شاحن هاتف ينهي ويوجع حياة 7 أفراد من نفس العائلة في السعودية توافق دولي عربي على الوضع في سوريا جدل بشأن عودة السوريين اللاجئين في أوروبا إلى بلادهم بعد سقوط الأسد وزير الدفاع التركي يكشف عن عروض عسكرية مغرية قدمتها أنقرة للحكومة السورية الجديدة ماذا طلب الرئيس العليمي من واشنطن خلال اجتماع عقده مع مسئول كبير في مكافحة الإرهاب؟ قرارات واسعة لمجلس القضاء الأعلى القائد أحمد الشرع يتحدث عن ترشحه لرئاسة سوريا أميركا تطلب من عُمان طرد الحوثيين من أراضيها مؤشرات على اقتراب ساعة الخلاص واسقاط الإنقلاب في اليمن.. القوات المسلحة تعلن الجاهزية وحديث عن دعم لتحرير الحديدة تعرف على ترتيب رونالدو في قائمة أفضل 100 لاعب في العالم
محمد شاكر عبدالله
ايتها الديموقراطية .. كم من الفظائع ترتكب باسمك!
الديموقراطية، كقميص عثمان الشهير، شعار يمكن ان يرفعه انصار الديموقراطية وادعياؤها واعداؤها، لتبرير ما يرتكبونه من اخطاء، واحياناً فظائع ومجازر بحجة «تحضير روح الديموقراطية، او نشرها او فرضها، و«قميص عثمان» في التاريخ العربي معروف: فقد حمله الطامعون في السلطة، او الخلافة، بعد مقتل صاحبه الخليفة عثمان بن عفان ثائرين على من تولى الخلافة بعده، وهو علي بن ابي طالب، رافضين الاعتراف بالخليفة الجديد الى ان ينتقم من قتلة عثمان، ومنذ ذلك اليوم والعرب في حروب، وخلافات وانقسامات واحزاب، وشيع، لا تنفك تتزايد حتى قيام الساعة كما يبدو.والديموقراطية، او حكم الشعب، لافتة جميلة، براقة، واجمل منها واروع هو التعريف الذي جاء به الرئيس الاميركي في حينه ابراهام لنكولن، حين وصفها بقوله: «حكومة الشعب، من الشعب، وبالشعب، ومن اجل الشعب»، وبلغ من جاذبية هذه اللافتة ان اعداءها، قبل انصارها، رفعوها حتى وهم يحكمون بالحديد والنار، ويكممون الافواه، ويغتصبون الحريات، ويعلقون خصومهم على اعواد المشانق، ويزجون بهم في غياهب السجون.وهذا التعلق بلفظ الديموقراطية والتغزل بها، والانتساب اليها حقاً او زوراً وبهتاناً، هو شبيه بدعاوى من وصفهم الشاعر القديم، حين اشار الى ان الجميع يدعون ان امرأة ما تحبهم، في حين ان هذه المرأة لا تقر لهم بما يدعون: «وكل يدعي وصلاً بليلى، وليلى لا تقر لهم بذاكا».وهكذا يتم استيراد الديمقراطية او تصديرها، او حقن الشعوب المتخلفة بها من خلال فوهات المدافع، ورؤوس الصواريخ البالستية، وقد تنجح عملية الحقن هذه في تطوير انظمة حكم ديموقراطية شكلاً: حيث هناك احزاب وتداول للسلطة عبر صندوق الاقتراع، وهذا ما انجزته الولايات المتحدة في اليابان بعد ان وضع الجنرال الفاتح ماك ارثر دستور تلك البلاد، التي كان سكانها، وما يزالون يضعون امبراطورهم «الميكادو» في مصاف الالهة، وهو ما حدث في المانيا عقب الحرب العالمية الثانية، وسنوات التدجين والترويض التي اعقبت الحرب، حيث تم استئصال النزعة العسكرية البروسية المتمردة والطموحة، واستبدالها بتوجه نحو الهيمنة الاقتصادية، والولاء المطلق لحلف شمال الاطلسي والانتماء الاورو - اميركي.