اللواء سلطان العرادة: القيادة السياسية تسعى لتعزيز حضور الدولة ومؤسساتها المختلفة نائب وزير التربية يتفقد سير اختبارات الفصل الدراسي الأول بمحافظة مأرب. تقرير : فساد مدير مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة إب.. هامور يدمر الاقتصاد المحلي ويدفع التجار نحو هاوية الإفلاس مصدر حكومي: رئاسة الوزراء ملتزمة بقرار نقل السلطة وليس لديها أي معارك جانبية او خلافات مع المستويات القيادية وزير الداخلية يحيل مدير الأحوال المدنية بعدن للتحقيق بسبب تورطه بإصدار بطائق شخصية لجنسيات اجنبية والمجلس الانتقالي يعترض إدارة العمليات العسكرية تحقق انتصارات واسعة باتجاه مدينة حماةو القوات الروسية تبدا الانسحاب المعارضة في كوريا الجنوبية تبدأ إجراءات لعزل رئيس الدولة أبعاد التقارب السعودي الإيراني على اليمن .. تقرير بريطاني يناقش أبعاد الصراع المتطور الأمم المتحدة تكشف عن عدد المليارات التي تحتاجها لدعم خطتها الإنسانية في اليمن للعام 2025 الحوثيون يجبرون طلاب جامعة صنعاء على تنفيذ عرض عسكري .. صور
مأرب برس - خاص
قد لا نملك سوى التعاطف المشوب بالحذر تجاه ما تقوم به السلطات اليمنية من ملاحقة وقتل من تسميهم بـ"خلايا تنظيم القاعدة والمطلوبين أمنياً"، ذلك أن هذه الملاحقة والقتل لا تستند إلى القانون الذي يرى بأن المتهم برئ حتى تثبت ادانته، لا بل وحسب نص القانون "لا يجيز القانون اليمني حتى مجرد مراقبة الأشخاص والأماكن العامة حتى ولو بوجود شبهه ما لم تكنْ سابقة باتهام موجهه إلى الشخص المقيم في المكان المعني بارتكاب جريمة أو الاشتراك فيها وأن يصدر في ذلك إذن من النيابة ويكون مسبباً" .
هذا الكلام لا يعني بتاتاً أننا ندافع عن هؤلاء أو نتستر عليهم بقدر ما هو وجهة نظر في الكيفية التي تتم بها المعالجة الرسمية التي تقوم بها الدولة وتستهدف معالجة النتائج دون ان تعطي الاسباب حقها من الاهمية .
ثم اليس من حق أيُّ مواطن اخل بالامن العام والسكينة أن يقف امام محكمة عادلة لينال جزاء ما اقترفت يداه، وهذا هو الحل المنطقي، لكن الأمور في اليمن _للاسف الشديد_لا تسير وفق هذا المنطق .
إنّ ما يسمى ب"الهروب الكبير" الذي نفذه قرابة 23 من عناصر القاعدة في اليمن من اشد سجون اليمن حراسة، يضع اكثر من علامة استفهام امام الموضوع ودوافعه ومن يقف وراءه، وحتى اللحظة لم يُكشف عمن تسبب في ذلك الخروج ومن قام بـ " تسهيل المهمة " ، بل لماذا لم يقدم اولئك للمحكمة في حينها بدل الزج بهم في السجن لمدة طويلة ومن ثمّ الترتيب للهروب منه !!
هذه المخالفات القانونية التي لا تلتفت إليها الأنظار بسبب الزخم الاعلامي الذي تحظى به هذه الحرب الضروس ضد الارهاب، هو ذاته الذي جعل من كبير محكافحي الارهاب وهي الولايات المتحدة الأمريكية لا تأبه كثيراً باصوات تتعالى هنا وهناك منددةً بالانتهاكات والتجاوزات التي تقترفها الادارة الأمريكية لكنها لا تجد آذاناً صاغية بسبب ضجيج الحملة الكبيرة والتذرع ب " العمليات النوعية " ضد تنظيم القاعدة تحت ذريعة أن الأمر أشد من ذلك، لكن الانتهاكات والتضييق على الناس لا تقل ضرراً عمّا تقوم به القاعدة بل ربما تكون هي المحرك الذي يوجد كل يوم قاعدة من اقصى المعمورة إلى أقصاها !
ما حدث في مارب اليومين الماضيين هي واحدة من سلسلة حملات تقوم بها اجهزة يمنية اعدت خصيصاً لـ"مكافحة الارهاب" مع حديث غير مؤكد حول تعاون امريكي في هذا الصدد للمساعدة على تنفيذ هذه العمليات الخطيرة والدقيقة في ذات الوقت وقد نفذت قبلها ضد مواطن يمني يدعى أبي علي الحارثي قيل بطائرة أمريكية بدون طيار ثم تراجعت الدولة لتعلن أنه قتل بايدي يمنية، وأي يكن فالقضية واحدة .
