الوحدة أو الموت مر .. اقتراح لإنقاذ الحكم من السقوط
بقلم/ منير الماوري
نشر منذ: 15 سنة و 11 شهراً و 29 يوماً
الأربعاء 17 ديسمبر-كانون الأول 2008 11:30 ص
ربما أني على المستوى الشخصي لن أشعر بالأسف على سقوط النظام الحاكم في بلادنا، لأنه نظام لا يؤسف عليه، ولكن لأن عواقب سقوطه ربما تكون وخيمة على الأبرياء من أبناء الوطن، فسوف أساهم باقتراح ربما يبدو غريبا في هذه الآونة،ولكن الأسرة الحاكمة، سوف تتمنى تحقيقه لاحقا، بعد أن تجد نفسها مجردة من كل الخيارات الأخرى.
اقتراحي يتلخص في التالي:
على حكام اليمن الحقيقيين من أفراد الأسرة الحاكمة وعلى رأسهم اللواء علي محسن الأحمر والعمداء يحي محمد عبدالله وأحمد علي عبدالله صالح، وطارق محمد عبدالله صالح، ومعهم محمد صالح الأحمر وعلي صالح الأحمر، وعمار محمد عبدالله صالح وتوفيق صالح عبدالله صالح أن يعقدوا اجتماعا مغلقا تحت مسمى اجتماع مجلس الدفاع الوطني لتدارس الأوضاع الخطيرة التي تمر بها البلاد، بشرط ألا يحضر الاجتماع، لا بورجي ولا علي الآنسي، ولا عبدالله البشيري ولا حتى خالد الأرحبي. وعلى الحكام الحقيقين إدراك مايلي:
أولا: المشكلة الجنوبية خطيرة جدا وأصبحت تهدد الوحدة اليمنية ولا يمكن حلها بمعزل عن الحزب الإشتراكي.
ثانيا: مشكلة الحوثيين في صعدة لا يمكن حلها بمعزل عن الإصلاح، واتحاد القوى الشعبية، ورموز قبيلة حاشد، لأن صعدة دوخت المصريين ودوخت العثمانيين من قبلهم، كما دوخت الفرقة والحرس من بعدهم، ولا مجال للمكابرة.
ثالثا: لا يمكن منع الحراك المتوقع في المناطق الوسطى وبالذات في محافظات تعز وإب والبيضاء بمعزل عن الوحدوي الناصري، وبمعزل عن احترام إرادة الناخبين.
رابعا: عليهم إدراك أن المؤتمر الشعبي اصبح عبئا عليهم بسبب كثرة الفاسدين فيه والمستفيدين من النظام أكثر ممن يفيدونه، خصوصا أولئك الذين يشاركون في المغنم ولم يشاركوا أبدا في المغرم، فالتضحية بالمؤتمر أصبحت ضرورية لبقاء النظام، لأن فساد المؤتمر أصبح نقيضا للوحدة، وبدلا من الانتظار حتى تتحرك مجاميع الشعب لتخيير الحاكمين بين السلطة والوحدة، فمن الأجدى استباق الأحداث والقبول بانتخابات حرة ونزيهة، وستتمخض الانتخابات بكل تأكيد عن سقوط المؤتمر إذا وقف الحكام الحقيقيون على الحياد. وبافتراض أن أحزاب المعارضة قد تفوز بأغلبية المقاعد بسبب فساد المؤتمر فهذا لن يغير من موازين القوى في شئ، بل سيمنح الحكام الحقيقيون انفسهم عمرا جديدا، وسيقتصر تنازلهم على تكليف رئيس وزراء من المعارضة لتشكيل حكومة مثل حكومة الدكتور مجور، وستكون مهمة الحكومة هي إصلاح الأوضاع المهترئة، فإن نجحت سيكون ذلك نجاحا للاسرة الحاكمة، وإن فشلت فسيعود الفشل على المعارضة. أما المؤتمر الشعبي، فسوف يتوزع رموزه بين الشارع والبزنس والاستثمار، ولن يتحول إلا القليل منهم إلى معارضة، لأنهم لا يقوون على المعارضة والرئيس يعرفهم جيدا، لأن بصمات أصابعه مرسومه على خدود أكثرهم.
الرئيس علي عبدالله صالح للأسف لا يبدو أنه يخشى السقوط، أو يدرك خطورة غليان الشارع اليمني، وخطورة عودة مظاهرات 1992 التي تسببت في حرب 1994. ويعود عدم إدراكه إلى أنه أصبح مصابا بداء الغرور بعد ثلاثين سنة من التنقل بين أزمة وأخرى، وكأنه لا يستطيع أن يعيش إلا في أزمات، ولكن المثل الشعبي اليمني يؤكد ان " الشردات كثيرات، والمسكة واحدة".
