متفجرات في سلة المُهملات
بقلم/ عبدالباسط الحبيشي
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 10 أيام
الأحد 22 إبريل-نيسان 2012 04:35 م
لا يمكن أبداً أن يستقيم الحال في أي بلد إذا ما ظل القائمون عليه من قيادات ونخب سياسية وإجتماعية وثقافية وثورجية يدفنون رؤوسهم في الرمال كلما هبت عاصفة ثم يخرجونها بعد أن تهدأ قليلاً ليتظاهروا وكأن شيئاً لم يحدث ويطالبون بالتهدئة وعودة الحياة إلى طبيعتها و(بزينس آز يوجوال) الأعمال كما جرت العادة كما يقولون في أوروبا مع الفارق أنه إذا قُتل إنساناً في الغرب أو تم الإعتداء عليه وتم التهاون لأي سبب من الأسباب تقوم الدنيا ولا تقعد حتى يتم تطبيق القانون وتأخذ العدالة مجراها.

في بلداننا سيما اليمن فإن قتل المئات بل الآلاف من البشر لا يعني شئياً وتذهب حكومة وتأتي حكومة أخرى وكل واحدة منها تُرحل مشاكلها للأخرى ، أو بالأحرى يتم حرق سلات المهملات القديمة بكل مافيها من بني آدم وحقوق ومستحقات لتحل محلها سلات جديدة تُملأ بجرائم طرية وهكذا دواليك ويستمر الأمر (بزينس آز يوجوال). لذا يصعب أن نطالب الآخرين بإحترام آدميتنا فضلاً عن سيادة أوطاننا ومطالبتهم بالتوقف عن التعامل معنا كحشرات داخل حدودنا الجغرافية البعيدة عن حدودهم بينما نحن لا نحترم لا أنفسنا ولا آدميتنا ولا حدودنا.

في العام الماضي جرت في اليمن أحداث دامية كبرى لأن الشعب قام بالمطالبة بإسترداد حقوقه المهدورة بينما صُناع هذه الأحداث الدامية مايزالوا يرتكبون الجرائم تلو الأخرى على مدار الساعة ويسرحون ويمرحون بكل صلف وعنجهية ووقاحة ولم يأبهون بخروج الملايين فضلاً عن مطالبتهم بالإستمرار في حالة ال (بزينس آز يوجوال). والسبب في ذلك أن الشعب الذي رفع في وجوههم الكرت الأحمر الذي كتب عليه بصريح العبارة (نو مور بزينس) كما يقولون في أوروبا بمعنى (كفى) قاموا بإخماده أو بالأصح (بخمده) وأخرجوا له الألوية والفرق الحُمر مقابل كرته الأحمر وغطوه بالدماء الحمراء.

فظلت المتفجرات المرمية في سلة المهملات من العام الماضي كما هي ، ومالم يتم إخراجها من السلة وتفكيكها ومعالجتها بالطرق القانونية والدستورية ستظل الحالة الكارثية المتفجرة في اليمن في حالة مرواحة إلى الوراء. إنها أربعة متفجرات رئيسية ينبغي التعامل الفوري معها بعيداً عن الضغوط السياسية المحلية والإقليمية والدولية بإعتبارها من القضايا الهامة ذات الإستحقاقات الأولوية على المستوى الوطني والشعبي والسيادي وحق من حقوق الشعب اليمني ولابد من الوقفة الجادة والصادقة إزاءها لإخراج البلاد من حالتها الكارثية الراهنة وإنسدادها السياسي وهي كالآتي:

1- المتفجرة الأولى: جمعة الكرامة - ينبغي إكمال التحقيقات فيما يتعلق بجريمة جمعة الكرامة والإعلان عن نتائجها بصرف النظر إن كانت الحكومة قادرة على تنفيذ الإجراءات القانونية في حق الجناة أم لا فهذا شئ آخر يمكن تركه لحين المقدرة ، وبصرف النظر عن الحصانه الممنوحة للرئيس السابق وهذا موضوع آخر ، المهم إعلان النتائج حتى يعرف الشعب من هم الجناة وكيف يقاضيهم لاحقاً إن أستطاع إليهم سبيلا.

