مليشيا الحوثي تجبر قبائل إب على رفع اعتصامهم في دار سلم بعد تهديدات بفضه بالقوة أبرز المواقع والمناطق التي سيطرة عليها فصائل المعارضة السورية في حلب وإدلب ما انعكاس ما يحدث في سوريا على اليمن.. هل تعود صنعاء كما عادت حلب؟ تفاصيل مروعة عن جريمة قتل فتاة في صنعاء 18شهيدا بغزة والاحتلال ينسف منازل بشمال القطاع وجنوبه ندوة حقوقية في مأرب تسلط الضوء على أوضاع المرأة اليمنية بعد انقلاب الحوثيين تحقيق 42 ألف مستفيد من خدمات الوحدة الصحية في القطاع العاشر بمخيم الجفينة تفاصيل حصيلة 3 أيام من الحرب و الاشتباكات في سوريا الكشف عن أكبر منجم جديد للذهب في العالم قد يقلب الموازين ويغير التاريخ عاجل: المليشيات الحوثية وتهدد بإعتقال مشائخ ووجهاء محافظة إب المعتصمين بدار سلم وتفرض حصارا بالاطقم المسلحة على مخيمات المعتصمين
-الوحدة انتهت وتحطمت في 1994 وسيطرت عليها القوى المتنفذة والعسكرية
-الجنوب يتعارض كثيرًا مع العسكر والقبيلة ورجال الدين
-كل شطر يعود دولته وثمة قرارات عالمية وإقليمية قد لا تسمح بذلك
-شكل الدولة لن يكون أقل من الكونفيدرالية في إطار إقليمين, كل إقليم يكون نظام كونفيدرالي, ويكون في إطاره نظام اتحادي فيدرالي 6 ولايات في الجنوب و12 في الشمال
-سلطة قديمة لا تزال تتحكم بأجهزتها كما تريد وهذا ما يضعف الدولة الجديدة؛ دولة الوفاق الوطني, وهناك توجهات إيجابية لحكومة الوفاق, لكن لا توجد أجهزة تؤدي إلى حمايتها وتنفيذ قراراتها, وهذا هو العيب الكبير الذي نراه موجودًا في هذا الوضع في البلد؛
-هناك هفوات وأخطاء حصلت في قرارات مجلس التعاون الخليجي بحق الجنوب, لكن لا يمكن أن تكون هذه الأخطاء التي مورست ضد الجنوب عائقًا نرفض على ضوئها دخول الحوار.
-في 30 نوفمبر عبر الجنوبيون عن إرادتهم وطموحهم للمستقبل وطلبوا أن تتوحد القيادة
-بدأنا نفكر بعزل النفوذ السياسية من الإرادة الشعبية؛ لأن النفوذ السياسية موزعة على ولاءات شخصية وإقليمية ودولية
-منذ بداية 2012 زرع الإصلاح والمؤتمر 66 مكونًا سياسيًا في الجنوب
-اندلعت ثورة شعبية في الشمال وتم احتواؤها وتحولت الميادين إلى وصاية من قبل العسكر والمتنفيذين
-قبيلة الحمران أطاحت بالثورة الشعبية في الشمال وأفقدتها مكانتها
-نرفض عودة الجنوب العربي رفضًا مطلقًا
-نؤمِن اليوم بالتعدد والتنوع ولا نؤمن بما قبل ثورة 14 أكتوبر كما لا نؤمن بحكم الحزب الواحد
-نملك خيارًا تكتيكيًا وآخر استراتيجيًا وندعو إلى السلم وإذا لم فـ«السيف تحت الشملة»
-عناصر القاعدة وأنصار الشريعة هم من العسكر
حوار /نشوان العثماني
* نرحب بك سيد محمد علي أحمد في صحيفة مأرب برس, سعداء جدًا بإجراء هذا الحوار معك.
دعنا نبدأ في كيفية قراءتك للمشهد السياسي في اليمن اليوم على مسرح الحراك الجنوبي ومسرح المبادرة الخليجية؟
- أهلاً وسهلا بكم وصحيفتكم, ونتمنى لكم إقامة سعيدة في عدن.
بالنسبة للمشهد السياسي في عدن أو بقية الشطر الثاني [يقصد شمال اليمن] فهو كما تعلم الوضع فيه نوع من المشاكل العديدة؛ سواء كانت أمنية وهذا يتطلب مننا والدولة أن نقوم سوية من أجل الأمن والاستقرار, ونحن بالتأكيد ما يلزمنا ومن جانبنا سنعمل المستحيل من أجل تثبيت الأمن والاستقرار إلى جانب سلطات الأمن إن كانت ستقوم بمهامها وواجباتها, لكن مع الأسف في ظاهرة مزعجة؛ حيث نلحظ أن الأجهزة الأمنية كأنه لا يهمها شيئًا؛ ومسئولو الدولة يتفرجون على الأمور حتى تصير.
لا يرضينا ما نشاهده بالنسبة لقضية الحالة الأمنية, وأيضا في نفس الوقت الوضع العام فيه تداخلات بسبب التزاوج الحاصل في مهام السلطات حين تتعدد وتؤدي إلى خراب البلد. تعدُّد المؤسسات؛ منها الحرس الجمهوري والأمن المركزي والقوات الخاصة والأمن العام والأمن السياسي والأمن القومي, وكثير من هذه الأجهزة, للأسف, بما فيها الجيش كل ذلك أدى إلى خراب الأمن. ويا ليت أننا نجمع كل هذه القوة وندعها في مؤسسة واحدة لتصبح هذه المؤسسة مسئولة عما يحدث, لكن بحجة التعدد صار كل واحد يتّكل على الآخر, وصار كل واحد يتصرف بالطريقة التي تعجبه.
المواطنون عندما يشعرون بأي شيء يقومون بقطع الطريق وكل واحد يعمل ما يريد؛ لأنه ما في قوة تردع هذه التصرفات, وربما يجد بعضهم تشجيعًا من نفس السلطات بسبب التداخل وعدم الانتماء إلى هدف واحد.
