المشاط يُغضب قبائل عنس ويتجاوز القضاء بقرار عفو عن قاتل موالي لجماعته.. القبائل تصدر بيان وتصف ما حدث بالخيانة عاجل: تفاصيل اجتماع جديد للمجلس الرئاسي بحضور جميع أعضائه أول رحلة بعد سقوط الأسد.. مطارات سوريا تعود للعمل مطار في اليمن سيشهد تشغيل رحلات جديدة مع مصر قصف حوثي عنيف يتسبب في اغلاق شريان تعز معركة برية تنطلق من الداخل.. محلل سياسي يتحدث عن الخطر الحقيقي على الحوثيين وماذا يريدون من الهجمات على إسرائيل الصين تتفوق على أمريكا وتكسر رقما قياسيا في الفضاء.. إليكم التفاصيل 200 ألف جثة جديدة .. . سائق جرافة يكشف عن طريقة دفن الجثث بمقابر جماعية في القطيفة السورية اسعار صرف الدولار اليوم أمام الريال اليمني في العاصمة عدن تنبأ به الراصد الهولندي قبل ساعات.. مفاجأة حول زلزال الـ7.3 بالمحيط الهادي
تصويت أغلبية السويسريين على حظر بناء مآذن جديدة في بلادهم يمثل إساءة لتراث التعددية والتعايش بين سكان الاتحاد الكونفدرالي ووصمة عار في جبين الطابع الديمقراطي للنظام الاجتماعي الذي لا يعطي الأكثرية حق استصدار قوانين تمس الحقوق الأساسية للأقلية وهذا يعني أن الأكثرية غير المسلمة لا تستطيع منع الأقلية المسلمة من إظهار دينها وممارسة شعائره وفقا لتقاليدها الخاصة، وهذا ما يؤكد عليه الدستور السويسري ومبادئ حقوق الإنسان الدولية التي تعلو على إرادة الأكثرية العددية والأكثرية البرلمانية. وإذا حظرت أي دولة على عدد من مواطنيها ما ينتقص من كرامتهم وحقوقهم فذلك يعد انزلاقا من قيم الديمقراطية إلى سلوك الدولة الشمولية الفاشية.
الباعث على الغرابة هنا أن تأتي الإساءة إلى الإسلام والمسلمين وإلى كل من لديه ذرة إيمان بفكرة حقوق الإنسان من بلد يسعى دائما للبحث عن إحلال السلام بين الأديان ويحتضن الكثير من المنظمات الإنسانية الدولية أهمها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ووجه الخطورة في عملية التصويت غير الأخلاقية أن الحكومة السويسرية سمحت لحزب الشعب اليميني المتطرف بأن يقود حملته المناهضة لبناء المآذن على أساس الكره والتمييز والعنصرية وأن يستدرج الناخبين من خلال عرض لافتة دعائية تحمل رسما لامرأة مسلمة منقبة وغابة كثيفة من الصواريخ (المآذن) نبتت من العلم السويسري.
عدد من السياسيين الأوروبيين عبر عن خيبة أمله من نتيجة التصويت التي اعتبرها بابا الفاتيكان ضربة قاسية لحرية الاعتقاد بينما صرح الرئيس السويسري هانز رودلف ميرتس بأنه عمل في دولة عربية ولا يزال يتذكر جيدا المآذن والمؤذنين ولا بد أن يمارس المسلمون السويسريون شعائر دينهم من خلال المآذن، أما وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير فقال: إذا كنا لا نريد بناء مآذن فهذا يعني أننا نقمع ديانة.. مستلهما تصريحه ربما من رفض الفرنسيين لأيديولوجية زعيم اليمين الفرنسي المتطرف جان ماري لوبان.. أما الصحافة السويسرية فقد عبرت أغلبية افتتاحياتها ومقالاتها عقب إعلان النتيجة عن انتقادها لنتيجة التصويت ووصفت إحدى الصحف ذلك الاستفتاء بأنه تصويت الغريزة واللامعقول والخلط بين الأمور، فيما اعتبرت صحف أخرى أن مسلمي سويسرا المندمجين في المجتمع والمسالمين وغير المتشددين لا يستحقون هذا التصويت العقابي المستوحى من الخوف والأوهام والجهل.. كل هذا يعني أن نتيجة التصويت مثلت وصمة عار في جبين بلد بنى سمعته على تماسك دولة القانون وثقافة التعايش وتمازج الثقافات.