2- المتفجرة الثانية: محرقة تعز - إجراء التحقيقات الكاملة عن محرقة ساحة الحرية في مدينة تعز وإعلان أسماء الجناة الذين أرتكبوا جريمة المحرقة وقاموا بعمليات القنص وقتل الأبرياء في ساحة الحرية.

3- المتفجرة الثالثة: محاولة إغتيال الرئيس السابق وأركان حكومته - إكمال التحقيقات في جريمة الإعتداء على جامع النهدين في قصر دار الرئاسة ومحاولة الإغتيال الفاشلة والكشف عن محرضيها ومخططيها ومرتكبيها والإعلان عنهم وتوضيح أدوارهم الإجرامية في هذه العملية كلٍ على حده.

4- المتفجرة الرابعة: جريمة معسكر دوفس - إستكمال التحقيقات الكاملة عن عملية دوفس الكود التي راح ضحيتها أكثر من مئاتي جندي ومئات الجرجى والإعلان عن المتواطئين والمتورطين بهذه العملية الإجرامية.

ضرورة إكمال التحقيقات وإعلان النتائج رسمياً من قبل رئاسة الجمهورية في القضايا آنفة الذكر نظراً لأهميتها البالغة بعد المصادقة والتوقيع عليها من كافة الجهات الرسمية المعنية عن هذه الجرائم الأربع مرحلياً على الأقل ، بصرف النظر عن قدرة الحكومة في الوقت الراهن على تنفيذ العدالة.

هذه الخطوة ستشكل مفاتيح أساسية لكشف الغموض عن بقية الملفات المختلفة الأخرى وستكفل بان تضع كل المتنفذين عند حدهم وفي مواجهة مباشرة مع الشعب اليمني قاطبة وليس مع الرئيس المؤقت فقط بعد كشف أدوارهم الإجرامية والعميلة رسمياً. وتكون اليمن قد قطعت بذلك نصف الطريق في عملية الفرز الثوري لإعادة بناء اليمن الجديد على أسس وطنية ، أما أن يتم دفن هذه الجرائم أو ترحيلها إلى أجل غير مسمى فانها ستبقى قنابل موقوتة قابلة للإنفجار والإشتعال في أي لحظة لتحرق الأخضر واليابس وهدم كل ماقد يتم بنائه أو مايزمع القيام به في المستقبل إن خلصت النوايا ، فضلاً عن إستمرار الإستهتار بأي محاولة جادة للإصلاح لأن الحزم المطلوب في مثل هذه القضايا الهامة مُسَجل غياب مفتوح ، وبالتالي فإن التحدث عن الإلتزام بقرارت أي لجان عسكرية أو مدنية فيما يخص المسائل البسيطة كرفع المتاريس من شوارع العاصمة على سبيل المثال وليس الحصر هو نوع من العبث والإستخفاف بعقول الناس.

إن التلكوء في إتخاذ قرارات عملية في إعطاب المتفجرات آنفة الذكر فوراً سيعني بما لا يدع مجالاً للشك أن حكومة الوفاق الحالية وما فوقها لا تمتلك الصلاحية ولا المصداقية في إخراج البلاد إلى بر الأمان كما تدعي بل أنها متواطئة مع المجرمين القتلة الذين قاموا بإرتكاب هذه الجرائم البشعة هذا إذا لم تكن نفسها أو بعضها متورط ومشارك في إرتكابها فضلاً عن تواطئها الواضح مع قوى أجنبية للتغطية على دورها في هذه الأعمال الدنيئة ، وبالتالي لا داعي للمزايدة في أي قضايا أخرى أكثر أهمية. فالثورة ماضية {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}

bassethubaishi@yahoo.com