السلطة في البلد هي سلطتان, سلطة قديمة لا تزال تتحكم بأجهزتها كما تريد وهذا ما يضعف الدولة الجديدة؛ دولة الوفاق الوطني, وهناك توجهات إيجابية لحكومة الوفاق, لكن لا توجد أجهزة تؤدي إلى حمايتها وتنفيذ قراراتها, وهذا هو العيب الكبير الذي نراه موجودًا في هذا الوضع في البلد؛ في الشمال أسوأ من الجنوب. أنا لي فترة طويلة لم أشاهد الشمال, لكن أنا متأكد أن الوضع متشابه سواء في الشمال أو في الجنوب, والدليل على ذلك تفجير أنابيب البترول والغاز, وأيضا قطع الكهرباء وكثير من الأعمال التخريبية التي لا ترضي الإنسان ولا ترضي اليمن كلها؛ لأنها تضر بأمن المواطن, وأيضًا سمعة البلد على مستوى الداخل والخارج, وهذا من العيب الأكبر, ومما يجعل الأمن معرضًا للشتم والانتقاد.
فنحن حقيقةً ما باليد حيلة؛ الأمور ليست بيدنا, إنما نحن في الحقيقة نتألم عندما نشاهد الأمور تحصل هكذا, ونحن نضطر إل مساعدة أجهزة الأمن والمؤسسات, وننبهم إلى كيفية حسم بعض الأمور, وإذا هم عجزوا عن الحسم فيفترض أن يسحبوا أجهزتهم العسكرية, ونحن سوف نحسم الأمن.
ونحن على استعداد, إذا هذه المؤسسات العسكرية التي معنا وخاصة في عدن ومحيطها وتعدادها قرابة 80 ألف جندي, إذا هذا العدد لا يستطيع أن يحمي البلاد, فينسحب ونحن علينا حماية البلاد.
* من تقصد بـ نحن؟
- نحن الحراك, وأيضًا الشعب الجنوبي؛ في الحقيقة لدينا تكتل شعبي سوف يحمي البلد؛ لأن البلد لا يمكن أبدًا تظل بهذا الوضع, فإذا كان هم [الحكومة] غير قادرين على أن يحموا المواطنين ويحموا الدولة, فعليهم بنقل هذه المعسكرات إلى خارج؛ لأنها صارت «حاميها حراميها». فلا حموا البلاد ولا تركوا لغيرهم أن يحميها. عندنا نحن منظمات مجتمع مدني, وعندنا لجان شعبية تستطيع مراقبة ومتابعة الأمن. نحن نريد أمن عام فقط؛ لأن تعدد المؤسسات والتسميات وكل واحد يعتمد على الآخر, وخربوا البلد بأنفسهم.
* (مقاطعًا) أنت الآن تتحدث عن مؤسسات دولة الوحدة, هل تستطيع أن تقول اليوم إن هناك أملًا في الحل في إطار الوحدة أم أن العقد انتهى؟
- الوحدة انتهت في 7 يوليو 1994, فلا توجد وحدة داخل هذا البلد. الوحدة تحطمت وانتهت وسيطرت عليها القوى المتنفذة والعسكرية, وأنت تعرف أن هناك ثلاث اتجاهات في اليمن؛ أقصد في نهج الحكم بعد سقوط الحلفاء, ثلاث فئات سياسية اجتماعية داخل هذا البلد, وهم: العسكر الذين نهبوا البلد وسلبوها في الشمال, أيضًا ألحقوا ذلك في الجنوب, وهناك المتنفذون؛ الشخصيات الاجتماعية مثلًا, وهذا النهج سائد في الشطر الثاني [الشمالي] مع الأسف؛ الفئات, الشخصيات الاجتماعية لها نفوذها أيضًا, ولها مركز تنفيذي, وهناك أيضا علماء الدين الذين يشرعون للنهب والسلب وحماية العسكر والمتنفذين في سبيل أنهم يبررون لهم السيطرة والقهر وكل ما يمارسونه من ظلم ضد الناس. هم من سلبوا كثيرًا من المناطق في الشطر الثاني من الشمال؛ الحديدة, تعز, إب, مأرب, الجوف وفي كل المحافظات هناك, وكل المواطنين يشكون من الظلم والقهر ويشكون من الهيمنة والسيطرة, وهذا النهب في الشطر الثاني تعودوا عليه بأن صار هو أسلوب الإدارة وهذا يعني أن الفئات الاجتماعية الثلاث؛ العسكرية والاجتماعية والدينية هي المستفيدة من هذا الأسلوب, ولكن الشعب مظلوم ومنهوب ومسلوب, ومع الأسف في حرب 1994 طبقوا علينا العقلية التي كانت تمارس في الشطر الثاني؛ طبقوها في الشطر الجنوبي, ونحن نتعارض معها من أول يوم ولا يمكن أننا نقبل بها على الإطلاق؛ وهذا السلوك هو من أسلوب متخلف ورجوع إلى الوراء أكثر من 200 عام. نحن حررنا أنفسنا من الاستعمار البريطاني ومن تقاليد الماضي وأصبحت عندنا دولة مدنية ونحن نريد أن نحافظ على هذا الأمن والاستقرار من خلال مؤسسات الدولة والنظام والقانون. والجنوبيون لا يعترفون بهذه السلطة ولا بالوحدة؛ التي هي وحدة 7 يوليو 1994, على الإطلاق, وظلوا يقاومونها منذ ذلك اليوم إلى اليوم, ونحن نرفض هذه الهيمنة والسيطرة خاصة وأنها بمثابة الاحتلال. وحدة الوطن التي تمت طوعيًا نُسفت بالحرب, ولم نعد نعتبرها وحدة ونعتبرها احتلالًا, وعلى هذا الأساس ظللنا نقاوم حتى اليوم, غير أننا نشعر اليوم: بسقوط علي عبدالله يعني سقوط رأس نظام ألاحتلال إلا ان مراكز قواه المتبقية والى جانبها القوى الشمالية الاخرى تمارس نفس سياسة الاحتلال والنهب.