إن الفوز الكبير الذي حققه حزب الشعب السويسري المتطرف لم يكن ليتحقق لولا استغلال دعاية الإسلاموفوبيا التي انتشرت في أوروبا الأمر الذي جعل المخيال الأوروبي يعيد النظر في علاقاته مع المسلمين ومع دينهم، ذلك أن طبيعة الحملة الإعلامية المنظمة ضد المسلمين والصورة السيئة التي تعكسها كل يوم بعض الجماعات والدول الإسلامية تثير كل يوم ردود فعل سلبية وموجات من العداء مع أن الدين الإسلامي دين التسامح والتعايش مع مجتمعات وحضارات أخرى والتاريخ الإسلامي مليء بشواهد الاندماج الاجتماعي والحضاري فالإسلام أساس شرعة حقوق الإنسان التي أصبحت مبررا لابتزاز المسلمين والإساءة لدينهم وحقوقهم.
للأسف الشديد فإن من المسلمين سواء كان في بلده أو في الغرب يعتقد أنه في حرب مع المجتمع الذي يعيش فيه ويريد أن يغير كل شيء لا يروق له وربما يتجاهل أن الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة فن وعلم لا يتوافر لكثير من الذين يعتلون منابر الدعوة ويركزون خطابهم على القشور بدل الأولويات فهذه طالبان قدمت نموذجا سيئا لشكل الدولة الإسلامية وإستراتيجياتها ذلك أنها حينما اعتلت سدة الحكم عام 1996 بادرت لأخذ معاولها لهدم تماثيل بوذا أو الأصنام كما تقول مع أن الشعب الأفغاني كان يغرق في الفاقة ويبحث عن من يمده بشربة ماء وكسرة خبز، وهذه الصومال عندما اعتلى الإسلاميون سدة الحكم بدأوا يفكرون في كيفية تطبيق الشريعة الإسلامية وقطع يد السارق الذي لا يجد ما يسد رمقه والبلاد أطلال والأرض يباب والقتال مستمر الآن على من يحكم ويطبق الشريعة الإسلامية بشكل أكثر صرامة، أضف إلى ذلك تنظيم القاعدة الذي خطف الإسلام وأصبح يقدمه على أنه دين القتل حتى تقوم الدولة الإسلامية على أشلاء البشر.. هذه الصورة ربما هي التي تجعل الغرب يعتقد أن هذا هو الدين الإسلامي وهذه الصورة ربما استند عليها المتطرفون في سويسرا.
المطلوب الآن من المسلمين السويسريين أن يتعاملوا بإيجابية مع مواطنيهم بل حتى مع أولئك الذين ناصبوهم العداء وصوتوا ضد حظر المآذن وأن يبتعدوا عن أي سلوك يسيء لصورتهم ودينهم وذلك قد ينعكس إيجابا على نتيجة التصويت ويجعلها تسهم ربما في التمكين للديانة الإسلامية في سويسرا التي هي الآن في المرتبة الثانية بعد المسيحية من حيث الانتشار، لأن دين الله لا ينتشر بالمآذن على أهمية دلالاتها بل هو دين يسير في الأرض وفي كل مرفق من مرافق الحياة وليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار.
إن المعارضة المتزايدة للهجرة وصعود اليمين المتطرف ونشر الرعب والخوف من الإسلام أصبحت صفات مشتركة في الكثير من الدول الأوروبية ولو أجريت استفتاءات مماثلة في بريطانيا والنمسا وغيرهما من الدول ربما لن تختلف النتيجة كثيرا، وهذا الخوف من الإسلام هو الذي يعرقل انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، هذا بالنسبة لعلاقة أوروبا بالآخر أما علاقتها بمواطنيها من المسلمين فيجب ألا تناصبهم العداء وتسيء إلى كرامتهم لأن ذلك قد يكون له تبعات ليس أقلها ما شهدته ضواحي العاصمة الفرنسية باريس عام 2005، ومن هنا فإن على الحكومة السويسرية الانتصار لتراثها الديمقراطي والإنساني وأن تعمل على إبطال هذا الحظر لأنه غير دستوري سواء بمعايير الدستور السويسري أو بمعايير القوانين الأوروبية، أما إذا ما استمرت هذه الإهانة فإن مصداقية سويسرا ستكون مهددة بالانهيار والتداعيات قد تكون بلا حدود.