عبدالملك الحوثي: 3 اسباب تعانيها السلطة وراء عرقلة المفاوضات
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 14 سنة و 4 أشهر و 10 أيام
الأربعاء 04 أغسطس-آب 2010 04:46 م

الحقيقة: إلى أين وصلت المفاوضات بينكم وبين السلطة؟ وما هي العوائق التي تقف أمام تنفيذ بنود الاتفاق ؟

السيد:المفاوضات وصلت إلى مرحلة متقدمة على الورق وهناك تفاهمات هامة لكن مشكلة السلطة أنها غير وفيّة بالتزاماتها فهي تقدم التزامًا وتوقع إتفاقاً ثم لا تكون صادقة عند وعودها ولا التزاماتها بل وأحيانًا لا تكتفي بالتهرب من التزاماتها بل تعمل على العرقلة للاتفاقات والحيلولة دون تطبيقها ومن الأمثلة الواضحة موضوع السجناء فهناك الكثير من الاتفاقيات والمحاضر الموقعة بخصوص الإفراج عنهم، وهناك إعلان واضح في ليلة 22 من مايو وقرار بالإفراج عنهم وأكدته اللجنة المسماة باللجنة الأمنية وما يسمى بوزير العدل وما تسمى بمصلحة السجون ونقلوا الدفعة الأولى إلى صعدة وعلى أساس أن يأتوا ببقية الدفع ويتم الإفراج عنهم، ثم لم تلبث السلطة أن نكثت الاتفاقيات واستمرت في احتجازهم غير المبرر، وهكذا الأمور الأخرى حينما نصل إلى مرحلة التطبيق يتهربون ويصنعون العراقيل والكل يعرف عن السلطة تجردها من القيم والمبادئ ونكثها وغدرها ولكن ليس من مصلحتها ولا من مصلحة البلد استمرارها في الطريق الخاطئ الذي تسلكه وكان عليها في هذه الفترة لو كانت - كما تدعي - جادة في الوصول إلى حلول وحريصة على السلام أن تقوم بالإفراج عن السجناء وإعمار ما دمّرته وخربته بعدوانها وتعويض المواطنين المتضررين من العدوان ومراجعة سياستها الخاطئة وإعطاء المناطق المتضررة من العدوان حقها من الثروة العامة التي يجب أن يستفيد منها المحرومون من أبناء الشعب ومعاملة أبناء الشعب المظلوم بكرامة وهذا كان - لو أنها قامت به- التصرف الحكيم والصحيح بدلاً من إثارة المشاكل والإمساك بأوراق وأدوات التأزيم والتعقيد للوضع والجميع يعرف في المناطق المتضررة من العدوان أن السلطة لم تقم بأي خطوة إيجابية تجاه هذه المناطق ولو توفرت لدى السلطة الإرادة السياسية اللازمة وكان لديها قدرًا ولو يسيرًا من المصداقية وشيئًا من الحرص على المصلحة العامة للبلد وقليلا من الوعي بأن مصلحتها في التقارب مع الشعب لا في العداء له لأمكن تجاوز الكثير من العراقيل لكن موقف السلطة من الشعب سيء جدًّا وهذا بشكل عام في الشمال والجنوب والوسط، وهناك ثلاثة أسباب تعرقل المفاوضات وتؤثر على الاتفاقيات:

السبب الأول: ارتهان السلطة للخارج المعادي للشعب في قراراتها ومواقفها فهي تتاجر بالبلد وتجعل منه قربانًا تقدمه لأمريكا ولجهات إقليمية معروفة ولذلك فرَّطت في سيادة البلد وجعلتها مباحة للآخرين وكأن اليمن بلد مباح ليس له سيادة ولا حرمة ولا لأبناءه كرامة، وهذا الارتهان وهذه العمالة والاتكاء على الخارج دليل واضح أن السلطة فاقدة لتأييد الشعب وأنها ليست معتمدة عليه ولا مستندة إليه، وبما أنها أدخلت نفسها في حسابات الآخرين فهذا جعلها متضاربة متناقضة في مواقفها وقراراتها وجعلها في حالة كبيرة من الاضطراب، وهي في حالها هذا غير مأمونة على الشعب والبلد لأنها لم تعد تحسب للشعب والبلد أي حساب في مواقفها وقراراتها.

