أسرار غامضة ومخيفة في إستراتيجية الرئيس بوش في العراق
بقلم/ سمير عبيد
نشر منذ: 17 سنة و 10 أشهر و 25 يوماً
الجمعة 19 يناير-كانون الثاني 2007 07:14 ص

مأرب برس – لندن – خاص

الحقيقة هي ليست إستراتيجية البيت الأبيض أو الإدارة الأميركية كلها، بل هي إستراتيجية ثلث الإدارة،أو إستراتيجية مزرعة تكساس، لأن من يحكم الولايات المتحدة الأميركية والدول التي إحتلها تحت ذريعة ما يسمى بالإرهاب ،ومنذ تولي الرئيس جورج بوش الأبن رئاسة الولايات المتحدة هي مزرعة تكساس، وعائلة آل بوش أي الكهنوت التكساسي وطبقة النبلاء ( المحافظون المقربّون) وإن طبقة النبلاء تلك تتكون من اليهود المتشددين والبروتستانت المتشدّد ،إضافة الى قسم مقرّب من رؤساء شركات السلاح واللوجست والدواء وغيرها، وأن من يدعم المجموعة الأولى والمجموعة الثانية هي الكنيسة الإنجيلية، أو المدرسة الإنجيلية المتشدّدة ،فهذا هو الطيف الذي يقرر القرارات ويضع الإستراتيجات للولايات المتحدة في زمن بوش الصغير، تلك الإستراتيجيات التي تكون على أرض الواقع الداخلي والخارجي، والتي تنتجها غرفة العمليات
في مزرعة تكساس البوشيّة، لذا فإن الدخان السياسي العالمي الأبيض أصبح يخرج من فتحة مدخنة مدفأة مزرعة بوش.

 لذا فعندما نلقي نظرة على هذه التشكيلة سوف نلمس أن من يحركها هو المال والنفوذ والسوق، وكأن ملفاتهم تتكون من خرائط الدول وأرواح الناس وأنبيب النفط، أي أن القاسم المشترك الذي يجمع مكونات هذه الأطياف هو توفير المستهلكين كبشر ودول، وعند توفر المال يسود الأمان في الداخل الأميركي، لأنها دولة عصبها المال والإقتصاد، وإن أي خلل في هذا العصب سيؤدي الى التشظي الجغرافي والإجتماعي والسياسي، فمن الناحية العلمية التي تستند على الفكر السياسي والإقتصادي والإجتماعي نثبت بأن هناك تناسبا طرديا بين الإقتصاد وقوة الولايات المتحدة وداخلها، أي أنه كلما تضعضع الإقتصاد كلما تسمع الأصوات التي تخرج من قادة بعض الولايات التي تريد الرجوع الى أصلها، والتخلي عن الولايات المتحدة، و تشاهد الهجرة العكسية من الولايات المتحدة نحو كندا وأميركا اللاتينية وفي مقدمتها المكسيك، وهكذا الى دول الإتحاد الأوربي وبقية دول العالم، وهناك قسما من الإستراتيجيين الأميركان ومعهم قسما من الإستراتيجيين الغربيين يعرفون هذه الحقيقة تماما ،وهنا السر في دعم إسرائيل لتكون هي القائد الأوحد في المنطقة ( منطقة الشرق الأوسط ) الغنيّة بالثروات الطبيعية و النفطية والسياحية والزراعية والمناخية، وأن هذا لن يسود إلا من خلال تفتيت الوطن العربي الى دويلات طائفية وإثنية وأقطاعية متناحرة، مثلما هو سائر في العراق ، يقابله دعم تأهيل الكيان الصهيوني كي يكون أكبر من حجم الدولة في المنطقة، بل ستكون إسرائيل الأب المتبنّي لهذه الدويلات العرقية والإثنية في الشرق الأوسط، وبالتالي سيكون كل شيء بيد إسرائيل، أي ستكون هي مدير المال، ومالك مفاتيح قصور الولاة الإثنيين والطائفيين والإقطاعيين، ومن هنا سيكون القرار النهائي بيد إسرائيل ، وحينها تبدأ عملية رد الجميل الإسرائيلي الى الولايات المتحدة والغرب والدول التي وقفت مع الكيان الإسرائيلي منذ وعد بلفور عام 1917 حتى يومنا هذا.

