الي الشيخ ياسر العواضي
بقلم/ د احمد ردمان
نشر منذ: 4 سنوات و 5 أشهر و 27 يوماً
الخميس 18 يونيو-حزيران 2020 06:02 م
 

 بعيدا عن الواجب الديني في نصرة المظلوم ، والواجب القبلي في إغاثة الملهوف , وعن الواجب القيمي في الانتصار للأعراض

. بعيدا عن كل ذلك أخاطبك من أجلك .. نعم من أجلك أنت لا سواك .فأقول : كم هي الاحداث التي يندم المرء لفواتها دون استثمار فيضع كفا بكفّ متمتما : يا ترى لم فاتني ذلك الامر رغم استطاعتي تحقيقه ... وبقدر عظم الفائت تعظُم الندامة . شيخ ياسر ..

إن صناعة الأمجاد لا ينالها إلا مستحقوها بعد أن يبذولوا أعمارهم بغية تحقيقها ..وقد شاءت الأقدار أن تمنحك مجدا عزّ نظيره , وتهديك ذِكراً عبقا تلهج به ألسنة الشرفاء وتخطه عنك أنامل الأحرار لعقود بل ولقرون قادمة .

وان تضحيات الجيش الوطني لخمس سنوات أضحت يانعة بين يديك لتقطف ثمرتها دون منّ منهم أو اعتراض , بل إن لسان حالهم يقول لك : هاك تضحياتنا طيبة بها نفوسنا لتصنع بها نصرا طالما اشرئبت إليه أعناقنا , ولن يقتصر ذلك النصر على قبيلتك أو محافظتك .. فوثبتك ستحيي روح النضال في كل يمني , وتهزّ أركان الغرور الإمامي الذي ما زال منتفشا بعد حجور وعتمه وأرحب وغيرها من الانتفاضات . شيخ ياسر .

. صحيح أن الطريق إلى المجد فيه من الوعورة والمشاق ما لا يسمح إلا للرجال الاستثنائيين سلوكه , ولا أظنه ينقصك غير اتخاذك للقرار . وإن وثبتك المأمولة - حتما - سيكون النصر حليفا لها , إذ قلوب قتلة جهاد راجفة من الفزع وقلوب الأحرار من قبائل البيضاء وأبطال الجيش الوطني تتوق شوقا لخوض المعركة التي ينتظرون منك اشعال شرارتها . لقد خطوت خطوات جعلت منك ملهما للأحرار , إذ أنك استنهضت الشهامة في النفوس , وأحييت العزة التي ذبلت في أنفس البعض من اليمنيين , فلقد كانت أعين الأحرار ترقب تحركاتك ، وتتابع تصريحاتك وأخبارك , ولقد كانت الماجدات اليمنيات يرين فيك الصائن لشرفهن الذائد عن كرامتهن .

شيخ ياسر .. إن المساحة أمام الآخرين لصناعة الأمجاد تسمح لهم بالتراجع دون حصولهم على مذمة تلاحق ذِكرهم ... أما أنت فقد أضحت صناعة المجد خيارا إجباريا دونه الشنار , ولا مجال للتراجع إلا إن رضيت بتحميل نفسك ذمّا تتوارثه الأجيال , وذاك حال الكثير من الرجال الذين لا يرضى منهم المجتمع إلا بعظيم الفعال

. ولعل ترددك سيترك تساؤلات عديدة لدى اليمنيين لن يكون أولها التنسيق مع الإمامة التي جعلت منك عامل إطفاء لجذوة نار كادت أن تشتعل منذ الحادثة لولا تصدرك المشهد بتلك الصورة التي عُلّقت بها آمال ذوي الشهيدة وآمال كل اليمنيين وذلك من خلال متابعتهم لتحركك المحمود وجمودك المستغرب بعد انطفاء الحريق . ولن يكون آخر تلك التساؤلات عن مدى علاقة الشيخ ياسر العواضي بالقيم التي أمست سلعة للمساومة بعد أن كانت في خطاباتك السابقة ثوابتا تتطاير دونها الرؤوس والأشلاء. 

. شيخ ياسر... لقد لاحت لك الفرصة التي يغبطك عليها العظماء , ولا ينافسك في الحصول عليها أحد سواك ... فتقدم تملك لليمنيين قلوبا , وتخط في سفر الأمجاد ذِكراً طالما اشرأبت إليه أعناق النبلاء , وتاقت للحصول عليه أفئدة الكرام الأوفياء . ولا تلتفت للعوامل الخارجية عن ذاتك ..فأنت صانع الحدث وكل ما حواليك تحت طائلة ردود الأفعال ..سواء كانت الشرعية أو التحالف أو القبائل أو غير ذلك من الاطراف المتعددة ..واعلم أن هناك من يستكثر عليك هذا المجد فيشير عليك بالتخلي عن ما جمعت قلوب اليمنيين عليه ..

ولا شك أن لكل مسئول هادن الإمامة أو تمالأ معها في انقلابها ذنبا لا يستطيع تكفيره إلا أنت فمكفرات ذنوبك في متناول يديك ..ولعل لك عملا صالحا كان له الفضل في تهيئة كل الأسباب التي يغبطك عليها ذوو القيم ويحسدك عليها كل خصم لئيم فلا تدع المجد يتسلل من بين أصابعك فتجني ندامة تؤرقك الليالي في ما بقي لك من عمر على دنيا الامتحان .

شيخ ياسر .. بعد بضعة أسابيع من النكف الذي دعوت إليه ولم تستجب الإمامة ولن تستجيب لأقل مطلب يصون كرامة أي يمني ..وما زالت الفرصة أمامك.. فإن وثبت انتصارا للعرض والحق المهان فقد جمعت لك مجدا من أطرافه ، وقمت بواجبك الديني والوطني والقبلي والقيمي ، وحينذاك ستتذوق لذة روحية عند كل مشقة تتكبدها أو طلقة في صدور الغزاة تطلقها أو زامل تستعذب صداه في شوامخ ال عواض وردمان..

.ووقتذاك ستعلم أنك قد حققت لنفسك ومجتمعك ووطنك أهدافا لا يطاولها إلا الرجال ..