والزحف الديموقراطي نحو اوروبا الشرقية، على الرغم من وتيرته السريعة نسبيا، كان مخادعاً الى حد كبير، فالاحزاب الشيوعية غيرت جلدها، واحتفظت بجوهرها. واستثمر قادة هذه الاحزاب الثروات الطائلة التي جمعوها ابان العهدالسوفياتي في مشاريع رأسمالية مربحة، وخاضوا الانتخابات «الديموقراطية»: ففازوا احيانا، وخسروا احياناً، وفي الحالتين تضاعفت ثرواتهم على حساب الطبقات الفقيرة، المغلوبة على امرها في الحالتين الاشتراكية والرأسمالية، على حد سواء.والغريب ان تتم محاولة حقن الشعوب العربية والاسلامية بنوع من الديمقراطية، ذي مواصفات متناقضة مع ذاتها، فمن هذه المواصفات الاحتفاظ بالزعماء المتحالفين مع الغرب الذين قدموا اجل الخدمات للمصالح الغربية، ويعد بقاؤهم ضرورة اساسية للحفاظ على هذه المصالح - على الرغم من ان هؤلاء الزعماء مارسوا سياسات قمعية ضد شعوبهم، وحرموا هذه الشعوب من ابسط الحقوق الانسانية.ومن خصائص الديموقراطية، المصنعة خصيصا للعالم العربي والاسلامي، استبعاد العناصر ذات التوجهات القومية والاسلامية، حتى وان كان تطبيق الانتخاب الحر والمباشر سيؤدي الى فوز هذه العناصر باغلبية كبيرة - مثال الجزائر عام 1991 - وبالتالي، فان المقصود هو التيار الثالث الذي يخلو من اي نزعات خطرة، وهو مايطلق عليه التيار العلماني الموالي للغرب، الذي يمكنه تكوين ائتلاف امن مع الزعامة التقليدية، او ان يتداول السلطة مع هذه الزعامة اذا امكن ترويض هذه الزعامة من خلال ضغوط سياسية غربية، في ظروف معيارية مناسبة.من اجل الديموقراطية شنت الولايات المتحدة حربها ضد الارهاب، وهو ما يذكر الناس بالعلاج الجيني: حيث يستخدم الفيروس لحمل الجينة - الدواء الى الجسم، وبالمثل فان الصواريخ والطائرات والدبابات تحمل مبادىء الحرية والديموقراطية الى الشعوب المحرومة من «نعيم حقوق الانسان» وكثيرا ما تكون النتيجة وبالاً على هذه الشعوب، كما هي الحال الان في العراق من مجازر وفتن طائفية وموجات اختطاف، وسراديب ومعتقلات للتعذيب والقتل تحت الاشراف الاميركي، او بامرة السلطة العراقية - هذا فضلا عن التفجيرات التي يذهب ضحيتها المدنيون الابرياء من النساء والاطفال والشيوخ، كل ذلك اما باسم الديموقراطية او محاربة لها، والنتيجة واحدة.واراني اليوم، بعد ان عرفت من امر الديمقراطية ما عرفت، وتخيلت ملايين البشر الذين قتلوا باسم الديموقراطية في روسيا واوروبا الشرقية، وفي المانيا واليابان وافغانستان والعراق -ولا ننسى الحرب الاهلية الاميركية نفسها- اراني استعيد جملة رددها ابي -رحمه الله- وهو يستغرب حماستنا لوقوع ثورة او انقلاب، كنا نظن انه سيعيد الحرية والديموقراطية الى هذا القطر العربي آنذاك، كان ابي يقول في هدوء: «انهم يتقاتلون على الكراسي!».فهل الديموقراطية يمكن ان تترجم، عربيا، بالمصطلح الذي اقترحه الاخ العقيد، السوبر ديموقراطي، معمر القذافي، وهو: «ديمومة الكراسي»؟!.