شاحن هاتف ينهي ويوجع حياة 7 أفراد من نفس العائلة في السعودية توافق دولي عربي على الوضع في سوريا جدل بشأن عودة السوريين اللاجئين في أوروبا إلى بلادهم بعد سقوط الأسد وزير الدفاع التركي يكشف عن عروض عسكرية مغرية قدمتها أنقرة للحكومة السورية الجديدة ماذا طلب الرئيس العليمي من واشنطن خلال اجتماع عقده مع مسئول كبير في مكافحة الإرهاب؟ قرارات واسعة لمجلس القضاء الأعلى القائد أحمد الشرع يتحدث عن ترشحه لرئاسة سوريا أميركا تطلب من عُمان طرد الحوثيين من أراضيها مؤشرات على اقتراب ساعة الخلاص واسقاط الإنقلاب في اليمن.. القوات المسلحة تعلن الجاهزية وحديث عن دعم لتحرير الحديدة تعرف على ترتيب رونالدو في قائمة أفضل 100 لاعب في العالم
" خاص - مأرب برس "
كنت في تناولة سابقة قد تناولت هذه الإشكالية من زاوية بحث الرساميل عن السياسة ,أي دخول رجال المال والأعمال حلبة السياسة ,في عالم ثالث لا زالت تسكنه الشخصنة والمزاجية , وسطوة الفرد ,والآثار التي تنجم عن ذلك ,تحت عنوان (اشكالية العلاقه بين المال والسياسة ..نموذج بقشان و مجموعة هائل ).
وهنا ولأجل استكمال بعض المعالم للصورة لا بد من قراءة الوجه الآخر والاهم , والمتمثل في نفرة رجال القرار السياسي والنخبة عموما إلى ميدان المال والأعمال ..
الدساتير في الغالب الأعم تشترط على رجل السلطة والقرار ومعه دائرته النخبوية المساعدة له في عدم الاقتراب البتة من ممارسة أي نشاط اقتصادي أثناء التولي الرسمي ,وذلك دفعا لمضان متوقعة ,أو من باب سد الذرائع كما يرى أهل الأصول ..
لان عدم التوقي بهذه السياجات يعني ببساطة ضياع المصلحة العامة في ظل القرصنة الرسمية للمال العام ,وما يستتبع ذلك من مضار اجتماعية ,واقتصادية ,وأخلاقية,وفوضى تستولي على كل شيء .
المعضلة المزمنة لدى الكثير من الأنظمة السياسية في المنطقة العربية واليمن جزء منها والحال هنا اغلب ,أن هذه الدساتير وما تتبعها من قوانين لا تساوي قيمة الحبر والورق التي تكتب به وعليه ,حيث لا حركة لها في حيز التطبيق ,بل ربما في كثير من الأحيان تتحول إلى ستار لتغطية الكثير من التجاوزات والنهب والفساد والإفساد .
يذكر الدكتور عبد الله النفيسي وهو الألمعي والخبير الاستراتيجي والفطن في قراءته للأنظمة السياسية العربية في لقائه مع إحدى الفضائيات وفي طرحه الدائم حول هذه المسالة ,.أن من أعظم أزمات ومشكلات الأنظمة العربية تتمثل في الجمع بين متغيري البزنس (ممارسة النشاط التجاري) والحكم ,وانه من الواجب بل والعاجل على هذه الأنظمة أن تحسم أمرها باختيار احد هذين المتغيرين ,فإما حكم بمفرده ,وإما تجاره بمفردها ,كي تستقيم الأمور وتتجه الخطى إلى الثبات والى السبيل الأرشد ,أما وان يظلوا هم الحكام وهم التجار فهذه أم المصائب والويلات ..
