القربي: نقل ملف اليمن إلى مجلس الأمن يفتح باباً للأجندات الخارجية
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 13 سنة و شهرين و يومين
الأحد 09 أكتوبر-تشرين الأول 2011 05:38 م
 


 

 أبدى وزير الخارجية الدكتور أبوبكر القربي مخاوفه من انتقال ملف اليمن إلى مجلس الأمن الدولي، معتبراً أن ذلك ليس في مصلحة أي طرف من أطراف الأزمة في البلاد، لأنه يفتح الباب امام الأجندات الخارجية .

وأكد القربي في حواره مع “الخليج” أن التحقيقات في حادثة جامعة دار الرئاسة لا تزال مستمرة، لكن ملف جريمة الثامن عشر من مارس/آذار الماضي، المعروفة باسم “جمعة الكرامة” أحيل إلى النيابة .

نص الحوار .

كيف يمكن أن تضعوا القارئ أمام تطورات الأوضاع على الساحة السياسية في اليمن اليوم، في ظل الحديث عن نقل السلطة بشكل سلس وآمن، وهل هناك أفق قريب للحل يجنب البلد كارثة قادمة؟

- في تصوري أن أفق الحل قريب إذا حسنت النوايا ووضعت مصلحة اليمن في مقدمة الاهتمامات لأن المبادرة الخليجية قد وضعت أسس الحل، لكنها باقية أمام أعيننا كالسراب لعدم الاتفاق على آلية لتنفيذها، نحن نسير في صحراء من عدم الثقة والنزعة في الانتقام والشخصنة للأزمة السياسية، الأمر الذي حول مطالب الإصلاح والتغيير من الانتقال السلمي للسلطة إلى مربع العنف والحل العسكري لدى بعض الأطراف . قضية التغيير لم تعد موضع نقاش أو خلاف وطريقة الوصول إليه محددة بأهدافها ومبادئها في المبادرة الخليجية، وما علينا اليوم بحثه هو كيف ندفع بالتغيير في أجواء مصالحة وطنية شاملة وبرنامج إصلاح حقيقي ومتكامل وبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة ونقل للسلطة وفقاً لإرادة الشعب .

  هل هناك مخاوف من انتقال ملف اليمن إلى مجلس الأمن الدولي، إذا ما أخفق الحل على قاعدة المبادرة الخليجية وبيان الأمم المتحدة، وهل حدث تحول في موقف دول مجلس التعاون الخليجي تجاه النظام؟

- هذه المخاوف قائمة ولكن يجب أن يعرف الفرقاء في اليمن أن نقل ملف اليمن إلى مجلس الأمن ليس لمصلحة أي منهم ولا لمصلحة اليمن . أخذ الملف إلى مجلس الأمن يفتح الباب أمام الأجندات الخارجية، الأمر الذي سيضع كافة الأطراف تحت مجهر المجتمع الدولي وتأثيراته ومواقفه منهم وربما تسلب السيادة والإرادة الحرة للوطن، بينما سيعمل بعض الأحزاب على كسب ود الأطراف الدولية بدلاً من كسب ود بعضها بعضاً وتقديم التنازلات التي تحفظ حقوق كافة الأطراف . المجتمع الدولي يعتبر المبادرة الخليجية طريق الحل والإنقاذ لليمن من الانزلاق إلى العنف، والبدء في وضع خطة تنفيذ لها سيمنع التدخل الخارجي في شؤون اليمن .

  زرتم مؤخراً الولايات المتحدة الأمريكية وألقيتم كلمة في الأمم المتحدة وتتهمون بالانحياز لنظام يقتل شعبه، كما أن هناك أنباء عن رفض مسؤولين أمريكيين للقاء بكم، ما صحة ذلك؟

