آخر الاخبار

الدكتوراة للباحث إبراهيم اليمني من كلية الحقوق جامعة بني سويف مع مرتبة الشرف على غرار اقتحامات واتهامات نظام الأسد.. مليشيات الحوثيين تقتحم عمارة سكنية بمحافظة إب بقوة الحديد والنار وتروع سكانها اللواء سلطان العرادة يدعو الحكومة البريطانية الى تفعيل دورها الاستراتيجي في الملف اليمني وحشد المجتمع الدولي للتصدي للدور التخريبي لإيراني .. تفاصيل الاتحاد الدولي للصحفيين يناقش مع صحفيين يمنيين وسبُل محاسبة المتورطين في الانتهاكات التي تطالهم عاجل العميل الإيراني رقم إثنين .. الهدف القادم الذي ينوي الغرب والعرب استهدافه واقتلاعه.. ثلاث خيارات عسكرية ضاربة تنتظرهم ما يجهله اليمنيون والعرب ..لماذا لا يجب ترك شاحن الهاتف موصولاً بالمقبس الكهربائي بشكل دائم؟ من هو الأفضل في 2024 بحسب الأرقام؟ كريستيانو رونالدو أم ليونيل ميسي.. عاجل تحسن هائل في سعر الليرة السورية مقابل الدولار .. اسعار الصرف شاحن هاتف ينهي ويوجع حياة 7 أفراد من نفس العائلة في السعودية توافق دولي عربي على الوضع في سوريا

هل يحكُم الرئيس ويده على الزّناد
بقلم/ سارة محمود القاضي
نشر منذ: 17 سنة و شهر و 18 يوماً
الجمعة 26 أكتوبر-تشرين الأول 2007 08:31 م

 قدّم الكاتبُ محمد ولد أباه ، في مقاله بصحيفة الشرق الأوسط اللندنية ، مطلع أكتوبر الحالي ، أدق توصيف للأزمة القائمة في اليمن باعتبارها " أزمة سياسية " ، وليست " قانونية أو دستورية " كما أريد لها أن تكون في المبادرة الرئاسية الأخيرة .

ولا مجال هنا للخوض في تفاصيل مسببات الأزمة وأعراضها الظاهرة والخفية ، فقد تناولتها الكثير من الكتابات ، سواء تلك التي وصفت بأنها رصينة وجادة ، أو تلك التي أُعتبرت مُغرضة وحاقدة !

الشيء المُجمع عليه ، صراحة أو ضمنا، أن الأزمة الحالية هي الأخطر التي تواجهها اليمن منذ القضاء على م حاولة الانفصال في يوليو 1994 ، وأن هذه الأزمة مستفحلة وعميقة الجذور ، وأنها تشكل تحديا جديا للرئيس ، بل وتهدد باقتلاع نظام حكمه من جذوره ، ولا يستبعد أحد أن تصل الأمور إلى هذا الحد ، إذا استمر القائمون على النظام والمستفيدون منه في هروبهم من الاعتراف بحقيقة الأزمة ، وبالعوامل الرئيسية التي كانت سببا في نشأتها ثم في تطورها ووصولها إلى مرحلة تؤذن بالانفجار، خاصة بعد أن تداخلت الأمور وأختلط ما هو حق ومشروع بما هو باطل ومرفوض .

هناك إجماع إذن ، أن الأزمة في مجملها خطيرة ، ولكن أخطر جوانبها في رأي الكثيرين هو أنها تتفاعل ، وتنتقل بسرعة من طور إلى طور، في ظل غياب للرؤية الواضحة سواء من جانب السلطة أو المعارضة .

ومع أن الرئيس قد تميّز دائما بالقدرة على الاستشعار المبكر للمخاطر التي تهدد نظامه ، وكذا بسرعة الحركة في الوقت المناسب ، إلا أنه يقف هذه المرة في موقف الدفاع وليس في موقع الهجوم ، وهو الموقع الذي أعتاد عليه دائما ، ومن خلاله سحق أو أحرق كل خصومه في كل مرحلة من مراحل حكمه الذي يعد الأطول في تاريخ اليمن .