الواقع أن الجمع بين هذين الأمرين لا يحسنه إلا النظام المستبد,الذي قعد على كل شيء ,وأفتى في كل شيء ,واختزل كل شيء ,واتى على كل شيء ,حتى أورث ألأمه- في ظل استخدام أدوات القمع والإكراه والتجهيل - العمى والذل والخبل ,فأصبح الشعب وهو يدور معصوب العينين كجمل المعصرة ,متجها إلى حيث لا يدري ,يقبل بالحد الأدنى من المتاح ,قد أنهكه وهده الدوار ,وقد تطبع وطبع حاله مع واقع البؤس والهوان ,في ظل برمجة عصبية ممنهجة بإتقان تقوم على قاعدتي ((جوع كلبك يتبعك ))((واكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس ))
أزمة النظام السياسي العربي كما هو معلوم تتمثل في افتقاده إلى الشرعية واستناده أساسا على الغلبة والتجديد المستمر لأدوات القمع والإكراه ,الحاكم العربي هنا ومعه أجهزة حكمه يعيش ويعيشون في حالة مستمرة من القلق وأزمة الثقة مع أنفسهم وفي مواجهة شعوبهم ,حيث الهوة بعيدة والمشترك يكاد ينعدم ,والعقلية التي يعيش بها هذا الحاكم في تسييره لدفة الحكم لا تتجاوز أبدا مقومات التملك ,والسيطرة والاستقصاء ..
والمال هنا هو مبعث كل شيء في تفكير الحاكم ,به يقوى ,وبه يحكم ,وبه يصول ويجول ,وبه يشتري الذمم والضمائر ...الخ ..
ان المال في تفكير الحاكم العربي ومعه امتداداته يصح في وصفه ما قاله الكواكبي رحمه الله (القوة مال ,والوقت مال ,والعقل مال ,والدين مال ,والثبات مال ,والجاه مال ,والجمال مال , والترتيب مال ,والاقتصاد مال ,والشهرة مال ...الخ ..)
إذا كان هذا هو تعريف الحياة في فكر الحاكم العربي .فكيف سيكون الحال عند مستخدمي هذا الحاكم ,حيث يصعب القول بموظفي العموم لانتفاء المؤسسية ,والأمن والأمان الوظيفي ,إنما تقوم الأمور على المزاجية والاستلطاف ,وتتراجع معايير الكفاءة والمؤهل والدراية ,فضلا عن إحساس المستخدم بعدم الأمان واحتمال تغييره بين غضبة واحمرار عين ,يدفع به ذلك لتوه إلى أن يستزرع مالا ويستنبت مالا ويبيع المصلحة والمؤسسة وحتى الأهداف العليا في سبيل عمولة محققة أو صفقة ما له فيها نسبة مقدرة..
هذا الوزير أو ذك ,يدرك تماما انه لن يتجاوز سنة أو سنتين في موقعه حتى يلقى به إلى الحوش الاستشاري ,ليأتي عليه التوالي بسبب الهروب الرسمي من الاستحقاقات المحلية والدولية إلى التضحية ببعض الرؤوس وإحلال غيرها كتسويق يراد منه إقناع الآخرين ببدء صفحة جديدة في محاربة الفساد ,والتوجه نحو الرؤية والمؤسسية ,والبناء الاستراتيجي ,وتحميل تلك المجسمات السابقة كل تلك المثالب والمقالب وأسباب التعثر ....ثم لتعود الأمور على نفس السياق لتعمل في دائرة مفرغة ,هذا الوزير أو قل ذك المجسم تبقى الأولوية العاجلة في أجندته منذ أن تطأ قدماه أعتاب وزارته هي همومه الشخصية ,ومن أين يكدم وينهب ويصفي ,عقله في المناقصات ,وقلبه في المقاولات والصفقات ,وليس بعد ذلك ثمة هموم ..
نماذج
قالوا بتشجيع الاستثمار الأجنبي والوطني وإعطائه أكثر ما يستحق من الامتيازات والتسهيلات والفرص ,من اجل الدفع بعجلة التنمية والنهوض الاقتصادي ..
جاء المال المغترب لاهثا فرحا متهللا هاتفا هي بلادي أحق بها وهي بي أحق ,ثم لم يلبث إلا قليلا حتى عاد من حيث أتى يلعن البلاد وأبو البلاد والحجر والشجر ,بعد ما تقرصنه المسؤلين التجار ,هذا يبغيه عمولة ,وهذا كذا وذاك كذا ….والى هنا لا شيء حتى يأتيه مندوب احدهم يبلغه شرط الشراكة في المشروع و بدون مقابل سوى الامتيازات وشرف الانتساب ,يصيح المسكين هذا أول الغيث ,فيولي الأدبار وأبوها خسارة ,يتمتم نصف الخسارة ولا كل الضما ر ,غربه غربه يابن القرني .
