مليشيا الحوثي تجبر قبائل إب على رفع اعتصامهم في دار سلم بعد تهديدات بفضه بالقوة أبرز المواقع والمناطق التي سيطرة عليها فصائل المعارضة السورية في حلب وإدلب ما انعكاس ما يحدث في سوريا على اليمن.. هل تعود صنعاء كما عادت حلب؟ تفاصيل مروعة عن جريمة قتل فتاة في صنعاء 18شهيدا بغزة والاحتلال ينسف منازل بشمال القطاع وجنوبه ندوة حقوقية في مأرب تسلط الضوء على أوضاع المرأة اليمنية بعد انقلاب الحوثيين تحقيق 42 ألف مستفيد من خدمات الوحدة الصحية في القطاع العاشر بمخيم الجفينة تفاصيل حصيلة 3 أيام من الحرب و الاشتباكات في سوريا الكشف عن أكبر منجم جديد للذهب في العالم قد يقلب الموازين ويغير التاريخ عاجل: المليشيات الحوثية وتهدد بإعتقال مشائخ ووجهاء محافظة إب المعتصمين بدار سلم وتفرض حصارا بالاطقم المسلحة على مخيمات المعتصمين
زار الرئيس الصيني هُوْ جينتاو البيت الابيض فتذكرت الزميل والصديق محمد سيد أحمد، رحمه الله. زيارة الرئيس الصيني كانت مناسبة ليكتب معلقون في الولايات المتحدة وغيرها ان الصين هي الدولة العظمى الجديدة، و«الاندبندنت» في لندن جعلت «مانشيت» صفحتها الاولى «اميركا تقابل الدولة العظمى الجديدة» وتحته بحرف أصغر «زيارة الرئيس هُوْ واشنطن تؤكد هزيمة أميركا المحتمة أمام التفوق الاقتصادي الصيني».
محمد سيد أحمد قال هذا قبل خمس سنوات كاملة، واذا كان عمر السبق الصحافي يقاس بين وكالات الاخبار بالدقائق والساعات، وبين الصحف بالايام، فإن ذلك المفكر المصري سبق أقرانه العرب بسنوات في توقع القوة العالمية الجديدة المقبلة.
كنت على سفر عندما توفي محمد سيد أحمد، ولم أعرف بوفاته إلا عندما عدت الى لندن، وراجعت ما فاتني من اعداد الزميلة «الاهرام»، وفوجئت بمقال رئيس التحرير أسامة سرايا «رحيل الفرسان» وحزنت ان تفوتني مناسبة الكتابة عن ذلك الزميل الكبير الذي كتب في «الحياة» بعد عودتها الى الصدور واعتبرناه مكسباً شخصياً ومهنياً.
هو من فرسان الصحافة والفكر، كما قال الزميل أسامة سرايا، وكنت اعجبت به بعد قراءتي كتابه «بعد ان تسكت لمدافع»، فهو حاول استشراف مستقبل الشرق الاوسط بعد ان تنتهي حروب العرب مع اسرائيل. وبما ان الكتاب صدر قبل سنوات من زيارة الرئيس أنور السادات القدس، والسلام مع اسرائيل غير مطروح جدياً في أي محفل عربي، فقد اعجبت بجرأة المؤلف أولاً، وبفكره ثانياً. وعشت لأرى المدافع تسكت من دون أن يسير الشرق الاوسط كما توقع محمد سيد أحمد، ولعل السبب هو ان منطقتنا تتحدى دائماً المنطق.
ورأى المفكر أكثر مما رأينا جميعاً وهو يزور الصين سنة 2001 ويفاجأ بالبناء في شنغهاي وبكين وغيرهما، ويقدر ان تلك البلاد في طريقها لتصبح دولة عظمى تسبق الدولة العظمى الوحيدة الباقية بعد سقوط الاتحاد السوفياتي.