 وهذا يعني أن مستقبل المواطن العربي والشرق أوسطي هو العمل من أجل الغير، أي العمل في شركات الولايات المتحدة والدول الغربية التي ستحميها إسرائيل الكبرى، وبهذا سينسلخ المواطن العربي اوتوماتيكيا من تراثه وحضارته وقبيلته ومجتمعة ليدخل في أتون الثقافة والحضارة الوافدة التي تعتمد على مبدأ مادي أجوف هو (ان قيمتك ليس بأمتك و بقبيلتك وعائلتك وماضيها وحاضرها، بل قيمتك تحددها كمية المال في جيبك أو في حسابك المصرفي)، وبهذا سيكون المواطن العربي والشرق أوسطي جزء من نظام جديد يحكمه المال والسوق، أي عندما تعمل و تنتج سوف تعيش، وعندما لا تعمل سوف تموت، وبذلك ستكون القبيلة والقبلة هي الشركة وأمين الصندوق ،لأن الشركة هي التي تهب الحياة للفرد وعائلته، وليس الدولة أو المجتمع أو الأقارب أو التآخي أو التكافل، لأن كل هذه العناوين ستضمحل من خلال نفوذ الشركات التي تفكر بالربح على حساب المواطن والدولة الحاضنة لها بالقوة والإغتصاب ،وبهذا ستتكون لدينا طبقات الرق المستترة، أي طبقات معدمة مع سبق الإصرار، وستتكون فجوة شاسعة بين هذه الطبقات المسحوقة وطبقة الأغنياء والحيتان والتي تتكون من بعض رجال الدين والوجهاء والسياسيين النفعيين ورجال الأعمال الذي يفكرون بمصالحهم الخاصة، أي سيكون هناك أنعداما كاملا للطبقة الوسطى.

 لهذا فلو لاحظتم حجم البطالة التي أعقبت العدوان على العراق وأفغانستان فهي عالية ولم تصل الى هذا الحد في يوم من الأيام، لأنها أصبحت في العراق بنسبة 78% وفي أفغانستان حوالي بنسبة 88% وهذا يعني أن إستراتيجية الرق الإستباقية قائمة على قدم وساق من أجل توفير العمال إستباقيا، وبالأجر الذي ستحدده الشركات العملاقة القادمة، والتي حتما لن تضع لهذه الطبقات العاملة نظاما للعمل والضمان والتقاعد وهنا بداية الكارثة، ونحن لا نتكلم بنظرية المؤامرة والتي هي موجودة للأسف الشديد، ولكننا نتكلم بالمنطق وضمن سياق وخط بياني من الأحداث والإستراتيجيات التي مضت والحالية والتي ستحدث، فهذا يعني أننا ذاهبون الى نوع جديد من الإستعمار، ومهما وضعوا له من تسميات ورتوش ومكياج تارة بالحرية وتارة ببسط الديموقراطية فهو يبقى إستعمارا مدمرا وقبيحا، لهذا فأن إستراتيجية الرئيس بوش في العراق ليست مفاجأة، بل كانت موضوعة في رفوف غرفة العمليات في مزرعة تكساس، وحتى قبل غزو العراق والمنطقة.

إستراتيجية الرئيس بوش وأسرارها...!