* لكن ما هو الشكل الذي ينادي به اليوم محمد علي أحمد, كقيادي بارز, لإصلاح المسار؟
- هو شكل الدولة الحديثة التي كلنا نريد الوصول إليها وخاصة المظلومون, أما الظالمون فهم لا يريدونها أبدًا, هم يريدون الاستمرار على الظلم والنهب والسلب وكل الممارسات القهرية ضد المواطنين وأيضا نهب الدولة وثرواتها, وخيراتها, ونحن نرفض هذا السلوك, وعندنا شكل الدولة في قوانين عالمية. الوحدة الطوعية [وحدة 20 مايو 1990] انتهت ودُمِّرت, وسقط الاحتلال بالتحالف الذي تم بسقوط علي عبدالله صالح, ونحن الآن نريد شكل دولة حديثة في الجنوب والشمال أيضًا. كل شطر يعود إلى وضعه الطبيعي؛ كدولتين, مع أننا نرى أن ثمة قرارات عالمية وأيضًا قرارات إقليمية قد لا تسمح لنا بذلك, لكن الحقيقة في شكل الدولة الذي نراه هو لن يكون أقل من ما يرتضية شعب الجنوب , هذه مطالبنا الحقيقية فهي استعادة دولتنا على ربوع الجنوب بحدود ما قبل 22 مايو 1990. أما بالنسبة للشكل الجديد الذي إذا ما فُرض علينا أو لن يُتاح لنا اختيار دولتنا, فإن الحد الأدنى من الخيار لا يمكن أن نقبل أقل من الكونفيدرالية؛ لأن الكونفيدرالية هي الحل, نحن نتمسك فيما يُعمل به في الاتحاد الأوروبي؛ متحد وكل دولة تحكم نفسها بنفسها ولها قوانينها في ظل نظام كونفيدرالي, فنحن لا بد لنا من كونفيدرالية في المستقبل. ولهذا من الآن نؤمن بهذا المبدأ, وتظل هناك وحدة من نوع مختلف وعلاقات خارجية, ووحدة القرار العسكري للقوات المسلحة, وتنسيق بين هيئة الأركان للقوات المسلحة لتدير حماية الوطن شمالًا وجنوبًا من خلال قيادة موحدة, لكن في الشئون الداخلية كل إقليم يمارس حقه, ويمارس أيضًا سلطته وتنميته وأمنه واستقراره, وبالتالي يُتاح لكل محافظة أن تتنفس من الظلم والقهر الذي لحق بها وأن تتحول كل المحافظات إلى ولايات اتحادية داخل الإقليم. مثلًا, يكون في الجنوب 6 ولايات, ونحافظ بذلك على وحدة الجنوب, ويكون الإقليم دولتها المركزية, ويكون في الشطر الثاني 12 ولاية تكون دولتها المركزية إقليم الشمال, ولكن هناك رابط بين الشمال والجنوب, من حيث أنه تحت سقف الوحدة الكونفيدرالية وليس الوحدة الاندماجية التي أقلع من أجلها الجنوبيون من عدن إلى صنعاء حاملين حقائبهم على ظهورهم من أجل الوحدة لكنهم اليوم فقدوا هذا الأمل [أمل الوحدة] وفقدوا الغاية التي كانوا يناضلون من أجلها طويلًا, والذين أفقدونا هذه الغاية هم الإخوان في الشطر الثاني [الشطر الشمالي], نحن نرى أنهم ليسوا مستعدين لوحدة اندماجية, ولا يمكن يصير هناك نظام اندماجي في ظل الفرق في السلوك والممارسات والنظام والقانون وقضية الاعتراف بالحقوق المتساوية؛ وهذا صعب جدًا.
نريد أن نعطي كل محافظة أن تُمارس حقها في إطار ولايتها وتقوم بسلطتها الداخلية وتقوم بحماية نفسها, وأيضا تثبت أمنها واستقرارها, وأيضًا تتنافس في التنمية وفي نفس الوقت تبتعد كل محافظة من هيمنة أي طرف آخر. كل محافظة يقوم بإداراتها أبناؤها الذي هم في مستوى رفيع, ولا أحد يقول اليوم إن المدن فقط هي من لديها الكفاءات والقدرات, فكل محافظة لديها كوادرها المؤهلة. وعلى هذا الأساس لزمًا نخلق نَفَسًا لكل محافظة إلى أن تتحول إلى ولاية اتحادية, ويظل التنافس موجودًا من أجل التنمية والأمن والاستقرار.
* سيد محمد, قلتَ في مناسبةِ مليونية 30 نوفمبر المنصرم «إننا أمام شعب استثنائي يحتاج بحق قيادة استثنائية، أمام شعب موحد الإرادة ويحتاج إلى قيادة سياسية موحدة تكون صدى وانعكاس لإرادة الشعب تتبنى ما يتبناه الشعب».. متى سيتحقق مطلب القيادة السياسية الموحدة؟
- هذا بإرادة الله, وعندما يشعر المخلصون بأن عليهم واجبًا. نحن اكتشفنا طاقة بشرية فاعلة ومتفاعلة, وفي 30 نوفمبر خرج المتظاهرون في شارع مدرم والمنصورة وعبروا عن إرادتهم وطموحهم للمستقبل وطلبوا أن تتوحد القيادة ليشعروا بالأمن والاستقرار؛ لأنهم لا يريدون التمزق.
