الأهداف التعليمية والتربوية في قصص القاضي العمراني
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: 7 أشهر و 12 يوماً
الأحد 21 إبريل-نيسان 2024 05:09 م
 

الحلقة الأولى 

 

القصص التي رواها شيخنا العلامة القاضي محمد بن إسماعيل العمراني ـ رحمة الله تغشاه ـ ونشرت في العديد من الكتب منها : قصص وحكايات من اليمن للدكتور محمد غنيم ، سفينة العمراني ـ معارف ولطائف للسفير عبد الرزاق العمراني مما سمعه من والده القاضي العمراني ، القاضي العمراني حياته وجهوده العلمية والدعوية للدكتور عبد الغني الأغبري ، القاضي العمراني رمز التجديد والوسطية في العصر الحديث محمد مصطفى العمراني ، رحلة حج مع القاضي العمراني للشيخ علي جياش المطري ، الروض الندي بأجوبة القاضي العمراني على سؤالات الأسدي للشيخ أحمد بن غانم الأسدي وفي كتابات السفير عبد الوهاب العمراني وغيرها من الكتب ما هي إلا مختارات من القصص التي رواها القاضي العمراني في دروسه في المساجد والجامعات والمعهد العالي للقضاء وفي برامجه التلفزيونية ومجالسه الفقهية وغيرها ، فشيخنا أمد الله في عمره وهو منذ طفولته إلى وفاته شهد الكثير والكثير من الأحداث والقصص والمواقف ، وسمع الكثير من هذه القصص من غيره ، كما قرأ الكثير منها في الكتب والمجلات وغيرها من المصادر ، فقصص شيخنا العمراني - رحمة الله تغشاه - لو جمعت لبلغت الآلاف. 

 

وهذه القصص ميزت أسلوب القاضي العمراني بطابع خاص حيث تميزت أحاديثه بالصدق والعفوية والبساطة ، وروعة الحديث ، ولذا فقد كان الجلوس معه متعة لا تضاهيها متعة لروعة طرحه وحلاوة حديثه ، فهو العالم الظريف الذي حين يتحدث يجذب إليه كل حاضر أو مشاهد ومستمع فقد تميز بأسلوبه الرائع المتفرد الممزوج بالدعابات الجميلة والقصص المشوقة والأحداث والمواقف التي يرويها فيستفيد كل من يسمعه .  

 

ويعلم الله أنني كلما داهمني بعض الحزن أو الملل كلما ذهبت لمشاهدة بعض فيديوهات للقاضي العمراني - رحمة الله تغشاه - فيذهب عني الملل وتدهشتني روحه المرحة المحلقة التي تجسد سمو العظماء وبساطتهم في آن واحد ، وكم استصغرت نفسي بجوار هذا الجبل الأشم والعملاق الذي حباه همة عالية أحيت أمة ومنحه الله نشاطا كبيرا وحرصا عظيما على استثمار الوقت في الجديد والمفيد وهذا الحرص الكبير على إفادة الناس وتفقيههم أمور دينهم .  

 

لقد كان لهذه القصص التي كان القاضي العمراني يوردها في دروسه ومجالسه بكل صدق وعفويةأهدافا تربوية وتعليمية عديدة سوف نتطرق إليها في هذه الدراسة ..

فمن الأهداف التعليمية للقصص التي يوردها القاضي العمراني في دروسه :

 

1 ــ فهم المراد من الدرس : 

 

لقد أكد الدكتور محمد عبد الله الحاوري في دراسته التي نشرت بعنوان "طريقة التدريس التي يعتمد عليها القاضي محمد بن إسماعيل العمراني في تدريسه" والتي نشرتها مجلة جامعة صنعاء - للعلوم التربوية والنفسية- وهي مجلة أكاديمية محكمة نصف سنوية تصدر عن جامعة صنعاء في المجلد (8) العدد (2) يونيو- ديسمبر 2011م. 

أكد على تميز أسلوب شيخنا العمراني في التدريس بالعديد من المزايا التي تفرد بها ومنها : 

-استخدام القصة، فحفظه للعديد من القصص وأسلوبه الرائع المشوق في استخدامها في دروسه تكون جسرًا يعبر عليها المتعلم لفهم المراد، فالقصة غالبًا تكون مرغوبة للمتلقي وتناسب كل الفئات العمرية، وتستمر في ذهن الطالب فترة طويلة ؛ وكلما ذكرها الطالب ذكر الدرس الذي قيلت فيه.

 

2 ـ تنبيه الطلاب إلى قضية معينة :

 

ومثلما كان العلامة في مجلسه في منزله أو في أي مجلس يحل فيه ظريفا أديبا مرحا فكذلك في دروسه العلمية التي يورد فيها الكثير من القصص والنكت لتدعيم الفكرة ودفعا للملل عن الطلاب وكذلك هي إشارة تنبيه فمثلا كان العلامة العمراني قد روى لطلابه في معهد القضاء وفي جامعة الإيمان قصة نصر الدين جحا الذي كان يبيع الخل على حماره وينادي على بضاعته: الخل الطيب من يريد الخل الطيب؟ فكان كلما نادى ببيع الخل نهق الحمار وكلما سكت سكت، وفي النهاية انزعج جحا وسأل الحمار: من الذي يبيع الخل أنا أم أنت؟

أذهب بع الخل أنت وترك جحا الحمار وذهب.!

ولذا كان القاضي إذا وجد بعض الطلاب يقاطعونه أثناء الدرس يقول: من يبيع الخل؟

وهي إشارة لهم ليسكتوا بمعنى: من الذي يلقي الدرس أنا أم أنتم؟!

فكانت بعض طرائف العلامة العمراني للتنبيه يلمح بها ولا يفصح.

 

3 ـ جذب انتباه الطلاب وابعاد الملل عنهم : 

 

كما كان شيخنا العمراني يورد هذه القصص الطريفة والشيقة لجذب الطلاب وشد انتباههم لبعض الأمور ، وهو ما تنبه له الشيخ محمد يوسف حرية أستاذ الفقه المقارن بجامعة الإيمان الذي قال عن ظرافة الشيخ العمراني رحمة الله تغشاه ومزجه الفكاهات في دروسه العلمية : (وهو في دروسه يمزج درسه بالنكتة والفكاهة الأمر الذي يجذب طلابه إليه، فهو محبوب لدى طلابه خلقه التواضع واللين، عليه زي العلماء ووقارهم، من لقيه أول وهلة هابه، ومن جالسه وخالطه أحبه، ولا أكون مبالغا إن قلت: إنه قل أن يوجد نظيره من علماء اليمن في وقتنا الحاضر). 

ويقول العلامة الدكتور عبد الوهاب الديلمي رحمه الله: (ومن محاسنه التي عرف بها أنه لا ينسى خلال تدريسه أن يمزج أسلوبه دائما بالدعابة والملح الظريفة التي تذهب بالسآمة والملل) .

 

وعن هذا الأمر يقول القاضي إسماعيل الأكوع رحمه الله: (للقاضي محمد العمراني مزية ينفرد بها فيما عرفت عن غيره وهي مزج الدرس بالفكاهات والنكت التي تتعلق بموضوع الدرس، فتزيل الكآبة والرتابة من نفوس المستمعين من طلابه الملتزمين بالحضور وكذلك من غيرهم، فلا يسأمون من طول الدرس، مما يحبب الطلاب في الإقبال على دروسه).

 

يتبع ...