي تراها مناسبة لحساباتها وأجندة أزماتها ، وما يبدوا واضحا للعيان في هذه الفترة هو أن أساليب السلطة التي اعتمدتها في افشال الوساطة القطرية الأولي هي ذات الأساليب التي تعتمدها حاليا في التعامل مع اتفاقية الدوحة الثانية مع فارق أنها أدخلت عليها تحسينات تقتضيها ضرورة أطالة أمد الهدنة ، ومن جهتها دولة قطر رفضت أن تكون وساطتها مجرد لعبة بيد الرئيس صالح لادارة حروبه الداخلية وطالة أمده في الحكم فقد أصرت أن تكون واسطتها الحالية هي الأخيرة وانها ستفضح من ينكث ببنود اتفاقية الدوحة وكلك اشترطت اجتماع الأطراف السياسية والميدانية في قيادة الحرب وأصرت على حضور علي محسن الأحمر الى جانب يحي الحوثي لاضفاء عنصري الجدية والالزام على الاتفاقية وحتى تكون أملا أخيرا لوقف الحرب وليس مجرد مناورة وكسب للوقت ، ومع ذلك تبدو سيناريوهات حرب صعدة مكررة ومملة جدا والمتأمل في فصول الحرب المتتالية يجد أنه كلما واجهت السلطة ظروفا ضاغطة ومهاما خارج نطاق الحرب نجدها تسارع لوقف الحرب مؤقتا حتى تنفذ أجندتها وتتخلص من التزماتها ثم تعاود مرة أخرى شن الحرب فقبيل انتخابات سبتمبر 2006 الرئاسية والمحلية اضطر الرئيس صالح لوقف الحرب فجأة وفق اتفاق سري بين طرفي النزاع وحينها دشن الرئيس حملته الانتخابية من صعدة ثم بعد انتهاء الانتخابات تفجرت الحرب الرابعة مرة أخرى فجأة وبدون أسباب واضحة ويبدو أن نفس السيناريو مرسوما لافشال الوساطة القطرية واتفاق الدوحة الثانية الذي اشترطت السلطة أن تظل بنوده والتزاماته سرية وطي الكتمان حتى تتمكن لاحقا من التنصل منه وافشاله كسابقيه من الاتفاقيات والمواثيق الموقعة والتي تنتهي إلى الفشل وتجدد الحرب و من ثم كل طرف يحمل الطرف الأخر مسؤلية افشال الاتفاق و الحرب ويلقي باللائمة عليه

الجنوب أولا 

السلطة منشغلة مؤقتا في الفترة الحالية عن مواصلة الحرب في صعدة بمهام واجندة ملحة وعاجلة فهي ستخوض انتخابات 2009 البرلمانية مع المعارضة وعليها مواجهة استحقاقاتها وحسمها كما هو الحال دائما بالقوة والفساد والتزوير ، والى جانب انتخابات 2009 هناك أيضا الجرعة الاقتصادية التي دشنتها السلطة مباشرة بعد انتخابات سبتمبر2006 و أمامها حاليا تنفيذ فصلا أخر في الجرعة السعرية متمثلا رفع الدعم عن البترول و الديزل والمشتقات النفطية ما يحتم عليها مواجهة وقمع غضب الشارع والتصدي للموقف الشعبي الرافض لهذه السياسات الفاشلة التي تعتمد تعميم الفقر والجوع السافر على مختلف شرائح الشعب

مهمة أخرى عاجلة أيضا أمام السلطة وهي افشال واحتواء الحراك الشعبي السلمي في الجنوب والمطالب بوقف سياسات النهب والاقصاء والالغاء واعادة اعتبار الوحدة ومشروعها السلمي ونظامها السياسي القائم بالديمقراطية والحريات ، وفي ظل كل هذه الأجندة الضاغطة على السلطة فان الحرب في صعدة تظل حاضرة في تكتيكاتها كأداة جاهزة تستخدمها في خلط أوراق الأزمة الوطنية الراهنة و الدفع بالمزيد من عوامل الصراع نحو الاختمار والتأزيم وبالتالي لن يكون مستبعدا ان تبادر السلطة إلى شن حرب خامسة في أي لحظة خاصة في أوج هذه الأزمة والظروف المتفجرة التي تعيشها البلد لخلق المزيد من التعقيد بغية الهروب من استحقاقات وطنية هامة وخطيرة لانقاذ البلد .

متى ستنتهي الحرب ؟

ان القراءة الواعية والمنصفة للمشهد الوطني ولسيناريوهات حرب صعدة تؤكد أن هذه المنطقة وابنائها قد صاروا رهنا لحسابات السلطة ومشاريع التوريث وضحايا لجنرالات الحروب الذين يؤجلون ويتسأنفون الحرب بمنتهي الأريحية ليجعلوا صعدة عبرة لمن يطلب الحرية والخلاص من حكم الفرد وبالمقابل فان احزاب اللقاء المشترك يجب أن لا تظل مواقفها عند مستوى رفض الحرب فقط بل يجب أن تقدم موقفا عمليا يتضمن مشروعا وطنيا لانهاء الحرب ومعالجة مسبباتها ولا ندري لماذا توقفت مبادرة المشترك واللجنة الوطنية التي شكلها قبيل الوساطة القطرية الأولى 

السلطة وكما هو معروف عنها لا تحترم أية اتفاقيات توقعها وتقوم دائما بالنكث بالتزاماتها وليست إفشال مهام لجنة الوساطة القطرية السابقة هي الأولى فقبلها مثلا نكثت باتفاقية المبادئ التي وقعتها مع المعارضة قبيل انتخابات سبتمبر 2006 وكانت أن شهدت تلك الانتخابات أكبر عمليات الفساد والتزوير في تأريخ اليمن ، هي الأخرى كذلك وثيقة العهد والاتفاق التي كانت خلاصة جهود الأحزاب والقوى السياسية التي قدمت مشروعا ورؤية وطنية لحل أزمة الفترة الانتقالية بين شريكي الوحدة الا أن الرئيس أعلن رفضه لها فيما بعد حرب صيف 94 واعتبرها وثيقة للخيانة والتأمر رغم انه وقعها مع نائبه البيض في الاردن وكان حينها أن أصر على الحرب كحل للأزمة ، فالحرب بنظر السلطة والرئيس هي الحل الممكن والوحيد واتخاذ قرارها بعيدا عن الدستور والقانون ومؤسسات الدولة أسهل من شربة ماء أما الاتفاقيات والمواثيق الموقعة فليست غير تكتيكات للمناورة وخلط للأوراق والتهدئة استعدادا لجولات حرب جديدة لذا ينبغي على كل من يهمه أمر هذا الوطن أن لا يدعوا صعدة تواجه مصيرها الذي يحدده قرار فردي يشن الحرب متى ما رأى الوقت مناسبا