ابن فخامته وطباخ الريس
بقلم/ معاذ راجح
نشر منذ: 11 سنة و 6 أشهر و 26 يوماً
الأحد 19 مايو 2013 03:14 م

الشمس حارقة .. والشوارع خالية.. وحده ببدلته الأنيقة ونظارته السوداء يطارد ظله في شارع الستين وصولاً إلى عربية متولي .. يتذوق لأول مرة طعم سندوتش البطاط البلدي المطعم بالغبار الذي تثيره الرياح ، وبعبارة  شكر بسيطة يقولها الرئيس وهو يغادر دون ان يدفع ثمن ما أكل ، وفي المساء يفي بوعده ويستدعي ذلك البائع إلى قصره الفخم ويعينه  شيفاً خاصاً للرئيس  .

هذا سناريو لفلم مصري حمل أسم "طباخ الريس " حيث اصبح متولي ناطق يعبر عن نبض الشارع ،، يسمع له الريس ويأخذ رأيه في ما ترفع الحكومة والمخابرات من تقارير عن حياة المواطنين وانطباعاتهم على قرارات الرئيس وجدوى الخطط والبرامج الحكومية في التنمية والاقتصاد ومكافحة الفساد .. وللأسف فإن إعادة انتاج الفلم على الطريقة اليمنية غير منطقي ، ومن سابع المستحيلات ؟ إذ أن الرئيس هادي لا يجيد التمثيل في دور الرئيس الذي جسده الفنان " خالد زكي" ، وهو الحال في دور الطباخ الذي جسده الفنان "طلعت زكريا" ،، فابن فخامته لن يتقن ذلك الدور وإن كان لديه من الموهبة الكثير ، كما يتقنه مواطن عادي من عامة الشعب الكادح و المحروم من ابسط مقومات العيش وما يضيفه من تطابق مع دور الطباخ الذي يعيشه كل يوم على أرض الواقع ويتذوق عذابات حروبه ومراراتها في سبيل لقمة العيش كما هو الحال بأغلبية الشعب المظلوم .

عذراً .. أظن اني اسهبت في المقدمة وأنُسيت الدور الهام لوريث العائلة المالكة وصاحب الشخصية الغامضة والطفولة الاستثنائية و الملعقة الذهبية ببريقها الامع وهي بين أنامله الناعمة ، وهذا الدور يمكن أن يضيف إلى الفلم نوعاً من الواقعية والخصوصية اليمنية إن كان حضوره كضيف شرف غير ثقيل كما هو الحال الآن .

ربما تتفق معي في حاجة الرئيس الانتقالي إلى طباخ شاطر في التعبير عن تطلعات المواطن الغلبان و المتضرر من سياسة الحكومة والمتأثر سلباً بقرارات الرئيس التي مست حياته اليومية ، وقد تختلف معي في عدم حاجته إلى" سند ظهر " مثل الآباء الأخرين ، في وجود شباب الثورة والشعب بأكمله ؛ فأي سنداً أقوى واشد من الشعب قد يحتاج إليه حاكماً أو ملك .

أنا كغيري لا نعرف عن تلك العلاقة الجدلية التي تربط ابن فخامته بنظام الحكم أكثر مما تطالعنا به وسائل الإعلام بين الحين والأخر ورغم تعاملنا مع ما تنقله وسائل الإعلام ببرود ولا مبالاة بمدى صدقيتها وصحتها عن كونها ثرثارات إعلامية وحملات تشوية تستهدف وطنية فخامته وإدارته الحكيمة للأزمة وشؤون الدولة في هذه المرحلة الحرجة ، إلا ان علامات استفهام كثيرة تظل عالقة في أذهاننا تعززها التخبطات الحاصلة في قرارات الرئاسة ، وتلك الخلافات التي طفت على السطح في تململ وشكاوي المسؤولين في اعلى سلطات الدولة

من المسلمات التي يمكن الجزم بها أن وسائل الإعلام لا تبني أخبارها على أكاذيب بحته كما تقول الأثار " البعرة تدل على البعير ،، والنار تبدأ بشرارة " ، وهذا لا يعني أن كل ما تطالعنا به وسائل الإعلام صحيحة يجانبها الكذب ، فالموضوع يكتنفه الغموض كما هو الحال في الغموض الذي يكتنف شخصية ابن فخامته .

أعرف اني ظلمت ذلك الرئيس الباكي "باسندوة " حين شككت في قوته وإخلاصه ،، إلا اني على يقين الآن أن مواقفه وما يتعرض له من إساءه واتهام دليل خالص على قوت الرجل و رفضه لمثل تلك الصغائر التي يحشر نجل الرئيس أنفه فيها على حين غفلة من والده الذي نأمل أن يتنبه لصغائر الأمور قبل أن تصبح كبائر تقوض الإنجازات الكبيرة التي حققها خلال المرحلة السابقة ، وكي لا تتحول إلى حجارة تعثر خطاءه فيما تبقى من المرحلة الانتقالية التي هو مع باسندوه ابطالها مناصفه وفدائها بلا منازع .

لا نطالب الرئيس أكثر مما هو ممكن .. كل ما نتمناه أن يشاهد فلم "طباخ الريس " كي يفرق بين دور الطباخ ودور الابن في الحياة السياسية ويعرف خطورة وحساسيته التي يمكن أن يغتال منها الرئيس على حين غفلة كما هو حال سلفه الراحل ، وانصح الزعيم الانتقالي أن يقرأ الأثر الذي يحفظه غالبية الصينيون لإمبراطور حكمهم في غابر السنين وتوارثوا ذلك الأثر مع ذكرى طيبة للملك العادل و القانون الذي أسسه للعدالة ونصه " 了解国家的人。才能公平管理他  ، إذا عرفت الشعب .. حكمت فيهم بالعدل " .

التمس المعذرة من فخامته وابن فخامته فثرثارتي مجرد خواطر صاحبت مشاهدتي لفلم تافه يستحق أن يدرسه الحكام والساسة علهم يغيرون طباخيهم من أجل الصحة للجميع.

mthyemen@gmail.com