آخر الاخبار

مليشيات الحوثي تُدرج مادة دراسية طائفية في الجامعات الخاصة. اللواء سلطان العرادة: القيادة السياسية تسعى لتعزيز حضور الدولة ومؤسساتها المختلفة نائب وزير التربية يتفقد سير اختبارات الفصل الدراسي الأول بمحافظة مأرب. تقرير : فساد مدير مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة إب.. هامور يدمر الاقتصاد المحلي ويدفع التجار نحو هاوية الإفلاس مصدر حكومي: رئاسة الوزراء ملتزمة بقرار نقل السلطة وليس لديها أي معارك جانبية او خلافات مع المستويات القيادية وزير الداخلية يحيل مدير الأحوال المدنية بعدن للتحقيق بسبب تورطه بإصدار بطائق شخصية لجنسيات اجنبية والمجلس الانتقالي يعترض إدارة العمليات العسكرية تحقق انتصارات واسعة باتجاه مدينة حماةو القوات الروسية تبدا الانسحاب المعارضة في كوريا الجنوبية تبدأ إجراءات لعزل رئيس الدولة أبعاد التقارب السعودي الإيراني على اليمن .. تقرير بريطاني يناقش أبعاد الصراع المتطور الأمم المتحدة تكشف عن عدد المليارات التي تحتاجها لدعم خطتها الإنسانية في اليمن للعام 2025

احمد الحبيشي
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 13 سنة و 9 أشهر و 26 يوماً
الإثنين 07 فبراير-شباط 2011 04:27 م

* في البداية أستاذ احمد دعنا نتحدث عن تجربتك في المعارضة بالخارج ؟

** كنت ضمن النازحين الذين غادروا البلاد بعد حرب صيف 94م، كان هناك اتجاهين في أوساط النازحين بعد الحرب، الاتجاه الرئيسي يدعو للتمسك بالوحدة وإصلاح مسار الوحدة وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة .. وأول من رفع شعارإصلاح مسار الوحدة هو هذا الاتجاه، أما الاتجاه الثاني (وكان يمثل أقلية بين النازحين ) .. كان يدعو غلى إحياء ماتسمى بالهوية الجنوبية، طبعا نحن لم نكن إطلاقا موافقين على حرب 94 ونتائجها ولازالت مواقفي ثابتة في إدانة هذه الحرب وإدانة نتائجها .. وأعتقد أنها كانت محصلة أزمة ومحصلة اختلاط في الأوراق بدليل وجود قوى رجعية من بقايا السلاطين والانفصاليين الحقيقيين شاركت في تلك الحرب تحت شعار الدفاع عن الوحدة وبعدها خرج رموز هذه القوى من الفضلي من فاتحين لعدن والجنوب ومدافعين عن الوحدة إلى دعاة لعودة سلطنات مشيخات وإمارات الجنوب العربي، وعودة الجنوب والهوية الجنوبية .. بل أنهم يدعون بكل وقاحة الى تحرير الجنوب من الاحتلال اليمني !! مما يلقي ظلالا من الشك على أن مشاركتهم في حرب 1994 كانت من أجل الدفاع عن الوحدة .. وان هناك خلطا في الأوراق ..وهناك قوى دخلت لتصفية حسابها مع ثورة 14أكتوبر تحت مسمى الدفاع عن الوحدة، وأنا لا زلت متمسكا بقناعتي هذه ، لكن هذا لا يعني إطلاقا أن يتخلى الوطنيون عن قضية الوحدة .. وأنا شخصيا مش محتاج لأحد يأتي ليشهد بوحدويتي أو ليتهمني بالانفصالية .. لأن تاريخي وقضيتي معروفة في هذا الجانب.

أنا من الذين كانوا جزءا من حركة التحرر الوطني في اليمن ومن الذين ناضلوا من أجل الدفاع عن وحدة الوطن وحريته واستقلاله .. وأنا أفخر بانتمائي الى قوى اليسار الوطني والقومي التي دافعت عن هوية الجنوب اليمني المحتل عندما كانت هناك مشاريع استعمارية انجلو سلاطينية تخطط لطمس ومصادرة الهوية اليمنية للجنوب وتسويق هويات بديلة للجنوب على حساب هويته اليمنية .. لم تكن قوى اليسار التي دافعت عن الهوية اليمنية للجنوب المحتل ورفعت شعار الوحدة تنتظر مكاسب مادية وأوسمة مقابل هذا الموقف على النقيض من الذين ركبوا موجة الوحدة بعد حرب 1994 حيث حصل أبناء وأحفاد سلاطين الجنوب العربي على أوسمة الوحدة ، وكانت القضية بالنسبة لهم غنائم حرب ومكاسب مادية وانتقام من ثورة 14 اكتوبر واستيلاء على أراضي ومزارع وعقارات الدولة .

نعم ..كان هناك اتجاهان بين النازحين .. نحن في الاتجاه الأول رفعنا شعار المصالحة الوطنية وكان المعبر عن هذا الاتجاه ممثلا بالجبهة الوطنية للمعارضة (موج) برئاسة الأستاذ عبدالرحمن الجفري وسالم صالح محمد .. وصحيفة (الوثيقة ) الناطقة باسمها والتي كانت تصدر من العاصمة القبرصية نيقوسيا و كنت رئيس تحريرها.