والذين يعرفون شخصية الرئيس ، وطريقة تفكيره ، لا يساورهم الشك أبدا في مدى إدراكه لطبيعة المخاطر التي تهدده ، ولكن الرئيس - كسياسي محترف رغم أنف باجمال - لا خيار له غير التظاهر بعدم الاعتراف بخطورة الأزمة ، بل والتهوين من شأنها ، " .. لا وجود للإحتقانات إلا في رؤوس المحتقنين .. " ، وبالتالي الظهور بمظهر القوة والحزم لكي لا يظفر خصومه منه بأية تنازلات ، وكيف له أن يقبل ذلك ؟ وهو يدرك جيدا أن أي تنازل ، مهما صغر شأنه ، سيفسره معارضوه بأنه علامة ضعف وبعدها لن تتوقف مطالبهم إلا بخلعه عن سدة الحكم .

وبالمقابل ، فإن المعارضة قد تعلمت من أخطائها و تجاربها المريرة الكثيرة مع الرئيس ، وهي تبدو واعية تماما بخلفيات موقفه من الأزمة ، وبكل عوامل القوة وأسبابها التي لا تزال في حوزته .. ولكن ما تراهن عليه المعارضة وقد تكسب الرهان بالفعل ، هو التآكل السريع في شرعية النظام بعد التدهور المريع لأوضاع الناس المعيشية في الآونة الأخيرة .

ومع أن القوة كلها ، لا تزال في حوزة الرئيس ، إلا أن المعارضة – فيما يبدو بوضوح – مطمئنة إلى أنها قد تكسب الرهان في نهاية الأمر، فقادة المعارضة اليمنية يدركون جيدا أن الرئيس لا يستطيع أن يحكم ويده طوال الوقت قابضة على الزناد ، فذلك أمر مُرهق ومُكلف ولا يستطيع أن يتحمله أي نظام مهما بلغت قوة جيشه وأمنه .

وبضغطها المستمر على الرئيس ، على مستوى الإعلام وعلى مستوى الميدان ، تحاول المعارضة أن تدفع به إلى إعادة النظر بشكل جذري في مجمل سياساته وطريقة معالجته لمختلف القضايا والملفات الحساسة .. وفوق ذلك ، تُؤمّل المعارضة ، من خلال مواصلتها الضغط ، أن الرئيس ، حتى ولو لم يقتنع بجدوى إعادة النظر في سياساته ، فستدفعه الضرورة السياسية ومقتضيات الحفاظ على موقعه ، إلى تبني النهج الذي تطالب به المعارضة ، أو على الأقل إلى الالتقاء معها في منتصف الطريق .

ومع إصرار المعارضة على تصعيد الموقف ، ورغم ما يبدو من تهوّر غير محسوب في اندفاعها ، إلا أن المعارضة تحسب في حذر كل خطوة من خطواتها ، ولحذرها الزائد أسباب مفهومة ، ومن بين تلك الأسباب :

- أن المعارضة اليمنية هي لقاء ، أو تحالف ، بين مُتعارضين . وقد دأب الإعلام الرسمي على وصفها بأنها " تآمر مشترك " يهدف إلى الانقلاب على الرئيس .

- أن المعارضة ، كما ألمحنا من قبل ، تدرك قوة الأوراق التي لازال يمسك بها الرئيس على المستويين الداخلي والخارجي .

- أن قادة المعارضة يدركون أن مشروعهم للإصلاح السياسي ، رغم ثغراته الكثيرة ، لن يكون مقبولا من الفئة الحاكمة ، لأنه ببساطة يعني نهاية نفوذها السياسي والحد من وجودها الاقتصادي ، وبالتالي فمقاومته مسألة حياة أو موت بالنسبة لكثير من أركان النظام .

- إدراك المعارضة اليمنية أن مركز القرار الدولي لازال يدعم بقوة نظام الرئيس صالح ، ولا يقبل التفريط به في ظل الضرورات التي تحتمها الحرب الدولية القائمة على الإرهاب ، خاصة بعد أن نجح الرئيس في تسويق نفسه كشريك يعتمد عليه في هذه الحرب .

- إدراك المعارضة أن المجتمع الدولي لن يرحب بأية حكومة للمعارضة اليمنية بقيادة حزب الإصلاح ، مع وجود أسماء بعض رموزه على قائمة المطلوبين دوليا ، ووجود البعض الآخر في غياهب السجون الأمريكية لمزاعم تتعلق بصلتهم بالإرهاب الدولي إمّا كمرشدين أو كممولين .

