17 يوليو كعيد وطني خامس
بقلم/ محمد سعيد الشرعبي
نشر منذ: 14 سنة و 4 أشهر و 17 يوماً
الإثنين 09 أغسطس-آب 2010 03:40 م

كل موقف سياسي قابل للتغيير،وخاضعا لمتاحات اللحظة،وعلى مذهب"تشرشل" لا عداوات دائمة،ولا صداقات دائمة،وإنما مصالح دائمة"، تتبدل القناعات،ويتحد الضدان على رأي،ومن منظور سياسي برغماتي ،وقع المؤتمر وأحزاب المعارضة على محضر اتفاق في 17 يوليو الماضي،وتبادل الطرفين قوائم بممثليهم للحوار الوطني الشامل،ومن المتوقع لقائهم اللجنة المشتركة بعد تأجيل المشترك لدعوة الرئيس للاجتماع الأربعاء الفائت في قاعة المركز الثقافي.

كان لابد من قرار حاسم يضع حد لصراع الديكة بين الحاكم والمعارضة،لكن التسارع الدراماتيكي في الوفاق بعد الفراق، يشير إلى وجود قناعة لدى الطرفين بالحوار،أو هناك قوى ضاغطة دفعت بالخصوم للجلوس على طاولة الحوار،وهناك رأي ثالث يرى في الرمزية الزمنية في توقيع محضر أتفاق في 17يوليو هو سبب رئيس في دخول الحاكم في حوار غير مشروط مع المعارضة،وإن سنحت فرص سابقة بهكذا إتفاق.

ظهيرة 17 يوليو تفاجأ اليمنيين بإتفاق غريب يخدم المؤتمر الحاكم،ولن يفيد المعارضة نظر لتركز السلطة والثروة لدى الطرف الأول،وبشهادة المناضل محمد سالم باسندوه رئيس تحضيرية الحوار الوطني لدليل كاف على وقوع المعارضة في شر اتفاقاتها مع الحاكم،وبعد إعلانه مقاطعة جلسات الحوار ،يرى المناضل باسندوة أن الحوار هذا لن يحل أزمات الوطن ومشاكله،بقدر ما يحل أزمات السلطة،ومن هكذا قناعات سياسية وشعبية تلقت المعارضة وابل من التهم والتشكيك من قبل قواعدها ومناصريها.

ولأن الحاكم توقف عن عناده _كما تقول المعارضة_ وقدم تنازلات لإنجاح الحوار للخروج من الأزمة،هدأت مكائن السلخ الإعلامي التابعة للطرفين،وذاب جليد الشك ،أثر تبادل قادة المشترك مع الرئيس صالح كثير من الإبتسامات،وأظهرت الكاميرات رومانسية أجواء التوقيع ،يحق للرئيس أن يبتسم فالعيد عيدان بالنسبة له،عيد ذكرى الجلوس،ويوم الحوار مع أكبر تكتل معارض،ظل لسنوات متجهما في الحاكم والشعب،وبمزاجهم ذاك فقدو الثقة بالحوارات،وأصابوا أتباعه ومناصريه بالسأم والكآبة،ما دفعهم لنعت قادتهم "المبوردين" بأقذع الصفات،وقبيح الفعال.

وكما يرى القيادي الاشتراكي محمد حيدره مسدوس فالحوار بين السلطة والمعارضة هو حوار فاشل مثل سابقيه،لأن خلافها الأساسي يحتدم حول السلطة،اتفاق يراد الحاكم من المعارضة استدراج الحراك إلى قبضة المركز،أو في أسوء الاحتمالات انتزاع موقفا من المعارضة تجاه الحراك وهذا تنساق له المعارضة،وقد تتنبه لمخاطر الإلتصاق بالسلطة في مواجهة الحراك،نظرا لما ستتكبده من خسائر على كافة مستويات العمل السياسي،اقلها ضرر تفكك اللقاء المشترك،ولعل الشعور الشعبي تجاه قادته من اتفاقها الأخير بداية للخلافات القاصمة داخل أكبر تكتل معارض.

وبتوقيعهم على محضر يستند على اتفاق مغدور به ،لم يأتيان بالجديد،بل زادو الطين بله،وما هي إلا ساعات لينكأ الارياني عبدالكريم الجرح بتفسير شخصي تحدث فيه عن مساران للاتفاق احدهما للحوار الشامل،وأخر لحوار إنتخابي مع الأحزاب الممثلة في البرلمان،وهذا تأويل إرياني عد التفاف على المعارضة قبل مغادرة مندوبية دار الرئاسة،وعلى الرغم من تدخل الرئيس لطمأنة المشترك لتبديد زلة الارياني،قال القيادي الاشتراكي علي الصراري أن تفسير الإرياني أفضى إلى ترسيم الخلاف حول محضر الإتفاق،وبتأجيل المعارضة استجابتها لدعوة الرئيس من الأربعاء إلى السبت تكهن المتشأمين في المؤتمر من نوايا المعارضة،وأسف مصدر في الحزب الحاكم من تفويت الأخيرة لدعوة صالح.