في المقابل كان هناك صحيفة أخرى اسمها بريد الجنوب وكانت تصدر من العاصمة الفرنسية باريس وكان يتم تمويلها من الأخ/ علي سالم البيض وكان هو الذي يشرف عليها ويوجهها .. و لم أكن أصدق أن البيض يمكن أن يتبنى القضية الجنوبية والهوية الجنوبية وسلخ الجنوب من هويته اليمنية، ولم أكن أتوقع لأني كنت أعتقد أن الرجل مناضل ويحترم تاريخه .. بمعنى أن رجلا يقف على تخوم السبعين من عمره وقضى الجزء الكبير من تاريخه في الكفاح ضد الاستعمار و الكفاح من أجل القومية العربية وضد الاستعمار وضد السلطنات والمشيخات وفي سبيل وحدة اليمن وحريته واستقلاله، كنت أعتقد أن البيض ليس وراء هذه الصحيفة لكنه اتضح في الآخير أنه هو الذي كان يمولها ويوجهها .. وتأكد لي ذلك بعد أن فك البيض إرتباطه بتاريخه .. بدأت أستوعب بعدها لماذا كانت هناك صحيفة باسم (بريد الجنوب) مقابل صحيفة (الوثيقة) .. نحن كنا نتمسك بوثيقة العهد والاتفاق كونها وثيقة إجماع وطني من أجل إصلاح مسار الوحدة، وأنا لا أعتذر عن مشاركتي في الجبهة الوطنية للمعارضة (موج ) ورئاسة تحرير صحيفة (الوثيقة) التي كانت تنطق بلسان حالها لأني كنت ولا زلت متمسكا بضرورة إصلاح مسار الوحدة وتصحيح الأخطاء والممارسات الخاطئة التي أساءت إلى الوحدة وشوهت صورة الوحدة، والوحدة بريئة منها .. وأنا لست وحدي من يقول هذا الكلام .. بل هناك الكثير غيري من يقول هذا الكلام من داخل الحزب الحاكم وخارج الحزب الحاكم بما فيه بعض أحزاب المعارضة مع فارق أن بعض الناس تراجعوا كثيرا إلى الخلف وتخلوا عن تاريخهم ومبادئهم وعن شعاراتهم ومشاريعهم.. واصبحوا يتحدثون عن ضرورة الاعتراف بالقضية الجنوبية بل يدعون صراحة ومستوى غير مسبوق الى الانفصال والتخلي عن الهوية اليمنية .

* كيف تقيم وضع معارضة الخارج الآن من خلال تلك التجربة؟ وما الفرق بين المعارضة بالخارج فيما مضى واليوم؟

** أعتقد أن المعارضة بالخارج مع الأسف الشديد تتبنى الآن مشروعا انفصاليا .. في الماضي كان هناك اتجاهان كما قلت سابقا .. الأول إصلاح مسار الوحدة وبعودة هذا الاتجاه إلى الوطن انفتحت آفاق كبيرة لمشروع إصلاح مسار الوحدة وتصحيح وتصويب هذا المسار من الأخطاء والممارسات الخاطئة التي ارتكبت باسم الوحدة، وفي مقابل الاتجاه الأول بقي الاتجاه الانفصالي الحقيقي وهم الأقلية كون أغلبية النازحين عادوا بنسبة 99,9% عادوا الى الوطن وانفتحوا على الرئيس علي عبدالله صالح ولم يتبقى إلا 1% هم الذين يمثلون الاتجاه الانفصالي الذي يدعوا لفك الارتباط بالوحدة ، وبثورة 14 أكتوبر وبالتاريخ الوطني الحديث لشعبنا اليمني .. وهؤلاء أنا أعتقد أن هذا الاتجاه يمثل مجموعة مأزومة تكونت لديها مصالح طفيلية ومصالح خارج السياق التاريخي لمسار تطور الثورة اليمنية والمجتمع المدني وخارج سياق هموم الشعب اليمني وخارج سياق التطلعات المشروعة لليمنيين بمن فيهم الجيل الجديد والقوى الجديدة .. أنا أعتبر معارضة كهذه خارج السياق التاريخي والموضوعي للتطور السياسي والاجتماعي للوطن والشعب.

* أين تكمن عوامل القوة وعوامل الضعف في معارضة الخارج؟

** هؤلاء لايعترفون بالوحدة الوطنية وينكرون بوحدة الشعب اليمني .. ما يزالون يقولون أننا شعبان ويدعون إلى الهوية الجنوبية .. وهذا أنا أعتبره عامل ضعف وليس قوة لأنها تجعلهم في خلاف مع الجميع حتى مع أولئك الذين يعارضون النظام ومع الذين يريدون تصحيح مسار الوحدة .. معارضة الخارج ضعيفة وغير مؤثرة وأعتقد أن اتجاه المعارضة بالخارج والذي كان يدعوا إلى إصلاح مسار الوحدة والمصالحة الوطنية هو الذي انتصر بعودته الى الداخل وبحواره مع السلطة.. وبسعيه الى المصالحة الوطنية الشاملة والاصلاح السياسي الشامل .

* هل لمعارضة الخارج علاقات مع الدول الخارجية ومعارضة الداخل يمكن ان تمثل عامل ضغط على السلطة؟

** أنا لا أستبعد، لكن سياق المطالب وسياق المشروع الذي يطرح الآن هو سياق غير تاريخي ولا أعتقد أن تكون هناك قوى دولية تتبني هذا المشروع الذي يعيش خارج السياق التاريخي والعالمي ، لأن كل المجتمع الدولي ودول الخليج ما تزال تعلن أنها مع اليمن الموحد والمستقر والديمقراطي والجميع يدرك أن تمزيق اليمن سيكون له تأثيرات سلبية وربما مدمرة على السلم الإقليمي والدولي.