 ومع إدراك المعارضة لذلك كله ، إلا أنها تُواصل ضغطها على الرئيس ونظامه ، مستغلة الكثير من النقاط ، ومن بين أهم النقاط التي ترددت كثيرا في كتابات صحف المعارضة ، وحوارات قادتها مع الصحف ووسائل الإعلام المختلفة ، وتراهن عليها المعارضة بقوة :

- تآكل شرعية نظام الرئيس نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية ، وتفشي مظاهر الفقر والبطالة على نطاق واسع ينذر بكارثة محققة ( رغم أن الشرعية الانتخابية لا تزال في جانب الرئيس ) .

- طول فترة بقاء الرئيس على رأس السلطة ، " .. الناس ملوا منا ، ونحن ملينا منهم ..." ، وانفراد الرئيس بالقرار ، وعُقم الرؤية السياسية ، لدى الفريق المُحيط بالرئيس ، على المستوى الاستراتيجي.

 

- تفريغ المؤسسات الدستورية للدولة من مضمونها ومحتواها ، مع الإبقاء عليها شكلا كإطار لاحتواء الشخصيات والأفراد ذوي التأثير والثقل الاجتماعي ، واستحداث آلية إدارة الدولة باللجان كآلية موازية – ومُعطلة – لجهاز الدولة الإداري ، وبالتالي تحييد الآلية القانونية للحكومة ، وربط كل شيء بشخص الرئيس .

- سوء الإدارة الواضح للمشكلة الجنوبية ، الأمر الذي يهدد الوحدة الوطنية ، وينذر بتمزيق المجتمع من أجل المحافظة على مصالح بضعة أشخاص كما ورد في تقرير الدكتور صالح باصره .

- تحييد الرئيس للشخصيات ذات الثقل في حزبه ، وتحويلهم إلى تماثيل من الشمع ، تُعرض على الناس كلما اقتضت المناسبة ، فهم أمام الناس مشاركون في السلطة ، ولكنهم في الواقع مُغيّبون عنها .. بينما يعتمد الرئيس على شخصيات لا تظهر على المسرح ، وهو يثق بولائها بصرف النظر عن قدراتها ومؤهلاتها . وهذا السبب بالذات ، كما تراه المعارضة ، هو أحد العوامل الحاسمة في تدهور أوضاع البلاد ووصولها إلى ما وصلت إليه .

إلى ماذا تهدف المعارضة ؟

وصلت المعارضة اليمنية إلى نتيجة مفادها : أن الديمقراطية كانت " وصفة قاتلة " !! ، وأن الانتخابات في مجتمع جاهل وفقير لا تؤدي – مع ضحالة الوعي السياسي – إلا إلى فوز من بيده المال والقوة والجاه .. لهذا لا تنفك المعارضة تردد أن الرئيس وحزبه لم يفوزا في الانتخابات الرئاسية والمحلية الأخيرة إلا باستخدامهما إمكانيات الدولة ومقدراتها !! ( ترى هل كانت المعارضة تفعل غير ذلك لو كانت في موقع الحكم ؟؟ ) .

وبإدراكها لقوة الرئيس ، وبحقيقة الواقع كما هو على الأرض ، لم يعد هدف المعارضة إسقاط نظام الرئيس ، حتى لا تصل بنفسها إلى " نموذج غزة " كما أشار إلى ذلك بذكاء ودهاء سلطان البركاني ، ولكن ما أصبحت تسعى إليه المعارضة هو الوصول إلى صيغة للمشاركة في الحكم ضمن إطار " حكومة وحدة وطنية " ، وهو ما صرح به بوضوح جميع قادة المعارضة ، في مناسبات مختلفة ، كمخرج من الأزمة .

وتدرك المعارضة بالطبع ، أن ما تسعى إليه يتعارض مع قواعد اللعبة الديمقراطية ، بل أنه يشكل انقلابا عليها ، فالرئيس يحكم وفقا لأغلبية " ساحقة ماحقة " أفرزتها انتخابات لم تمض عليها سوى سنة واحدة من سنوات سبع عجاف يتوجب على المعارضة انتظارها لتخوض انتخابات جديدة على منصب الرئيس .