--الوزير الدائم الذي لم يتزحزح, وحده لم يجري عليه التوالي ,صاحب اكبر مجموعة للمقاولات ,كيف للمناقصات العملاقة أن تتجاوزه
--المسؤل النافذ الذي قيل عنه لا ينافسه في نفوذه احد لدرجة أن احد أبناء ذمار اختلى بربه في العشر الأواخر من رمضان لا يسأله شيء الا ان يهبه نفوذا كنفوذ أبي علقمة ,أبو علقمة هذا يقال انه يمتلك مزارع مختلفة لمحطات الوقود ,وانه قبيل الإعلان عن ارتفاع أسعار المشتقات بساعات عاقد شركة النفط في محافظته على أن تمده بكمية خيالية من الوقود لتغذية محطاته وما إن انتهى التوقيع على العقد حتى طارت واشتعلت الأسعار ..
--ما من عقد استثماري أو مشروع مع جهة محلية أو خارجية ,إلا ويأتي مسؤلا نافذا بحجمه وقدره تبعا للمشروع فيشترط قبل أن يعاقد أن يكون شريكا أو صاحب عمولة ,والنتيجة على أية حال إما أن تكون تحايل جمركي أو ضريبي ,أو أنها تكون عمولة بقدرها إن كان الطرف الآخر خارجي في مقابل إعادة صياغة الشروط والمواصفات بما يمسخ المشروع أو الصفقة تماما ..
بعض المستثمرين البلدي يشعرون بأهمية التثعلب والدهاء للحيلولة دون الوقوع ,فيبحثون على ما يسمونه وتدا رسمي يلقون عليه حبالهم ,فيتخذون منه شريكا ينافحون به من هم دونه ,ويقارعون به منافسيهم ,وحتى يسلمون ,هذا التحالف الابليسي تبعته تجثم على صدور البسطاء والمعوزين ,وبعض صغار التجار والمبتدئين
--بعض صغار التجار يحاولون أن يلعبوا نفس اللعبة مع أوتاد أخرى تناسب أحجامهم ولكن بطريقة التقرب والمجاملة والتفاخر ,فإذا ما اقتربوا واقتربوا أمام هذا الوهج وجدوا أنفسهم كفراشات تدفع ثمن الإقدام والمغامرة ,قد يعطيهم هذا المسؤل بعض ما يعتقدونه امتيازات وتمايز ,إلا أنهم يفاجؤن بها قواصم ,وحكيم دار المحافظة يحول عليهم بمبالغ مالية كبيرة كاستحقاقات رسمية ,أو كهبات لبعض النشامى الاماجد ,احدهم يقول وجدتني أمين صندوقه الخاص ,فلا عشنا ولا عاشت صبابتنا ,وآخر يقول هل علينا وحدنا عبء المهرجانات وتكلفة الأعياد الوطنية ,يلعن أبوها وجاهة ومعرفة ..
عندما دخل المسؤل النافذ نادي رجال المال والأعمال ,أصبح يسابق وينافس في كل شيء ,ويبحث عن الفرص المختلفة ,فإذا لم يجدها أوجدها من العدم ومن وحي غطاءه الرسمي واوجد لها احتياج جم من المواطن والمتابع المسكين ,أصبح المسؤل التاجر متواجد في كل شيء ,والإشكال ليس محله هنا ,إنما في نفسية هذا المسؤل التي تنعكس في تعامله مع الآخرين ,فقد تعود على انه هو الأول والآخر والزاعق والغاضب في مركزه الرسمي لا ينافسه أو يحاجه في ذلك احد ,فلما نزل إلى السوق وغشي نادي المال والأعمال فانه وبفعل نفسيته تلك لابد وان يكون هو شهبندر التجار والأول والآخر هنا ايضا ,وللمنافسين له وحتى الناشئين السحق والبوار ,الا ان يكونوا بعض أدواته او متمماته .
