الأول بالتاريخ... فوز ترمب يساعد ماسك على تحقيق ثروة تتخطى 400 مليار دولار دعوات دولية لتعزيز الاستجابة الإنسانية في اليمن وسط تصاعد الأزمة قرار بغالبية ساحقة.. الجمعية العامة تدعو لوقف فوري للنار بغزة بوتين يعلن إطلاق تحالف دولي في الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع دول مجموعة بريكس إسرائيل تضرب مواقع عسكرية سورية في اللاذقية وطرطوس لليوم الرابع على التوالي من مرسى نيوم إلى حديقة الملك سلمان... مناطق مشجعين خيالية إردوغان يعلن عن اتفاق تاريخي بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات عاجل: المبعوث الأممي إلى اليمن يكشف أمام مجلس الأمن عن أبرز بنود خارطة الطريق اليمنية التي ترعاها الأمم المتحدة بدعم امريكي .. البنك المركزي اليمني يعلن البدء بنظام جديد ضمن خطة استراتيجية يتجاوز صافي ثروته 400 مليار دولار.. تعرف على الملياردير الذي دخل التاريخ من أثرى أبوابه
منذ زمن ليس بالقريب لعب النفط دورا أساسيا في الاقتصاد العالمي وبالاخص في الدول المصدرة وكان ولايزال نصيب الاسد للعديد من دول الشرق الاوسط حيث تتربع على اكثر من نصف الاحتياطي العالمي من النفط والغاز. وبالرغم من دخول اليمن المتأخر لنادي الدول المنتجة للنفط وبكميات متواضعة الا انه اصبح يمثل عمود اقتصادها الفقري. إن الإعتماد الكبير على القطاع النفطي في الإيرادات العامة للدولة يعكس أهمية هذا القطاع الحيوي لما يمثله من مساهمة كبيرة في رفد الإقتصاد اليمني. وكما يعلم الجميع بأن مالا يقل عن 70 % من الإيرادات العامة للدولة مصدرها العائدات النفطية وكذلك فأنه يمثل 90 % من الصادرات اليمنية، ناهيك عن الإعتماد عليه في توفير المشتقات النفطية للإستهلاك المحلي.
ولما لهذا المنتج الحيوي من أهمية بالغة في تنمية عجلة الإقتصاد الوطني ولعدم وجود بديل اقتصادي في المستقبل المنظور وبسبب التحدي الاقتصادي الكبير الذي يمثله التناقص المستمر للنفط في الحقول اليمنية المنتجة والذي قد يصل إلى درجة النضوب من الحقول المنتجة في وقت ليس بالبعيد والذي بدأ بدق ناقوس الخطر في الأوساط الرسمية وعند كل متابع وحريص على مستقبل الإقتصاد الوطني، فإنه حري بالجهات ذات الإختصاص أن تقف وقفة مسئول لتدارس وضع خطة إستراتيجية شاملة للعملية النفطية في اليمن إستكشافاً وإنتاجاً وتطويراً بما يضمن أكبر عائد إقتصادي للوطن وعلى مدى أطول مدة ممكنة.
من هذا المنطلق ومن موقع الإحساس بالمسئولية التي تقع على عاتق كل غيور على مستقبل إقتصادنا اليمني ومن خلال الخبرة العملية المتواضعة في المجال النفطي، أضع بين يدي القارىء الكريم بعض المحاور الأساسية لأبجديات رؤية إستراتيجية قد تسهم في بناء خطة إستراتيجية متكاملة للعملية النفطية في بلادنا علها تجد إثراءاً من الأخوة المختصين وموضع إهتمام من الجهات المعنية.
قبل الشروع في ذكرتلك المحاور، لابد للقاريء الكريم من معرفة بعض المعطيات عن واقع النفط في بلادنا وكذلك ذكر بعض الحقائق المصاحبة لتلك المعطيات فكما هو معلوم أن عمليات البحث عن النفط في اليمن قد بدأت في أوائل الستينيات من القرن الماضي بحفر أول بئر إستكشافية في الصليف عام 1961م دون جدوى تلاه إكتشاف نفطي غبر تجاري في قطاع 15 البحري بمحافظة حضرموت عام 1982 ولكن يعتبر اول اكتشاف تجاري كان مصاحباً لعملية حفر اول بئر استكشافيه في قطاع 18 صافر – محافظة مأرب عام 1984م وعلى إثر ذلك النجاح تم إنتاج أول نفط يمني عام 1986م من نفس القطاع.
بعد ذلك النجاح توالت نجاحات عدة في الإستكشاف والتطوير النفطي في أكثر من قطاع نفطي حتى بلغ أعلى نسبة للإنتاج عام 1991م بمعدل 435 الف برميل في اليوم الواحد. والجدير ذكره أن القطاعات الإنتاجية قد بلغت 12 قطاعاً نفطياً بينما 31 قطاعاً خاضعاً للعمليات الإستكشافية ، فيما لا يزال 49 قطاعاً بحرياً وعلى اليابسة مفتوحا للإستثمار النفطي.
بعد طرح هذه المعطيات ، لابد من ذكر بعض الحقائق النفطية والتي تلعب دورا فاعلا في الاستثمارات النفطية نوجزها كما يلي :-
- تعتبر المكامن النفطية في اليمن حتى الان من المكامن ذات الحجم المتوسط والصغير.
