مليشيات الحوثي تُدرج مادة دراسية طائفية في الجامعات الخاصة. اللواء سلطان العرادة: القيادة السياسية تسعى لتعزيز حضور الدولة ومؤسساتها المختلفة نائب وزير التربية يتفقد سير اختبارات الفصل الدراسي الأول بمحافظة مأرب. تقرير : فساد مدير مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة إب.. هامور يدمر الاقتصاد المحلي ويدفع التجار نحو هاوية الإفلاس مصدر حكومي: رئاسة الوزراء ملتزمة بقرار نقل السلطة وليس لديها أي معارك جانبية او خلافات مع المستويات القيادية وزير الداخلية يحيل مدير الأحوال المدنية بعدن للتحقيق بسبب تورطه بإصدار بطائق شخصية لجنسيات اجنبية والمجلس الانتقالي يعترض إدارة العمليات العسكرية تحقق انتصارات واسعة باتجاه مدينة حماةو القوات الروسية تبدا الانسحاب المعارضة في كوريا الجنوبية تبدأ إجراءات لعزل رئيس الدولة أبعاد التقارب السعودي الإيراني على اليمن .. تقرير بريطاني يناقش أبعاد الصراع المتطور الأمم المتحدة تكشف عن عدد المليارات التي تحتاجها لدعم خطتها الإنسانية في اليمن للعام 2025
هذه الحلقة (3) تكملة لما بدأته في الحلقتين السابقتين من حديث نقدي مختصر عن رائعة الشاعر اليمني الشاب طارق كرمان( بوابة الرحيل).. فيما مضى تحدثت عن اربع سمات ميزت القصيدة وهي من جديد على النحو التالي:
فكر وطرح الإخوان المسلمين المعتدل
المباشرة والوضوح كميزة للقصيدة لا كعيب فيها
روح وفكر محمد محمود الزبيري
تقنية الخطاب المضاد لخطاب السلطة
وفي هذه الحلقة اقول ان عبقرية القصيدة الكرمانية تتلخص بشيئ مهم ربما ينساه بعض الشعراء والأدباء وهو ((حسن ودقة اختيار اللفظة بإيقاع لا يحسن البديل عنه الإتيان به))، تمر على مسامع القارئ والمستمع بانسيابية جمالية وسلاسة تعبيرية انيقة كأنها هي المطلوبة للمستمع والقارئ دون سواها.. الشاعر او الكاتب هو الذي يعرف متى واين يضع الكلمة بحيث تأتي تماماً في مكانها وبالضبط، دقة تحقق الفكرة والصورة والإيقاع... يقول الكاتب الروائي سلمان رشدي بما معناه : "مهمة الأديب في بناء النص هي الأهم والأصعب لا يحسنها الا البناء الخبير "..
عبقرية الشاعر نزار قباني-مثلاً- ليس في صورشعره المجنحة- فهو يكتب قصائد مباشرة- ولكن في جمال التعبير ونحت الألفاظ بحيث لو سقطت قصيدة ولو لم يكن عليها اسم شاعرها لقال الناس انها لنزار، وتجسدت عبقرية حسن ودقة وضع (الطوبة)الشعرية في مكانها المناسب بالتحديد والدقة والتمام في كل اشعار البردوني كمثال بارز لهذه الخاصية .. كيف يكون البناء للكلمات !! ما هي الكلمة التالية!! وكيف تحقق صفات الشاعرية وقوة الفكرة من غير تكلف!!، هذه هي بالتحديد عبقرية شاعرنا الشاب طارق كرمان في قصيدته (بوابة الرحيل)—قصيدة تتسم بالمباشرة ولكن دقة وضع(البلوك او الطوب) كلاً في مكانها الصحيح والمحدد والموزون حتى يبدو لك النص ابداع بناء محترف ماهر يعرف بالضبط كيف واين يضع اللبنة التالية واللبنة التي بعدها وهكذا ..