وكلنا استبشرنا خيرًا لمّا رأينا هدير هذه الطاقة البشرية, وهي بذلك تفرض على قيادتها الالتزام والتفاعل معها, ونحن بعد هذا بدأنا نفكر في قضية: كيف نعزل النفوذ السياسية من الإرادة الشعبية؟ لأن النفوذ السياسي موزع لولاءات شخصية وإقليمية ودولية, فترى أن بعض المكونات السياسية والأحزاب مرتبطة ارتباطًا كبيرًا بشخص أو بحزب أو بأقليم أو بقوى خارجية, وشعرنا أن النخب السياسية هي التي أثرت على المجتمع والإرادة الشعبية. وفكرنا في كيف أن تبقى هذه الإرادة العشبية مستقلة ذات سيادة بعيدًا عن النفوذ السياسي والحزبي والمكونات السياسية. ومع الأسف زُرعت لنا مكونات سياسية كثيرة. أنا منذ أتيت إلى عدن في مارس 2012 إلى اليوم زرع لنا 66 مكونًا سياسيًا؛ زراعة خرجت من جحور الأحزاب, سواء كان حزب الإصلاح [الإخوان المسلمون في اليمن], أو حزب المؤتمر [المؤتمر الشعبي العام؛ حزب الرئيس السابق], أو من قبل نفوذ قبلية وعسكرية وولاءات إقليمية ودولية, هم الذين خلقوا لنا هذا التعدد, وخلقوا لنا المكونات الجديدة التي نحن حقيقة استغربنا منها؛ فوجوهها وجوه جنوبية لكن نفوذها مع الأسف نفوذ أحزاب في الشطر الثاني أو على المستوى الإقليمي والدولي, حتى فتح الأمر مجالًا للإقليم والعالم أنهم يلعبون داخل الوطن, وأحسسنا بالخطورة والخوف, وبدأنا نطلب من منظمات المجتمع المدني, إلى أن تقوم بدورها داخل الشطر الجنوبي ودعونا إلى وحدتهم وفي نفس الوقت تشكيل إدارة لإدارة المهرجانات والمناسبات الخاصة بالأعياد الدينية والتاريخية؛ منها 30 نوفمبر, و14 أكتوبر, و26 سبتمبر, وحتى يوم الوحدة؛ فالوحدة تعتبر مصير لليمنيين كلهم, وللعرب في نفس الوقت, وأيضًا على المستوى الإسلامي.
بالنسبة للوحدة, نحن نتمنى أن تكون وحدة متكاملة الكفاءات, لكن بالطريقة التي استخدمها أخواننا في الشطر الثاني وبالسلوك الذي مارسوه على الجنوب, فقد أفقدونا أمل الوحدة وجعلونا نتذمر كثيرًا, وجعلونا نكرهها ونحن دعاتها. وعلى هذا الأساس طبعًا نحن شكلنا فريق عمل؛ لجنة خاصة شعبية تنطلق من منظمات المجتمع المدني أولًا, وتنطلق أيضًا بين المكونات والأحزاب على أساس أن هذا من مهامها إضافة إلى إدارة مهرجانات الأعياد والمناسبات. المجتمع هنا يخرج إلى المناسبات طوعية, ولا يخرج من أجل حزب أو مكوّن, ورأينا أن بعض المتنافسين على المنصات كل تنظيم/ مكون يريد أن يكون هو متبني هذه القاعدة الشعبية, لكننا عندما عزلنا هذه النزعة, ظهر لنا أن شعبنا عبر عن إرادته وفرض أيضًا مكانته وقوته, وحضر [في 30 نوفمبر 2012] أكثر من مليون مواطن؛ بمناسبة الذكرى الـ45 لذكرى الاستقلال الوطني [30 نوفمبر 1967]. وهنا رأينا أن الإرادة الشعبية توحدت, لكن في المقابل يجب أن يكون في مقابلها وحدة قيادية؛ وإذا لم تكن وحدة قيادية للمكونات السياسية والنخب فهذا يعني أننا مقصرون؛ المجتمع موحد لكن النخب السياسية هم الذين خلقوا هذا الخلل وهذا العيب في إطار مجتمعنا الجنوبي. ونحن الحمد لله تقريبًا بعدما ردع شعبُنا قيادته وطموحات المتنفذين شعروا أنهم لا يستطيعون أبدًا بعد الآن القول أنهم هم الممثلون والمعبرون عن الشعب؛ إنما الشعب عبّر عن نفسه, ودعا قياداته إلى الوحدة؛ إذا لم تتوحدوا [قالها الشعب] فلن يقف أحد على هذه الأرضية التي تريدون مخاطبة الجماهير من خلالها. فهذه هي منصة المجتمع المدني, ومنصة القاعدة الشعبية العريضة التي تريد/ تدعو إلى وحدة القيادات المتنافرة المتناقضة, وعند هذا عملتُ نداءً بمناسبة الذكرى الـ45 ونادينا كل المكونات السياسية في الداخل والخارج إلى ضرورة التجاوب مع الإرادة الشعبية, فإذا كانت الإرادة الشعبية وحدت موقفها وإرادتها وأثبتت للعالم أنها موجودة وتستطيع فرض الأمر الواقع, فعلينا أن نتجاوب معها, وعلينا أن نكون - مثلما هي تحالفت وكونت قوتها – في مستواها, ونتوحد حتى أننا نمثلها تمثيلًا حقيقيًا.
* وهل هناك نتائج إيجابية؟
- حقيقة تجاوبت الكثير من القوى السياسية والمكونات, وعندما جاءنا نائب وزير الخارجية البريطاني لشئون الشرق الأوسط والقرن الأفريقي وأيضًا ممثلو الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن – ونحن اليوم تحت الوصاية للمجتمع الدولي – اجتمعنا؛ نحن قيادات المكونات السياسية في الحراك, ودخلنا كفريق واحد, وقدمنا وثيقة موحدة, وقلنا لهم إننا مرسلون من قبل القيادات الشعبية التي خرجت بمناسبة 30 نوفمبر [الذكرى الـ45 لاستقلال جنوب اليمن], فنحن موحدون, ونسلمكم هذه الرسالة حتى لا يكون مبررًا أننا مختلفين, بل نحن موحدون وقاعدتنا موحدة وهذا موقفنا بالنسبة للحوار, ونحن نرى أن هناك هفوات وأخطاء حصلت في قرارات مجلس التعاون الخليجي بحق الجنوب, لكن لا يمكن أن تكون هذه الأخطاء التي مورست ضد الجنوب عائقًا نرفض على ضوئها دخول الحوار. نحن سوف ندخل الحوار وسنكون على استعداد للحوار من أجل حل القضية اليمنية, وهذه رسالتنا لكم, ونحن مرسلون من قبل هذه الإرادة الشعبية, ولسنا أوصياء عليها. وسلمنا رسالتنا إلى الوفد الدولي, ورأينا واضحًا فيها, ونحن على استعداد لنعمل ونقوم بما جاء في هذه الوثيقة المُقدَمة. ونحن موحدون سواء على مستوى القاعدة الشعبية وأيضًا القيادة السياسية. وإن كان هناك من يملك وجهة نظر أخرى فليبين مشروعه الذي يحمله. مشروعنا الذي نحمله من خلال رؤية ووثيقة شرف, ومن خلال رؤيتنا لنظام الحكم ما بعد الوصول إلى الحل الذي إذا أراد الله أن يكون في اليمن.