* يلاحظ على معارضة الخارج طغيان الخلافات التي تنعكس سلبا على مكونات الحراك في الداخل، ما أسباب تلك الخلافات برأيك؟

** أنا أعتقد دائما أن الذي لا يمتلك مشروعا وطنيا يكون ضحية للصراعات الذاتية والصغيرة، لان المشاريع الصغيرة دائما تفتك بها الخلافات الصغيرة والمصالح الضيقة .. لكن حين يلتف الناس حول المشاريع الكبيرة يكبرون بمشاريعهم وبالتالي يترفعون عن الخلافات الصغيرة ولا يمكن أن تفتك بهم هذه الخلافات الصغيرة .. وبوسعي القول أن معارضة الخارج تتبنى اليوم مشاريع صغيرة وبالتالي شيء طبيعي جدا أن تفتك بها مشاكل بسيطة جدا وهؤلاء صغروا كلما تبنوا مثل هذه المشاريع الصغيرة.

* تيار السلاطين يتهم مناضلي ثورة اكتوبر و الحزب الاشتراكي بأنهم طمسوا الهوية الجنوبية لصالح الهوية اليمنية، ما تعليقك؟

** أنا كنت عضوا في التنظيم االشعبي لجبهة التحرير ولم أكن عضوا في الجبهة القومية التي تفاوضت مع الحكومة البريطانية وحكمت الجنوب بعد الاستقلال .. لكن الجبهة القومية أنجزت الكثير وهي قوة رئيسية في ثورة أكتوبر وفي الحركة الوطنية لا شك في ذلك بصرف النظر عن خلافات أجنحتها، وقد أنجزت الجبهة القومية هدف الاستقلال الوطني الناجز وأنهت مشروع الجنوب العربي الذي كان يجري تسويقه وجاءت ثورة أكتوبر لتقضي عليه ووحدت المناطق الجنوبية التي كانت تتكون من أكثر من 22 سلطنة ومشيخة وإمارة، و كان لكل سلطنة وإمارة علم وجمارك وجواز وحاكم .. لا ننكر ان الجبهة القومية حققت الاستقلال الناجز وأقامت دولة يمنية واحدة على الأراضي التي تم تحريرها من الاحتلال البريطاني والحكم الاستعماري الأنجلو سلاطيني .. وحملت الدولة المستقلة اسم اليمن .. الجبهة القومية رغم خلافي معها أسهمت في إعادة الهوية اليمنية إلى الجنوب، والحزب الاشتراكي تأسس بعد 11 عاما من الاستقلال وهو امتداد متطور للجبهة القومية وضم في عضويته تحالفا وطنيا لقوى اليسار الوطني والقومي وفي مقدمتهم الجبهة القومية .. وقد حمل الحزب الاشتراكي اسم اليمن وهذا شرف عظيم للحزب ومناضليه .. أنهم انتصروا للهوية اليمنية بعد سقوط مشروع الجنوب العربي وبعد كفاح طويل خاضه الشعب اليمني وعمده بالتضحيات والدماء، وأصبح هناك حزب يحكم جزءا من اليمن ويحمل اسم اليمن، وينتسب إلى الهوية اليمنية، وأنا أفخر أنني كنت عضوا في الحزب الاشتراكي اليمني وأعتقد أن الحزب الذي كنت عضوا فيه لم يعد موجودا الآن .. وهذه قناعتي أنه لم يعد موجودا بعد ان تخلى عن القضية التي كان كبيرا بها .. الحزب الاشتراكي لم يأت من الفضاء .. ولم يسقط على اليمن من كوكب المريخ .. لم يأت من الخارج .. ولم يكن نبتة شيطانية في التراب الوطني .. الحزب الاشتراكي كان ابنا شرعيا لثورة 14 أكتوبر وللثورة اليمنية بشكل عام، وشيء طبيعي أن يتعرض لهجوم من بقايا السلاطين وبقايا الحالمين بعودة المشاريع الاستعمارية القديمة والحالمين بنزع الهوية اليمنية عن جزء كبير من جغرافيا الوطن اليمني الكبير كون جنوب اليمن يشكل ثلثي الأرض اليمنية وأكثر من ثلثي المياه والأجواء اليمنية .. والذين يريدون أن ينتزعوا الهوية اليمنية عن ثلثي تراب الوطن اليمني شيء طبيعي جدا أن يصبوا كامل حقدهم على الحزب الاشتراكي اليمني تحديدا لأنه إبن شرعي لثورة 14 أكتوبر التي أسقطت مشروعهم الرجعي اللاتاريخي وأعادت الهوية اليمنية لجنوب الوطن بعد تحريره من الاستعمار ومهدت الطريق لوحدة الوطن اليمني في 22 مايو المجيد.

