ثوار الأمس وأثوار اليوم
بقلم/ منصور القدسي
نشر منذ: 17 سنة و شهر و 6 أيام
الأربعاء 07 نوفمبر-تشرين الثاني 2007 08:52 م

مارب برس - خاص 

مامن شك في أن وحدة الوطن كانت العامل الإستراتيجي لثورتي سبتمبر وأكتوبر وحيث كان لثوار الأمس دور تاريخي مميز في مقارعة الإمامة و الإستعمار على حد سواء من خلال رفع شعار الوحدة في صفوف أبناء اليمن الواحد ولولا ذالكم الدور لظل شعبنا ممزق الأوصال وعلى ضوء هذه المعطيات إنبثق عبق تاريخنا في مايو العظيم وتفجر عنفوان الثورة حيوية ونشاط عندما تحقق للوطن وحدته وللثوار حلمهم النبيل.

اليوم ونحن نحتفل بأعياد سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر نجد أنفسنا قاب قوسين أو أدنى من تل ك المهازل التي كانت تراهن عليها الإمامة ومعها الإستعمار في تبديد طاقات الثوار وينتابني توجس رهيب لما سيقودنا إليه أثوار اليوم من يسعون إلى تهييج المواطنيين وتوظيف الإحتقان السائد جراء إرتفاع الأسعار إيماناً منهم بأنها الفرصة الوحيدة التي قد تمكنهم من تحريك الشارع بعد أن عجز خطابهم السياسي عن تحقيق ذلك منذ أمد بعيد.. وهو رهان خاسر لامحالة فوجئ به المراهنيين في ردفان وحضرموت والضالع حين بلغ الهيجان مداه حد مناطحة الوحدة ورفع شعارات إنفصالية ومن غير المنصف أن يظل الرهان قائماً عند البعض من يضعون رؤسهم على الأرض كالنعامة لعل وعسى يجدون ضالتهم من النظام حتى ولوكان على حساب وطننا العظيم ونقول لمثل هؤلاء كفوا عن هذا الترهل والتفلت ولعل هذا المنحى الخطير يحتم علينا اليوم كشباب ومثقفين وساسة الوقوف وبجدية مع ضمائرنا لإمعان النظر في الدور الإيجابي الممكن نلعبه مع الوطن أولاً بعيداً عن الإعتبارات الحزبية والولاءات الفكرية الضيقة لاسيما ونحن نحتفي بتلكم الملاحم البطولية التي صنعها جيل من خيرة شباب الوطن مطلع الستينات وبفضل ولائهم للوطن الكبير إستطاعو إزاحة الغيوم الملبدة على سماء الوطن ليرى شعبنا النور ويتنفس حينها الصعداء.. ولو قارنا جيلنا بجيلهم لوجدنا أنفسنا أضلينا الطريق وفقدنا البوصلة بوصلة الوطن التي كانت ترشدهم جميعاً إلى جادة الصواب رغم الأمواج الفكرية المتدفقة بغزارة وقتها لكنها لم تستطع أن تحشرهم في زوايا متناقضة ومتضاربة وكان الوطن حجر الزاوية للجميع رغم الضغوط النفسية وحالة الشتات التي كانت تنتابهم في عدن والقاهرة ولندن وغيرهما جراء الظروف المعيشية الصعبة والملاحقة البوليسية القذرة التي كانت تمارس تارةً من الحكم الإمامي في شمال الوطن وتارة أخرى من الحكم الإستعماري في جنوب الوطن ومع ذلك دخلو التاريخ من أوسع أبوابه عندما تعانقو جميعا على طريق إنقاذ الوطن والشعب وتألق نجم يمننا السعيد في ربوع المعمورة.