ما يُشاع الآن من أن مارب باتت ماوىً للارهابيين هي حملة سياسية _ وهذا رأي شخصي _ تحاول من خلالها الدولة احكام سيطرتها على مناطق القبائل، حتى يصبح التفتيش والاستدعاء لمن تريد من المواطنين أمراً عادياً وقانونياً على الأقل لدى من لا يسمعون عن شيء اسمه قانون ولم يقرأوا مواده ونصوصه، وبهذا تحل الدولة عقدةً كبيرةً وعقبةً كأداء كانت تقف في طريقها للوصول إليهم .
قد تكون مارب هي فعلاً منطقة كبيرة ومترامية الأطراف و"آمنة" من حيث عدم التواجد الأمني، ولذا يتخذها هؤلاء كنقطة عبور آمنة، ليس فقط تنظيم القاعدة ولكن حتى "تجار المخدرات" و"قطاع الطرق"، لكنها في ذات الوقت ليست بهذه الصورة "المكبرة" التي يشكلها الاعلام وكأنه يتحدث عن جبال "تورا بورا" أومناطق القبائل في وزيرستان .
الدولة بهذه الممارسة التي تسعى جاهدةً إلى ( شرعنتها ) ستخسر أكثر مما تستفيد وستكون مارب عبئاً اضافياً كانت الدولة في غنى عنه لا سيما في هذه الفترة، أضف إلى ذلك أن التركيز على محافظة مارب سيتيح الفرصة للحركة أكثر لعناصر القاعدة في مناطق اخرى من اليمن يتواجدون فيها فعلاً وليس ادّعاءً كما هو الحال في محافظة مارب وسينجحون في تنفيذ مخططاتهم بشيء من الأمان مستقبلاً .
من ناحية اخرى فما حصل هو بمثابة " ثأر مستحدث" بين الدولة وقبائل عبيدة خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار تعقيدات المنطقة قبلياً، فالأمر لا يعدو عن كونه تحدٍ واضح من قبل الدولة في ضرب أبناء القبيلة بحجة ايواء ارهابيين كما حصل في مرات عديدة، هدمت على اثرها قرىً بكاملها وازهقت ارواح بريئة من الجانبين كالحادث الذي حصل في الثامن من كانون أول 2001 على قرية حصون آل جلال بمنطقة عبيدة في مأرب وشاركت فيه قوات من الحرس الجمهوري اليمني تدعمها دبابات ومروحيات مقاتلة بحجة وجود ارهابيين، فتبين الامر أن لا وجود لهؤلاء اطلاقاً وانما مجرد اشتباه ومعلومات مغلوطة لدى الجهات الأمنية .
هذه التحرشات التي تبديها الدولة من حين لآخر، لا تصب في معالجة القضايا لا سيما قضية كـ " الارهاب " إذْ لا يمكن لدولة هشّة كـ " اليمن " أن تقضي على ما يسمى الارهاب بين عشية وضحاها من خلال قتل الناس وتفجير سياراتهم سواءً بطائرة امريكية بدون طيار أم بطيارة هيلوكبتر يمنية !!
ليس ادل على بوادر تأزم الأمور بين الجانبين من الهجوم الذي نفذه رجال من ذات القبيلة على المجمع الحكومي ونقاط للتفتيش بعد يوم واحد من قتل ثلاثة اقارب لهم في حادث انزال مظلي في صحراء مارب، وإنْ كنا نسمع عن لقاءات جمعت بين الرئيس وبين مشائخ هذه القبائل، إلا أنه لن يكون بامكان هذه "الأدوات التقليدية" أنْ تحمي وطناً مزقه الانفلات الأمني وضحت به ايادٍ خبيثة لمصالح آنية رخيصة .
والسؤال الذي يفرض نفسه بالحاح، إلى متى ستظل السلطات في اليمن تقتل لمجرد الاشتباه .. والاشتباه فقط ؟ وهل بامكانها تقديم أدلة ماديّة واضحة على أن مثل هؤلاء الذين يسقطون قتلى في كل حادث هم فعلاً مجرمين يستحقون القتل ؟
الم يكن بوسع الدولة أن تكثف من جهودها لتثقيف النشء بواجباته تجاه أمن واستقرار وطنه من خلال حملات تقوم بها لزيادة وعي الناس وادراكهم بمدى بخطورة ايواء أو مساعدة من يقومون بجرائم ضد الوطن، حينذاك يمكننا التحدث عن " عمليات نوعية " تستهدف العقل وتنير البصيره، لأن لغة السلاح والقتل لم تكن على مدى التاريخ حلاً بقدر ما هي مشكلة في حد ذاتها .
ms730@hotmail.com