صدق عضو الكونغرس السابق ( بيل فيريتزل) عندما قال معلقا على إستراتيجية الرئيس بوش في العراق ( هي لعبة شد الحبل بين الرئيس والمجموعة الديموقراطية، فهؤلاء يعترضون ولكن الرئيس ماض في إستراتيجيته) وهذا ما أكدنا عليه بمقالات كثيرة، و أكد عليه قسم كبير من المحللين والمفكرين العرب والأجانب هو موضوع السذاجة السياسية عند قسم كبير من القادة العرب، وعند أصحاب القرار في الدول العربية، أي أنهم يعتقدون بأن الحزب الديموقراطي حزبا وديعا ويختلف إختلافا كبيرا عن الحزب الجمهوري، وهذا خطأ كبير ،لأن الأجندة متشابهة لدى الحزبين الديموقراطي والجمهوري، لأن مسمار أمان الولايات المتحدة والمجتمع الأميركي هو واحد، وهو الإقتصاد وتوفير المال والطاقة لهذا المجتمع، وبالتالي لا توجد أجندة أخرى لدى الحزب الديموقراطي يختلف بها عن الحزب الجمهوري إلا في قضايا الصحة والتربية والضمان الإجتماعي، وهي سياسات داخلية، وهذا يعني أن السياسة الخارجية والتي هي تعنينا متشابهة لأنه لا توجد حلبة أخرى يقنع من خلالها الحزب الديموقراطي الناخب الأميركي، لذا يذهب لحلبة الحزب الجمهوري نفسها والتي هي من أجل توفير ما يطلبه المواطن الأميركي لأجل الإستمرار في الحياة والعيش والإنتاج والوحدة، كي تبقى الولايات المتحدة في منأى عن الخطر، وهذا لن يتوفر إلا عند توفير المال والطاقة، وللأسف فأن عصب المال والطاقة هي بلدان الشرق الأوسط ،فأية نعمة تحولت الى نقمة حقيقية على سكان الشرق الأوسط.

لهذا فعندما قرر الرئيس جورج بوش إرسال أكثر من 20 ألف جندي إضافي الى العاصمة بغداد، وبحجة توفير الأمن من بطش المليشيات ، يعني الضحك على الشعب العراقي وشعوب المنطقة وعلى جميع المتابعين في العالم، لأن من أتى بالمليشيات وجذرها وحماها وأعطاها المناصب الرئيسية في الدولة العراقية المحتلة مثل مليشيات ( منظمة بدر، وحزب الجلبي، وجبهة عدنان الدليمي، وحزب الدعوة، والبشمركة الكردية) هو الطرف الأميركي ، والأمر لم ينته هنا ، بل دعمت الولايات المتحدة إستراتيجية حماية هذه المليشيات دستوريا ،عندما دعمت دستور طائفي إثني عرقي يحمي المليشيات ويجعلها اللاعب الرئيسي في البلاد، وفي أية معادلة سياسية، لهذا فاللعبة واضحة وتصب في إستراتيجية التفتيت العراقي ، وهذا يعني أن الإدارة الأميركية لا زالت مصرة على مشروعها الأول في العراق، وإصرارها على تصدير هذا المشروع الى دول المنطقة.

 لهذا فالهدف من إرسال ( 20) ألف جندي إضافي الى بغداد واضح وجلي ، والذي تزامن مع قدوم ثلاث ألوية كردية (بيشمركة) من شمال العراق، وأخرى من جنوب العراق ( مليشيات شيعية) نحو العاصمة بغداد، فالهدف هو تكريس تقسيم العاصمة بغداد بين ( السنة والشيعة والأكراد) وهذا هو سر عدم هجرة آلاف الأكراد من العاصمة بغداد نحو شمال العراق كي يكونوا مخلب قط في العاصمة بغداد، لذا فقدوم القوة الكردية هي لحماية الأكراد الساكنين في بغداد وتحديد جغرافيتهم داخل العاصمة بغداد ،ومن ثم أن قدوم الألوية الشيعية التي توالي الأحزاب العراقية الموالية الى أيران لغرض حماية الشيعة وتحديد جغرافيتهم في العاصمة بغداد، وهكذا السنة، لذا فالغاية هو تقسيم بغداد الى ( ثلاثة أقسام) كي يتم النزول نحو مسألة ( تقسيم العراق) من خلال البدء بالمركز.