ما أشبه الليلة بالبارحة لقد إستطاع ذلكم الرعيل الأول أصحاب الفكر المستنير والأفق الكبير القضاء على ثالوث الخطر الذي كان جاثماً على شعبنا (الفقر والجهل والمرض) ولن ترجفهم قسوة المعركة أو يهنوا ويحزنوا على تلكم الدماء الزكية التي سالت بل إستمروا في مواصلة مشوارهم العظيم في تحرير جنوب الوطن من الإستعمار البريطاني الغاصب إيماناً منهم بقدسية وحدة الوطن وبأن حب الوطن كل الوطن من الإيمان.. ترى إلى أي مدى نثمن للرعيل الأول تضحياتهم الجسيمة وألا يحتم علينا المنحى الخطير الذي يمر به الوطن تقديم المزيد من التضحيات قد لانلقى لمستوى التضحيات على مايبدو ولكن لنتذكر الوطن أولاً لكون الذكرى تنفع المؤمنين فالتاريخ يعيد نفسه ويصرخ فينا بأن نبادل شهدائنا الأبرار الوفاء بالوفاء ونتأهب لمجابهة ثالوث الرعب القادم بمسؤلية:- الإحتقان السياسي بين السلطة والمعارضة والذي لم نعهده بهذه الحدة من قبل- الإحتقان الشعبي جراء الإرتفاع الجنوني للأسعار وثالثهم حقدهم البغيض الذي يتمثل في التأمر الخارجي المحموم لتمزيق وحدة الوطن قد لا أكون مبالغاً فالوضع جد خطير لاسيما بعد عزوف اللقاء المشترك عن المشاركة في الإحتفال الذي أقيم بمناسبة أعياد الثورة ناهيكم عن رفضهم المبادرة الجريئة لفخامة رئيس الجمهورية والتي إقتربت كثيراً من وثيقة العهد والإتفاق التي كانت محل إجماع وطني وشعبي للخروج من أزمة 94 التي أبت أيادي الغدر والتأمر إلا أن تشعلها حرباً كادت أن تأكل الأخضر واليابس لولا مشيئة الله والتلاحم الوطني والشعبي للحفاظ على الوحدة المباركة ضف إلى ذلك التراشقات الإعلامية التي لا مبرر لها بعد اللقاء التاريخي بعدن مع رئيس الجمهورية الذي نخشى أن تحول تلكم التراشقات دون نجاح اللقاء ودون معانقة الوطن ونناشد هنا الضمائر الحية بل ونشد على أياديهم في أن يتعانقو جميعاً على طريق بناء وطن الثاني والعشرين من مايو من خلال إعتراف السلطة أولاً بوجود فساد مستشري في أجهزة الدولة ووضع مترهل لابد من الحد منه وعلى المعارضة ثانياً تقديم رؤية وطنية واضحة لمعالجة الإختلالات بدلاً من المناكفات السياسية التي لا معنى لها وبعيداً عن المراهنة على الإحتقان الشعبي ومغازلة الخارج تفادياً لتكرار خطيئة 94 ولكي لا نفقد الكعكة التي لابد وأن يخصص نصيب الأسد منها لسد رمق جوع شعبنا بحيث يكون الوطن أولاً في قائمة الأجندة السياسية ويتركز الهم الأساسي في التخفيف من معاناة شعبنا الذي يعول على هذا اللقاء الكثير الكثير بهذه اللحظة التاريخية الحرجة التي لابد وأن توظف لمصلحة اليمن الكبير الذي ننشده قبل أن تهب الرياح الشيطانية من الخارج والتي تبشر بموسم قدومها بعض الأنباء والتحركات المشبوهة وتذهب بنا إلى مزبلة التاريخ.

في هذا الظرف الصعب لابد ونتلاحم نحن جيل الغد ونتسلح بالوعي المسؤل الذي كان يتمتع به ثوار الأمس فلا داعي لأن نكون ثوار في وجه الفساد وأثوار في وجة دعاة الإنفصال كما ومن غير المنطقي أن نكون العكس ونزايد بإسم الوحدة حد الدعوة إلى إعلان ثورة الشمال لمجابهة ثورة الجنوب وهو تفكير سخيف يتظاهر به البعض ممن للأسف لهم باع طويل في المناطقية دون دراية منهم بأن المناطقية والإنفصال صنوان لا يفترقان وعلينا أن نمقت مثل هذا ونسفه أصحابه لكون إخواننا في المحافظات الجنوبية والشرقية معضمهم وحدويون حتى العظم وعانى الكثير مالايطاق من ويلات التشطير وما الحب والتقدير الذي حظى به الأستاذ عبدالقادر هلال المحافظ الأسبق لحضرموت دليل على ذلك وغيره كثير ممن تميزو في الأداء والمسؤلية. والله من وراء القصد.