مليشيات الحوثي تُدرج مادة دراسية طائفية في الجامعات الخاصة. اللواء سلطان العرادة: القيادة السياسية تسعى لتعزيز حضور الدولة ومؤسساتها المختلفة نائب وزير التربية يتفقد سير اختبارات الفصل الدراسي الأول بمحافظة مأرب. تقرير : فساد مدير مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة إب.. هامور يدمر الاقتصاد المحلي ويدفع التجار نحو هاوية الإفلاس مصدر حكومي: رئاسة الوزراء ملتزمة بقرار نقل السلطة وليس لديها أي معارك جانبية او خلافات مع المستويات القيادية وزير الداخلية يحيل مدير الأحوال المدنية بعدن للتحقيق بسبب تورطه بإصدار بطائق شخصية لجنسيات اجنبية والمجلس الانتقالي يعترض إدارة العمليات العسكرية تحقق انتصارات واسعة باتجاه مدينة حماةو القوات الروسية تبدا الانسحاب المعارضة في كوريا الجنوبية تبدأ إجراءات لعزل رئيس الدولة أبعاد التقارب السعودي الإيراني على اليمن .. تقرير بريطاني يناقش أبعاد الصراع المتطور الأمم المتحدة تكشف عن عدد المليارات التي تحتاجها لدعم خطتها الإنسانية في اليمن للعام 2025
حتى اللحظة، وبعد أسبوع حاسم في رؤى الحلول لـ"القضية الجنوبية"، يمكن القول إن مؤتمر الحوار قد أقر مبدأيا ذبح الجمهورية اليمنية كدولة موحدة كأنها شاة أجمع ممثلو القوى السياسية الرئيسية المشاركة في الحوار على ذبحها واقتسامها ولم يعد التفاوض والاختلاف الشكلي إلا على نصيب كل جهة وفصيل ولم تعد الدولة اليمنية الموحدة تنتظر منهم سوى مدية الذبح.
كيف حدث ذلك؟
مؤتمر الحوار الوطني الشامل" تحت هذا العنوان ذهبوا لإقرار مستقبل اليمن وإعادة رسم الخارطة السياسية: الأحزاب السياسية، القوى الانفصالية والمسلحة، أشخاص تحت أسماء مكونات غير منظمة (شباب، نساء، مجتمع مدني).. أقروا جميعاً إلا نسبة ضئيلة أن الوحدة اليمنية فشلت!.
قرار مهول جداً.. فشل الوحدة، وكانوا يرددون في بداية المسار السياسي أن العالم مع الوحدة وأن الخطأ في الإدارة لا في الأرض والإنسان، وجاءت المبادرة الخليجية في بندها الأول تؤكد على الحفاظ على الوحدة، ثم أصبحت الوحدة في مؤتمر الحوار الغريم الأول الذي لم يعد له مدافع، والناقة التي سيتم عقرها، فالحراس السياسيون والقادة الانتقاليون حمّلوا أخطاءهم وأخطاء أسلافهم على ظهر الوحدة، غير أنهم يضحكون على الشعب اليمني وعلى أنفسهم، بأن الذي فشل هو الوحدة "الاندماجية" ويجب الانتقال إلى شكل جديد من أشكال الوحدة يرضي الانفصاليين، أي أن الوحدة كما عرفناها وعرفها العالم قد أصبحت ليس محل نظر، وإنما تم إدانتها بالإجماع وينتقلون إلى التفاصيل.
العرب مشغولون في الأوضاع في مصر وسوريا ولا يعرفون ما يجري في اليمن على نار هادئة، لم ينتبه الكثيرون إلى أن القوى السياسية المحسوبة على التغيير والنظام السابق في اليمن اتفقت، ولكن على ماذا اتفقت؟ على إدانة الوحدة والتوجه إلى الدولة المركبة (الاتحادية) في ظل مرحلة انتقالية تقع فيها البلاد تحت الوصاية الخارجية المباشرة وسلطة مركز ضعيف شبه مدمر ونعرات انفصالية في الأطراف وعجز اقتصادي لا يكفي لحكومة الدولة البسيطة، ومن الناحية الدفاعية تمر القوات المسلحة والأمن في مرحلة ضعف وتهيكلها الأيدي الأمريكية.. فكيف سيتم هدم الدولة البسيطة وبناء العديد من الحكومات والأقاليم؟
هل الفيدرالية "دين جديد" سوف يصنع معجزة بالتغلب على كل الأمور الواقعية والبدهية؟ أم هي عملية غدر تاريخية باليمنيين من قبل النخبة المتعطشة إلى الدويلات والخارج الذي ائتمنه اليمنيون على المرحلة الانتقالية؟.
لا زال الشعب غير مصدق ما يفعلون.. إنهم يمضون فقط نحو الفدرالية والدولة الاتحادية التي لا يزال كثير من السياسيين والإعلاميين والناشطين يجهلون معناها ومقتضياتها والفروق الفاصلة بين المركزية واللامركزية والدولة البسيطة والدولة الاتحادية. فكيف يتم تكعيف 25 مليون يمني بها، دون نقاش مستفيض وشرح واضح وشفاف ومفهوم حتى للمواطن البسيط.