* لكن طرفًا آخر في الجنوب يقول إنه فقد الثقة بصنعاء وأيضًا ليست هناك ضمانات حقيقة حتى الآن أو ممهدات تجعل الجنوبيين يختارون الذهاب إلى هذا الحوار..
- الجقيقة نحن مع الأسف نشعر أن هناك قصورًا. أولًا مجلس التعاون الخليجي لم يذكر قضية الجنوب في قراراته. وهناك كما تعرف كانت الأزمة بين الحمران [منظومة علي عبدالله صالح]. صحيح أنه اندلعت ثورة شعبية في كل من صنعاء وتعز وكل المحافظات, وكان لها هدف إسقاط النظام بكل معانيه؛ ليس سقطوا أفراد وفقط, وهو نظام التخلف والنهب والسلب والسيطرة والهيمنة والوصاية على الآخرين. نحن نريد نظام يكون الكل فيه شركاء, ونريد نظامًا ومستقبلًا نكون كلنا فيه سعداء, ونبني مستقبل اليمن بالطريقة العصرية والحديثة, لكن مع الأسف لم يحصل ذلك. تحالفنا من أجل سقوط النظام, لكن بعد ذلك احتووا هذه القدرة والإمكانات وتحولت الميادين إلى وصاية من قبل العسكر وأيضًا المتنفيذين. وصارت القاعدة الشبابية التي يمثلها الشباب في الميادين والطبقات الفقيرة التي فتحت صدورها للرصاص لتنادي بحقها في الوجود وحقها في الحرية ألغيت وهُمشت وصارت القرارات التي صارت في مجلس التعاون الخليجي بين عنصرين, بين قبيلة واحدة؛ قبيلة الحمران: الحمران علي عبدالله صالح وأولاده, والحمران علي محسن وحميد الأحمر وإخوانه, وهذا يعني أن الثورة الشعبية طاحت وأفقدوها مكانتها.
وعلى هذا الأساس نحن بصراحة فقدنا الأمل, وبدأنا نصر على قضية التمسك بالشطر الثاني [يقصد الشطر الجنوبي]؛ بأن تعود دولة الجنوب جنوب والشمال شمال. مع الأسف الإرادة الشعبية في الشمال رغم قوتها وكثافتها افتقدت هيئات ومنظمات المجتمع المدني داخل اليمن في الشطر الثاني؛ الشباب, المرأة, الطبقات الفقيرة, زمام القرار وهيمن عليهم العسكر والشخصيات الكبيرة؛ الشيوخ والقبائل وأيضا علماء الدين الذين يساندون هذا الظلم والقهر. شعرنا بنوع من الأمل أنه في تغيير سريع وأنه في الحقيقة لزمًا تكون فترة زمنية نختبر أنفسنا فيها وأيضًا أن يملك المجتمع المدني في الشمال نفوذًا؛ فلا يمكن بناء الدولة في الشطر الثاني إلا باستيعاب التعدد والتنوع في البلد؛ خاصة المرأة والشباب, ولا يمكن أيضًا إلا بإضعاف النفوذ القبلية والعسكرية والدينية؛ لزمًا يكونوا [رجال العسكر والقبائل والدين] خاضعين للقانون. لا يعني كلما أصدروا فتوى ولو كانت ظالمة ينفذها الآخرون. نريد مجتمعًا عصريًا حديثًا, وتكون بلدنا تشبه البلدان التي تحيط بنا حتى عربيُا وتكون مثلما هي الدول الأوروبية التي هي قريبة منا ولها تأثير علينا. نحن نشعر بعدم القدرة وعدم السيطرة من قبل المجتمع المدني؛ الأغلبية الساحقة في المجتمع الشمالي غير قادرة أنها تحقق النجاح قريبًا, وهي بحاجة إلى وقت لتبنى هذه المؤسسات وتكون شريكة في القرار والتغيير. لا يمكن للشطر الثاني [الشمالي] أن يتغير إلا بوجود مجتمع مدني.
* لكن على غرار الانقسام في صنعاء بين قوى تقليدية معروفة, ثمة انقسام في الجنوب وإن ليس متطابقًا تمامًا, لكن ألا تظن أستاذ محمد أن الجنوب يعاني من انقسام سياسي مماثل, وأخفقت كثير من المحاولات في توحيد القيادة السياسية؟
- صحيح. نحن كذلك أيضًا, ونحن لسنا أبرياء من هذا الوضع. نحن أنعكس علينا أيضًا ولكن تشجّع زيادة حين أتت الوحدة؛ فلم يكن لدينا هذه الطبقات والفئات. عندنا كان مجتمع مدني وحزب واحد يقود العمل السياسي والعمل الاجتماعي والدولة؛ دولة النظام والقانون, لكن لدينا مجتمع مدني شريك وقوي وفعّال غير أنه ضعف من خلال التكوينات الجديدة وأثار الناس إحياء العادات التي انتهت؛ أعادوا لنا السلاطين والمشايخ والقبائل والصراعات والتناقضات التي كانت ما قبل ستين عامًا وكنا قد تجاوزناها.
