من قال إنّ الديناصورات انقرضت ؟!
بقلم/ سامي الكاف
نشر منذ: 11 سنة و 9 أشهر و 11 يوماً
الإثنين 04 مارس - آذار 2013 08:01 م

يُدهشك علي عبدالله صالح ليس بكونه رئيساً سابقاً قرر في أخر عمره أن يتحول إلى مزارع و كاتب مذكرات؛ بل بوصفه ضرساً متسمكاً بجذور (فك) اليمن أكثر مما تصوره أعدائه على الرغم من محاولة خلعه من فم اليمن بأطباء خليجيين و أوروبيين و أمريكان.

لنقل : هكذا هي الرسالة المفترضة لحشده الأخير؛ مع أن الواقع يؤكد انه خرّب اليمن خلال 33 عاماً بعقلية ديكتاتورية اقصائية و هو (يضحك).

صحيح سلّم صالح السلطة إلى نائبه كحقيقة لا يمكن لأحد أن يقفز فوقها. لكن المطالبة بمغادرته المشهد السياسي تؤكد أنه ما زال لاعباً مؤثراً فيه، بل و في حضرة الحشد المُحتفي به أخيراً وجدناه (يُمارس) السياسة بوضوح تام كرد عملي علني على وضعه في قائمة معرقلي تنفيذ التسوية السياسية قائلاً: "إن مسيرة الوفاء هي احتفال بيوم التداول السلمي للسلطة عندما نقلناها في 21 فبراير واحتفلنا بها في 27 فبراير ونقلناها إلى الزميل العزيز الرئيس عبدربه منصور هادي الذي سنقف إلى جانبه من أجل أمن واستقرار الوطن. و أدعو للتصالح والتسامح والصفح الجديد من أجل بناء يمن جديد يمن الوحدة والحرية والديمقراطية وطي الماضي بكل سلبياته وايجابياته والنظر للمستقبل"..!

حسناً .. ها هو صالح إذًا يُمارس السياسة من جديد!؛ غير أن إلقاء نظرة على الواقع ذاته الآن - كقراءة أخرى في سياق المشهد ذاته- ستقودنا إلى حقيقة ان صالح ليس وحده من استحق خلعه، هذا طرح يفتقد إلى الدقة فضلاً عن كونه يجانب الصواب.

ثمة من يمتلك (العقلية) ذاتها و ما زال يمارسها على الرغم من كوننا تجاوزنا سنة ثانية ثورة و سنة أولى على تنصيب هادي رئيساً للبلاد وفقاً للمبادرة الخليجية.

أحداث الخميس الدامي 21/2/2013م في عدن - كمثال أخير ليس غير- تأتي نتيجة مباشرة للعقلية ذاتها و إن اختلفت التفاصيل.

فضلاً عن ذلك؛ لا أحد يتكلم الآن لماذا ما زال علي محسن و أحمد علي عبدالله صالح قاعدين في بقعتيهما الأول كقائد للفرقة أولى مدرع و الثاني كقائد للحرس الجمهوري على الرغم من إعادة هيكلة الجيش وفق قرارات الرئيس هادي الأخيرة؛ في حين تدفق السلاح إلى اليمن ما زال مستمراً و أباطرة النفط متحكمون بزمام الأمور، الأغنياء يزدادون ثراء و الفقراء يزدادون فقراً.

في كل مجتمع يسعى إلى التغيير تجد بالضرورة حدوث تعاقب للأجيال كسنّة من سنن الحياة، غير أن الواقع في اليمن الآن يؤكد أن الوجوه ذاتها - لنقل معظمها- ما زالت تُخيّم بل قُل جاثمة على مجمل المشهد في اليمن بجنوبه و شماله على حد سواء.

أنظروا : معظمهم اللاعبين السياسيين الأساسيين في السلطة و المعارضة دونما استثناء تجاوزوا السبعين عاماً - وبعضهم على عتباتها- سواء في "المؤتمر" أو في "الإصلاح" أو في "الاشتراكي" أو في "التجمع" أو في "رأي" أو في "تجمعات" الخارج، حتى في "المجالس الديكورية" التي تم تأسيسها على طريقة (سلق) البيض في عدن تجد الأمر ذاته؛ و مع ذلك يريدوا - و يُراد لهم- أن يبدأوا من جديد في السيطرة على سياق المشهد ذاته سواء في الشمال أو الجنوب..!

إنه مشهد تراجيدي جديد سيتعين على مخرج فيلم حديقة الديناصورات الشهير "ستيفن سبلبيرج" تصوير نسخة جديدة منه و لسوف يحقق إيرادات هائلة على نحو مذهل.

قبل نحو عامين من الآن كتبتُ في مقال بعنوان: "الوحدة كانت فعلاً اجتماعياً شديد الروعة لكن الأمر مختلف الآن" ما يلي: "شخصياً أنا مع المنطق الذي يؤمن بأن القيادات السابقة التي جرّبناها في الجنوب لا يمكن أن نعيد إنتاجها من جديد. لا بد من التركيز والعمل على اتاحة الفرصة للوجوه الجديدة وفق معايير الكفاءة والخبرة والقدرة.. الخ، كشرط لازم للتغيير.. وهو ما يفترض أن يتم في الشمال أيضاً، وليس إعادة إنتاج نفس الوجوه.. وإلاّ لماذا قامت الثورة أصلاً؟".

لا شيء جوهري تغير؛ بإمكان القاضي و الجلاد مثلاً الجلوس على طاولة واحدة و التحدث عن المستقبل و كأن شيئاً ما لم يحدث.

كل القوى السياسية في صنعاء تتحدث باسم الشباب؛ لكن أنظروا و حسب إلى الحقيقة التالية: نسبة (الشباب) الداخلين إلى مؤتمر الحوار الوطني أقل من 10 % ...(!)؛ في حين تستعد الديناصورات إياها لبدء مرحلة جديدة من السيطرة على سياق المشهد ذاته سواء في الشمال أو الجنوب كمتوالية عجيبة من الدهشة الدالة على واقع الحال..!

الأدهش : يطلع لك واحد يتكلم كلمتين في قناة "الميادين" عن الإقصاء و الظلم و الحقوق و ما إلى ذلك من مفردات مماثلة و من ثم يختم حديثه الديناصوري بنفس ضحكة صالح قائلاً: "شعب الجنوب كله وراء الرئيس المناضل علي سالم البيض"..!