الفدرالية، بتعريف مبسط، تعني الاتجاه إلى إنشاء أقاليم أقرب ما تكون إلى دول، لكل إقليم حكومة وبرلمان وقضاء وجهاز شرطة أي (جهاز دولة)، وينقص هذا الإقليم لكي يكون دولة مستقلة أن يكون لديه وزارة دفاع وخارجية في أكثر الحالات.. وإذا كانت الحركات الانفصالية فاعلة في ظل عدم وجود كل هذا، فكيف يصبح الحال عندما تنشئ جهاز دولة محلية لكل مجموعة أو حركة انفصالية؟ وأين الدولة المركزية التي ستحافظ على وحدة البلاد في ظل ضعف سيطرتها على العاصمة وفي ظل سلطة محاصصة بين القوى الوطنية والانفصالية كل طرف يقودها صوبه، وأطراف خارجية تجر الجميع إليها؟.
في مؤتمر الحوار المنعقد في صنعاء والذي جاء مقترحاً أمريكياً بحتاً تمكنت واشنطن من إدراجه في الملحق الأممي للمبادرة الخليجية.. في هذا المؤتمر، لا شيء يحدث إلا إسقاط الدولة اليمنية الموحدة وبقية التفاصيل رماد على العيون وضحك على الذقون. ويبدو أن جميع القوى السياسية الرئيسة قد تعرضت لضغوطات خارجية أثناء مفاوضات نقل السلطة فرضت عليها الموافقة على الدولة الاتحادية كمقدمة للانفصال على الطريق السودانية وإن بأشكال وتفاصيل خاصة. وكانت موافقة بعض الأحزاب نتيجة حرصها على الخروج من شبح الحرب الأهلية، ليكون الحوار اللغم الذي ينفجر في المرحلة الثانية من اتفاق نقل السلطة الذي تشرف عليه الدول الأجنبية.
أما أبرز القوى المشاركة، فهي المؤتمر الشعبي العام 112 عضواً، الحراك الجنوبي 85 عضواً، التجمع اليمني للإصلاح 50 عضواً، الحزب الاشتراكي اليمني 37 عضواً، الحوثيون 35 عضواً، التنظيم الوحدوي الناصري 30 عضواً، الشباب والنساء ومنظمات المجتمع المدني 120 عضواً، أحزاب صغيرة بحدود 27 عضواً). كل هذه المسميات تشكل مؤتمر الحوار ما يزيد عن 90% من قوى الحوار قد اختارت إلغاء الدولة اليمنية بشكلها الموحد والانتقال إلى دولة مركبة. ولم يبق إلا اتحاد الرشاد السلفي 7 أعضاء والذي يمثل قرابة 01% من الحوار حيث رفض التدخل في شكل الدولة.
فهل كانت الفدرالية اتفاقاً مسبقاً ومفروضاً على اليمنيين جاءت مسرحية الحوار لإقراره؟
في أحسن الأحوال وفي أي من دول العالم، يعد التدخل في شكل الدولة من البسيطة إلى الاتحادية مخاطرة كبرى على المدى القريب والبعيد، أما بوجود العوامل الانفصالية والاقتصادية والسياسية فيصبح تمزيقاً مباشراً، فمن يضمن أن هناك دولة اتحادية بعد إنهاء شرعية شبه الدولة الحالية، التي تحتاج إلى إصلاحيات إدارية واقتصادية وليس دستورية وجغرافية.
إن قارب النجاة الوحيد، مع هذه المخاطر الشاخصة ، هو أن لا يتدخل مؤتمر الحوار بشكل الدولة وأن يترك تقرير مصيرها لمؤسسات منتخبة ومرحلة استقلال وطنية مستقرة، وعدا ذلك، فإن النخبة السياسية اليمنية تنفذ بلا وعي وبوعي، أكبر عملية غدر تاريخية تحت تأثير تطمينات شفهية من الدول الأجنبية. إقرار ما يزيد عن 90% من القوى بفشل الوحدة واقتراحها الدولة الاتحادية أو الانفصال، يعد أمراً في غاية الخطورة. حيث يسقط اليمن على نار هادئة برعاية إعلام التضليل الذي يشيد بالتجربة اليمنية ولا يوضح حقيقة ما يدور.
إن ما يحدث في اليمن اليوم يعد أخطر من الناحية الاستراتيجية مما يحدث في مصر حتى الآن، فالخلاف هناك لا زال سياسياً وصراعاً على السلطة لا على الدولة، وفي ظل راية واحدة، وفي اليمن لم يعد اختلافاً، بل أصبح اتفاقاً ولكن ضد الوحدة اليمنية وبمباركة النخبة السياسية التي تكرر دعوة حفنة من سبأ طالبت بالتمزيق فمزقت كل ممزق وتحولت إلى أحاديث ضمن وقائع اللعنة التاريخية المدونة في القرآن الكريم. وإذا ما استمر هذا الوضع دون تدخل الشخصيات الوطنية والنخب الحية بشكل عاجل ودون أن تراجع الأحزاب حساباتها، فإن اليمن على أبواب تقسيم لاقدر الله.