* لكن ما موقفكم اليوم من مسألة العودة للجنوب العربي؟
نرفضها رفضًا مطلقًا. لم يعد هناك جنوب عربي ولا سلاطين, ولا نؤمن بما قبل ثورة الـ14 من أكتوبر. نحن نؤمن بالبشر بأن يكونوا مواطنين صالحين لهم مكانتهم في الحياة. لكن لا يمكن أن تعود لنا العمامة والخيل, ولا تلك العادات والتقاليد السابقة. وفي نفس الوقت نحن نرفض نظام الحزب الواحد. اليوم نحن نؤمن بالتعدد. نؤمن أيضًا بالمشاركة بين كل فئات المجتمع. نحن الآن اتخذنا قرار بمشاركة كل الشرائح الاجتماعية, وعلى أساس نحن رفضنا الحكم ما قبل 14 أكتوبر للسلاطين, ورفضنا الحكم ما بعد 30 نوفمبر 1967 بالنسبة للحزب الواحد, وقلنا إن هذه الشراكة هي شراكة وطنية وكل الفئات وكل المكونات الاجتماعية يجب أن تشارك في القرار السياسي, ووضعنا خارطة جديد بالنسبة للتحالف الوطني الآن. نحن الآن نعد لمؤتمر...
* متى سيعقد هذا المؤتمر؟
- إن شاء الله في غضون الأسبوعين القادمين. نحن الآن وضعنا خارطة جديدة للجنوب. ونحن وضعنا قاعدة جديدة للشراكة؛ كل محافظة لها رقم معين بالنسبة للتمثيل الاجتماعي, شريكة في هذا التمثيل كل شرائح المجتمع: فيها السلاطين, المستقلين, الحراكيين, الأحزاب, رأس المال الوطني, الشباب, المرأة, المتقاعدين, القيادات النوعية والكفاءات العلمية, ومنظمات المجتمع المدني. كل فئة اجتماعية أعطينا لها نسبة معينة في التمثيل؛ حتى لا ينفرد أي طرف بالقرار السياسي. وبالتالي جعلنا السلطات الحاضرة التي سوف تأتي في القريب العاجل وسوف تسمعون عنها, وربما تكونوا شركاء في المؤتمر, سترون تمثيل كل محافظة, وكيف تم تمثيلها في الهيئات بالكامل, وكيف صار مركز القرار لكل المحافظات؛ على سبيل المثال: عندنا مجلس وطني؛ سيكون رئيسه من إحدى المحافظات الست للجنوب, وهذا يعني وجوب أن يكون لديه نواب من الخمس المحافظات الأخرى [عدد محافظات الجنوب 6 محافظات قبل استحداث محافظة الضالع]؛ حتى تصبح المحافظات الست مشتركة في القرار, ولا يمكن لقائد أن ينفرد بالقرار؛ لأن كل محافظة شريكة بممثلها. وهكذا بالنسبة لأي منظمة عندنا. لدينا المجلس الوطني والهيئة التنفيذية, وهيئة الرئاسة التي سوف تدير شئون الأزمات والحلول. وبذلك إما أن نعيد دولتنا إلى ما قبل مايو 1990, أو أننا نقبل ما يفرض علينا بالقوة من قبل المجتمع الدولي والذي سيكون بصيغة إقليم جنوب وإقليم شمال. لكن على المجتمع الدولي أن يعرف أن شبعنا سوف يعبر عن إرادته في أنه لا يمكن أن يقبل أقل من الكونفيدرالية.
* معذرة على المقاطعة. أنت قلتَ في مقابلة لك مع «المونيتور» أن الثورة لها نوعان من الأهداف، إستراتيجي وتكتيكي. الهدف الإستراتيجي هو نيل الاستقلال عبر الوسائل المختلفة من نضال سلمي واحتجاجات ومظاهرات..الخ وإن لزم الأمر، قد يتحول إلى كفاح مسلح.. هل تعتقد أن الأمر سوف يصل إلى هذا القدر؟
- أنت تعرف أن كل ثورة, وليست ثورتنا فقط, لها هدفان؛ تكتيكي واستراتيجي. ونحن قمنا بثورة ولدينا هدف استراتيجي وآخر تكتيكي, لكن نحن للأسف لم نتفق 100%. كل واحد كان يفكّر بأنه سيعيد الوطن بالطريقة التي يريدها هو. لا أننا خضعنا للتكتيك, ولا أننا خضعنا للإستراتيجية.
* معذرة على المقاطعة مرة أخرى, المُلاحظ أن هناك تيارًا جنوبيًا لديه رؤية سياسية ومرونة ويسوق القضية الجنوبية بأسلوب يتفق ووجهة نظر المجتمع الدولي والإقليمي, فيما طرف آخر من الحراك يتمسك بحل واحد ليس له صدى دولي وإقليمي حتى الآن.. هل المسألة تكمن في توزيع أدوار أم هناك خلاف حقيقي بين هذين الطرفين؟
- لا أننا مختلفون 100% ولا أننا متفقون 100% أيضًا. نحن أسسنا نشاطنا السياسي على أساس المطالب السلمية وليس بالعنف, وخيارنا هو الخيار السلمي, لكننا في المقابل صغنا أفكارًا, سواء في الداخل أو الخارج, واتفقنا على قضيتي الإستراتيجية والتكتيك, لكننا كما قلتُ لك لم نتفق للأسف بشكل كامل حول الإستراتيجية والتكتيك, لكننا رسمناها كرسم في خارطة, وأيضًا في نفس الوقت نحن عندما رأينا بعضنا أننا لم نتفق على هذين الهدفين؛ أعطينا الحق الاستراتيجي للمتشددين, ونحن طالما كانت لدينا المرونة والوفاء للاتفاقات مع الآخرين قمنا بالهدف التكتيكي. ونحن, أصحاب الهدف التكتيكي, أعتقد أننا نجحنا أكثر من الآخرين؛ لأننا كنا أكثر مرونة, ونحن الحقيقة سوف نستمر على هذين المبدأين, سواء حلت القضية بالسلم فنحن دعاتها, وإذا لم فـ«السيف تحت الشملة» كما يقول المثل الشعبي. فلا أحد سيتنازل عن حقه.