السبب الثاني: موقف السلطة من الشعب نفسه فالقائمون على السلطة والنافذون فيها معروفون بأنهم لا يحترمون الشعب نهائيا ولا يعاملونه على أساس مبادئ القرآن الكريم التي تكفل للإنسان كرامته وعزته بإيمانه {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} كما أنه ليس لديهم ذرة من الحرص على مصلحة الشعب وليسوا ممن يخاف الله ويستشعر المسئولية أمام الله والسؤال والحساب والعقاب فيكون ذلك حافزًا لهم على أن يتقوا الله في الشعب فهم مجردون من الإيمان، ولا هم أيضا يتوقعون الحساب والمساءلة من الشعب لأنهم دائما يعملون على إضعافه وتحطيمه واستعباده وإذلاله وتفريق أبناءه، ولا هم ذوو ضمير ونفوس طيبة بل يفهمون السلطة بأنها التسلط والقهر والإذلال والنهب لثروة الشعب، والمواطَنَة، بأنها العبودية

والخضوع المطلق، وهم غارقون في أنانيتهم ومصالحهم الشخصية ومزهوون بالطغيان والكبر ونظرتهم إلى الشعب قائمة على الاحتقار والازدراء وكأن الشعب قطيع من الغنم وملك لهم، ولكن الاستياء الشعبي يتزايد وأكثر من أي وقت مضى والوعي ينمو وسياستهم هذه فاشلة، وأريد القول أن هذه النظرة إلى الشعب وهذا الموقف السيء جعلهم غير مهتمين بحلول صحيحة وعادلة ولا حريصين على مصلحة الشعب ، ومهما كان الاتفاق مفيدًا لتهدئة الوضع وحقن الدماء ومعالجة الإشكالات فإنهم لا يتحرجون من النكث والاختلاف والتنصل وهذه إشكالية كبيرة لأنها تعود إلى نفسيتهم وثقافتهم وطريقتهم في التفكير والتصرف واتخاذ القرار والموقف .

السبب الثالث: هو النفوذ الأجنبي الذي أيضًا تجاوز السلطة وأصبح له أدوات وأيادي أخرى إضافية فلم يكتف بالسلطة التي كانت ترغب أن تكون العميل الوحيد للخارج بل عمد إلى جهات بعضها من السلطة وأكثرها من المنافقين وهذا أسهم مع تردد السلطة وعدم اهتمامها إلى عرقلة الاتفاقيات والتصعيد للوضع كلما كان هناك موعد مع خطوة إيجابية .

الحقيقة: بعد الحرب الخامسة وقبل سفره إلى روسيا وجه إليكم الرئيس على عبدالله صالح تهديدات وشتائم أجبتم عنها في مقابلة مع صحيفة الناس ، وبعد الحرب السادسة وقبل سفره أيضًا إلى روسيا وجهت إليكم تهديدات رئاسية حسب ما تناقلته وسائل الإعلام قبل أسابيع.. ما مضمون هذه التهديدات؟ وما سر هذا التوقيت الذي يأتي قبل زيارة الرئيس إلى روسيا؟ وماذا كان ردكم على تلك التهديدات ؟

السيد: منطق التهديد لأبناء الشعب غير شجاع ولا مشرف ويصدق على أصحاب التهديد أنهم أذلة على الكافرين أعزة على المؤمنين، وكان المشرّف أن يكون التهديد لأعداء الأمة والإسلام الذين يمثلون خطورة كبيرة على البلد، وقد جرب المهددون ستة حروب فلم تحقق لهم أهدافهم المشؤومة وهي غير قابلة للتحقق فالذين يقرعون طبول الحرب ضد الله هم الأذلون والفاشلون {وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ} {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} {وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ } ونحن نحثهم على طريقة أخرى هي التصالح مع الشعب فهذا خير لهم وهو لمصلحتهم فالأجانب ليسوا أوفياء أبدا وهذا ما سيثبت، كما أن الغرور بالحصول على أسلحة معينة ساقط والرهان عليها فاشل فالشعب بإيمانه وتوكله على الله وتمسكه بثقافة القرآن الكريم أقوى من كل جبروت والله أشد بأسا وأشد تنكيلا وسياسة العدوان خاطئة وعاقبة الظالمين وخيمة والظلم والعدوان طريق نهايته الهاوية والسقوط والخسران ونصيحتي لهم أن يكفوا عن العدوان وأن يتصالحوا مع الشعب فهناك من يتربص بالجميع شرُّا ولن يقدّر لهم ما يعملونه له لأنه يرى مصلحته فوق مصلحتهم وسيجعل منهم كروتًا محروقة يستغل القضاء عليها كما استغلها كأداة لتنفيذ مؤامراته .