*يعني أنهم يحاكمون الحزب الاشتراكي بأثر رجعي؟

 ** نعم انهم يحاكمون الحزب الاشتراكي اليمني ويحاكمون ثورة 14 أكتوبر وأنا لا زلت أقول لكل أصدقائي وزملائي الذين انخرطوا مع الأسف الشديد في هذه المشاريع الصغيرة اننا لسنا أمام مشروع صغير واحد وهو عودة الجنوب العربي ..لا نحن أمام مشاريع صغيرة مثل عودة سلطنة حضرموت والتي لم تكن ضمن اتحاد إمارات الجنوب العربي الذي كان يضم عدن والمنطقة الشرقية إلى شبوة حاليا، فيما كانت سلطنات حضرموت والمهرة وسقطرى تشكل ثلاث دويلات خارج ما كان يسمى اتحاد الجنوب العربي .. عليك أن تتصور لو لم تنجز ثورة 14 أكتوبر مهمة تحرير الوطن لكنا أمام أربع دويلات: دولة اتحاد الجنوب العربي ودولة حضرموت الكبرى ودولة المهرة وسقطرى ، بالإضافة الى دولة الجمهورية العربية اليمنية التي أقامتها ثورة 26 سبتمبر في شمال اليمن، يعني سنكون أربع دول، ولذلك هؤلاء الذين يتبنون مثل هذه المشاريع الصغيرة عندما يفكون ارتباطهم بتاريخ ثورة 14 أكتوبر انما يفكون ارتباطهم بتاريخ الحزب الاشتراكي ، ويخطئ من يعتقد أنه لو انتصرت هذه المشاريع الصغيرة سيبقى هناك حديث عن ثورة 14 أكتوبر وسيبقى الحزب الاشتراكي وأي حديث عن أبطال الثورة والاستقلال ومناضلي الحزب .. كل هؤلاء سيحاكمون وستنصب المشانق لهم ولأولادهم.

* يبرز على مكونات الحراك نغمة الجنوب العربي وصارت تطرح من قيادات في الحزب الاشتراكي، ما الأسباب؟

** المشكلة ليست في الحزب الاشتراكي اليمني فقط، .. بل ان حزب التجمع اليمني للاصلاح يتبنى رسميا القضية الجنوبية.. بهذا الصدد أود التذكير بالمفهوم الحقيقي للقضية الجنوبية.. قبل الاستقلال كان أصحاب مشروع الجنوب العربي هم الذين يطرحون شعار القضية الجنوبية وبالمقابل هناك كان الوطنيون والقوميون واليساريون ا يطرحون شعار القضية الوطنية بما هي قضية تحرير اليمن من الاستبداد و من الاستعمار .. وكان للأستاذ عبدالله باذيب أعمال وكتابات عظيمة وواضحة في الربط بين النضال ضد الاستبداد في الشمال والنضال ضد الاستعمار ومن أجل الاستقلال في الجنوب، وهو أول من رفع شعار ( نحو يمن حر ديمقراطي موحد ) .. يعني انه لا يمكن تجزئة النضال بان يكون هناك نضال خاص بالشمال ونضال خاص بالجنوب على نحو ماكانت ترفعه حركة الأحرار اليمنيين التي لم ترفع شعار النضال من أجل الاستقلال.

كان اليمن بمفهوم قادة هذه الحركة هو الشمال الذي يرضخ تحت حكم الإمام وبالمقابل كان هنا في الجنوب من يرفع شعار القضية الجنوبية وإقامة دولة الجنوب العربي .. لكن الوطنيين والقوميين واليساريين هم وحدهم الذين رفعوا شعار النضال من أجل القضية الوطنية.. والقضية الوطنية تعني في أدبيات قوى اليسار تحرير الجنوب المحتل من الاستعمار والدفاع عن هويته اليمنية وتحرير الجزء الواقع تحت سيطرة الاستبداد والإمامة من الظلم وإقامة نظام جمهوري ديمقراطي وهذا عبرت منه أهداف الثورة اليمنية.

* هناك من يتهمك بأنك أسأت لشخص الرئيس عندما كنت تترأس تحرير صحيفة الوثيقة والان أصبحت رئيس مجلس إدارة صحفية حكومية؟

** اولا سأقول لك كلاما لا أعتبره مدحا لعبدالرحمن الجفري، وهو كان رئيس موج حينها وأنا شخصيا معجب بأسلوب الأستاذ الجفري في المعارضة والذي كان و لايزال يتميز بعفة اللسان .. كان حريصا على أن الخطاب الإعلامي للجبهة الوطنية للمعارضة موج ينتقد النظام ولا يمس شخص رئيس النظام .. و أنا أتحدى من يقول عكس ذلك ..أتحداهم أن يظهروا مقالا واحدا فيه هجوم واحد على شخص الرئيس وبامكانهم نشر دليلهم ان وجد على الانترنت او الفيس بوك او تويتر فلم يعد صعبا على أحد نشر ما يريد وما يرغب في ايصاله للناس في عصر ثورة المعلومات والاتصالات..

