خالد بن الوليد سيف الله المسلول
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 14 سنة و 7 أشهر و 16 يوماً
الأربعاء 28 إبريل-نيسان 2010 10:22 م

خالد بن الوليد قائد إسلامي عظيم كان من المجاهدين المسلمين الذين عاصروا الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام وأطلق الرسول عليه لقب سيف الله المسلول، كانت بدايته في الجاهلية حتى من الله سبحانه وتعالى عليه بنعمة الهداية، فدخل إلى الإسلام بعد غزوة الأحزاب، وبعد إسلامه قاتل بسيفه أعداءه من المشركين والمنافقين كان قائداً حربياً لا يشق له غبار، وتولى قيادة الجيش الإسلامي في العديد من المعارك الهامة والتي كللت بالنصر من عند الله. 

قال عنه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام " ما مثل خالد من جهل الإسلام ولو كان جعل نكايته وجده مع المسلمين على المشركين لكان خيراً له ولقدمناه على غيره"، وبعد الإسلام قال عليه الصلاة والسلام" الحمد لله الذي هداك ، لقد كنت أرى لك عقلاً رجوت أن لا يسلمك إلا إلى خير" .

النشأة

 هو خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي، أبو سليمان، ولد عام 584 م لعائلة رفيعة النسب فكان والده الوليد بن المغيرة أحد أشراف وأثرياء قريش، تدرب خالد منذ الصغر على الفروسية وأظهر فيها الكثير من البراعة حتى أصبح فارساً عظيماً لا يشق له غبار، فكان واحداً من ألمع قادة فرسان قريش، كما تولي مهمة "القبة والأعنة" وراثة عن أبيه.

حارب خالد بن الوليد أولاً ضمن صفوف المشركين ضد المسلمين فخاض عدد من الغزوات ضد المسلمين كأحد القادة المشركين المعادين للإسلام، بل لقد كان صاحب الفضل في تحويل نصر المسلمين في غزوة أحد إلى هزيمة بعد أن هاجم الجيش الإسلامي من الخلف وذلك بعد أن تخلى الرماة عن مواقعهم، وقاتل قتالاً شرساً ضد المسلمين هذا إلى النقيض تماماً مما حدث بعد إسلامه فقد قاتل بعد ذلك في سبيل الله قتالاً رائعاً استبسل فيه واستدعى جميع مهاراته كفارس فكانت له العديد من الانتصارات والبطولات في المعارك التي خاضها لصالح المسلمين. 

إسلامه

 قام بإعلان إسلامه في العام الثامن للهجرة وذلك قبل فتح مكة بستة أشهر وقبل غزوة مؤتة بنحو شهرين، وقد أعلن إسلامه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كل من عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة، ومنذ أن أعلن إسلامه لم يرفع خالد بن الوليد سيفه قط سوى لنصرة الإسلام والمسلمين فكان نعم القائد والفارس الشجاع الذي مكنه الله من تسليط سيفه على رقاب المشركين فكان يعود له هذا السيف بالنصر والعزة للإسلام، وقد أطلق عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم لقب " سيف الله المسلول"، مما قاله رسول الله عن إسلامه " الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلا لا يسلمك إلا إلى الخير".

دوره كقائد إسلامي

 كانت أولى الغزوات التي شارك فيها خالد بعد إسلامه غزوة مؤتة التي كانت بين كل من المسلمين والغساسنة والروم، وقد أظهر الكثير من البراعة والحنكة القتالية في هذه الغزوة وقاد الجيش المسلم بعد أن سقط أمرائه الثلاثة زيد بن حارثة وجعفر وعبد الله بن رواحة في المعركة، وقد استبسل في هذه المعركة حتى أنه دقت في يده تسعة سيوف أثناء القتال.

وقد شارك أيضاً في فتح مكة فقد ولاه الرسول عليه الصلاة والسلام على واحدة من الكتائب الإسلامية التي ذهبت للفتح، كما كانت له العديد من المشاركات الأخرى فشارك في حروب الردة التي شنها أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعد وفاة الرسول على المرتدين والمنافقين، فقام أبو بكر بتوكيل مهمة ردع هؤلاء المرتدين لخالد بن الوليد الذي أبلى خير البلاء في هذه المهمة وكان على رأس هؤلاء المرتدين طليحة بن خويلد، مسيلمة بن ثمامة أو الكذاب واللذان أدعيا النبوة، فلقد ارتد طليحة وقام بادعاء النبوة والتف حوله قبيلة بني أسد فسار إليه خالد ودحره هو ورجاله فعاد إلي الإسلام، كما ارتد مسيلمة وادعى النبوة والتفت حوله قبيلة بني حنيفة فسار خالد إليهم أيضاً وكانت من اكبر المعارك التي خاضها المسلمون في حروب الردة وأنتصر خالد وقتل مسيلمة .

