فنانات عربيات في إسرائيل
بقلم/ مارب برس
نشر منذ: 16 سنة و شهر و 16 يوماً
الأحد 26 أكتوبر-تشرين الأول 2008 11:38 ص

 لم تكد محاكمة قتلة الفنانة سوزان تميم تبدأ في القاهرة، حتى انتشرت صورة لجثة الراحلة تظهر مدى الوحشية التي قتلت بها، غير أن الصورة التي سرّبت إلى أكثر من وسيلة إعلامية، سبقها كتاب يبدو أن كاتبه سارع إلى انجازه بعيد مقتل تميم، يؤكد فيه أنها زارت إسرائيل بصحبة عدد من الفنانات العربيات، ما يثير أكثر من علامة استفهام حول توقيت الكشف عن المعلومة بعد وفاتها.

فقد كشف الكاتب المصري أنيس الدغيدي أن سوزان تميم قامت بزيارة سرية لإسرائيل برفقة كل من الفنانات هيفاء وهبي وإليسا ونانسي عجرم.

ولم يكتف الكاتب باتهام سوزان بزيارة الكيان الإسرائيلي، بل أكد أنها تمتلك أسراراً عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري الذي اغتيل في الرابع عشر من فبراير 2005، والقيادي في حزب الله عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق قبل ثمانية أشهر، وحكايات عن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.

الفنانة المغدورة التي حملت معها أسرار الجريمة النكراء التي حوّلتها إلى أشهر المغنيات العربيات برصيد فني متواضع، لن تتمكن من الدفاع عن نفسها، غير أن المستغرب هو الصمت المريب للفنانات اللبنانيات اللواتي طالهن الاتهام، في بلد يحظر أي شكل من اشكال الاتصال مع العدو الإسرائيلي.

لم تكن المرة الأولى التي تثار فيها شبهات تطبيع أبطالها فنانون ينأون بأنفسهم عن السياسة، فقبل أسابيع قليلة، نشرت بعض المواقع الالكترونية خبراً يفيد بأن الفنانة هيفاء وهبي باعت فيديو كليب صورته قبل مدة إلى شركة الهاتف المحمول بارتنر، التي وضعت على صفحتها الرئيسية صور الفنانة اللبنانية مرفقة بإعلان للمشتركين الراغبين بشراء صورها.

وأوضحت بعض المواقع الإلكترونية ان الشركة حصلت من هيفاء على تصريح لبيع صورها لكل من يرغب من الاسرائيليين بواسطة الشركة الاسرائيلية المذكورة،

غير أن الفنانة التزمت الصمت مكتفية بتجاهل الخبر على الرغم من وجود صورها على الصفحة الرئيسية لموقع الشركة على شبكة الإنترنت.

وقامت بعض المجلات اللبنانية بإثارة الخبر، غير أن هيفاء اكتفت بالقول إنه إشاعة مفبركة، ولم تشرح أسباب وجود صورها في الموقع الإسرائيلي.

أما زميلتها نانسي عجرم التي يتهمها الكتاب بزيارة إسرائيل، فقد كانت عرضة لفخ إسرائيلي نجت منه بأقل الخسائر الممكنة، بعد اقتحام صحافية إسرائيلية مؤتمرها الصحفي الذي عقدته في عمان قبل سنة على هامش مهرجان جرش، لسؤالها عن موقفها من الجمهور الإسرائيلي الذي يحب فنها، صدمة ما لبثت الفنانة الشابة أن تداركتها ورفضت الإجابة عن السؤال وكأنه لم يطرح أصلاً، قبل أن يتبرع الزملاء الأردنيون بطرد الصحافية من قاعة المؤتمر.

من عمان أيضاً، كان الفخ الإسرائيلي حاضراً ليقع في براثنه الفنان اللبناني إيلي الشويري أثناء عرضه مسرحية «صح النّوم» العام الماضي فوجد نفسه ضيفاً على صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيليّة، بعد أن ادعى محاوره الإسرائيلي الذي يجيد اللغة العربية بطلاقة، أنه فلسطيني من عرب 48، غير أنّ نشر المقابلة في الصحيفة العبرية، جعله يتيقن أن ثمّة من أوقعه في الفخ، مؤكداً أن الصحيفة حورت إجاباته بعد رفضه التطرق إلى مسائل سياسية حساسة.