* يعني لم تهاجموا الرئيس بل كنتم تهاجمون نظاما يحكمه الرئيس ؟

** صحيفة ( الوثيقة ) ومجلداتها موجودة ، وقد كانت الوثيقة صحيفة معارضة شأنها في ذلك شأن كافة صحف المعارضة في الجمهورية اليمنية التي يحكمها نظام سياسي تعددي وليس الرئيس وحده هو من يحكم اليمن .. وأود الافادة بأن صحيفة (الوثيقة ) تعرضت لهجوم شرس في اجتماع المجلس الوطني لجبهة موج في قبرص عام 1996من قبل عدد كبير من أعضائه وعلى رأسهم الأخت أنيسة محمد علي عثمان بحجة أن خطاب الوثيقة الاعلامي مهادن وضعيف ، وان ما تنشره صحف المعارضة في الداخل أقوى مما تنشره (ألوثيقة ) .. وقد دافع الأستاذ محسن بن فريد الأمين العام لحزب رابطة أبناء اليمن عن الخطاب الاعلامي لصحيفة الوثيقة واعتبره خطابا عقلانيا ومتزنا ، وو صفه بأنه غير مبتذل وغير متطرف في آن واحد.. لكن لا أنفي أننا كنا ننتقد النظام والممارسات التي تسيئ للوحدة وتشوه صورتها .. كنا نعارض النظام و سياسات النظام، وندعوا الى وحدة قابلة للاستمرار .. وقد حصلت متغيرات وتحولات كبيرة جدا خلال السنوات الخمس عشرة الماضية حتى الآن .. ولعل أكبر هذه التحولات أن قادة ثورة 14 أكتوبر تخلوا عن تاريخ الثورة .. كما ان هناك من قاتل في حرب 1994 بشراسة تحت شعار الدفاع عن الوحدة مثل طارق الفضلي وأحمد عبدالله الحسني وحزب الاصلاح وبعض مشائخ القبائل من المحافظات الشمالية ، وقد أصبحوا الآن يدعون إلى الجنوب العربي والى الاعتراف بالقضية الجنوبية .. هناك أيضا الجماعات السلفية و الجهادية التي قاتلت في حرب 1994، وبعض المشاركين في أحداث ومجازر 13 يناير الدموية المشؤومة .. كل هؤلاء قاتلوا في حرب 1994 م بأجندات مختلفة لا علاقة لها بقضية الوحدة أو الدفاع عن الوحدة .. فيما كان القاسم المشترك بينها هو الانتقام .. بعضها أراد أن ينتقم من ثورة 14 اكتوبر .. وبعضها أراد الانتقام من الحزب الاشتراكي كله . والبعض الآخر حاول الانتقام من مدينة عدن بهدف طمس وتصفية التراث الليبرالي اليساري التقدمي للحركة الوطنية اليمنية التي احتضنتها مدينة عدن وأصبح جزءا ً أصيلا من تاريخها الحديث .. وبالاضافة الى كل هذا الخليط كان هناك بعض ممن استولى عليهم هاجيس الانتقام من القيادة التي وصلت الى قمة الحزب الاشتراكي بعد أحداث 13 يناير 1986م .. ولكن الرئيس علي عبدالله صالح لم يسمح لكل هؤلاء تنفيذ أجنداتهم الانتقامية التي كانت ستلحق دمارا رهيبا بالبلاد والثورة والوحدة لو تمت .. وبالمقابل هناك من وقفوا ضد حرب 1994 وأصبحوا الآن يدافعون عن الوحدة ..هذه كلها متغيرات حصلت منذ حرب 94 إلى الآن وتجعل العودة إلى الماضي عملية غير بناءة ومضيعة للوقت و تدخل ضمن المكايدات والاستخفاف بالعقل.

* طبعا نعود نقطة التاريخ الذي كنت أبرز الحاضرين فيه، ظروف ما قبل الانفصال وما سبقها؟

** أولا كانت هناك أزمة سياسية حادة أنا كتبت عنها وانا أعتقد اني أكثر واحد كتب عنها بكل وضوح وكل صراحة.. حصلت أزمة خلال المرحلة الانتقالية يصعب شرحها وتقييمها بسطرين أو ثلاثة .. أنا كتبت مجموعة من المقالات نشرتها في صحيفتي 26 سبتمبر و 14 أكتوبر، تناولت فيها بتشخيص دقيق صورة المشهد السياسي في اليمن خلال الأزمة السياسية في الفترة الانتقالية والأزمة السياسية التي ظهرت بعد نتائج انتخابات 93 والتي وجد الحزب الاشتراكي نفسه فيها أقلية بعد ان كان شريكا بالتقاسم .. بمعنى ان نتائج انتخابات 1993 حولت الحزب الاشتراكي من شريك بالتساوي إلى شريك بأقلية، هذه أزمة نشأت .. الأزمة الثانية أثناء حرب 94 عندما برز مشروع الانفصال وكان خطيئة كبيرة .. وأنا أعتقد أن هذه الأشياء كلها أصبحت من الماضي .. ويجب أن لا نلتفت إليها إلا ّ لكي نأخذ منها الدروس والعبر .. وأهم هذه الدروس التمسك بالوحدة والتمسك بالديمقراطية.

 * من خلال معرفتك بالقيادات السياسية الجنوبية، كيف تعرف عبدالفتاح اسماعيل؟ وعلي ناصر؟ وعلي سالم البيض، والعطاس وسالم صالح محمد؟