- ما أسهل الإدانة وأصعب التعامل مع قراءة موضوعية للخطاب وفهم لما يدعو إليه لحل الأزمة ومواجهة المخاطر التي تهدد اليمن وهو يعبر عن رأي الحكومة، أما إراقة الدماء فإنني، أخي، أدين إراقة الدم اليمني من أي جانب ولا يمكن أن أدافع عن إراقة الدماء ولا يوجد في الكلمة أي شيء من هذا النوع، ويجب أن نعترف أن ضحايا سقطوا من الطرفين وأن المسؤولين عن ذلك يجب أن يحاسبوا على جرائمهم، أياً كانوا وفقاً للقانون وألا يمنحوا أي حصانة عن جرائمهم لكن هذه الدماء الزكية التي أريقت يجب أن تقوي فينا الإرادة على إيجاد الحل السلمي لحقن المزيد من الدماء وأن نعبر عن الرأي بكل السبل السلمية ومنع الأطراف المندسة التي تريد تحويلها إلى مظاهرات عنف لأنها بذلك تضر القضية العادلة المطالبة بالإصلاحات والتغيير . أما ما تناولته بعض وسائل الإعلام عن رفض البعض في الإدارة الأمريكية والأمم المتحدة اللقاء بي، فلا أساس له من الصحة وهو يعكس مناخات الإعلام التي تسعى إلى الإثارة والاستفزاز والإساءة وكأن هذا آخر ما نحتاج إليه في ظل هذه الأجواء الملتهبة .

  ماذا يعني تفويض هادي بالتوقيع على المبادرة الخليجية في ظل وجود الرئيس نفسه، وهل سيبقى الرئيس في اليمن أم سيغادره إلى الخارج لاستكمال العلاج، وما صحة ما يتردد أن نجل الرئيس هو الذي يسير أمور البلاد بعد مغادرة الرئيس للعلاج؟

- من حق الرئيس أن يخول بعض صلاحياته إلى نائبه وفقاً للمادة (124) من الدستور وبعض الصلاحيات قد تكون 1% أو 90%، وهذا التخويل قد يحدث في وجود الرئيس داخل البلاد أما أثناء غيابه فإن النائب يقوم مقامه وفقاً للدستور ولا يحتاج إلى تفويض . أما بقاء الرئيس من عدمه فهذا أمر يخصه كمواطن ورئيس دولة ويجب ألا نجعل من عودته قميص عثمان لوقف الحوار وإيجاد حل للأزمة هو المهم الآن مع توفير كافة الضمانات لتنفيذ ما يتفق عليه لكافة الأطراف وأنه لا تراجع ولا نقض لما يتفق عليه . أما نجل الرئيس كقائد عسكري وكما أعلن فأنا على ثقة بأنه ملتزم بتنفيذ ما يؤمر به .

  يعيش اليمن أزمات متتالية منذ الحادي عشر من شهر فبراير/شباط الماضي، وهناك محطات رئيسة في هذه الفترة من أبرزها أحداث جمعة الكرامة في الثامن عشر من مارس/آذار والثالث من يونيو/حزيران، والثامن عشر من سبتمبر/أيلول، فكيف تقرؤون مسار الأحداث حتى اليوم، ولماذا طغى العنف على المشهد وصبغت أحداثه بالدم؟

- هذه مراحل دموية مؤلمة في مسار الأزمة السياسية، وكان كل منها محط إدانة ورفض ومطالبة بالقبض على مرتكبيها ومحاكمتهم وإنزال الحكم العادل بهم، الأزمة عقدت سير التحقيق والقبض على بعض مرتكبي الجرائم وربما يرى البعض في استمرار الأزمة وسيلة للهروب من العقاب، لذلك إذا ما تم الاتفاق على حل الأزمة وشكلت حكومة وحدة وطنية فإنها ستكون مسؤولة وبشراكة كل الأطراف الممثلة فيها بمتابعة التحقيقات ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم أو الدافعين إليها . نحمد الله أنه بعد هذه الأحداث تم ضبط النفس وردود الفعل من قبل بعض الأطراف، لكن الخوف من أن أي تكرار لها في المستقبل قد يؤدي إلى تفجر العنف بطريقة لا يمكن السيطرة عليه وهنا تبدأ مخاطر الانجرار إلى حرب أهلية .

  هل هناك نتائج حول التحقيقات في حادثة مسجد الرئاسة، وهل صحيح ما يعلنه قادة الحزب الحاكم من أن طرفاً سياسياً في الأزمة يقف وراء ذلك؟ وما خلفية عودة الرئيس من المملكة؟

- التحقيقات في حادث مسجد الرئاسة مازالت مستمرة، لكن ملف جريمة 18 مارس/آذار قد أحيل للنيابة، أما عودة الأخ الرئيس من المملكة فهذا قرار اتخذه بعد أن استكمل علاجه ولشعوره بأن وجوده في اليمن رغم حاجته لفترة نقاهة أمر ضروري للإسهام في حل الأزمة .