وبعيداً عن الأفخاخ الإعلامية، وقعت ملكة جمال لبنان للعام 2006 غابرييل أبي راشد في فخ من نوع آخر، حين كانت تمثّل لبنان في مباراة «مس يونيفرس» العالمية، في الوقت الذي كانت إسرائيل تشن فيه حرباً مدمرة على لبنان في شهر يوليو قبل سنتين، فأثار تلفزيون الجديد مسألة العلاقة المريبة التي تجمع الملكة اللبنانية بزميلتها الإسرائيلية، وامتناع أبي راشد عن التعليق على الحرب التي تشن ضد بلدها بحجة عدم رغبتها في خوض نقاش سياسي عقيم، الأمر الذي أثار الجالية اللبنانية التي تظاهر بعض أبنائها أمام فندق الملكات، قبل أن يؤكد محامي غابرييل أن القصة لا أساس لها من الصحة، وأن الملكة حريصة على عدم التواصل مع زميلتها الإسرائيلية حســــب توصيات وزير السياحة اللبناني.

فنانة لبنانية في إسرائيل

لا يزال الرأي العام اللبناني يذكر قضية الفنانة اللبنانية ندى رزق التي صدر قرار بحقها من القضاء اللبناني يقضي بسجنها بتهمة التعامل مع العدو الإسرائيلي، إذ بدأت القضية بعيد حلول ندى ضيفة على إذاعة إسرائيلية، في مقابلة بثت مباشرة من حيفا أثناء الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان.

المقابلة التي أثارت لغطاً كبيراً في الأوساط اللبنانية، قامت على اثرها نقابة ممثلي المسرح والسينما والاذاعة والتلفزيون في لبنان باتخاذ قرار بطرد ندى رزق من عضوية النقابة نهائياً.

يذكر ان ندى رزق من بلدة القليعة في الجنوب اللبناني، وقد غادرتها من دون رجعة مطلع التسعينات، الى بيروت، حيث احترفت الغناء عام 1993 بعد فوزها بالميدالية الذهبية عن فئة الأغنية الشعبية اللبنانية في برنامج «استوديو الفن» على شاشة المؤسسة اللبنانية للارسال، وكانت رزق تركت مكتب «استوديو الفن» عام 1997 وفسخت عقدها معه اثر خلافات لم يُعرف سببها، وغادرت إلى اسرائيل حيث اقترنت بمواطن اسرائيلي وحكم عليها بالسجن بتهمة الاتصال بالعدو.

تقرير إسرائيلي مثير للجدل

قبل ثلاث سنوات، نشرت «الهيئة العامة للسينما والفنون الإسرائيلية» تقريراً رسمياً انتقدت فيه النجاحات التي يحقّقها فنانون لبنانيون على الصعيد الدولي، بعد أن وصلت مشاركاتهم إلى أنشطة دولية تقوم بها الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، خصوصاً تلك المعنية بإحلال السلام في العالم.

واعتبر التقرير نجاحات اللبنانيين «خطراً مدمّراً وتطاولاً على الدولة الإسرائيلية»، ووصف الإنجازات الفنية اللبنانية بجرس الإنذار في وجه إسرائيل منبهاً إلى ضرورة الالتفات إليه.

التقرير حمل عنوان «الفنانون اللبنانيون من الفنون إلى ممارسة الأدوار السياسية»، وميّز التقرير بين فناني لبنان وفناني العالم العربي بوصفهم الأكثر شعبية وتأثيراً على المشاهد العربي، ومن خلال ممارستهم نشاطات سياسية هي بمنزلة رسالة يوجهونها إلى العالم يعكسون من خلالها رغبتهم في السلام.

ووصف رئيس النقابة باروخ هنجبي، الذي فقد ولديه في الاجتياح الإسرائيلي للبنان، لبنان بالـ«دولة المعادية في المنطقة»، داعياً إلى ضرورة «مواجهة أي نجاح أو تفوق لجميع مواطنيها، حتى لا يكرّس تواجدهم على الساحة الدولية».

نانسي عجرم كانت حاضرة في التقرير الذي وصفها بالمغنية الخطيرة والبالغة التأثير في العالم العربي، بسبب تقليد الشباب لها، ما يهدد بإشاعة النموذج اللبناني في العالم العربي كله، بحسب التقرير، الذي رأى أنّ نانسي تقوم بعمل سياسي مهم للغاية من خلال دعمها للوجود الفني اللبناني في الخارج، ما يضرب المصالح الإسرائيلية الهادفة إلى تكريس إسرائيل كنموذج متميز ومتفرد في الشرق الأوسط.

وحث التقرير النقابات المصرية على منع الفنانين اللبنانيين من المشاركة في أي من الأحداث الفنية التي تجري في مصر تحديداً.

كما انتقد التقرير كلا من الفنان عاصي الحلاني على خلفية اختياره من قبل منظمة الفاو، والفنان وائل كفوري الذي غنى «أنا رايح بكرا عالجيش» التي اعتبرها التقرير تحريضاً على حمل السلاح ضد إسرائيل ومحاربتها.

(عن القبس)