الحقيقة: السلطة اليمنية تتهمكم بالاعتداء على القبائل الموالين لها..ما مدى صحة ذلك؟ وما هي الأسباب التي تقف وراء استمرار المواجهات في سفيان وبعض المناطق؟ ومن الجهة التي تؤجج الاقتتال ؟

السيد: موقفنا هو مواجهة العدوان وليس الاعتداء، والمشكلة هي مع بعض المنافقين الذين يقومون بارتكاب جرائم القتل والاعتداءات مقابل الحصول على بعض المال، وأما ما حصل في سفيان فهو مواجهة مع بعض تجار الحروب الذين هم منتمون إلى الجيش ولم يلتزموا بوقف العدوان وكان موقفنا هو مواجهة عدوانهم بعد أن قاموا بقتل الشهيد أبو حيدر ومجموعة معه ولم يكتفوا بذلك بل واصلوا جرائمهم واعتداءاتهم فلم يكن لنا خيار إلا دفع بغيهم وإيقافهم عند حدهم لأنهم سفاحون مجرمون ولم يوقفهم أحد، السلطة شجعتهم والوساطة عجزت عن إيقاف جرائمهم فلم يكن هناك من حل إلا مواجهتهم بحزم وهذا حق مشروع {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}.

الحقيقة: لوحظ في الآونة الأخيرة توقف في تنفيذ بنود الاتفاقية ، واتهامات متبادلة ولهجة تصعيد من جانب السلطة أعقبها دخول مفاجئ وزيارة خاطفة لأمير قطر إلى صنعاء ليبدأ بعدها الحديث عن اتفاقية قطر بالإضافة إلى بند سادس ينص على إشراك السعودية في أي اتفاقية معكم ؟ فهل ألغيت الاتفاقية السابقة ؟ وما سر هذا الدخول المفاجئ لقطر بعد هذه الفترة الطويلة ؟ وهل تم التواصل معكم بشأن الدور القطري؟

السيد: الوساطة القطرية عادت بعد طلب السلطة وإلحاحها على القطريين، وحتى الآن لم تبدأ عملها المباشر ومن الواضح أن السلطة غير جادّة وإنما تستغل الحساسيات المعروفة في العلاقات الدولية والإقليمية للحصول على المزيد من الدعم والترتيب للدخول في صفقات أكبر، ونحن قد رحَّبنا بالدور القطري وقدّمنا بعض الملاحظات الهامة ونحن بانتظار الإجابة عليها .

الحقيقة: هل يفهم من ذلك أن السعودية كانت وراء إفشال اتفاقية قطر ؟

السيد: حتى الآن لم يصل الدور القطري إلى الفشل، وبالنسبة للسعودية فنحن نؤكد أن الاستقرار والسلام في البلد بقدر ما هو مصلحة للبلد هو مصلحة لها ونتمنى أن يكون هذا واضحًا لديها .

الحقيقة: بعد زيارة أمير قطر الأخيرة إلى صنعاء لوحظ عودة التوترات وتحرك أو تحريك لبعض الأطراف في مواجهتكم ، هل تراها محاولة ثانية لإجهاض الدور القطري ؟ ومن هي الجهات التي تقف وراء هذا التصعيد؟ ولماذا ؟

السيد: من الواضح أن من أهداف المثيرين للمشاكل الأخيرة إفشال الدور القطري ولكن ينبغي الفهم أن السلطة ليست حريصة على نجاح الدور القطري ولا على نجاح أي دور محلي أو إقليمي أو دولي لإحلال السلام فلها همّ واحد هو إدارة لعبة تحصل من خلالها على المال وحين يتحقق الهدف تُفشِل أيَّ وساطة وتقف منها موقفًا سلبيّاً وهذا ما فعلته في المرة الأولى مع القطريين أنفسهم وفي البلد مع الوجمان ومع هلال ومع فارس مناع ، حيث عمدت إلى سجن بعضهم ولم تكتف بإفشال جهودهم حين اقتربوا من النجاح، وبإمكان السلطة لو كانت جادة ألاّ يتمكن أحد من خارج البلد من إفشال الجهود المبذولة لصالح الأمن والسلام والاستقرار في البلد .