ولذلك فقد سارعت المعارضة ، بانتهازية واضحة ، إلى اللّحاق بحركة الشارع الذي تجاوزها وتجاوز الحكومة معا ، ولكي تُخفي المعارضة انتهازيتها يلوّح قادتها - رغم ذعرهم الشديد – باللجوء إلى خيار الانتخابات المبكرة ، بدعوى أن تطورات الأوضاع وتفجّر الأزمات قد أفرز واقعا جديدا ينبغي مواجهته ، وأن الرئيس لا يستطيع الهروب منه بحجة أن المشروعية الدستورية والانتخابية تقف إلى جانبه ، كما أنه لا يستطيع الالتفاف على هذا الواقع المتفجر بتقديم مبادرات سياسية حول تغيير شكل ومسمى النظام ، في الوقت الذي يعرف فيه الجميع أن النقاش حولها سيكون " بيزنطيا " في أوساط النخبة السياسية ، بينما الناس في الشارع تريد أن تأكل وتعمل وتعيش في كرامة وعدل وأمن ، ولم يعد يهم معظم الناس ما هو نوع النظام أو اسمه أو لونه .

هل ينقلب اليمنيون على الديمقراطية ؟

سؤالٌ ربما لم يخطُر على بال أحد ، ولكن ما لا يغفل عنه عاقل، أن الديمقراطية - المستجلبة إلى واقع شديد التعقيد من خارج سياق تطوره - لم تقدم للمجتمع اليمني ، والعربي عموما ، خلال عقد كامل من الزمان ، أو ربما أكثر ، سوى قائمة طويلة من الوعود ، حتى لا نقول الأوهام ، فالحكام هم الحكام ، والأوضاع تزداد سوءا باطراد ، وقد انحصرت مهام دول المنطقة في وظيفة واحدة هي : مُحاربة الإرهاب ، حسنا ً ولكن من يقوم بمهام التنمية ؟؟ الناس في كل مكان يتضورون جوعا ويفتقدون إلى الأمن ، وآلة الديمقراطية الصاخبة تطحن لهم وعودا وآمالا لا يسمح الواقع بتحقيق الكثير منها حتى لو حسنت النوايا .

مشكلة اليمن ، أن خريطة توزيع القوة على الأرض لا تتغير ، وما يتغير هو الخطاب الإعلامي للسلطة والمعارضة ، مراكز القوة ثابتة وراسخة ، والكلام والضجيج في تغيّر مستمر ، وطالما ظلت المعارضة في اليمن عاجزة عن تصحيح معادلة القوة فسيبقى كل شيء على حاله .

ومن هنا ، فان هناك من يراهن على الانتخابات البرلمانية القادمة ( ابريل 2009 ) لإحداث تغيير جوهري في معادلة الحكم في البلاد ، وفي ظل المعطيات القائمة ، يبدو ذلك وهم آخر، فالانتخابات البرلمانية لن تأتي إلى البرلمان إلا بنفس البضاعة التي عرفناها كل مرة ، قد تتغير بعض الوجوه ، ولكن النواب ( الموظفين ) لن يكونوا إلا ممثلين لنفس المصالح .. وطالما أن السلطة في اليمن هي مصدر جميع المصالح باعتبارها المشغل الأول ، والتاجر الأول ، والحارس الأول ، فلن يكون النواب القادمون سوى " موظفين جدد " بنفس العقليات ، وبنفس التفكير الأناني والآني الذي هو سبب كل ما يحيط بنا اليوم من أزمات كان بالإمكان تجنبها بقليل من الإحساس بالمسئولية والشعور بالواجب .

ما هو المخرج إذن ؟

للأسف ، أوصلتنا أنانيتنا إلى وضع حرج ، فاليمن اليوم - مهما كابرنا وغالطنا أنفسنا – تعصف بها الأزمات من كل جانب ، ونحن - لا أستثني أحدا - أمام أخطار محدقة تهدد كياننا ووجودنا ومستقبل أولادنا ، والمخرج الوحيد هو أن نتحمل جميعا ، سلطة ومعارضة ، مسئولياتنا تجاه أنفسنا ، ومشكلتنا ليست في شكل نظام الحكم أو نوعه أو اسمه ، ولكن مشكلتنا تكمن في مفهوم الحكم وفلسفته ، وما يُحيط بنا من أوضاع متفجرة يقول لنا بوضوح أن هناك خللا خطيرا ينبغي إصلاحه في الحال ، وإلا فلنستعد لدفع الثمن .

بلادنا بحاجة إلى رؤية وطنية شاملة لتتجاوز أزماتها ، ولكن ما هو واضح حتى الآن ، أن الرؤية للخروج من كل هذه الأزمات لا تزال غائبة بين سلطة مكابرة أو مستكبرة ، وبين معارضة مُفلسة أو مُحاصرة ، وبين نُخبة سياسية وفكرية مُغيّبة أو حائرة .

Smahmood80@maktoob.com