كتب محمد سيد أحمد في ايلول (سبتمبر) 2001 انه زار الصين للمرة الثانية بعد ان زارها قبل 28 سنة في وفد ترأسه الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل والحديث في الصين تلك الايام عما عرف باسم «الثورة الثقافية». وهو رأى في زيارته الثانية الفارق بين تلك الصين وصين التجارة الحرة (العجز في الميزان التجاري الاميركي مع الصين بلغ 200 بليون دولار في السنة، ويمثل ربع مجموع العجز التجاري الخارجي للولايات المتحدة).
كيف قرأ محمد سيد أحمد مستقبل الشرق الاوسط، ثم قرأ مستقبل الصين قبل غيره؟ ربما وجدنا الجواب في كلمة الاستاذ هيكل عن المفكر الراحل فقد عرفه بشكل اعمق ولمدة أطول مما عرفناه نحن، وقال في احتفالية تأبينه: «كنت في بعض الاحيان اتهم محمد سيد أحمد بأنه لا يستطيع الاعتذار عن بطاقة دعوة الى محفل أو اجتماع، ولا على إشاحة النظر عن تذكرة سفر تأخذه الى ندوة أو مؤتمر في أي بقعة من بقاع الارض، أياً كان الموضوع، إلا انني اكتشفت بالتجربة ان غرامه بالرحلة قريباً وبعيداً هو نفسه غرامه بالمعرفة ساعياً بالامل الى ملامسة الحقيقة، مدركاً، بالعقل، انه لن يستطيع الإمساك بها. ومع ذلك فهو قلق متوجس طوال الوقت ان تفوته لحظة كشف أو كلمة سر تضيء لمحة فيما يشغله... كان معظم اتهامي له انه يضيع وقته في التجوال والترحال، لكنني الآن اتفهم اكثر علّة ما لمته عليه، فقد شغلني الكاتب قبل المفكر، وكان يجب ان ! اعكس الترتيب».
كان كاتباً ومفكراً في آن، وكان انساناً قبل هذا وذاك. وهو كما يقول الاستاذ هيكل لم يكن يستطيع مقاومة دعوة، وكان ان قبل زيارة الصين ثانية مع أنه في عمر يفضل الذين فيه الراحة ورؤية العالم عبر شاشة التلفزيون من مقعد مريح.
محمد سيد أحمد ذهب الى الصين ورأى بعين البصر والبصيرة، ما فات جيلاً من الكتّاب والمفكرين، وكتب مقالاً عن الدولة العظمى المقبلة حفظته ذاكرتي سنوات، مع انني اقرأ بضعة عشر مقالاً بالعربية والانكليزية كل يوم.
وزار الرئيس هُوْ الولايات المتحدة، وكثر الحديث عن الدولة العظمى المقبلة، التي ستكون وحيدة بعد أفول نجم الولايات المتحدة (أمامي مقال عنوانه: السؤال ليس هل يأفل نجم الولايات المتحدة، بل متى؟).
الصين اليوم تنعم باقتصاد جبار في العالم، بعد ان كان الثلاثين سنة 1977، وهو ينمو بمعدل 9.5 في المئة منذ 25 سنة، وهذه اعلى نسبة في العالم. وقد خرج 400 مليون صيني من تحت خط الفقر في ربع القرن الماضي، واليوم تنتج الصين 50 في المئة من الكاميرات الرقمية و 60 في المئة من الأفران المايكرويف والآلات الناسخة وأجهزة «دي في دي» في العالم.
لقد عاش محمد سيد أحمد حتى رأى نبوءته الصينية تتحقق، أو انها في الطريق، ورجائي ان نكون جميعاً تعلمنا منه. وكنت وقد فاتني خبر وفاته بدأت أجمع بعض الاوراق والذكريات عنه لكتابتها عند مرور سنة أولى على وفاته، غير ان زيارة الرئيس هُوْ الولايات المتحدة ذكّرتني بمقاله عن الدولة العظمى المقبلة، فطلبته من الزميلين أسامة سرايا ومحمد صلاح، وأعدت قراءته، وتركته وأنا أشعر بأنني انسان افضل لأن الحظ جمعني يوماً مع محمد سيد أحمد