** طبعا أنا عملت مع الرئيس عبدالفتاح اسماعيل بعد تخرجي من الجامعة عام 1987م وكان رجل فكر أكثر مما هو رجل دولة ورجل مبادئ وكان مؤمنا بمبادئه .. وعملت مع الرئيس علي ناصر بعد استقالة عبدالفتاح اسماعيل لمدة خمس سنوات حتى مايو 1985م و كان رجل دولة ورجل علاقات عامة من طراز قيادي ممتاز .. ولا أنكر أن علي ناصر كان أحد رجال الثورة اليمنية وأكاد أشك في أن يتخلى عن تاريخه الوطني الثوري، أو أن يفك ارتباطه بثورة 14 أكتوبر كما فعل علي سالم البيض .. وعملت أيضا مع الرئيس حيدر العطاس وكان رجل دولة وأنا أستبعد أن يتخلى العطاس عن تاريخه حيث كان قوميا عربيا، وكان مؤمنا بالوحدة اليمنية .. وكان أول رئيس لرابطة الطلبة اليمنيين شمالا وجنوبا قبل قيام ثورة 26 سبتمبر.. علي البيض لم أعمل معه حيث كنت قد غادرت مبنى اللجنة المركزية الذي عملت فيه مع عبدالفتاح اسماعيل وعلي ناصر محمد قبل أحداث 86م الى دار الرئاسة كمستشار اعلامي للرئيس حيدر العطاس ، ثم غادرتها وانتقلت إلى العمل الإعلامي الميداني المباشر، وكنت نقيب الصحفيين في الشطر الجنوبي، ومدير وكالة الأنباء، لكن كانت تربطني علاقة قوية مع القيادات العليا في الحزب والدولة بحكم خبرتي السابقة في العمل في الصفوف القيادية الأولى، وكنت دائما على اتصال مباشر معهم .. وكانوا يستعينون بي وأسافر معهم .. عندما غادر البيض في أول زيارة له الى الاتحاد السوفيتي بعد ان اصبح أمينا عاما للحزب اصطحبني معه، واصطحبني معه أبضا في زيارته الثانية والأخيرة لموسكو عندما قابل غورباتشوف لأول مرة وأجرى معه مباحثات رسمية كأمين عام للحزب الاشتراكي .. وحين غادر الدكتور ياسين سعيد نعمان بعد ان أصبح رئيس وزراء في أول زيارة له للاتحاد السوفيتي اصطحبني معه أيضا .. وعندما غادر سالم صالح محمد بعد ان أصبح أمينا عاما مساعدا للحزب في أول زيارة له الى ألمانيا الشرقية سابقا أصطحبني معه .. وشاركت أيضا في جميع زيارات علي ناصر والبيض والعطاس وسالم صالح وياسين نعمان الى صنعاء ولقاءاتهم بالرئيس علي عبدالله صالح .. كنت معهم دائما وكنت مشاركا نشطا في العديد من لجان العمل الوحدوي وورش العمل الرئاسية المشتركة على مستوى الشطرين .. أعتز وأفخر بهذه العلاقة التي كانت تربطني بالصفوف الأولى من قيادات الحزب والدولة في الشطر الجنوبي سابقا ولا أعتذر عنها.. وقد شعرت بالحزن عندما سمعت بأذني علي سالم البيض وهو يدعو سلاطين الجنوب العربي للانضمام إلى ما أسماه الحراك الجنوبي .. وتألمت عندما سمعته يعتذر لهم عن ما تعرضوا له من إقصاء بعد قيام ثورة 14 أكتوبر .. لم أكن أتوقع أن البيض سيتخلى عن تاريخه بهذه الخفة والسهولة ولا أبالغ إذا قلت ان البيض انتحر في تلك اللحظة بعد أن أعلن فك ارتباطه بثورة 14 أكتوبر في خطابه المؤلم قبل عام حين ظهر من ألمانيا بعد غياب 15 عاما .. أنا أعتبر ذلك الخطاب إعلان وفاة ولذلك أنا حزين جدا لوفاة البيض سياسيا وانسحابه من ميدان العمل الوطني الثوري ولا زلت مقتنعا أن علي ناصر وحيدرالعطاس وسالم صالح سيظلون أوفياء لرصيدهم الوطني الكفاحي ولارتباطهم بالثورة اليمنية ولانتمائهم لثورة 14 أكتوبر ... ولا أعتقد أنهم بهذه البساطة يمكن أن يتخلوا عن تاريخهم وعن شعبهم وعن قضيتهم.. وقد أزعجتني بعض الاطروحات في إحدى صحف الحزب الحاكم التي تصدر في عدن والتي تشير الى أن هؤلاء كانوا صنائع بريطانية تم دسها في صفوف الثورة والجبهة القومية .. هذا الكلام سخيف جدا ولا يستحق الاحترام وهو يلحق الضرر بمن يعمل على تسويقه ولا يمكن أن ينال من وطنية أولئك القادة الاشتراكيين ... وأدعوا الى الحذر من أي خطاب سياسي وإعلامي يشكك في التاريخ الوطني الكفاحي لهؤلاء القادة الذين أفخر بأنني عملت معهم في مرحلة التشطير من أجل الوحدة .. ولا زالت نربطني بهم علاقات صداقة حميمة .

* ولكنهم يتحدثون هذه الأيام عن القضية الجنوبية؟

** أنا قد أختلف معهم ومع آخرين لكن دعونا نحسن النوايا، ولذلك لا أحبذ ان أطلق أحكاما سريعة عليهم، ولا زلت أنطلق من حسن النوايا .. ربما تكون لديهم حسابات معينة، الإنسان قد يخطئ في بعض التقديرات السياسية ولا أعتقد أن أيا منهم وبالذات علي ناصر والعطاس وسالم صالح يمكن أن يتخلوا عن تاريخهم.

* لماذا خرجت من الاشتراكي؟ وما رأيك بالنقد الموجه نحوك بسبب موقفك هذا ؟

** بعد عودتي من القاهرة الى الوطن قبل 11 عاما لم أجد الحزب الذي كنت عضوا فيه وتربيت فيه وناضلت في صفوفه باعتباره جزءا من حركة اليسار الوطني اليمني ، لقد أصبح الحزب الاشتراكي اليمني اليوم حزبا يمينيا يسير باتجاه اليمين، أنا أعتز بإنتمائي اليساري وأعتز بتوجهاتي اليسارية والليبرالية، وهذه التوجهات كنت أعبر عنها حين كنت عضوا في الحزب .. وقد تعرضت لعقوبة الفصل من عضوية الحزب بسبب كتاباتي التي دعوت فيها الى الاصلاح السياسي والاقتصادي عام 1988 .. وقد تسببت تلك العقوبة في حدوث خلاف داخل المكتب السياسي انتهى بالغاء العقوبة .. وأنا لا زلت أؤمن بأفكاري اليسارية ، وهي أفكار وطنية وليبرالية وضد الفكر الشمولي وعندما زرت الاتحاد السوفيتي كتبت ست حلقات عن ما يجري في الاتحاد السوفيتي بعنوان الفئران الرمادية ونشرتها في صحيفة 14 أكتوبر وبسبب هذه الكتابات تعرضت لحمله من قبل الكتلة المحافظة التي كانت ترفض أي توجه نحو الإصلاح .. ما يحدث لي الآن من نقد وربما هجوم أحيانا شيء طبيعي جدا .. أولا نحن في بلد تعددي في بيئة ديمقراطية ولا يوجد فيها رأي واحد .. وشيء طبيعي جدا أن يختلف معي آخرون وبالعكس أنا أعتبر وجود آراء مغايرة ومخالفة دليل على حيوية البيئة السياسية والفكرية التي نعيش فيها و ليس دليل على الجمود والركود، وبالتالي من الطبيعي جدا أن يختلف معك آخرون، لكن لا أقبل أن يأتي إنسان ليطعن في إيماني بالله اوفي وطنيتي ولا أقبل ذلك.