اما السمة السادسة والأخيرة للنص – من وجهة نظر هذه القراءة وهي خاصية تتعلق بتقنية الخطاب المضاد لخطاب السلطة- نجاح مرافعة الشاعر بلغة منطقية سياسية فندت الحجج التي يتذرع بها رئيس النظام لبقائه في السلطة، ولا تتوفر هذه الخاصية لأديب يعيش في الأبراج او اديب (مخزن قات في طيرمانة) بل لأديب وناشط سياسي وقيادي في اللجنة الشبابية الثورية، يعرف كيف يتكلم ويرد ويحاور ويبسط الكلام بمنطق سياسي سلس وواع وخبير بشؤون السياسة وبنفسية المستبدين، ثم ان (بوابة الرحيل) عنوان النص يضفي جمالاً شاعرياً جديداً للعبارة من جهة ولحتمية خروج الحاكم الفرد مدحوراً من جهة، فـ(الباب يفوت جمل) كما يقول المصريون..
والخلاصة فإن (بوابة الرحيل) اضافة جديدة الى ديوان شعر الثورات العربية التي تجري احداثها الآن، كنص بديع تم هندسة الفاظه ومعانيه بدقة رسخت جمال اللفظة وبساطة الفكرة بثورية هادئة ومحاورة منطقية مقنعة، لا يضارعها الا قصيدة الشاعر المصري الشاب عبد الرحمن يوسف وهو يخاطب حسني مبارك قبل رحيله...، نقطف من قصيدته "رسالة في فنون الضرب" ما يلي : -
اضرب فلسنا نخاف السّوط والوجعا
اضرب لأنك تبدو خائفاً جزعا
واضرب برأسك حيطاناً وأعمدة
واضرب بظلمك أحزاباً ومجتمعا
الضرب بالكف سهلٌ إن صبرت له
والضرب بالحرف دوماً يورث الهلعا
فاضرب بكفك طول الليل توأمها
حتى بدوت كمن في أهله فجعا
الضرب بالصفع في أرضي مخاطرة
كم قد رأينا مراراً صافعاً صُفعا
واضرب بليلك أخماساً لتسكتنا
ترى النتيجة صوت الحق مرتفعا
لا الضرب يجدي ولا الأجناد ترهبنا
كم ضاربٌ قد دفنّا بعدما قمعا
راقب خطاك فتلك الأرض ناقمة
والأرض تطرح دوماً جنس ما زُرعا
اليوم كل رجال الحق قد وقفت
هل فرق الضرب هذا الشمل أم جمعا؟
******
مقتطفات من (بوابة الرحيل) لطارق كرمان:-
يـا رياحَ التغيير حُثِّي الغيارى فـي بلادي واستنفري استنفارا
من رُبى تونُسٍ ومن نيلِ مِصرٍ جِـئتِ كالنورِ ترشدين الحيارى
بـانتصارينِ أبـدلا كـلَّ يأسٍ في قلوبِ المستضعفين انتصارا
فـإذا بـالشعوب فـي كل قُطرٍ عـربـيٍّ مُـكَـبّلٍ تـتـبارى
بـسباقٍ حـامٍ على المرتِبِ الثا لِـثِ فـي ثـورةِ الكرامةِ دارا
ذكَــرَ الـليبيّون فيه أبـاهم عُـمرَ الـمختارَ العظيمَ افتخارا
مـسـتلذّين كُـلَّ طـلقة نـارٍ تـقذفُ الـقذّافيَّ خـزياً وعارا
فـاذكروا أيـها الـيمانون آبـا ئَـكُـمُ الـثـائرين والأحـرارا
سـرَقَ الـمفسدون ثـورتَهُم فل تـثِـبوا لاسـتـردادها ثُـوارا
سـرَقوها نـعم، ولم يترُكوا من هـا لـنا إلا الـعيدَ والـتذكارا
واسـتَبدّوا بالحُكم واستأثروا بال أمـرِ واسـتكبروا بـه استكبارا
****
يـا أبـا أحـمدَ المنادى زعيماً فـي يـمانٍ مُذْ ثلثِ قرنٍ توارى
طُـرُقاتِ الإزفـلتِ ليست نموّاً وبـناءُ الإسـمنت ليس ازدهارا
فـاقتصاد الـبلاد يـوماً فـيوماً مُـذ تـزَعّمتَ لا يَكُفّ انحدارا
تـحتَ إغـضائكَ المعاولُ فيها مـلأتْ أنـفُسَ الـعبادِ دمـارا
وتـغاضيكَ عـن جـرائِمِهمْ لم يَـكُ حِـلماً وإنـما اسـتهتارا
فـاحتمل ثـورَةَ الـشبابِ عليها أم تـوقَّعتَ أن يظلّوا صغارا؟!
