المرحلة الثورية في نهايتها.. فماذا بعد؟
بقلم/ هائل سعيد الصرمي
نشر منذ: 13 سنة و 5 أشهر و 5 أيام
الخميس 07 يوليو-تموز 2011 12:30 ص

إنَّ قطف ثمرة الثورة وتسليم السلطة سلميا لم يبقَ له إلا القليل سواء عبر الجهود السياسية أو الفعل الثوري الحاسم وها نحن نشاهد انضمام قطاعات من الأمن المركزي والحرس الجمهوري يوما بعد يوم وموعودون بالمزيد من الانضمامات, فالبشارات تتوالى والانتصارات تتابع. لنصل قريبا إن شاء الله إلى البدء بالمرحلة الثانية من النصر.

بيد أن هناك بعض الغموض في أروقة السياسة جعل كثيرا من الشباب يتوجسون خيفة على الثورة ويستفسرون ويتساءلون من منطلق حرصهم على إتمام نجاح الثورة نتيجة تفاعلهم وحماسهم. وهذا من حقهم.

ومن هذه الاستفسارات, يقولون قد ذهب صالح إلى غير رجعة إن شاء الله ولم يبق إلا بعض المفسدين من بقايا نظامه وأسرته يُعدونَ خارجين عن القانون لعدم وجود صفة رسمية أو قانونية لهم في السلطة فبأي صفة يتدخل قائد معسكر أو قائد أمن بمفاصل السلطة المدنية المختلفة فلماذا لا يتم الحسم الثوري , وإزالة بقايا النظام المتطفل الفاسد ويتم محاكمتهم خصوصا وهم يعيثون في البلاد فسادا كبيرا لا يُحتمل بحال من قتل ونهب و قطع للبترول والغاز ورفع الأسعار وحملة إعلامية مسعورة ضد الثورة والثوار ونشر الفتن في صفوف اليمنيين وإرسال مسلحين إلى (أبين زنجبار وبعض محافظات أخرى في الجنوب ) بهدف الزج بالجيش والنيل منه وإقناع الغرب بفزاعة القاعدة كمبرر لبقائهم في السلطة وكذريعة للتدخل الخارجي في الشأن اليمني , وهم ـ أي أسرة صالح ـ الذين يعبثون بالأمن العام ومن يبث الرعب في أوساط النساء والأطفال والمسنين و من يقلق السكينة العامة ويهدد السلم الاجتماعي , فهم سبب كل ما يحدث اليوم من مشاكل في البلاد. وهم من يعيقُ الثورة عن استكمال بقية أهدافها. ؟ فما ضرورة الصبر عليهم والثورة قادرة على الحسم؟!. وما سر هذا التباطؤ الذي أطال آمد الثورة مقارنة بثورة مصر وتونس ؟!

الثورة تملك كل مقومات النجاح والقدرة فلماذا القبول بخيارات المبادرة التي تضغط بها الدول الإقليمية والدولية على اليمن؟؟!

هذه التساؤلات وغيرها تدور في أوساط الشباب وهم محقين فيها.

في تقديري وتقدير الكثير من المحللين و الساسة يرون بإن العلاقات بين الدول تحتاج اهتمام ومراعاة من أجل مصلحة اليمن وليس من أجل هذه الدول التي تسعى للنيل من الثورة , وهي السبب في تأخر تسليم السلطة سلميا إلى اليوم.

صحيح بأنه لا يمكن أن يصمد العابثون بمقدرات البلاد أمام زخم الثورة الهادر ولا حتى لحظات لكن الموقف الخارجي والإقليمي هو الذي يُقويِّهم ويضغط بالقبول بالمبادرة .

ومن أجل نجاح الثورة ومنع فشلها في المستقبل يسعى الجناح السياسي للثورة المتمثل بالمشترك للقبول بتسليم السلطة سلميا عبر ما تبقى من المبادرة , ؛ لأن تركةَ الفساد و الانهيار التراكمي الذي خلَّفهُ صالح و زمرته في البلاد ثقيل وهذه التركة الثقيلة ستواجه الثوار بعد الثورة فهم الوارثون لها لذلك يقول السياسيون بأن الثوار لن يستطيعوا أقامة دولتهم المدنية المنشودة بدون تعاون هذه الدول. فيحرصون بأن تكون علاقتهم طيبة مع كافة الدول من خلال نظرتهم الإستراتجية لما بعد الثورة ومن هنا يتجنبون كل ما يؤدي إلى التوتر في العلاقات مع أي دولة إقليمية أو دولية وحتى لا ينفجر الوضع. 

واضعين نصب أعينهم نموذجية الدولة المدنية الحديثة القادمة ونجاحها وتجنيبها العوائق التي يمكن أن تفشلها أو تنال منها . قد تكون هذه النظرة منطقية إلى حد ما. ولكن متى أعيتْ الحيلة لجأ الناس إلى الوسيلة. 

نحن الشباب نقول: طالما هناك مجال عن طريق الفعل السياسي يتم على أثره تسليم السلطة سلميا كان بها. ولا ضير عندنا بأن نُـتيح الفرصة لجناح الثورة السياسي في هذا الشأن أن يأخذ حقه فيه؟! فإن لم ينجح الخيار السياسي تحولنا تلقائيا إلى الخيار الأخر الذي هو الخيار الثوري الحاسم وهذه الإتاحة تأتي من منطلق سلمية الثورة والحفاظ على استمرار سلميتها . فلن يسمح الثوار لأحد بأن يجر البلاد إلى مربع العنف كي يفجر الوضع مهما كان ؛ لأن هذا خيار استراتيجي محسوم سلفاً , ونحن قادرون بإذن الله على تحقيق أهدافنا سلميا وبأقل التكاليف.

