قمة المنامة: رئيس الأركان يؤكد على أهمية الملف اليمني في الأمن الإقليمي مقاومة صنعاء تقيم العرس الجماعي الثاني لـِ 340 عريسا وعروسا بمأرب رئيس المخابرات التركية يصل دمشق في مهمه خاصة جدا .. تفاصيل حزب البعث السوري يعلن موته الصامت حتى إشعار آخر ويقرر تسليم كافة آلياته ومركباته وأسلحته مؤتمر مأرب الجامع: متمسكون بتحرير بلادنا سلما او حربا ولا يمكن القبول بأي مفاوضات لا تكون تحت المرجعيات الثلاث تحرك أمريكي لخنق الحوثيين عبر آلية التفتيش الدولية في مكافحة تهريب الأسلحة تعرف على اشهر الاشاعات التي غزت سوريا عبر منصات التواصل الاجتماعي بعد سقوط الأسد الكشف عن قيمة الأصول السورية المجمدة في سويسرا الحوثيون يدفعون بالأطباء في صنعاء إلى تدريبات عسكرية وتهدد المتخلفين بالخصم الحوثيون يجبرون المشايخ والوجهاء جنوب اليمن على توقيع وثيقة تقودهم للجبهات وترغمهم على التحشيد المالي والعسكري
يوم كانت ثورتنا قيماً، كان يهزني الشوق إلى ساحات التغيير، فأطير إليها فرحاً، وعندما تتراءى أمامي الخيام أكاد أجهش بالبكاء، كان شعور عميق بالانتماء لوطنٍ جريح يهزّ كياني، أعيش معه لحظات من الارتقاء الروحي مشوبة بحالة من الحماس والعزيمة واليقين بأن أمراً ما عظيماً يتهيأ لهذا الشعب، وأن ثمة إرادة غالبة تقودنا نحو الخلاص.
أتذكر حينها أن كل شيء هناك كان يبدو جميلاً، حتى حين أنظر في وجوه الناس، وهي تحكي عذابات الظلم والاستبداد، كأني أعرفهم منذ زمن، أجدني ألمح في عيونهم ذلك الشعور بالغبن، فلا أملك إلا أن أكون واحداً منهم، أشاركهم الهمّ والمعاناة، يومها كانت كلمات النشيد الوطني تعني لي الشيء الكثير، أستمع لها كأنما أسمعها لأول مرة.
كنت أسرق من حياتي أياماً ولياليَ، أقضيها مع رفاق الدرب، شباباً رائعين؛ صحافيين، محامين، أدباء، مثقفين، ومبدعين، لم تجمعنا حسابات المصالح أو الولاءات الحزبية الضيقة وإنما صوت الحق والحنين إلى الحرية والعدالة والمواطنة والعيش الكريم.
أما اليوم وقد استوفت الثورة نزراً يسيراً من أهدافها، فإن الخوف الأكبر أن يتحول هذا النزر اليسير إلى نوع من الانتهازية نضحك بها على أنفسنا أو نستغفل بها عقول الناس من حولنا، أو أن تصبح لعنة تطارد الناس حتى مضاجعهم، خاصةً بعد أن صارت هذه الثورة سيفاً مسلطاً في وجه الحق، وعكازاً نتوكأ بها على هزائمنا وأخطائنا، لدرجة أن أحدنا ينبري اليوم للذبّ عن سلوك قاتل لمجرد أن هذا القاتل من مؤيدي الثورة، بصرف النظر عن ملابسات خطيئته، ويستميت آخر في تبرير فعلٍ كان يدّعي بالأمس أنه ثائرٌ عليه.
بالأمس كنا نصرخ ونشجب وندين التفريط في السيادة الوطنية، ونتهجم على الحاكم القاتل، واليوم أصبحنا نمارس نفس الدور وبصورة أكثر فجاجة، وليت الأمر ينتهي هاهنا، بل صار خطباء الساحات يستنصرون "أصدقاءنا الأمريكان" للوقوف إلى جانبنا في قتال "الخوارج الذين يسمون أنفسهم أنصار الشريعة"، وصاروا يبحثون في كيفية تطويع الدين ونصوص القرآن لتبرير الاحتلال الأجنبي، وصرنا نوزّع وعوداً بجنات عرضها السموات والأرض، لكل من يقتنع بازدواجيتنا.
بالأمس كنا ننشد العدل ونسعى إليه، واليوم نمارس الظلم مرتين فأكثر، أولاً حين نحيد شيئاً فشيئاً عن أهدافنا وقيمنا، والثانية حين نستمرئ أخطاءنا ونغض الطرف عن هفوات من يمثلنا، والثالثة حين نستقوي بثورتنا على من نعتقد أنهم خصومنا بالباطل ونرميهم بالتهم جزافاً.
قبل عدة أشهر حضرت خطبة الجمعة في ساحة خليج الحرية في إب، أتذكر أن خطيب الجمعة حينها كان يلهب مشاعر الجماهير بالتحريض على "قوات الأمن والجيش التي تحمي العائلة"، ويلهج بالدعاء عليهم، باكياً مترحماً على شهداء الثورة الذين قضوا على يد قوات "الحرس العائلي" في أرحب، كما أسماهم، والآن، أتفاجأ أن خطيب الجمعة نفسه وفي نفس المكان، صار يبكي على "فلذات أكبادنا من الحرس الجمهوري والأمن المركزي، الذين يخوضون معركة الكرامة في أبين"، ويحثّ على حمايتهم بأرواحنا..!!.
أتحدث هنا عن أسلوب الخطاب الذي يكشف حالة من الازدواجية والتناقض لا تنسجم مع قيم الثورة وسمو أهدافها.. أما حادثة السبعين فهي بالطبع لا تقل بشاعة عن حوادث قتل المتظاهرين السلميين إبان الثورة السلمية، أو عمليات القتل بالجملة التي تحدث الآن في أبين واستهداف المدنيين سواءً في أبين أو صعدة أو حجة أو غيرها، لأن الدم هو الدم، ولأن منطق الدين والعقل والقانون والفطرة السليمة يقتضي عصمة الدماء عموماً، باعتبار ذلك هو الأصل، بينما الحكم بهدرها أمرٌ طارئ.
أيها الشباب اليمني الثائر الذي عرفت.. إياكم أن تحيد بكم الأهواء عن اتجاه البوصلة الذي اخترتم لأنفسكم منذ الوهلة الأولى وبذلتم لأجله أرواحكم وسطرتموه بدمائكم.. إياكم أن تستبدّ بكم الخصومة مع أيّ كان حدّ الفجور، فأنتم رُسُل خير لا مثيري فتنة.. والأشخاص يذهبون وتبقى القيم التي ترسون دعائمها في حياة الناس.
أُدرك تماماً أن هذا الطرح قد يثير ضدي الكثير من الاتهامات والشكوك باسم الثورة.. لكن لا يهُم.. فالحق أحق أن يتبع.. إنها ثورة قيم وإلا فإنها أكذوبة ساذجة..!!