لا تَـلُمنا إذِ انـتفضنا غِـضاباً كـثرةُ الـضَيمِ تـستفزّ الحِمارا
جُـلُّ من تحتَ حكمِكُم ولِدوا، لم يـجدوا فـي ظـلالِهِ استقرارا
ثُـلثُ قـرنٍ وهُم يزيدون يوماً بـعـدَ يـومٍ بـطالةً وافـتقارا
لـم يـكُنْ فـيها للمعيشةِ مسعىً لـهُمُ غـيرُ أن يـجافوا الديارا
وبَـقوا في دَوّامَة اليأسِ بينَ ال قـنصليّاتِ يـشتكونَ الـدّوارا
أمَـلاً فـي تـأشيرَةٍ هـيَ رِقٌّ وعُـبـودِيّةٌ تُـنـالُ اخـتيارا
فـإذا لـم يحظَوْا بها في جوازٍ جـاوزوا نحوها الحدود انتحارا
فـيُضامون حيثُ حلّوا اضطهاداً ويُـسامونَ في الشعوبِ احتقارا
فـأَتَتْ مـن مصرٍ وتونُسَ ريحٌ حُـرّةً تَـبعَثُ الأمـاني الكِبارا
فـرَمَوا أحـلامَ الهروب وهَبُّوا بـأيـاديهم يـهدمون الـجدارا
مُـقسِمي الـعهدَ لـلبلاد بأنْ لا يـتركوها فـي ما تعُاني فرارا
بـل يـعيشوا على ثراها كراماً أو يـمـوتوا لأجـلها أحـرارا
ولـهـذا أيــا عـليُّ أقـرُّوا لـك أنـت الرحيلَ عنها قرارا
فـلتدع هـذه الـحلولَ التي تغ ري بـهِنَّ الأحـزابَ لا الثّوّارا
عَزّ شأنُ الشبابِ عن أيِّ حزبٍ حـاكِمٍ أو مُـعارِضٍ أن يُـدارا
كُـل تلك الأحزابِ لم يعبئوا قَبْ لُ بـهِ.. أو يُـعطوه قطُّ اعتبارا
مـا تـبَنّوا هُـمُومَهُ يومَ ضعفٍ أفَـيحْكُونَ بـاسْمِهِ يـومَ ثارا؟
إنّـها ثـورةُ الـشبابِ لمن شا ء الـتحاقاً بـرَكْبِها لا اجترارا
ونـداء الرحيلِ لو كُنتَ تصغي صـارَ فـيها شـعيرةً لا شعارا
فـارْحلِ الآنَ، عاجلاً، هذه اللحْ ظـةَ، حـالاً، بسرعةٍ، وابتدارا
ارْحـلِ الآنَ لـو تكرّمتَ طوعاً ذاك خيرٌ من الرحيل اضطرارا
لا تـعِدنا بـأي شـيءٍ فـلَسنا مـستعدّينَ أن نـشيبَ انـتظارا
وكـفـانا تـعُـلّقاً بـسـرابٍ وكـفـانا لـلمخفقين اخـتبارا
والـقطارُ الذي وعدتَ به ارحل فـوقَهُ أنـتَ.. لا نـريد قطارا
وخُـذِ الـكهرباءَ إن شـئتَ إنّا سـنرى الـليلَ لو رحلتَ نهارا
لا تـراهن عـلى تـسلّحِ شعبي أو عـلى جـهلِهِ ولا تـتمارى
إنّ إيـمـانَهُ وحـكـمَتَهُ كــم بـهما الـجهلُ والسلاحُ توارى
وجنودُ الجيش الأشاوسُ هُم مَن سـوفَ يـحمونَهُ إذا ما استجارا
وانـهيارُ الـنظامِ لا تخشَ منهُ فـهو لـم يُـبْنَ بعدُ كي ينهارا
رايةُ الشعبِ أعطِها الشعبَ لا يح يــى ولا أحـمداً ولا عَـمّارا
بَـيْضَةُ الـحظِّ غـادرَتْكَم إلينا فـاحْسِم الأمـرَ حِسبةً لا قِمارا
*****
شاعر وناقد يمني
a.monim@gmail.com