* ماذا عن تحالف الاشتراكي مع الاصلاح؟

** يكفي أن قلت لك سابقا أن الحزب الاشتراكي الموجود الآن ليس هو الحزب الذي كنت فيه سابقا وبالتالي هذه التحالفات الموجودة تتم بين حزب يحمل اسم الاشتراكي ولكن لا يحمل قضيته ولا تاريخه ولا هويته، الحزب الاشتراكي الحالي لا علاقة له بالحزب الاشتراكي اليمني الذي كنت عضوا فيه.

* ما هي قراءتك للمشهد السياسي الحالي؟

** المشهد السياسي مأزوم وهناك من يعيش على الأزمات، أولا يجب ألا ننكر وجود أزمة سياسية، وبيئة سياسية متأزمة، النظام السياسي لا زال متماسكا ولا زال يمتلك شرعيته وحيويته ، وقادر على أن يجدد نفسه من خلال مشروع التعديلات الدستورية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة.

* لكن هناك اطراف في العملية السياسية ضد ذلك؟

** بعض الاطراف يستوعب خطورة تأزم البيئة السياسية ويدرك خطورة الاصرار على مواصلة تأزيم البيئة السياسية .. ، وهناك من يعتقد أنه كلما أسرف في تأزيم البيئة السياسية يمكن أن يحصل على استحقاقات من بينها الوصول إلى السلطة والمشاركة فيها ولكن من الأبواب الخلفية وخارج صناديق الاقتراع، نحن نشعر أن أكبر خطر يهدد الوحدة هو غياب الديمقراطية وأكبر خطر يهدد الديمقراطية والوحدة هو تعطيل صناديق الاقتراع والانقلاب على قيم وقواعد الديمقراطية، بمعنى أن تتم الأمور كلها بالصفقات المتبادلة بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة.. هذا ما يريده مع الأسف الشديد البعض داخل ( اللقاء المشترك) .. هناك من يريد استحقاقا في السلطة السياسية والثروة العامة خارج صناديق الاقتراع وبوسائل غير دستورية وغير قانونية .. وفي تقديري أن كل من يرغب في الوصول إلى السلطة والحصول على أي استحقاقات بعد وصولك إلى السلطة حتى ولو بنسبة 10% ، عليه أن يتجه الى صناديق الاقتراع .. يجب أن لا يتم التضحية بصناديق الاقتراع لأنه إذا ضحينا بصناديق الاقتراع سنوجه ضربة للديمقراطية، وإذا وجهنا ضربة للديمقراطية فن معنى ذلك أننا ضربنا الوحدة ولا يمكن إطلاقا أن نتصور بقاء الوحدة بدون الديمقراطية.

* ولكن أحزاب ( اللقاء المشترك ) تقول انها تدعو الى الاصلاح السياسي والاقتصادي وان لديها برنامجا ً للانقاذ الوطني الذي تحتاجه البلاد بسبب سياسات الجرع الاقتصادية التي نفذتها حكومات المؤتمر الشعبي العام المتعاقية؟

** أنا قرأت برنامج الانقاذ الوطني وهو برنامج سياسي يفتقر الى الرؤية والمهام الاقتصادية الواضحة والمحددة .. وأغلب مافيه يتمثل بتحقيق أهداف سياسية ومن خلال تصفية حسابات حزبية وقبلية لبعض مراكز القوى في السلطة والتي تدعي انها في المعارضة بينما تضع رجلا هنا وأخرى هناك .

* هل يعني كلامك خلو برنامج الانقاذ الوطني الذي أعلنه اللقاء المشترك من أي مهام ورؤى اقتصادية ؟

** لم أقل ذلك بل قلت انه يفتقر الى الرؤى الاقتصادية الواضحة والمحددة .. وأستطيع القول ان الشق الاقتصادي في برنامج الانقاذ الوطني لأحزاب اللقاء المشترك يعد نسخة مشوهة لبرنامج الاصلاح السياسي والاقتصادي الذي قدمه المهندس حيدر ابوبكر العطاس عندما كان رئيسا للوزراء في أول حكومة لدولة الوحدة في المرحلة الانتقالية وكانت تمثل حينها كلا من المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني.

* كيف .. أرجو أن توضح ذلك ؟

** أود في البداية الاشارة الى أن الاصلاحات التي نفذتها حكومات المؤتمر الشعبي العام بعد حرب 1994م وحتى الآن لا تخرج عن الاتجاهات الرئيسية بل والمهام التفصيلية لبرنامج الاصلاح الذي أعدته حكومة المهندس حيدر العطاس بما هي حكوكة كانت تمثل المؤتمر والاشتراكي .. وبسبب المماحكات والمكايدات السياسية والحزبية التي سادت المرحلة الانتقالية لم تتمكن حكومة العطاس من تنفيذ ذلك البرنامج الذي كان سببا لنشوء بعض الأزمات بسبب معارضة حزب الاصلاح وبعض مراكز القوى القبلية في السلطة والمجتمع لذلك البرنامج .

