إيران تطالب الحكومة السورية الجديدة بتسديد 30 مليار دولار ديون لإيران قدمتها لبشار مؤسسة وطن توزع الملابس الشتوية لمرابطي الجيش والأمن في مأرب هكذا تغلغلت إيران في سوريا ثقافيا واجتماعيا.. تركة تنتظر التصفية إيران تترنح بعد خسارة سوريا ... قراءة نيويورك تايمز للمشهد السياسي والعسكري لطهران إحباط تهريب شحنة أسلحة هائلة وقوات دفاع شبوة تتكتم عن الجهة المصدرة و المستفيدة من تلك الشحنة الحوثيون يجبرون رجال القبائل جنوب اليمن على توقيع وثيقه ترغمهم على قتال أقاربهم والبراءة منهم وتُشرعن لتصفية معارضي المسيرة القوات المسلحة تعلن جاهزيتها لخوض معركة التحرير من مليشيا الحوثي الاستراتيجية الأميركية التي ينبغي أن تتخذها إدارة ترامب المقبلة تجاه ملف اليمن؟ أميركا تتسلم مواطنها الذي كان معتقلاً في سجون الأسد بسوريا عاجل : قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع : دخلنا مدننا وليس طهران وما حصل في سوريا هو انتصار على المشروع الإيراني
أكتب تونس أو قيس سعيّد في أي خانة بحث وانتظر النتائج:
الرئيس التونسي يحل المجلس الأعلى للقضاء، القضاة يرفضون ويهددون بالتصعيد، أحزاب تونسية تندد بعودة الاستبداد، مظاهرة لحراك «مواطنون ضد الانقلاب» سفراء مجموعة الدول السبع الكبرى يعربون عن قلقهم من حل المجلس الأعلى للقضاء، كذلك الأمين العام للأمم المتحدة والخارجية الأمريكية، مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي يقول إن الاتحاد يمكن أن يبحث قريبا تعليق المساعدات المالية للحكومة التونسية، بيانات إدانة متلاحقة من «منظمة العفو الدولية» و«هيومن رايتس ووتش»وغيرهما، لا تقدم في مفاوضات تونس مع صندوق النقد الدولي، المنتدى الاقتصادي العالمي يحذر من مخاطر كبرى تهدد تونس من بينها انهيار الدولة، أزمة في المالية العمومية، تأخر محير في صرف الرواتب، إقبال ضعيف على استشارة إلكترونية غريبة….إلخ.
هذه هي أخبار تونس اليوم، لا يوجد عنوان إيجابي واحد يمكن أن تعثر عليه في الصحف أو مواقع التواصل أوصفحات مراكز البحث والدراسات، أو نشرات الأخبار في الإذاعات والتلفزيونات العالمية، مع تساؤلات حائرة عن مستقبل البلاد.
ربما لم تكن يوما صورة تونس في الخارج والحديث عنها في البيانات الدولية والإعلام بمثل هذا الاتساع والسوء، ومع ذلك فالسلطة في تونس إما أنها غير واعية بخطورة ذلك أو أنها لا تعبأ، به وكلاهما أخطر من الثاني. ما رأيناه إلى حد الآن هو أن سعيّد يستهزئ مرة بالتصنيف الائتماني لبلاده، ومرة بالقلق الذي أعرب عنه سفراء الدول الكبرى السبع من حل المجلس الأعلى للقضاء، مشيرا في كل مرة إلى أن تونس حرة وذات سيادة حتى يكاد يقترب بحديثه هذا الحماسي من قادة عرب وأجانب دخلوا في مساجلات مع دول كبرى أدت إلى حالة عداء أو حروب، مع أنه، هو نفسه، لم يتردد أكثر من مرة في الخوض في قضايا بلاده الداخلية مع قادة وسفراء أجانب.
ما يزيد من عبثية ما يجري أن تونس ليست بلدا غنيا قادرا على الاستغناء عن الآخرين، على افتراض أن الدول الغنية تستغني عن غيرها، بل هي دولة استقرت منذ استقلالها عام 1956 على أن تحافظ على علاقات جيدة مع الجميع.
أول رئيس لها الحبيب بورقيبة كان يدرك ذلك جيدا، فهو رغم علاقاته المميزة مع فرنسا والمعسكر الغربي عموما، لم يدخل في أي عداء مع المعسكر الشرقي، كما أن علاقاته العربية ظلت متوازنة ويده ممدودة إلى الجميع، ما عدا أزمات محدودة لم تخرج عن القنوات الدبلوماسية إلا نادرا، وكذلك كان زين العابدين بن علي حتى غدت تلك الخطوط العريضة الكبرى سياسة الدولة التونسية مهما كان رئيسها.
تونس بلد صغير، لا ثروات كبرى لديه، يعتمد بالأساس على ثروته البشرية والسياحة والقطاع الزراعي والفوسفات وبعض النفط، ولهذا كان طوال تاريخه يعوّل على أفضل العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الشرق والغرب. وحتى حين ساءت علاقات بورقيبة أو بن علي بهذا الطرف أو ذاك، فإنها عموما ظلت في شكل حملات إعلامية لم ينخرط فيها مسؤولو الدولة الكبار، فما بالك برئيس الدولة، فضلا عن أن البلاد لم تكن حينها بمثل ما هي عليه الآن من هشاشة اقتصادية وانسداد سياسي وحيرة اجتماعية.
هل من الشعور العالي بالمسؤولية الوطنية العليا أن يطلق أي رئيس دولة مسؤول العنان لبعض العنتريات وهو في أشد الحاجة إلى علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، صاحبة القول الفصل في صندوق النقد الدولي وغيره من الهيئات المالية الدولية؟! وفي أشد الحاجة إلى أفضل العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وكل دوله ومنها فرنسا المستثمر الأجنبي الأول في البلاد ؟! وفي أشد الحاجة إلى دولة مثل تركيا التي عاد كثيرون من خصومها السابقين إلى مد الجسور معها، وخصّوا رئيسها بأعظم الاستقبالات؟! أو قطر المستثمر العربي الأول في البلاد؟! خاصة حين لم يأت لدعمه من كان يظن أنهم سنده في ما أقدم عليه من انقلاب على الدستور والمؤسسات ومن بعثرة كاملة للمشهد السياسي والقانوني للبلاد. تونس في حاجة إلى الجميع وكانت دائما تدرك أن ليس من مصلحتها أن تصطف مع أحد أو تعادي أحدا.
لم تكن سمعة تونس في الخارج يوما بمثل هذه القتامة التي عليها اليوم، و لا بمثل هذه العزلة الدولية مع تساؤلات كثيرة يطرحها الكتاب والمحللون حول مستقبل البلاد إن هي ظلت على هذا النهج.
سمعة تونس رأسمال حقيقي لا يقدر بثمن ومن المحزن جدا أن يتحوّل صيتها العربي والعالمي من دولة ملهمة في التحول الديمقراطي والبناء المؤسسي، رغم كل الشوائب والعثرات، إلى دولة يحكمها باعتباطية شديدة مزاج رجل واحد، صرح أخيرا أنه «يعرف ويفهم التوازنات الدولية» لكن لا شيء يدل على ذلك أبدا خاصة عندما نراه يوميا بصدد تحويل تونس، بسياساته الغريبة وسلبية معظم التونسيين تجاهها، إلى «دولة الأخ القــائد» وفق وصف الرئيس السابق المنصف المرزوقي.
كاتب وإعلامي تونسي