الحقيقة: عقدتم تحالفا مع اللقاء المشترك بعد انتهاء الحرب السادسة واليوم يعقد اللقاء المشترك تحالفًا مع حزب المؤتمر الشعبي العام لتشكيل حكومة وحدة وطنية موحدة كما دعا إليها الرئيس..فما هو موقفكم أمام ذلك ؟ وهل يعني أنكم أصبحتم طرفا في المعادلة السياسية؟

السيد: اللقاء المشترك اتفق مع المؤتمر على الحوار وحتى الآن لم يتحدد موضوع الحوار ولا بدايته وأشياء كثيرة لا زالت غامضة، ونحن من حيث المبدأ نرحب بالحوار وندعو إليه ولكن لا نتوقع أن ينجح الحوار مع السلطة في تشكيل حكومة وحدة وطنية ناجحة ومقتدرة على القيام بمسؤلياتها وهذا معروف .

الحقيقة: لوحظ مؤخرًا في توجهكم الثقافي شن الحملات الإعلامية والتوعوية ضد ما يسمى تنظيم القاعدة .. ما الذي دفعكم لذلك مع أنكم تتهمون بالتنسيق معهم ويقال أنكم تتوحدون في العداء لأمريكا وإسرائيل ؟

السيد: ما يسمى بتنظيم القاعدة هو أداة إستخباراتية بيد أمريكا وإسرائيل هذا ما نؤمن به وتثبته الدلائل، وعلاقة رموزه القديمة بأمريكا معروفة من أيام أفغانستان والاتحاد السوفيتي سابقًا، وهذه الأداة تلعب لعبة قذرة وإجرامية الغاية منها تشويه الإسلام وخلق الذرائع لأمريكا لاكتساح شعوب المنطقة إضافة إلى مباشرة الإضرار بالشعوب وارتكاب الجرائم بحقها وقد أصبح هذا معروفا في معظم العالم ولا يتجاهله إلا قاصرو الفهم أو المتواطئون مع أمريكا ومع هذه الأداة الاستخباراتية الإجرامية، نلحظ تنسيقًا وعلاقة مع الاستخبارات لحكومات المنطقة وبشكل واضح، والوعي تجاه هذه اللعبة والمؤامرة كفيل بإفشالها والوقوف صفًّا واحدًا في

مواجهة ألاعيبها حتى لا يكون المجتمع حاضنًا للشر الذي يستهدفه أو منخدعًا بادعاءات وأوهام سخيفة تضر به ويكون هو ضحيتها وهذا ما نحرص على إيضاحه .

الحقيقة: مستشار رئيس الجمهورية د/عبدالكريم الإرياني في حديثه لقناة (فوكسانت) الأمريكية قدم النصيحة للولايات المتحدة الأمريكية بأن تستخدم طائراتها بدون طيار على الأراضي اليمنية بعناية فائقة مع توفر المعلومات الكافية على الأرض والتنسيق مع السلطات اليمنية في ذلك بماذا يمكن أن تفسروا مثل هذا الكلام ؟ وما موقفكم من الضربات التي توجهها الطائرات الأمريكية وقواعدها الصاروخية داخل اليمن؟

السيد: الاعتداءات الأمريكية داخل البلد هي ظلم وانتهاك لحرمة اليمن المنتهكة أصلا والخطورة فيها أنها لن تقف عند حدٍّ معين وليست مواقف عابرة لها نهاية قريبة، ولكنها ضمن مؤامرة كبيرة وخطيرة ضحيتها الشعب بكله والبلد بأجمعه ونتيجتها أن يخسر الشعب كرامته وسلامه وأمنه وحريته ودينه ودنياه إذا لم يتسلح بسلاح الوعي ويستبصر بثقافة القرآن الكريم ويقوم بمسئولياته التي أرشده الله إليها وبها يكون الله معه ناصرًا ووكيلاً ودافعًا ومعينًا ويحظى برعاية الله وتأييده وكفى بالله وليا نعم المولى ونعم النصير ، أما تجاهل الخطر فلن يدفع الخطر بل يجعله يستحكم وهو سبب للخذلان من الله .