ولهذا نتوقع وضع الحواجز الخاصة التي ستفرز الشيعة عن السنة، وتفرز هؤلاء عن الأكراد الساكنين في بغداد، أما المسيحيين فسيتم تخييرهم بين البقاء في بغداد وفي الجهة التي يريدونها في بغداد وبرعاية السفارة البابوية، أو الرحيل صوب سهل نينوى في محافظة الموصل، لأن هناك خطة لإستحداث المحافظة رقم ( 19) للمسيحيين، وأن مكانها هو سهل نينوى أي جنوب ما يسمى بالكيان الكردي، ولقد إقترحتها كنيسة ( كانتر بري) البريطانية ومن خلال محادثات بدأتها منذ أقل من عام مع قوات الإحتلال ومع الجانب الأميركي والبريطاني، وكذلك مع حكومة الإحتلال الثالثة والرابعة في العراق ولا نعتقد أن القادة العرب سيتمكنون من بلورة موقف معين من هذا التقسيم،لأنهم لن يقدروا ولن يتمكنوا من فعل شيء، وأن مسألة إستدراجهم نحو العراق بحجة محاربة إيران في العراق هي خطة ذكية لإستنزاف الدول العربية ماليا ولوجستيا وتعبويا كي تكون عملية تقسيم عواصمهم ودولهم سهلة جدا،أي أن الولايات المتحدة التي تورطت في المستنقع العراقي ستورط الدول العربية في هذا المستنقع بحجة طرد التغلغل الإيراني من العراق،علما أن هذا التغلل تم بموافقة الولايات المتحدة، وتحت أنظار ومسمع قادة وجنود قوات الإحتلال، لهذا توضحت الإستراتيجية وكما يلي:

أولا:

تقسيم العاصمة بغداد نزولا نحو تقسيم العراق ليكون أمرا واقعا.

ثانيا:

توريط الدول العربية في المستنقع العراقي بحجة صد التغلغل الإيراني، ولكن الهدف هو إستنزاف ما تبقى في خزائن هذه الدول ، وإستدراجهم نحو الحلبة الأميركية في العراق.

ثالثا:

محاولة إستدراج إيران الى مواجهات هنا وهناك داخل العراق ، وما عمليات الإستفزاز التي تقوم بها الولايات المتحدة إلا من أجل جر إيران الى صدام مع الولايات المتحدة الأميركية في العراق، كي يتكرر سيناريو ( بيرل هاربر) في الحرب العالمية الثانية كي يكون الشارع الأميركي مع الرئيس بوش ضد إيران، خصوصا وأن الدستور الأميركي يعطي الرئيس صلاحية إستخدام الأسلحة النووية من دون الحاجة لموافقة الكونغرس.

رابعا:

