بين تمزيق القرآن ودعسه وامتهانه وحرق البشر وبين (دسع الشيوبة)
بقلم/ حسين علي بدران
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر و 5 أيام
الخميس 09 يونيو-حزيران 2011 10:43 م

ادعى السفاح علي عبد الله صالح أن شباب الثورة السلمية سحبوا الشيوبة ودعسوهم ( يدسعونهم حسب تعبيره ) ثم قتلوهم ، هذا ما تناقلته وسائل إعلامه الفاجر ، وهو بذلك يرى الذرة ( العلمية ) في عين غيره ولا يرى الصخور الكبيرة في عينه وعيون زبانيته ، إنه لا يرى الجرائم التي قام بها طوال حكمه مختتما هذه الجرائم بما سفك من دماء خلال الثورة السلمية ، فكم من قطرة دم أهرقت ، وكم من نفس أزهقت ، وكم من عين ذرفت ، وكم من ثكلى ناحت وتألمت ، على طول اليمن وعرضها ، وما حصل في مدينة تعز الصامدة مأساة بما تعنيه هذه الكلمة من معنى ، مأساة للدين والوطن والإنسانية ليس لكثرة الشهداء الذين سقطوا أو لحرق الخيام بما فيها ومن فيها من المعاقين حتى صاروا جثثا متفحمة ، فهذه جرائم شنيعة لا تغتفر وهي أعمال المجرمين الذين لا يخافون الله ؛ ولكن إضافة إلى ذلك ما حصل من جريمة نكراء للقرآن الكريم كتاب ربنا ومنهجنا الذي لا يكون المسلم مؤمنا حتى يؤمن به ويقدسه ، وذلك عندما دخل العساكر والبلاطجة الخيام وجدوا المصاحف وقاموا بتمزيقها وعبثوا بها ، وعندما قال أحدهم هذه مصاحف هذا قرآن ، رد عليه الآخر لا عليك هذا قرآن المطاوعة ، الله اكبر ما أكبر هذه الكلمة التي خرجت من في هذا المجرم الذي تربى على معصية الله ، أليس مسلما يقرأ هذا لقرآن ، أليس له نصيب منه أو لأن الحقد الذي غرس فيه أنساه ذلك ، فويل له ثم ويل له ولمن معه ورضي بعمله ، ووليل لمن أرسله ، ألا يعلم من قال ومن رضي ومن سكت أن هذه كلمة كفر تؤدي بصاحبها إلى جهنم ، إن هذه الجريمة لم يتطرق لها الكثير ، ركز الجميع على إحراق الخيام والأجساد ــ وهذه جرائم شنيعة بلا شك ــ ولم يركزوا معها على امتهان القرآن وإحراقه والتعامل الشنيع معه من قبل هؤلاء الجهلة ، والكل يعلم لو أن أحدا امتهن القرآن أو أحرقه في بقعة من الأرض لثار المسلمون واحتجوا لدى تلك الدولة التي حصل فيها .

لا نستغرب هذه الأعمال الشنيعة من قبل صالح وزبانيته وكتائبه ، فتاريخه أسود لقد آذوا العباد وأكثروا في الأرض الفساد ، سفكوا الدماء وقتلوا الأبرياء المسالمين ، الذين خرجوا بنسائهم وأطفالهم ليقولوا للعالم ثورتنا ثورة سلمية ، والدليل أن المحارب لا يخرج بالنساء والأطفال ، فلم يسلم هؤلاء الأطفال والنساء من القتل ، بل الشيوبة الذين تباكى عليهم ــ وهم أحياء لم يحصل لهم شيء ــ ضربهم ثم قتلهم ، وما قصة الشيخ العرومي رحمه الله في اب منا ببعيد ، وهي شاهد على دموية هذا النظام .

ومع ذلك نؤمن إيمانا لا يتزعزع أن الله يمهل ولا يهمل جل في علاه فهو الحكم العدل ، وأنه بالمرصاد لكل طاغية وظالم مع انه القائل : ( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل ) فكم من ظلم وقع على هذا الشعب المسكين خلال فترة حكم علي صالح ، ظلم سياسي وظلم اقتصادي وظلم اجتماعي وظلم إعلامي وغيرها ، وهذا الظلم مورس من قبل علي صالح وموظفيه ، وكل سيحاسب على قدر الظلم الذي مارسه ، ولكن الوزر الأكبر يقع على السفاح الأكبر ، ألا يعلمون أن الله حرم الظلم على نفسه وجعله بين الخلق محرما ، فالظلم جريمة عظيمة قد ينساها أو يتناساها الظالم ، أما الله تبارك وتعالى فلا ينسى ولا يضيع مثقال ذرة ، وينصف ولو بعد حين ، كذلك المظلوم لا ينسى الظلم الذي وقع عليه ، يحاول أن يدفع الظلم عن نفسه بجميع الوسائل وعلى رأسها سهام الليل التي لا تخطئ وصدق الشاعر حين قال :

لا تظلمن اذا ما كنت مقتدرا *** فالظلم ترجع عقباه للندم

تنام عيناك والمظلوم منتبه *** يدعو عليك وعين الله لم تنم

وفي خضم الأحداث نعتمد كثيرا على ما لدينا من أسباب مادية وننسى أن الله يمهل للظالم ولكنه اذا أخذه لم يفلته ، والتاريخ مليء بالشواهد ، وما حدث لعلي صالح وزبانيته عدل إلاهي وإنصاف من الله في هذه الحياة الدنيا ويوم القيامة فاتورة أخرى سوف يحاسبون عليها ، هذه إذا صحت رواية الهجوم على علي صالح فالمسألة لا زال فيها اخذ وعطاء ، وبغض النظر فإن عدالة البارئ سبحانه ماضية وهذا ما نعتقده ونجزم به ، وإذا كانت هناك إصابة فقد وقعت خارج المسجد والدليل واضح لكل ذي عقل فالصورة التي أظهرت تفجير المسجد واضح أنها مدبرة فبالله عليكم هل تصدقون هذا التفجير الناعم الذي لم يحرق فرشا ولم يخلف دما ولا أشلاء ولم يمزق القبعات العسكرية التي وضعت بعناية ، وهم يقولون أن أرجلا وأيادي قد قطعت وأجساما أحرقت ، كما أن الحجارة تناثرت إلى الخارج فكيف نصدق أنه قتل أو أصيب داخل المسجد ، والمقصود من إيراد إصابته في المسجد استعطاف الناس ، وانه مظلوم قتل في بيت من بيوت الله ، وينسون أن الذي يصلي ويخاف الله لا يعمل هذه المجازر ويسيل تلك الدماء الطاهرة ، ومع ذلك لو كان السفاح متعلقا بأستار الكعبة للحقته دعوة المظلومين .

وفي هذه الحادثة انتقم الله من هذا الطاغية وأحاطت به خطيئته وجمع الله لهذا السفاح كل ما عمل بهذا الشعب من أعمال إجرامية في موقف واحد من شظايا وحرق وفشل كلوي وتوقف رئة ونزيف وألم وحسرة ؛ وهذا عدل الله وما عند الله يوم القيامة أعظم ، وهذا ليس شماتة ولمن تحذير ولأخذ العظة والعبرة فاعتبروا يا أولي الأبصار .

  

الصورة التالية للكاتب