قام الخليفة أبو بكر الصديق بتولية خالد على أجناد العراق وذلك من أجل قتال الفرس فأستبسل خالد في قتال الفرس هو وجنود المسلمين وظل يقاتلهم حتى أبادهم، فشهدت ارض العراق تحقيق انتصارات مذهلة لجيش المسلمين تحت قيادة خالد بن الوليد لهم وقام بالسيطرة على أجزاء كبيرة من بلاد فارس.

من المعارك الهامة أيضاً التي قام خالد بقيادة الجيش فيها معركة اليرموك والتي وقعت ضد جيش الروم فقد اظهر فيها خالد الكثير من موهبته القيادية والقتالية على حد سواء، فقام بتوحيد جيوش المسلمين لتصبح قوة واحدة في وجه الجيش الرومي، وتقاسم الإمارة مع غيره من القادة الأكفاء فاتفق معهم على أن يتولى أمارة الجيش كل يوم واحداً منهم، وبدأ بنفسه فاظهر الكثير من المهارة والاستبسال.

وفي هذه المعركة مع جيوش الروم خرج جرجة أحد القادة الروم لمبارزة خالد وعندما خرج خالد لمبارزته سأله القائد الرومي قائلا: هل أنزل الله على نبيكم سيفاً من السماء فأعطاكه فلا تسله على قوم إلا هزمتهم

قال خالد : لا

قال جرجة: فيم سميت سيف الله ؟

قال خالد : إن الله عز وجل بعث فينا نبيه محمد عليه الصلاة والسلام فنفرنا عنه ونأينا عنه جميعاً ثم إن بعضنا صدقه وتابعه وبعضنا باعده وكذبه فكنت فيمن كذبه وباعده وقاتله ثم إن الله أخذ بقلوبنا ونواصينا فهدانا به فتبعناه.

فقال عليه السلام أنت سيف من سيوف الله سله على المشركين ودعا لي بالنصر فسميت سيف الله بذلك، فأنا من أشد المسلمين على المشركين.

قال جرجة: صدقتني فأخبرني إلام تدعوني .

قال خالد : إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله والإقرار بما جاء به من عند الله.

قال جرجة : فما منزلة الذي يدخل فيكم ويجيبكم إلى هذا الأمر اليوم.

قال خالد : منزلتنا واحدة فما افترض الله علينا شريفنا ووضيعنا وأولنا وأخرنا، فأنقلب جرجة إلى صف خالد وقال له : علمني الإسلام وأخذه خالد إلي خيمته وأتاه بماء ليتطهر ثم لقنه الشهادتين وخرجا معاً يقاتلان الروم .

أخلاق الفرسان

 توفى أبو بكر الصديق رضي الله عنه واستخلف عمر بن الخطاب مكانه خليفة للمسلمين، ولما علم خالد بذلك لم يخبر احد حتى لا يحدث توتر وهرج في صفوف المسلمين، ومضي يضرب بسيفه يميناً ويساراً في صفوف الروم ويستحث الرجال على الإقدام والقتال حتى تحقق النصر للمسلمين وتقهقر جيش الروم مهزوماً مخذولاً.

وبعد وفاة أبي بكر وتولي عمر الخلافة أمر بتولية أبي عبيدة بن الجراح إمارة جيش المسلمين بدلاً من خالد بن الوليد، وعلى الرغم من هذا لم يقابل خالد هذا الأمر بالغضب أو الضيق بل سلم أبي عبيدة قيادة الجيش كما أُمر وهذا إن دل فإنما يدل على أخلاق عظيمة تمتع بها هذا الفارس المسلم العظيم الذي كان دائماً يؤثر رفعة الإسلام ونصره وإطاعة الخليفة عن أي أطماع شخصية قد تطول غيره، وبعد أن تسلم أبي عبيدة قيادة الجيش قاتل خالد بن الوليد في جيش المسلمين كجندي مخلص ينفذ أوامر قائده.

وفاة الفارس 

 توفى خالد بن الوليد عام 642م هذا البطل، والفارس المسلم الذي أسلم بعد أن كان مشركاً فأمن بالله والرسول ورفع سيفه من أجل نصرتهم فكان سيفه يرد إليه بالنصر وعلى الرغم من كثرة الحروب التي خاضها إلا أن وفاته لم تكن في أي من هذه المعارك بل جاءته وهو في فراشه وقال في هذا "ما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء".

رحم الله خالد بن الوليد ورضي عنه وعن غيره من المسلمين الذين لم يدخروا جهداً من أجل نصرة دينهم والدفاع عنه، وجزاه خير الجزاء عن المسلمين.