الإستراتيجية التي تريد سحب إيران من أجل تبرير ضربها ليس حبا في الحرب عليها، أو لكراهية بينهما ،فالعلاقات السرية بين الطرفين لم تنقطع قط ، وعبر أطراف ثالثه، ولمن لا يعلم فأن شركة ( هاليبرتون) الأميركية لها فرع في إيران، وأن السجاد والكافيار والفستق يصدر بشكل طبيعي الى الولايات المتحدة، وأن الفستق الإيراني يصل الى مزرعة تكساس والبيت الأبيض، ولكن سحبها من أجل ضربها لأنها تجاوزت الخطوط الحمراء عندما وضعت يدها على بعض حقول النفط الغنية في جنوب العراق، وخصوصا حقول ( مجنون) التي تعتبر من أغزر وأهم الحقول في المنطقة، والهدف الثاني كي تكون أيران ضعيفة لتنكفأ نحو الداخل لتلعق جراحها وتدخل في أتون الهزات الإقتصادية والقومية والسياسية، و كي لا تطمع بالكيانات العرقية والطائفية والإثنية الوليدة في العراق، والتي ستتكون في البلدان العربية الأخرى والتي ستكون بخدمة ومن حصة إسرائيل، وليس بخدمة وحصة إيران التي تريد تصدير مشروعها المذهبي الصفوي ، ولهذا هناك إحتمال كبير بإستعمال ( القنابل النووية التكتيكية) والتي كانت مقرره ضد العراق لولا الحنكة الروسية التي أوصلت الخبر الى القيادة العراقية في 7/4/2003 وهي سر إحتلال ( وليس سقوط) بغداد بتلك السرعة ،لأن الصواريخ المحملة بالقنابل كانت جاهزة للإنطلاق نحو بغداد لمحوها هي وساكنيها وحسب شهادات دبلوماسية وعسكرية ، لهذا فيبدو أن هناك إستعدادات لإستعمال تلك القنابل النووية التكتيكية ضد المنشآت الإيرانية التي على عمق 70 قدما تحت الأرض، ولتطمين القادة العرب وخصوصا في الخليج أكدت الولايات المتحدة وعبر خبراء زاروا جميع الدول الخليجية بأن تلك القنابل لا تحدث تلوثا واسعا بل ستتم السيطرة عليه، وأن حدث بفعل الرياح سيكون تأثيرة على بعض المدن الإيرانية وليس دول الخليج، لهذا فإيران أمام أمتحان صعب جدا، لأن الأوراق قد تغيرت وأصبحت تختلف عن الأوراق التي كانت حتى قبل شهر، أي حتى موافقتها على الحوار مع الولايات المتحدة قد نسف تماما، وأصبحت الولايات المتحدة بموقع هي التي تقرر شروطها ،وهنا ينطبق على إيران الآن المثل العتيق ( غلطة الشاطر بألف) لأن الولايات المتحدة أصبحت تريد إيران المستسلمة وليس حتى الشرطي التي رفضته إيران وطلبت بدله علاقة شراكة مع واشنطن وليس كشرطي... لهذا فالرئيس الأميركي يشعر بالزهو عندما نجحت مخابراته ( سي أي أيه) بإستخدام توقيت عملية أعدام الرئيس العراقي صدام حسين ورفاقه وتصويرها على أنه إعداما طائفيا همجيا بربريا، والتي على أثرها تم تكريم ( نغروبونتي) ليكون نائبا لوزيرة الخارجية،وتكريم السفير الأميركي في بغداد ( خليل زاد) ليكون مندوبا للولايات المتحدة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وأن الزهو الذي يشعر به بوش هو عندما جيّش الشارع العربي والإسلامي طائفيا ومذهبيا ضد إيران، ومن ثم جيش المنظمات غير الحكومية في العالم والشارع الأميركي ضد حكومة المالكي التي توالي إيران، وكذلك ضد التغلغل الإيراني في العراق، ومن ثم تسهلّت عملية تشكيل الأئتلاف العربي مع الولايات المتحدة بعد جولة الوزيرة الأميركية كوندليزا رايس في المنطقة، والذي هدفه دعم إستراتيجية الرئيس بوش في العراق، مما جعل الحزب الديموقراطي المعارض لإستراتيجية الرئيس بوش (ولو صوريا) في موقف حرج، وبالتالي سيوافق على خطوات الرئيس بوش، ومن هنا أصبح يلوح في الأفق الخيار ( التروماني) الذي إستخدمه الرئيس الأميركي السابق ترومان عندما أمر بقصف اليابان بقنبلتين نوويتين!!.

