مأرب برس يكشف أساليب وطرق المليشيات الحوثية في عسكرة جامعة صنعاء وطرق تحويلها الى ثكنات ووقود للأجندة الطائفية مؤسس الجيش الحر يكشف السر الحقيقي وراء إنهيار وهزيمة جبش بشار خلال معركة خاطفه أول بيان للمخلوع بشار الأسد بعد هروبه الى روسيا.. ماذا قال؟ واشنطن تدرس إعادة الحوثيين إلى قائمة الإرهاب ومبعوثها يكشف سبب زيارته الى جيبوتي انعقاد مؤتمر إطلاق الاستراتيجية المحلية للنساء بمأرب. بإسم الرسول الأعظم الحوثيون يغتصبون منزلا بالقوة ويضعون عليه اسم النبي تركيا ترسل فريق بحث إلى سجن صيدنايا سيء السمعة تتبع سلالة كوليرا شديدة المقاومة للأدوية ظهرت أولاً في اليمن ثم انتشرت في عدة دول ثروة ''آل الأسد'' كيف حصلوا عليها ومن يديرها؟ ترامب يخطط لحرمان أطفال المهاجرين من حقهم في الحصول على الجنسية الأميركية.. هل ينجح ؟
قبل أسابيع قليلة شارك كاتب هذا العمود بورقة في جامعة جورج تاون عن الفنان فهد القرني في موضوع عن الإعلام البديل الذي تلجأ إليه القوى الحية في المجتمعات النامية عندما يحكم الاستبداد هيمنته على وسائل الاتصال السمعية والبصرية ويجعلها متاحة للموالين فقط. من صور الإعلام البديل توزيع الأشرطة والأقراص المدمجة على نطاق واسع، واقامة العروض المسرحية في الهواء الطلق بشكل يلاقي رواجا كبيرا، علاوة على نشرها في موقع يو تيوب ومواقع أخرى على الانترنت وتعميمها بوسائل كثيرة لا حاجة لتعدادها.
لقد تنبأت في ورقتي –مخطئا- أن السلطات اليمنية لن تجرؤ على اعتقال القرني أو إيذائه لأنه أصبح رمزا كبيرا معروفا على نطاق واسع بين الجماهير اليمنية. وأشرت في الورقة إلى أن الصحفيين غير الموالين يتعرضون للاعتقال والمحاكمات وأحيانا القتل بحوادث سير مدبرة، ولكن جمهور هؤلاء الصحفيين قد لا يتجاوز 25 ألف قارئ في أحسن الأحوال نسبة كبيرة منهم في الخارج، بينما يقدر جمهور القرني بالملايين في الداخل وقد يؤدي التعرض له إلى مواجهة محفوفة المخاطر مع هؤلاء الملايين.
لقد غاب عن ذهني أثناء كتابة الورقة نقاط مهمة أغفلتها وأدت إلى هذا الاستنتاج الخاطئ ومن بين تلك النقاط
ما يلي:
أولا: لم أكن أتصور أن السلطة في بلادنا فقدت عقلها ووصلت في غيها إلى درجة عدم الخوف من اعتقال فنان محبوب على نطاق واسع يعبر عن أحاسيس الجماهير ومشاعر الشعب بلهجة بسيطة ومقنعة.
ثانيا: لم أدرك وقت كتابة الورقة أن أصحاب القرار في البلاد ليس لديهم حياء ولا خجل من إيذاء مشاعر الشعب والاستهانة بقدراته في الدفاع عن المكافحين ضد الفساد من أمثال صاحب الضمير الحي فهد القرني.
ثالثا: لم أتنبه في بحثي إلى أن لدينا سلطة غبية تعمل ضد نفسها، لأنها باعتقال القرني، حولت قضيته إلى ثأر شخصي بينه وبين الرئيس، وأغلقت آخر نفس للشعب يستطيع فيه أن يخفف من معاناته من الفساد عن طريق صوت القرني الساخر وأشرطته الرائعة ومسرحياته المعبرة.
رابعا: يبدو أن هناك أصحاب قرار في السلطة يسعون حثيثا لتعجيل الصدام مع حزب الإصلاح بمثل هذه الاستفزازات، لأن الإصلاح باعتقال القرني الذي ينتمي إليه، أصبح أمام خيارين أحلاهما أمر من الآخر، فإما أن يخسر التجمع جماهيره وسمعته بالسكوت عن اعتقال القرني، وإما أن يثبت للسلطة أنه في مستوى من القوة تمكنه من الدفاع ليس عن المنتمين إليه فقط بل عن ضمير الشعب وأحاسيسه ومصالح الأمة.
وفي ظل هذه الحقائق فقد أصبح من المحتم على الإصلاح ومعه أحزاب اللقاء المشترك مواجهة الفساد و الاستبداد بقوة الشارع وعزم القواعد المتحمسة للتغيير، وهو ما سيؤدي بلا شك إلى تعريض القيادات والقواعد لخطر مواجهة دبابات السلطة وطائراتها، وربما تخرج المواجهات عن نطاق السيطرة لأن الفساد استشرى بدرجة ذهب فيها الحياء وغاب العقل وتضخم الجنون. وفي الوقت الذي يعاني فيه اليمنيون من الفقر والعوز والحرق في الدول المجاورة فإن رموز الفساد والاستبداد يعانون من التخمة وارتفاع نسبة الكولسترول في دمائهم وتزايد الجلطات في أدمغتهم الأمر الذي أفقدهم القدرة على التفكير السليم، ويريدون أن يحرمونا حتى من السخرية من الفساد واللصوصية المستشرية بينهم.
لو كان لدى السلطة القائمة في بلادنا أقل قدر من التفكير المنطقي السليم لاستفادت من تجربة السطات السورية في تعاملها منذ عقود مع الفنان دريد لحام وياسر العظمة وجميع رموز الفكاهة في القطر العربي السوري. ولو كان وزير الإعلام يفقه أبجديات الإعلام لبث مسرحيات القرني وأغانيه عبر التلفزيون الرسمي لامتصاص غضب الشعب وتخفيف الاحتقان الناجم عن موجة الغلاء الفاحش والفساد المستشري.
وزارة الإعلام تنفق ملايين الدولارات على شراء المسلسلات والمسرحيات الخارجية التافهة ولدينا في اليمن ثروة من الفن الكوميدي الهادف يتبناه المبدعان القرني والأضرعي وآخرون بما يتناسب مع أوضاعنا وحاجات شعبنا وتطلعاته. وبدلا من رعاية الفن الهادف وتشجيعه وكسبه نقلنا المسؤولية من وزارة الإعلام إلى الأمن السياسي كي يشجع الأمن هذا الفن ويطوره بطريقته الخاصة.
لقد أرادت السلطة أن تختبر رد فعل الشعب باعتقال فنان الشعب المكافح ضد الفساد فهد القرني، ولهذا فإن السكوت عن اعتقاله سيجعل الاستبداد يتمادى في غيه إلى أقصى درجة. وسوف يحول هذا السكوت الجماهير والأحزاب الكبيرة إلى أضحوكة في نظر المنتمين إليها إن لم توفر الحماية لهم.
ملحوظة:
إذا كان اعتقال الفنان فهد القرني يشكل إهانة لقطاع واسع من الشعب اليمني، فإن اعتقال قادة الحراك الجنوبي يمثل تهديدا صارخا للوحدة اليمنية، وستكون عواقب هذه الاعتقالات أكبر بكثير مما تتصور السلطة المستمرة في غيها، وهذا موضوع لاحق.