وأمّا موقف السلطة ومسؤوليها فليس غريبًا فهم حسموا خياراتهم واتخذوا قرارهم أن يكونوا من أدوات المشروع الأمريكي ولو على حساب شعبهم وأمتهم ودينهم فهم يرون أن في ذلك مصلحتهم وهم واهمون لأنها ستكون مصالح مؤقتة إلى حين الاستغناء عنهم ثم يخسرون كل شيء، والدرس المهم هو أن يفهم الشعب أنه لا يمكنه الرهان في حمايته ودفع الخطر عنه على السلطة نهائيًا والأحداث ماثلة للعيان وشاهدة وماذا بعد ما حدث؟ السلطة من الواضح أنها تختار أن تكون إلى جنب الأجنبي وفي صفّه وعلى الشعب أن يفهم أنه هو من يمكن أن يحمي نفسه بنفسه وأن يحفظ عناصر القوة المعنوية والمادية الموجودة ويعمل على إيجاد ما يفقده منها ويعتصم بالله ولا يتماشى مع مؤامرات تسلبه قوته وتماسكه ولا يتقبلها، هذا الذي يفيد .

الحقيقة: كيف تنظرون إلى مستقبل اليمن في ظل الأوضاع القائمة ؟

السيد: مستقبل الناس رهن بما هم عليه وما يفعلونه وما يقصرون فيه هذه سنة من سنن الله في الكون {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ} {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} ومن ينتظر تغير الأوضاع السيئة من نفسها تلقائيًا دون أن يغير الناس ما بأنفسهم ودون أن يقوموا بمسؤوليّتهم في التغيير نحو الأفضل جاهل بالقرآن الكريم وجاهل بالواقع ومجريات الحياة .

الحقيقة: ما هو السبيل لإخراج اليمن من هذا النفق المظلم ؟ وما هي مكامن الخطر الذي يتهدد اليمن برأيكم؟

السيد: مكامن الخطر لها جهتين داخلية وخارجية وبينهما ترابط، فعلى مستوى الداخل فإن الاستبداد والفساد والظلم سياسة خطيرة على الشعب وأوصلت البلد إلى وضع كارثي ومأساوي ولها دور سيء ومقيت في جعل البلد ساحة مفتوحة لشر الأجانب ومؤامراتهم، وعلى مستوى الخارج فالأطماع الكبيرة في البلد وسياسة العدوان والهيمنة على المنطقة برمتها بما فيها اليمن لها خططها ومسارها وهي تواصل مشوارها في الواقع العملي بكل حقد ومكر وكيد مستغلة قصور الوعي والفهم عند الكثير وحالة اللامبالاة وحالة اليأس وحالة الإحباط عند الكثير أيضًا والتحرك الأجنبي للهيمنة هو شامل لجميع المجالات السياسية والثقافية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية وبكل الوسائل والأساليب الممكنة.

أما السبيل للخروج من النفق المظلم فهو واضح ومضمون وهو الرجوع إلى الله بشكل واعٍ والاهتداء بهديه الشامل الكامل فهذا الكون وهذا العالم هو مملكة الله والجميع عباده وتحت سلطانه وتجري عليهم سننه وهو الخالق والملك والإله وليس موقفه موقف المتفرج على عباده ولكن له سنن يجب الأخذ بها وإلا فالله أعلا وأجلّ وأحكم من أن يتماشى مع عباده على حسب رغباتهم، وأنّ جهل المسلمين بالسنن الكونية لملك الكون وربه جعلهم لا يسلكون الطريق الصحيح للخلاص من وضعهم فأساس مشكلة المسلمين هم المسلمون أنفسهم حيث سلكوا طرقًا أوصلتهم إلى ما وصلوا إليه من تخلف وجهل وانحطاط وضعف وعجز وفرقة وشتات وتظالم وتَحَكَّمَ فيهم أجهلهم وأظلمهم وأطغاهم وأقساهم وألهاهم.

إن أوّل ما تحتاج إليه الأمة هو الوعي والاستبصار؛ الوعي بالمشكلة والخطر وحجم الخطر والأسباب والحلول والمخارج وهذا كله نجده من الله في هديه الكامل لأن الله رحيم بعباده وهو القائل {وََمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ} والقائل{وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ} فالله جلّ شأنه لا يظلم عباده ولا يريد لهم أن يُظلموا ولا أن يتظالموا وعندما لا يريد ذلك فهو قد رسم الطريق لعباده التي من خلالها يدفعون الظلم والشر والخطر عن أنفسهم ويكون معهم مؤيّدًا لهم ومعينًا، ولذلك فنحن ننادي في مسيرتنا القرآنية ومنذ الخطاب الأول لسيدها السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه بالعودة الجادّة الواعية إلى الله من خلال العودة إلى كتابه عودة المهتدين المطيعين المتبعين الواثقين بالله وباكتمال هديه وأنه الذي يفتح الآفاق الواسعة للبشرية إلى رحب السعادة والعزة والكرامة وتعاليم القرآن الكريم وهديه الواسع وعطاؤه التربوي يبني أُمَّة عزيزة ممتنعة على أعدائها، أمة متماسكة، أمة عزيزة، أمة ممتنعة من الظلم والظالمين وعصية عليهم، أمة تسودها قيم الخير والحق والعدل وتسود بهذه القيم، أمة تعي السنن الكونية والأسباب ونتائجها وتفهم دورها في الحياة وفي عمارة الدنيا على قواعد الخير والعدل والرفاه للإنسانية وفهم المسؤولية والدور المنوط بالأمة.

