نقابة المعلمين تحذر الحكومة اليمنية وتمهلها أسبوعاً واحد .. عاجل الخديعة الكبرى التي اجتاحت العالم .. شحوم المواشي علاج للبشر ام كارثة على البشرية القوات المسلحة اليمنية: أبواب صنعاء ستفتح قريبًا وخطة تحرير العاصمة تسير بخطى ثابتة حزب الله اللبناني يعلن موقفه الجديد من الغارات الإسرائيلية على اليمن ماذا قال الأمين العام للأمم المتحدة بشأن الغارات الإسرائيلية على اليمن؟ البنتاغون يفاجئ السوريين والعرب عن عدد القوات الأمريكية في سوريا الطقس المتوقع في المحافظات اليمنية خلال الساعات القادمة أسماء قيادات حوثية وشركات صرافة شملتها عقوبات الخزانة الأمريكية الأخيرة.. من هو المسئول الأول عن الأموال التي تصل الحوثيين من إيران؟ نداء إستغاثة عاجل: الأسر النازحة في مأرب تواجه كارثة إنسانية بسبب البرد القارس إدانات بالغة للإنتهاكات الجسيمة والعنف الجنسي ضد النساء على يد قوات الدعم السريع بالسودان
قليلة هي المعلومات التي تسربت عن حزمة وثائق موقع ويكيليكس، ولكن هناك حالة من الرعب تسود اكثر من عاصمة عربية لان هذه الوثائق ستكشف عن اسرار العلاقات السرية العربية ـ الاسرائيلية، وفصول التآمر العربية ـ العربية، والتحضيرات للحرب على ايران.
الوثائق الجديدة لا تتعلق بالحرب في افغانستان، ولا وقائع التعذيب واخفاء المعلومات في العراق مثل سابقاتها، وانما ايضا بدهاليز السياسة الخارجية الامريكية في العالم بأسره، ورسائل السفراء الامريكيين الى حكومتهم، ولقاءاتهم السرية مع المسؤولين في الدول المضيفة، والعربية منها على وجه الخصوص، ولهذا لم يكن من المستغرب ان تكون دولتان عربيتان فقط من بين الدول التي اتصلت بهما الادارة الامريكية محذرة من تبعات كشف اسرار هذه المراسلات وهما دولة الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
لم تصدر اي معلومات، وحتى كتابة هذه السطور، تتناول مواقف اي دولة عربية، وطبيعة 'تحالفاتها' مع واشنطن وربما اسرائيل ايضا، ولكن قرأنا، وحسب المعلومات الاولية، ان الولايات المتحدة الامريكية كانت تدعم حزب العمال الكردستاني ماليا وعسكريا ضد تركيا الحليف الاستراتيجي لواشنطن، مثلما قرأنا ايضا اتهامات للحكومة التركية بدعم تنظيم 'القاعدة' وعملياته في العراق.
دعم واشنطن لحزب العمال الكردستاني غير مستبعد اذا نظرنا الى الانقلاب الكبير الذي وقع في السياسة الخارجية الامريكية في منطقة الشرق الاوسط منذ ان بدأت حكومة حزب العدالة والتنمية بزعامة السيد رجب طيب اردوغان في ادارة ظهرها الى اوروبا مكرهة، والاتجاه الى الشرق العربي والاسلامي حاضنتها الطبيعية.
فمن المؤسف ان اسرائيل، واللوبي الصهيوني التابع لها، هما اللذان يتحكمان بالبيت الابيض، ويسيطران على آليات اتخاذ القرار في الادارة الامريكية، بما في ذلك قرار خوض الحروب في العالم، وبما يخدم المصالح الاسرائيلية على وجه الخصوص. وليس من قبيل الصدفة ان الحربين اللتين خاضتهما واشنطن في العقد الاخير كانتا ضد بلدين مسلمين هما افغانستان والعراق، والحرب الثالثة قد تكون ضد بلد مسلم ثالث هو ايران.
فطالما ان تركيا اردوغان مستهدفة اسرائيليا بسبب رفضها للحصار الظالم وغير الانساني المفروض على قطاع غزة، فانها ستكون مستهدفة ايضا من قبل واشنطن، لانها ارتكبت إثمين رئيسيين من وجهة نظر الادارة الامريكية السابقة والحالية، الاول عدم مساندة الحرب على العراق والسماح للقوات الامريكية الغازية بالانطلاق من الاراضي التركية، والثاني رفض المشاركة في العقوبات الامريكية المفروضة على ايران.
* * *
تركيا باتت الآن في المرمى الامريكي ـ الاسرائيلي المشترك، ومسلسل التآمر عليها بدأ من خلال دعم حزب العمال الكردستاني الذي نشط في الفترة الاخيرة، وكثف عملياته ضد اهداف تركية سواء في قلب العاصمة التجارية اسطنبول (عملية تفجير في ميدان تقسيم الاشهر) او بالاشتباك مع القوات التركية في شرق البلاد حيث الكثافة السكانية الكردية.