مكونات الثورة الرئيسية

ثورتنا ـ بحمد الله ـ متكاملة فيها الجناح الشعبي بقيادة الشباب المتواجدين في الساحات على امتداد جميع المحافظات وعليهم يُعول الفعل الثوري بالتعاضد مع بقية المكونات , كما يوجد في الثورة الجناح السياسي المتمثل بالمعارضة,ومهمتها المناورة السياسية و الفعل السياسي الذي يخدم الثورة.

وفيها الجانب العسكري المتمثل بالجيش الوطني المنضم لثورة الشباب السلمية ومهمته الحفاظ على سلمية الثورة وحماية البلاد والثوار مما يهددهم.

وفيها الجناح القبلي الذي أعلن سلميته وتعهد بالحماية للثورة والثوار في حالة الاعتداء عليهم كما حصل في محافظة تعز بعد اقتحام الساحة فعندما أعاد الشباب ساحتهم كانوا لها حُماةَ

ولولا تدخل بعض شباب القبائل لحراسة المنشآت لكانت مؤسسات تعز في خبر كان , حيث كانوا لعناصر النهب بالمرصاد.

وفيها الجناح التجار والنخب والمنظمات ودورهم في دعم الثورة كل بما عندهُ. 

هذه هي مكونات الثورة الرئيسية التي تعمل مجتمعة و أحيانا منفردة.

ولذلك ينبغي أن نكون نحن الشباب متسلحين بالوعي الثوري مدركين مهمة التكوينات فلا يخدعنا النظام في حملاته التشهيرية على مكونات الثورة ومعه كم لا بأس به من المندسين الذين يرددون مقولاته كالببغاء وهم يجدون فينا من ينخدع ويتجاوب معهم وهؤلاء معذورون لأنه تنقصهم المعلومة الصيحة .

ولذا نجد النظام أحيانا يشن حملته على القبائل وأحياناً ضد الجيش وأحيانا ضد المعارضة وأحيانا ضد الشباب وأحيانا ضد الجميع فلا ننجر فنقع في الفخ الذي يريده وهو الفرقة والشتات فنضعف وتذهب ريحنا فيتمكنون منا و إن كان هذا بعيدٌ عليهم إن شاء الله , ومع أنهم أعجز من أن ينالوا من وحدتنا وألفتنا واجتماع كلمتنا. و هذا لا يمنعنا من الوعي و أخذ الحيطة .

أوراق التوت سقطت وسقط معها النظام 

 لقد فشل النظام بفضل الله, في كل محاولاته للنيل من الثورة هاجم الشباب في الساحات وأحرق ومزق ونهب ولم يفلح ثم هاجم القبائل عسكريا ودمر وقتل ولم يستطع أن يجرهم إلى مربع العنف , هاجم الجيش و فعل فيه الأفاعيل وفشل لم يستطع أن يجره إلى صدام مسلح حاول اغتيال بعض القيادات والمشائخ والشخصيات الكبيرة وفشل .. بل أصبح كل ما يصنعه يرتدُّ عليه وانتصرت إرادة الشعب ورحل رأس النظام في النهاية المعروفة ـ اللهم لا شماتة ـ بعد أن قتلَ من قتل وفعل ما فعل بكل أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة .

لقد استخدم كل أورقه السياسية والأمنية والعسكرية وفشلت كلها ولم يبقَ معه شيء حتى الورقتين الأخيرتين التي يمارسها بقايا النظام اليوم بشراسة منقطعة النظير وهي امتداد لما فعله صالح قبل رحيله , والورقتان هما ورقة القاعدة وورقة العقاب الجماعي للشعب كلها تهاوتْ وسقطتْ , ورأينا معسكرات كاملة في الجنوب ترفض تنفيذ أوامر القادة الذين يريدون الزج بها في معركة مصطنعة للنيل منها.

ماذا بعد السقوط؟!

 نعم سقط النظام وانتهى و يفترض أن يتسلم السلطة النائب بموجب المادة الدستورية 115 التي تخوله القيام بكل مهام رئيس الجمهورية في حالة عجز الرئيس عن القيام بمهامه , وعليه حينئذٍ تشكل حكومة انتقالية وبعد شهرين يدعو لانتخاب رئيس جديد للبلاد.

ولكن الدول التي لا تحب أن يجني الشعب ثمرة انتصاره تعيق هذا الإجراء وذلك بعدم الضغط الحقيقي على أسرة الرئيس التي تمسك بمفاصل السلطة ؛ كي تسلمها للنائب , وهي على إقناعهم قادرة , لكنها تماطل بكثرة المبادرات , و بعدم الإعلان رسميا عن حالة عجز الرئيس الذي أكدتْ عجزه أكثر من جهة, و استوثقَ من ذلك علماء اليمن بحسب ما جاء في بيانهم الذي وُزِّعَ للشعب في ساحات الاعتصامات.

وهذه الدول ربما تراهن ـ سواء الكبرى البعيدة أو الصغرى المجاورة ـ على الوقت , وهو ليس في صالحها بل في صالح الثورة.

وستذكرون ما أقول لكم ما هي إلا أيام فقط وتقطفون ثمرة النصر المحقق الذي ستجنيه أيديكم الطاهرة (ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله ) في العاجل القريب والقريب جدا.

كونوا على ثقة بالله , فلن تضيع جهودكم وجهود الملايين من أبناء الشعب , ستجنون ثمرة تلك التضحيات والدماء الزكية التي كانت وقود الانتصار الأول , وهي وقود الانتصار الثاني الذي سيأتي في الأيام القليلة القادمة وما يليه , يد الله معكم والوقت لصالحكم فاثبتوا واصبروا واستبشروا وانتظروا إنا منتظرون " وسيعلم الذين ظلموا أيَ منقلب ينقلبون".