الحقيقة: هل من نصيحة يمكن أن تقدمها للشعب وللنظام؟

السيد: نصيحتي للنظام أن كفى، راجعوا سياساتكم، ان طغيانكم وظلمكم للشعب وعمالتكم للخارج وفسادكم العام نهايته خطيرة عليكم وليس فقط على الشعب، تصالحوا مع الشعب وأصلحوا ما أفسدتم قبل فوات الأوان، لا يشرّفكم ما أنتم فيه من ذلة وتواضع أمام الخارج، وما أنتم فيه من قسوة وسطوة وشدة على الشعب المظلوم، واعلموا أن الله للظالمين بالمرصاد {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ }.

ونصيحتي للشعب أن علينا جميعا أن نعي الخطر ونفهم طريق العزة والكرامة والسلام والأمان، إن تركيز أعداء الأمة الإسلامية على اختراق المجتمع كبير وهم لم يكتفوا بالأنظمة والحكام إنما يسعون في هذه المرحلة إلى اختراق الشعوب نفسها وتكوين مجاميع منافقة تواليهم وتعادي أمتها ودينها وتعمل لصالح أعداءها مقابل أخذ الأموال، إن التحالف الشيطاني القائم على النفاق والولاء لأمريكا وإسرائيل والذي هو صنيعة الموساد الإسرائيلي والسفارة الأمريكية والذي يطلق على نفسه اسم التحالف القبلي هو واحد من المؤامرات الأمريكية والإسرائيلية لتطويع الشعب وتحويله إلى أداة والسيطرة عليه سيطرة كاملة، على توجهاته السياسية والثقافية ومواقفه في كل الاتجاهات، وأن الأشخاص الأساسيين في هذا التنظيم العميل الذين اجتمعوا بالموساد الإسرائيلي في مصر وعادوا من هناك بهذا المشروع معروفون، وإن على شعبنا العزيز أن يكون حذرًا منهم ومن تضليلهم،

وإنني أنصحهم بالرجوع إلى الله وترك هذا الطريق الذي يمثل السلوك فيه خيانة لله وللإسلام وللشعب، وإن محاولتهم التغطية على توجههم الموالي للأعداء بستار وقناع القبيلة هو مفضوح فقبائل اليمن قبائل مسلمة وانتماؤها للإسلام فوق انتماءاتها الأخرى وطاعتها لله فوق الطاعة لشيخ أو وجيه فيما هو معصية لله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق أيًّا كان هذا المخلوق وتحت أيّ لقب او اسم أو عنوان، وإنني أبشرهم بالفشل والخسران، وإن وعي الشرفاء في قبائل اليمن وانتماؤهم للإسلام فوق جاهليتهم وفوق عمالتهم وإن من المهم إحياء قيم ومبادئ الإسلام التي تحفظ المجتمع وتصونه من الانحراف والعمالة والإجرام وبيع النفس من الشيطان وأوليائه ، إن الاهتمام بالوضع الداخلي وإحياء القيم والأخلاق الكريمة وتعزيز الوعي يحصن المجتمع من أي اختراق ويسقط كل المؤامرات الساعية إلى السيطرة على المجتمع بهذه الطريقة ومع قدوم شهر رمضان المبارك فإن من المهم الاستفادة من عطاءه التربوي في تزكية النفوس وإصلاحها وتعزيز التقوى والإيمان والاستقامة مع الاستفادة من القرآن الكريم من عطاءه التربوي وعطاءه العلمي وما يقدمه من بصائر وهدى شامل كامل وإذا تحصّنت الساحة الداخلية للمجتمع فإن كل مشاريع الأعداء ومؤامراتهم من الخارج إذا لم يكن لها أرضية وساحة مهيأة ستفشل بإذن الله وكما يقول الله سبحانه وتعالى {عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} ويقول تعالى {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً}.