الحلف الاستراتيجي بين تركيا واسرائيل انهار لان تركيا اردوغان ادركت انه حلف غير منطقي، ومثل 'مسجد ضرار' الذي اقامه المشركون والمنافقون للتآمر على الدعوة المحمدية الوليدة، حلف اخراج تركيا من ماضيها العثماني والاسلامي، دون ان يحقق لها حلم أتاتورك بالانضمام الى الفضاء الاوروبي، فخلعت الطربوش ولكن لم يُسمح لها بارتداء القبعة الاوروبية التي ضاقت عليها كثيرا، بينما اتسعت للكثيرين الآخرين لانهم من غير المسلمين.
الاسرائيليون 'شيطنوا' تركيا لان السيد اردوغان انتفض لكرامته وعقيدته ولقن شمعون بيريس رئيس اسرائيل درسا في الاخلاق، وقيم الصدق والعدالة، عندما حضرا ندوة في مؤتمر دافوس الاقتصادي بسويسرا، وألحقها بوقفة شجاعة ضد العدوان الاسرائيلي وفسفوره الابيض ضد المحاصرين المجوعين في قطاع غزة.
اسرائيل الآن، وبعد ان نجحت من خلال عملائها في جماعة المحافظين الجدد (معظمهم كانوا من ابرز انصار اسرائيل) في توظيف الآلة العسكرية الامريكية الجبارة في تدمير العراق واحتلاله، وتمزيق اوصاله، وقتل هويته العربية، ها هي الآن تبدأ التآمر بكثافة ضد تركيا، وتحاول حصارها من خلال تشكيل حلف جديد يتكون من بلغاريا واليونان وقبرص وقريبا رومانيا وبعض دول البلقان الاخرى مثل مقدونيا وكرواتيا وصربيا والجبل الاسود (مونتينغرو).
بنيامين نتنياهو زار اثينا وصوفيا، وبوخارست، وكذلك فعل افيغدور ليبرمان وزير خارجيته، وتركا الدول الصغرى الاخرى للضباط الكبار في 'الموساد' لتأسيس شبكة استخبارية موحدة ضد تركيا، التي احتلت هذه الدول في زمن امبراطوريتها العظمى، اي ان المؤامرة الاسرائيلية تريد احياء الاحقاد القديمة ضد تركيا، واللعب على العنصر الديني.
الخدمات الجليلة التي قدمتها تركيا للغرب على مدى ستين عاما من خلال عضويتها في حلف الناتو جرى شطبها بمجرد انها انتصرت للمحاصرين في قطاع غزة، وتبنت محاولات كسر الحصار من خلال سفن الاغاثة، ورفضت وهي السنية، الحصار الامريكي على ايران الشيعية في ابلغ التزام بالوحدة الاسلامية والترفع عن التقسيمات الطائفية البغيضة التي بذرت امريكا واسرائيل بذورها في العراق، وتريدها ان تنتشر في المنطقة بأسرها.
من المفترض ان تكون اليونان حليفة للعرب الذين وقفوا معها عندما كانوا في المعسكر الاشتراكي، وكانت تركيا في المعسكر الامريكي الرأسمالي، ولكن عرب اليوم، وخاصة مصر الرسمية، هم مع اسرائيل في الخندق المقابل لتركيا، ولذلك لن تجد حكومة اليونان غضاضة في التجاوب مع التحريض الاسرائيلي طالما ان عربا كثيرين باتوا يتآمرون على تركيا، ويستهجنون وقوفها ضد الحرب في قطاع غزة.
* * *
السيد اردوغان ودهاقنة حزب العدالة والتنمية، على وعي كامل بالمؤامرات الاسرائيلية، ولا بد انهم توقعوها ووضعوا الخيارات اللازمة للتعاطي معها او هكذا نعتقد، فهؤلاء ليسوا مثل جيرانهم العرب، فاقدو الارادة والعزيمة، فقد اقاموا دولة مؤسسات، واسسوا جيشا قويا، ورسخوا قيم الديمقراطية والعدالة وحقوق الانسان، وقدموا صورة ناصعة حضارية وعلمية للاسلام، فلا غرابة ان يخرج مئات الآلاف لاستقبال اردوغان اثناء زيارته الاخيرة لبيروت، على عكس زعماء عرب يزورونها تسللا ولا يشعر بوجودهم احد.
حزب العدالة والتنمية مارس عملية تصحيح لمعادلة مشروخة عندما اعاد تركيا الى هويتها الاسلامية المشرقية، وفضح اسرائيل كدولة عدوانية متآمرة تشكل عنصر عدم استقرار وتهديد للمصالح الغربية في المنطقة.
اردوغان قالها صريحة بان تركيا لن تسكت على اي عدوان اسرائيلي على لبنان، ولخص بذلك دور تركيا الجديد في المنطقة. لم نسمع مثل هذه العبارة القوية من اي زعيم عربي، ولا نستثني احدا، فهل نحن على ابواب عملية تغيير واسعة؟ نعتقد ان العجلة بدأت في الدوران، ولا بد ان وثائق ويكيليكس ستجيب بشكل اكثر تفصيلا عن هذا السؤال وغيره من الاسئلة.