  لماذا التركيز في المواجهات الحالية على منطقة أرحب وتعز، ولماذا لم يتم تطويق المواجهات في هاتين المنطقتين، كما حدث في العاصمة صنعاء بعد الثالث من شهر يونيو؟

- تطويق العنف في أي منطقة يعتمد على استعداد الأطراف الممارسة للعنف والاقتتال لوقف العنف، والأمل الآن هو أن تلتزم كافة الأطراف بدعوات وقف العنف وإطلاق النار والعودة إلى طاولة الحوار .

هناك اتهامات لثلاثة أطراف في البلد في تحريك الأزمة وإبقاء جذوتها مشتعلة، وهم الإخوان المسلمون ورجال قبائل حاشد واللواء علي محسن الأحمر، فكيف تحول حلفاء الأمس إلى أعداء اليوم وما تأثير ذلك في الأزمة؟

 - عناصر الأزمة معروفة مع مسبباتها والدوافع الشخصية والسياسية لها ولا أريد أن نشغل أنفسنا الآن بتوجيه الاتهامات في الوقت الذي علينا فيه أن نوجه كل طاقاتنا نحو إيجاد الحل لهذه الأزمة المركبة وأن ننهي الخلافات قبل أن تؤدي إلى دمار البلاد وحرق الأخضر واليابس فيها .

  الكثير من المراقبين يتهمون النظام بتضخيم موضوع تنظيم القاعدة في اليمن بهدف الابتزاز للعالم الخارجي والولايات المتحدة الأمريكية بالذات، فكيف تنظرون أنتم إلى هذه القضية، وهل تخشون تمدد القاعدة في اليمن؟

- هناك من يقول إن العالم كله قد ضخم من قدرات ومخاطر تنظيم القاعدة ووظفه إما لأجنداته الداخلية أو الخارجية ولكن قضية الابتزاز أثبتت الأحداث كذبها وأملي ألا تتحول قضية مكافحة الإرهاب إلى جزء من المماحكات السياسية لأننا نعرف مخاطر ذلك . الجميع على قناعة أن القاعدة موجودة في اليمن، وكذلك وجود عناصر خارجية خطرة بينها وهي التي تمثل خطراً أكبر على اليمن مما لو كانوا من اليمنيين لأن اليمن بالنسبة لهم أرض قتال وليست وطناً، لذلك على الحكومة القيام بواجبها في حماية اليمن من أية مجموعات إرهابية تسعى إلى التدمير وتهديد مصالح البلاد وأمنها واستقرارها .

هل هناك تحسن في العلاقات اليمنية القطرية، وما مدى صحة ما يوجه للدوحة بالوقوف خلف دعم المعارضين للنظام؟

- موقفنا الرسمي ينطلق دائماً من الحرص على العلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين والحفاظ عليها وعقولنا وقلوبنا مفتوحة للإخوة القطريين إن أرادوا إصلاحاً، لكن من المؤكد أن قناة “الجزيرة” كانت عنصر تأزيم للعلاقة ولا أدري لمصلحة من؟ في الوقت الذي كان بإمكانها أن تدير ملفات التغيير في الدول العربية بمسؤولية أكبر وبعيداً عن التحريض وخطاب الكراهية .

  كيف تقيمون الموقف الإماراتي في الأزمة التي يعيشها اليمن هذه الأيام، ودور الإمارات في تقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية المختلفة؟

- نقدر الموقف الإماراتي تقديراً كبيراً، فلقد كان صاحب السمو، رئيس الدولة وولي عهده والحكومة الإماراتية من الحريصين على البحث عن سبل حل الأزمة اليمنية والقبول بما يختاره اليمنيون لأنفسهم والتقدير موصول لأخي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية ورئيس المجلس الوزاري الخليجي لهذا العام على متابعته وتواصله المستمر وبحثه عن الحلول التي تحفظ لليمن وحدته وأمنه واستقراره.

* الخليج - صادق ناشر