ومن المفارقات المدهشة ان تنفيذه بدأ بشكل جزئي وانتقائي على يد الحكومة الائتلافية التي ضمت المؤتمر الشعبي العام وحزب التجمع اليمني للاصلاح بعد حرب 1994م ، وقد وافق حزب الاصلاح على الاصلاحات التي تم البدء بتنفيذها عندما كان حزب الاصلاح مشاركا في السلطة وخاصة في عهد الدكتور عبدالكريم الارياني .. وبعد خروج حزب الاصلاح من السلطة عقب فشله في انتخابات عام 1997م انتقل الى التحالف مع الحزب الاشتراكي ومعارضة برنامج الاصلاحات الذي نفذته حكومة الأرياني وحكومة باجمال وحكومة الدكتور مجور .

  * أفهم من كلامك ان مانفذته حكومة المؤتمر والاصلاح ومن بعدها حكومة المؤتمر الشعبي العام المتعاقبة حتى الآن هو امتداد لبرنامج الاصلاح الذي أعدته حكومة العطاس التي كانت تمثل المؤتمر والاشتراكي ؟

** نعم ولكنها نسخة غير أصلية وناقصة .. أما الأصل فهو برنامج الاصلاح الذي أعدته حكومة المؤتمر والاشتراكي وصادق عليه مجلس النواب في 15 ديسمبر 1991م .. وكان مكونا من جميع الأحزاب والتنظيمات والقوى والفاعليات السياسية والحزبية بما فيها حزب ( الاصلاح ) الذي أذكر انه كان لديه حوالي 35 عضوا في مجلس النواب الذي كان يترأسه الدكتور ياسين نعمان خلال المرحلة الانتقالية وكنت عضوا فيه ورئيسا لأحدى لجانه البرلمانية .

* هل وافق حزب الاصلاح حينها على برنامج الاصلاح الذي تقدمت به حكومة المؤتمر والاصلاح برئاسة العطاس ؟

** أتذكر أن أغلبيته وافقت .. مع التحفظ على النقطة الخاصة بتوحيد المناهج التعليمية وانهاء الازدواجية في نظام التعليم الأساسي .. وأود التذكير بأن ذلك البرنامج كان اسمه برنامج البناء الوطني والاصلاح السياسي والاقتصادي والمالي والاداري .. وكان مخططا بدقة وشمولية ووضوح لكي يتم تنفيذه من قبل الدولة والمجتمع المدني وليس من قبل الدولة فقط .. وقد انطلق ذلك البرنامج من تشخيص موضوعي للخلفية التاريخية والسياسية للوضع القائم بعد الوحدة والذي لا يزال قائما حتى الان بحسب تقديري .. كما حدد بنامج حكومة المؤتمر والاشتراكي الأسس والثوابت والأهداف العامة والمشكلات الرئيسية التي تستهدفها الاصلاحات السياسية والاقتصادية المنشودة في كل المجالات.

* هل تقصد الايحاء بأن أفكار حيدر العطاس هي التي ينفذها حاليا المؤتمر الشعبي العام ويعارضها اللقاء المشترك وبضمنه الحزب الاشتراكي ؟.

** بصراحة لم أقل أنها أفكار العطاس وحده بل قلت انه كان برنامج حكومة المؤتمر والاشتراكي التي كان العطاس رئيسا لها .. والى حد ما سؤالك صحيح .. وأنا أغتنم الفرصة لأدعو الجميع الى إدارة حوار وطني عام يرتفع فوق المكايدات السياسية والمصالح الحزبية والقبلية الضيقة والمراهنات الخاسرة ، ويبتعد عن النزوع الى تصفية الحسابات القديمة والجديدة .. نحن بحاجة الى حوار وطني جاد يضع مصالح الوطن فوق كل إعتباروفوق .. واقترح أن يكون برنامج البناء الوطني والاصلاح السياسي والاقتصادي والمالي والاداري الذي أعدته حكومة المؤتمر والاشتراكي برئاسة المهندس حيدر العطاس ووافق عليه مجلس النواب بكل أطيافه السياسية والحزبية الفاعلة حتى الأن في 15 ديسمبر 1991م هو الحكم في الخلافات بين رؤية المؤتمر الشعبي العام للاصلاحات السياسية والاقتصادية وبين رؤية أحزاب اللقاء المشترك .. وسوف يكتشف الجميع وفي مقدمتهم الحزب الاشتراكي أن ما لم يكن ممكنا تضمينه في برنامج حكومة العطاس أصبح ممكنا اليوم في مشروع التعديلات الدستورية والقانونية التي تعهد بتنفيذها بها البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية والذي أعتبره امتدادا متطورا لبرنامج الاصلاح الذي أعدته حكومة المؤتمر والاشتراكي وصادقت عليه كل القوى السياسية الني كانت ممثلة في مجلس النواب عام 1991م ، بل ومتقدما عليه .

* كلمة أخيرة؟

** أتطلع إلى أن يدرك العقلاء داخل الحزب الحاكم و أحزاب (اللقاء المشترك) مخاطر الافراط في تأزيم الوضع السياسي في البلاد .. وعليهم جميعا واجب التوافق والحوار من أجل حماية الوحدة .. ومن أجل تعزيز الديمقراطية ومن أجل خدمة الوطن والشعب .