تفهم المؤتمر موقف المشترك الذي بعقدة لدورة إستثنائية لتحضيرية الحوار الوطني لضرورات طارئة ناجمة عن توقيع أتفاق 17 يوليو،من هذه الضرورات إمتصاص غضب قواعدها،ومراضاة لقيادات لا ترى في الحوار بد،وأيضا لإستعادة دورها من موقع التابع المدعو إلى المتبوع المبادر في لعبة شد الحبل مع المؤتمر..وتلاعبها بأعصاب الجميع تكتيك سياسي يأمل منه دغدغة عواطف قواعدها الناقمة على إمتداد البلد،واختبار صبر الحاكم الذي يفسر بعض المحللين برود موقفه بنصره المعنوي على ألذ خصومه بإتفاق في ذكرى جلوسه.

ومن البداية حاولت المعارضة إبقاء خط رجعة إلى الحوار،وأرسلت أكثر من رسالة لطمأنة المؤتمر عبر من عُرف مؤخرا بأعتى خصوم الحاكم حميد بن عبدالله الأحمر الذي يشغل أمين عام تحضيرية المشترك،ومما بعثه الأحمر للحاكم والرأي العام قوله "اعتراف السلطة المتأخر بالحوار،خطوة مهمة يجب تشجيعها عليه"،وتلى حديث الأحمر رسالة من المشترك جاء فيها: المشترك يقدر الدعوة للقاء لجنة التهيئة للحوار اليوم(يعني الأربعاء الماضي)،ويقترح إجتماع إعداد مسبق يحدد الموعد وجدول العمل من إنجاح اللقاء الأول.

وما هو في رأي المعارضة تكتيك سياسي،ولعب على الممكن والمتاح مع نظام سياسي مستأثر بالسلطة والثروة،في رأي اليمنيين (مولاين،معارضين) تواطؤ،وصفقة سياسية قذرة سيجني ثمارها حُمران العيون،وعلى حساب تأريخ المعارضة،ونضال شرفائها في كل طيف،هكذا يفهم الجميع،مستدلين صمت الأعلام الرسمي والمؤتمري تجاه مماطلات المشترك،ما يعني وجود توجه رئاسي صارم يفوت المبررات على المعارضة من دخولها لحوار محكوم عليه بالفشل،وفي الكواليس يهرع وسطاء الفرص لترويض المشترك لمواصلة المشوار،الذي تبين لهم مغازيه مؤخرا،ولن يكون أقلها ضرر تخليد 17 يوليو كعيد وطني خامس بأسم عيد الحوار الوطني،وتوجه الحاكم يؤكد ذلك،وفي العام القادم سنحتفي به،ولكل طرف سياسي مانوى..!!!

بشكل أو بأخر سيتم ترسيخ عيد الحوار في الذهن العام كما ترسخت مفردات وتواريخ سابقه بفعل بالتكرار،وعلى الرغم من مروق ثلاثة عقود في رئاسة الجمهورية بعصريها أثناء التشطير،وبعد الوحدة،لم يسعى الحاكم لتخليد 17يوليو،والاحتفال بذكراه بشكل رسمي،على غرار جمهوريات وممالك ودول عربية ،تحتفي بأعياد الجلوس،لكن المعارضة حققت للرئيس صالح مراده،بشرعنتها لخامس أعياده ،وبكل تأكيد سيحتفي الصالح العام القادم بالذكرى الأولى لعيد الأعياد،وبحسب معارض ساخر 17يوليو صار عيدان في يوم،عيدا للحوار والجلوس معا.

وفي سياق متصل بـ17 يوليو كعيد خامس سيضاف إلى رباعية أفراحهم الوطنية (26 سبتمبر،14 أكتوبر،30 نوفمبر،22 مايو)وبالشمع الأحمر سيضاف عيد الأعياد رغم أنف الجميع،وستظهر اليمن بخماسية (26 سبتمبر،14 أكتوبر،30 نوفمبر،22 مايو،17 يوليو)،وتجسيدا لهذا التوجه السلطوي سنسمع بالحوار كمفردة سياسية في نغمة الحاكم المعتادة " الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية والحوار"...هذا هو غاية الحوار في نظر المؤتمر الحاكم.

ولكي لا يعد حديثي تدشينا لما سنراه في قادم الأيام،أصدقكم القول أني أعيادهم ومفرداتهما،ومناكفاتهم لا تعنيني في شي ،ولم أحتفل يوما بعيد ما كبقية اليمنيين شمالا وجنوبا،فنحن شعب مهموم بلقمة عيش شريفة،شخصيا لم أتذكر أني احتفلت يوما بعيد ميلادي،كما يحتفل أولاد الذوات،فما الداعي لمجاراتهم؟؟؟؟؟.

Sharabi53@gmail.com