خامسا:

هناك أوراق مهمة تتعلق بإستراتيجية الرئيس بوش، ولها تأثير كبير عليها، فالورقة الأولى هي المقاومة العراقية ، ويبدو أنه سينجح بها بمساعدة بعض الدول العربية التي دخلت على الخط العراقي أخيرا ، إذ حدث إنشقاق كبير في حزب البعث العراقي وبترتيب من الولايات المتحدة وبعض العواصم العربية، وهذا ما عُرف من خلال البيان الذي وزعه حزب البعث بزعامة السيد عزة إبراهيم الدوري قبل يومين ،حيث أتهم قطر عربي بترتيب عملية أنشقاق للحزب ،وأتهم السيد (يونس الأحمد) والسيد ( مزهر مطني عواد) ومعهم مجموعة أخرى بالخيانة والتخاذل وشق الحزب، وحملّهم التعجيل بإعدام الرئيس العراقي صدام حسين،وهذا يعني أن المقاومة ستتأثر بجناحها البعثي، أي ستحدث تداعيات لا نستطيع تقديرها الآن، ولكن حتما لا يسري هذا على بقية خطوط المقاومة ،ولكنها ستفقد منفذا جغرافيا ما... أما الورقة الأخرى فهي ما ستلعبه إيران في الأيام المقبلة ومن خلال مخالب القط التي أسستها لأيام الضيق في البحرين والعراق وأفغانستان ولبنان وسوريا واليمن وبعض دول الخليج، وبما أن أيام الضيق قد بدأت ،فهل ستقلب إيران الطاولة على المنطقة كلها في قطر عربي ما ،فهذا ما نتوجس منه نحن وكثير من المحللين والمعلقين والمتابعين ،لأنها لو قامت بذلك ستعود المنطقة الى نقطة الصفر حيث الفوضى ( المجنونة بدل الخلاقة) والخراب والحرب،وكالعادة فستكون هذه الفوضى بعيدة هي الأخرى عن داخل إيران وحدودها، وحينها ستتورط الولايات المتحدة وستدخل إسرائيل طرفا في الفوضى، وربما ستنجو إيران من المحنة وتعود من جديد لفرض شروطها على الولايات المتحدة والعالم، وتترسخ في العراق وبحقد مضاعف على الدول العربية هذه المرة.

 وأن المعلومات التي وصلت لبعض القنوات الإستخبارية والدبلوماسية أن إيران لوحت بهذه الورقة، بل ساومت بها المملكة العربية السعودية عندما زار الرياض قبل أيام السيد ( لاريجاني) وهو كبير المفاوضين الإيرانيين حول الملف النووي الإيراني، والمقرّب من القيادة السياسية والروحية والدينية في إيران ، أي لوح بأن يكون لشخصية سنية وفصيل سني تدعمه السعودية حصة في الحكم في تلك الدولة مقابل مساعدتهم بترتيب الأوضاع في تلك الدولة مقابل أن تلعب السعودية دور الوسيط بين إيران الولايات المتحدة......وبطريقة أبسط أي إفترحت إيران تقديم رأس نظام معين بشرط إشتراك أيران معهم في ترتيبات ما بعد التقديم مقابل فتح الحوار مع الولايات المتحدة، ورفع وتيرة الصدام والحرب، ولكن المعلومات تؤكد بأن الطرف السعودي رفض وبشدة تلك الإقتراحات، وطالب الطرف الإيراني بالخروج من العراق ورفع يده عن دعم المليشيات الطائفية ، وترتيب الوضع اللبناني من خلال عدم التدخل في الشؤون اللبنانية ، وأنهاء سياسة التدخل في الدول العربية، والتوقف عن المضي في البرنامج النووي حينها يتم الشروع بمسألة الوساطة السعودية بين أيران وواشنطن.

ولكن هل أن هذا الأمر غائب عن الإستراتيجيين الأميركان والغربيين وحتى الإسرائيليين،أي محاولة إيران قلب الطاولة في جغرافية عربية ما ، فنحن لا نعتقد ذلك، ولهذا ربما سيُستخدم شعار ( لنتغدى بإيران قبل أن تتعشى بخاصرتنا) لذا فالقضية معقدة وأن أنفاق الخروج من الأزمة ضيقة جدا وتحتاج الى المزيد من الترشيق والتزييت ليتم الخروج بسلام ودون ضجة ،وخصوصا للذين هم وسط المحنة والنار والمعركة!!!!.

كاتب ومحلل سياسي

مركز البحوث والمعلومات

samiroff@hotmail.com