* محمد علي أحمد عاد في مارس 2012: بعد ثلاثة أشهر تم طرد ما يسمى بأنصار الشريعة من أبين, وفُتحت الشوارع المغلقة في عدن. العودة هذه حملت ملفين على الأرجح؛ أولهما أمني, والآخر سياسي, وأنت تلعب هذا الدور, ما الذي لاحظت في الجنوب حتى الآن؟
- أعرف النهج الذي سار عليه النظام قبل سقوطه؛ لأنني عشتُ في الشمال. وكنتُ أعرف ماذا كان يفكر [الشمال] في الجنوب.
* ولذلك عدت من أجل هذا النقطة بالذات؟
- بالتأكيد. رجعتُ من أجل ذلك؛ لأن كل واحد له هدف. هم كانت غايتهم سقوط الجنوب, ونحن غايتنا سقوط الشمال.
* وهل نجحت في هدفك الذي عدتَ من أجله؟
- ليس كل شيء, لكن كل طرف حقق الذي استطاعه. هم حققوا الذي استطاعوا أن يحققوه, وسلبوا الذي سلبوه من الجنوب, ونحن اليوم حققنا الذي استطعنا أن نحققه مع أخواننا المكافحين مع الشطر الثاني, وإن شاء الله نحقق الهدف الذي سيدفعونه بأثر رجعي حتى ولو طال الزمن, كل ما نهبوه وكل ما سلبوه؛ سواء من الشمال أو من الجنوب.
النظام [نظام صالح] كان يطالبني أن أعود من قبل, لكنني كنت أعرف أن العودة المطلوبة مني هي من أجل الإهانة وليس من أجل الكرامة, ولهذا رفضتُ أن أعود. ومن ثم بدأ النظام السابق يشن عليّ هجومًا بأنني بائع سلاح, وأنني سائق سيارة, وما أدراك, وكان أن رددتُ على هذا الهجوم, ولم أرد ردًا كاملًا, ودخلت في مدخل الملفات الكبيرة.
* لماذا ليس كاملًا؟
- كل شيء في وقته. لأنني لما بدأت بإخراج الملفات الكبيرة, بدأ الصلح. طلبوا مني الصلح, وأنا بصراحة احترمتُ الطلب, وتوقفتُ, رغم أنني وجدت هجومًا من قبل جماعتي؛ من قبل القوى السياسية في الجنوب: كيف أنني أهادن مجموعة هاجمتني؟ فقلت لهم: في عرف البلاد عندما واحد يطلب هدنة فليتم إعطاءه فرصة. هو أصلًا هاجمني أولًا, وأنا أجبت عليه, وعندما دخلت على المخاطر التي يخشاها بدأ يطلب السلام, وطالما طُلب مني السلم, فأنا استجبتُ. هو أصلًا عنده معلومات, ونحن كذلك عندنا معلومات.
وعلى كُلٍّ سقط هذا النظام الذي كان يمارس هذا الأسلوب, وعندما رجعنا بعد سقوط النظام, تحديدًا بعد سقوط رموزه, حقيقة لم نكن مقتنعين بما حصل؛ سقوط الرموز ليست حلًا, نحن نريد إسقاط النظام بالكامل, بكل عقيلته وأفكاره, ومعنى سلوكه, ونأتي بحل جديد؛ دولة حديثة, جديدة. يجب أن يكون لدينا نظام الحكم غير نظام الحكم السابق, لكننا رأينا «ديمة قلبنا بابها»؛ سقط علي وسوف يأتي علي. ولذلك نحن لا يمكن أبدًا أننا نقبل هذا الأسلوب. إما ثورة ثورة, وإما أن كل واحد يرجع لوضعه الطبيعي. ونحن بالتالي صعدنا الموقف, فبدلًا من مطلب الدولة الفيدرالية, رفعنا السقوف؛ أي كل واحد يعود إلى وضعه الطبيعي [يقصد العودة إلى ما قبل 22/5/1990].
* يعني على قياس «خوّفه بالموت يرضى بالحمّى»؟
بالتأكيد. إذا كان هذا الوضع لا يُراد له أن يتغير, فنحن بصراحة لا بد من أن نطلب حقنا. نحن اتفقنا على أساس التغيير, وليس على أساس التبديل. مبدأنا هو التغيير وليس التبديل. فإذا أحد يريد التغيير فإننا دعاة التغيير, أما التبديل فنحن لا نريد ذلك, وذلك ظلم للمجتمع؛ أي أننا ندعو المجتمع ليعود إلى المهانة والذل والاستمرار في البطش والهيمنة والسلب, وربما من سيأتي سيكون أسوأ من السابق [وفقًا للتبديل]؛ خاصة في العقلية والتفكير بالسلب والنهب والسيطرة والهيمنة. وعلى هذا الأساس, الأفضل لنا كلنا كل واحد يعود إلى وضعه الطبيعي حتى ييسر الله لنا بحل بالنسبة لليمن ونتوحد ونعيش مثل العالم الذي عاش مثلنا وحقق المعجزات ووصل إلى الفضاء.