ولهذا فإن على كبار أفراد الأسرة الحاكمة أن يفكروا في الأمر جليا، وأن يحالوا الانفراد به بعيدا عن الموسوسين، من أجل إقناعه أن ما حدث في صعدة وما يمكن أن يحدث في الجنوب ليس بالأمر الهين، وأن الشعب يمكن أن يخرج بدون قيادات المعارضة، أو بقيادات جديدة خارجة من قلب المعاناة. إن الرئيس للأسف يراهن على أن قيادات المعارضة الحالية لن تسعى لمواجهته مهما كانت الظروف، ولذلك فهو يمعن في إذلالها وفي محاولاته لتركيعها كي تقبل بشروطه. ولعلي لا أذيع سرا إذا ما قلت أن الرئيس علي عبدالله صالح ذكر لأحد مستشاريه أن رموز المعارضة ومنهم (....) فلان، من الإصلاح، لا يقوى على تحمل التعذيب والسجن والبهدلة. ربما أن الرئيس محق في اعتقاده هذا عن رموز المعارضة، ولكن ألا يعرف الرئيس أن هناك شعبا بأكمله لم يعد يفرق بين الموت والحياة لأنه يتعذب خارج السجن أكثر من عذاب السجناء السياسيين في زنازين العم غالب القمش؟
وإذا كان هناك من بين أبناء الشمال من يستطيع أن يتقبل العذاب في سبيل " كلام فارغ " كان اسمه يوما " الوحدة" فليس هناك من أبناء الجنوب من سيظل راضخا للذل والقهر والقمع والقتل باسم الوحدة. ولم يعد هناك من أبناء الشمال من هم مستعدون أن يقاتلوا أبناء الجنوب من أجل أن يتمتع الفاسدون في المؤتمر الشعبي العام بالفيد والثروة تحت سمع وبصر فقراء اليمن المنتشرين شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.
*الوحدة ليست شعارا نرفعه وإنما سلوكا، نتعامل به مع إخواننا في الجنوب الذين يمتلكون النصيب الأكبر من الأرض والثروة.
*الوحدة كانت يوما ما تجري في دماء الجنوبيين وتهيمن على جوارحهم، مثلما كان فيروس الفساد ومازال يجري في دماء ومخيلات حكام الوحدة الحاليين.
*الوحدة، جرى قتلها، في اليوم الذي قتل فيه ماجد مرشد، وفي اليوم الذي أطلق فيه صاروخ آر بي جي على غرفة الدكتور ياسين سعيد نعمان، وفي اليوم الذي استوقفت فيه نقطة عسكرية شمالية موكب حيدر العطاس رئيس وزراء دولة الوحدة الجنوبي.
*الوحدة يحكمهما بشر هم أبعد من يكونوا عن الوحدة في الماضي والحاضر والمستقبل.
*الوحدة التي يتغنى بها الرئيس ومستشاروه وأعوانه لن تستمر في وجود المؤتمر الشعبي العام على رأس الحكم لأن الممارسات الفاسدة والنهب والسلب والكذب أصبح أكثر من أن يتحمله الرجال الصادقون.
*"الوحدة أو المؤتمر" هو شعار جديد يجب أن يرفعه أبناء الشعب اليمني في الشمال والجنوب لمنح الرئيس فرصة أخيرة، إن أراد الحفاظ على حكمة، وعليه أن يختار بين الوحدة أو المؤتمر، بين الفساد أو السلطة، ولن يستطيع أن يجمع بينهما بعد اليوم خصوصا مع إنكشاف كل الألاعيب السابقة. وعلى جميع أبناء الشمال وأنا منهم أن يدركوا أن ما كان مقبولا بالأمس لم يعد مقبولا اليوم، وما هو مقبول اليوم لن يكون مقبولا غدا، وسوف يأتي اليوم الذي تتحول فيه أرض الجنوب إلى كتلة من نار. كما سياتي اليوم الذي نرى فيه عبدربه منصور هادي، وعلي مجور والميسري، يدافعون عن وطنهم وأهلهم، لأن من ليس فيه خير لأهله ووطنه فليس فيه خير لوحدته. وإذا كان الضيم الذي يعرف عنه نائب الرئيس ورئيس الوزراء ومحافظ أبين أكثر بكثير من الضيم الذي يعرف عنه أي مواطن جنوبي، فيا للهول.
almaweri@hotmail.com