ولنا بها جذور
جاء في بعض مدونات تاريخ المستبد العربي في فترات ومربعات بعينها ,انه كان- ومعه بعض عماله ومستخدميه – إذا علم من نخاسيه أو عيونه بوجود جارية ما لأحد رعيته حسناء فارعه بارعة ليس لها مثيل تحاكي الشمس –والقول هنا للخسس اعني العسس –أو حتى زوجه فان الوالي المعظم او السلطان الأعظم أو العامل يسارع إلى ضمها إلى جواريه ,وملاح قصره ,قد كان بعض الرعية بذكائهم الفطري ومن تجاربهم إن كانت له بارعة فارعه جارية أو زوجة يسارع فيعمد إلى كسر منبع هذه الملاحة إما بفقء واحدة من عينيها ,أو كسر ثنيتيها أو غير ذلك ,المهم أن تنكسر العين فتعود خاسئة وهي حسيرة ..
أما اليوم فان المسؤل العربي يقال انه ما عادت له إلى النساء حاجة أو نهم ,قد حالت دون ذلك كروشهم المترعة ,وأفقدتهم المنبهات تلك اللذاذة ,ولعمري إن هذه من أعظم النعم التي امتن الله بها على عباده المستضعفين في هذا الزمان ,فله الحمد وله المنة ,غير أن هذا النهم تحول إلى المال بشراهة وشرس ,كإبدال وتعويض نقص من جهة وكسجية من جهة أخرى ,هذه الرغبة لا تقف عند حد ,توارثها المسؤل إلى اصغر درجة ..
وفي ظل عقلية وأداء الاستبداد المترسخ والمتواتر والممتد ,أصبح كل ذي مال كبر أو صغر يحسن التكيف تماما ,فالحكمة المصرية هي الحاضرة في كل الأحوال (داري على شمعتك تقيد ),الكثيرون لا يظهرون حقيقة ما يملكون ,بل ويتزرون بالذل والمسكنة والإكثار من الشكوى المريرة في مواجهة المسؤل المتربص ,او في مسامع خسسه اعني عسسه ,حتى يضجروه ..هذه الصورة استشفها في عهده الكواكبي ووعاها تماما فراح يقول (حفظ المال في عهد الإدارة المستبدة أصعب من كسبه ,لان ظهور أثره على صاحبه مجلبة لأنواع البلاء عليه , ولذلك يضطر الناس زمن الاستبداد لإخفاء نعمة الله والتظاهر بالفقر ,ولهذا ورد في الأمثال أن حفظ درهم من الذهب يحتاج إلى قنطار من العقل ,وان العاقل يخفي ذهبه وذهابه ومذهبه ,وان اسعد الناس الصعلوك الذي لا يعرف الحكام ولا يعرفونه )
تعولموا وغرقنا
جاءت العولمة فقلنا تجرفنا وتجرفهم ,علي وعلى أعدائي ,إذا مت ضمانا فلا نزل القطر ,المصيبة هنا أنهم أحسنوا السباحة وعلى ظهورنا أيضا تعو لموا ,وجعلوا من أنفسهم أدواتها وحداتها وعسسها وبسسها .
وجاء البنك الدولي فقلنا سيقمعهم وسيلجمهم ,فقدم نصائحه ,وقال بالخصخصة ,فانتهوا إليها وخصخصوا كل عام وسبيل بعشر معشار قيمته ,هم البائع وهم السمسار وهم المشتري ,حتى البحر قيل خصخصوه .
لم يبقى الا نحن ليت شعري متى نتخصخص
نهاية المطاف …..لا اعني بها أحدا بعينه ,هي عامة ,والنماذج مزدحمة ,وشاهدة وكافية ,هنا أو هناك وفي المشهد العربي عموما ..
إنما يبقى التساؤل عن اثر هذه الثنائية على الاقتصاد الوطني ؟والعمار الاجتماعي ؟والقيم والأخلاق ؟
هل يمكن أن ننهض بمشروع ومؤسسات وبناء ونهوض في ضل وجود رأسمال طفيلي وغير مشروع ,نما وتضخم في مستنقع الفساد وعصابات السطو ,بدا بأسنان وانتهى بمخالب ؟
هل يمكن ان تطالهم قوانين مكافحة غسيل الأموال ؟
هل يمكن …..؟…وهل يمكن ؟