عندما أتيت إلى هنا من الخارج, لم أسأل صغيرًا ولا كبيرًا, ودخلنا بطريقة خاصة, وجئت والوضع في الجنوب غير اليوم. الشوارع مغلقة, والسلب والنهب موجود, والمخدرات موجودة, والمحببون [متعاطي الحبوب] موجودون, والضرب والتهديد في كل شوارع البلاد, والناس تعيش في قلق, وفي نفس الوقت محافظة أبين تحت الهيمنة والسيطرة, للقاعدة والشريعة [تنظيم القاعدة وأنصار الشريعة], والدولة أنفسهم هم القاعدة والشريعة, وهذه المكونات أعرفها تمامًا. أنا ناديت أخواني في الداخل, وكنت أقول لهم: أولًا يجب أن نركز على الأمن. الأمن هو الأساس, والسياسة تاليًا. وكانوا يتحاججون معي أو يرفضون كلامي, باعتبار أنني متواطئ مع الحكومة الجديدة. يعني أنني حين أطلب تعزيز الأمن هذا يعني أنني أساند الحكومة الجديدة, فقلت لهم: أنا لا يهمني حكومة ولا يهمني أنتم, أنا يهمني الأمن والاستقرار للمواطنين الذين نعتمد عليهم ونرتكز على قوتهم, وهم قوتنا وعلينا أن نؤمنهم, وبدأت أطالب كل الأحياء السكنية, وكل منظمات المجتمع المدني, وكل المتنفذين داخل البلد هنا, أنّ علينا أنْ نوفر الأمن داخل القرى والمدن بالطريقة الشعبية. وفعلًا تم إيجاد نوع من التكاتف والتعاون بيننا والسلطة على أساس تثبيت الأمن والاستقرار أولًا؛ حتى نؤمن أنفسنا كلنا وكل المواطنين, وتعاملنا نحن والجيش والأمن والمؤسسات, خاصة وزير الدفاع, وأيضًا محافظ عدن, وكل قيادات عدن السياسية والأمنية, واتفقنا أننا كلنا نعمل موحدين, وعملنا فعلًا. وحررنا أولًا شارع مدرم [الشارع الرئيسي في مديرية المعلا] من سيطرة المخدرين, والمحببين, والمكلفين أيضًا, لأن في ناس أتوا بهم إلينا مع السلاح, وأوقفنا السلاح, وكانوا يتحججون بالحراك الجنوبي, وأعلنا نحن الحراك الجنوبي بيانًا أننا نتخلى عن كل هذه الظواهر والأضرار التي تمس المواطنين داخل هذا الشارع, وأن على الحكومة أن تؤدي دورها, ولمّا أعلنّا هذا البيان, كل الجماعات التي كانت تتلبس لباس الحراك, ونيابة عنه بالتشويه, انسحبت, وفتحنا الشارع وانتهت المشكلة, وألحقنا بعدها المنصورة, وهكذا. ثم انتقلنا أيضًا إلى البلاد [أبين], قلنا للحكومة, ووزير الدفاع: اخرجوا 80 ألف جندي من داخل الجنوب, من داخل عدن بالذات, ونحن علينا تحرير الجنوب, ورءوا أن المسألة أمرًا واقعًا, وأن عليهم أن يخرجوا قاعدتهم التي أتوا بها. الحكومة هي من أتت بالقاعدة, وعناصر القاعدة هم عسكر, وأنصار الشريعة عسكر, وكلهم لديهم بذلتان؛ عسكرية ومدنية.
* الحكومة أم جهات نافذة؟
- النافذون قبل الحكومة الحالية, أما الحكومة الحالية مساكين الله. الحكومة الحالية طيبة وإذا وجدت مجالًا سوف تبني دولة, لكنها لم تحصل على المجال. هم أصلًا [يتحدث عن الجهات النافذة إبان الحكومة السابقة] انقسموا قسمين, واحد شريعة وواحد قاعدة, وهم أصحاب المعاهد الذين يضخون المتشددين, وهذا عائد للجهات الثلاث التي تحدثنا عنها في اليمن [يقصد؛ العسكر والقوى الاجتماعية ورجال الدين], هي التي خلقت هذه الأزمة؛ هي هذه العقول المتحجرة التي لا تتغير.
* إذا أُسندت لك مستقبلًا رئاسة الجمهورية اليمنية بنظام فيدرالي, هل ستصلح دولة «عقر الثيران» في الشمال كما تسميها؟
- أنا الحقيقة لا أطمح لهذا الوضع, وليس لدي استعداد. بالإمكان أن نأتي برئيس, ونحن نأتي لنساعده. نحن نستطيع أن نعيد الأمن والاستقرار للبلاد, وأيضًا نغيرها مثل الآخرين, لكنني لستُ طموحًا لهذا المستوى [منصب الرئيس], وليست لدي رغبة من أجله, لكن الحقيقة لدي طموح لقضية الوطن؛ أن وطننا يكون آمنًا مستقرًا. لدينا خيرات وثروات كثيرة, لكن لدينا سلب ونهب لا مثيل له في العالم. إذا تجمعت هذه الإمكانات وهذه الخيرات, لن يوجد يمني يذهب ليشحت [يتسول] في أي دولة. ستجعل اليمنيين يرفعون رءوسهم كتاريخهم القديم. علينا أن نشجع شبابنا الجديد أن يقوم بدوره, ليكن قادرًا على أن يبني دولة عصرية حديثة, والخير في البلاد كبير؛ عندنا بترول, وغاز, وذهب, ومعادن مختلفة, وعندنا الزراعة والأسماك. نحن والله لا يمكن أبدًا نمد يدنا لإنسان في هذا الكون, لا يمكن أن نظل نشحت [نتسول] من دول الخليج والدول المحيطة بنا, لكننا نعرف أن اليمن صار مع الأسف بهذا الضعف والحاجة مادًا يده, وبالتالي سُلِّم لغيره. اليوم نحن تحت الهيمنة الدولية, وتحت التأثير الإقليمي, وأيضًا تحت نفوذ أصحاب المصالح الذين ارتبطوا بهذه الدول وهذه الأقاليم. ولكن ربنا سيخرجهم من هذا الوضع.
* يقال أن محمد علي احمد عاد مؤخرًا بتنسيق أمريكي, هل لديك تواصل خاص مع الأمريكان؟ هل هذه المعلومة صحيحة؟
(يبتسم) لا توجد لي أي صلة بأي طرف نهائيًا, لا دولي ولا إقليمي, وأعاهدك بالله في هذه اللحظة أنه لا لي أي ارتباط بأي كائن كان. أتحدى أي إنسان في هذا الكون يقول إن له تأثيرًا عليّ. أنا صاحب قراري, وأنا الذي أتخذ القرار.
*صحيفة مأرب برس