- تعد العملية الإستثمارية في المجال النفطي عملية إستراتيجية تحتاج إلى فترة زمنية ليست قصيرة في مجال الإستكشاف والإنتاج والتطوير.
- جميع عمليات الإنتاج في اليمن لمتغطﱢ إلا مساحات محدودة مقارنة بالمساحات المتاحة للإستثمار النفطي.
- معدل الإنتاج اليومي في معظم القطاعات المنتجة حالياً في تناقص مستمر لمحدودية الإحتياطيات المتاحة حيث يبلغ معدل الانتاج اليومي الحالي قرابة 300 الف برميل يومياً.
- عدد الكادرالنفطي اليمني ليس بالقليل ولكن الغالبية لم تؤهل تأهيلاً فنيا وادارياً على مدار العشرين سنة الماضية بحيث يمكنها من مزاولة الأنشطة النفطية بجدارة ومهنية ترقى الى المستوى العالمي.
- إنعدام الإستثمارات في مجال الصناعات البتروكيماوية المعتمدة على المشتقات النفطية في اليمن.
وبعد ذكر تلك المعطيات وسرد هذه الحقائق عن الحالة النفطية اليمنية، فإنه من الأهمية بمكان أن تضع الدولة نصب أعينها هذا القطاع الحيوي الهام وذلك باتخاذ قرارات واضحة المعالم لايجاد رؤية استراتيجية لكيفية إدارة أهم وأكبر منتج وطني بعيدا عن بروقراطية النظام الاداري التقليدي القائم. واسهاما في هذا الاتجاه فإني أضع بين يدي القاريء الكريم محاور أساسية علها تسهم لدى الجهات ذات الاختصاص في بلورة رؤية إستراتيجية نفطية تقلل من الآثار الكارثية المترتبة على إنحدار مستوى الإنتاج النفطي في اليمن آخذاً في الإعتبار العلاقة التكاملية بين مختلف مراحل الصناعة النفطية غير متجاهل الكادر الفني القائم على تلك الصناعة
المحور الأول:-
إنشاء شركة نفط وطنية عاملة تتولى تشغيل جميع القطاعات النفطية المستلمة من الشركات الأجنبية المنتهية مدة إتفاقياتها خصوصاً بين عامي 2011 و2015. فقد أثبتت الكوادر الوطنية من خلال شركة صافر جدارتها في إدارة أكبر قطاع نفطي في الجمهورية اليمنية (قطاع 18) منذ عام 2005م مضاهية بذلك معايير الصناعات النفطية العالمية (وليس المقام هنا يتسع لذكر إنجازات شركة صافر، لعلنا نخصص لها مقالاً آخر في المستقبل). الجميع يعلم أن إتفاقية قطاع 14 – المسيلة والذي يعتبر أهم قطاع نفطي منتج في الجمهورية اليمنية (ما يقارب 95,000 برميل نفط يومياً) ستنتهي مدتها عام 2011م، كذلك قطاعي 10 و5 والتي ستنتهي مدتها بحلول عام 2015، وبما أن هذه القطاعات النفطية الثلاثة بالاضافة الى قطاع 18 تمثل ما يقارب 80% من الإنتاج الحالي من النفط الخام، فإنه من الأهمية بمكان أن يتم الترتيب المسبق لإستلام تلك القطاعات النفطية من مشغليها السابقين بطريقة سلسة ومهنية.
إن صافي الانتاج الحالي لتلك القطاعات يتم تقسيمه حسب إتفاقيات المشاركة المبرمة بين الحكومة والشركات الأجنبية، فإذا ما تم تسليم تلك القطاعات للجانب الوطني فسيكون العائد للوطن بنسبة 100 % كما هو الحال في قطاع صافر والذي تتولى تشغيله شركة صافر وهذا بدوره سيسهم في تقليل الاثار الاقتصاديه الناتجه عن تناقص الانتاج وذلك بإستلام كافة الكميات المنتجة بدلاً من التقاسم (لكن هناك شرط أساسيا وهاما جداً لإنجاح مثل هذه الشركة) هذا الشرط هو أن تكون شركة تجارية لديها الإستقلال المالي والإداري على غرار الشركات الوطنية العاملة في الوطن العربي وشرق آسيا.
إن نجاح شركة صافر في إدارة قطاع 18 والذي يعتبر الأكثر تعقيداً من الناحية التشغيلية لضخامة المنشآت النفطية والغازية والضغوط العالية وإتساع مساحته الجيولوجية وصعوبة إدارة مكامنه المستنفذة من قبل المشغل السابق أثبت وبما لا يدع مجالاً للشك قدرة الكادر الوطني على تسلم وإدارة القطاعات الأخرى التي تعتبر أقل تعقيداً وأسهل تشغيلاً من قطاع 18. كما أن مواردنا النفطية محدودة للغاية ولا ينبغي بأي حال أن تزيد من محدودية هذه الموارد بإقتطاع نسب إضافية للشركات الاجنبية.
لقد كان قرار القيادة السياسية ممثلة بالرئيس علي عبدالله صالح والدور الذي قام به مجلس النواب والذي نتج عنه تكليف شركة صافر بإدارة قطاع 18، قراراً حكيماً وتحدياً وطنياً اثبت نجاحاً حققت اليمن من ورائه مكاسب عظيمة رغم الصعوبات والتحديات المرافقة لعملية التسليم وما بعد ذلك.
المحور الثاني :-
الحرص على أن تبقى حالة المكامن النفطية للحقول المنتجة في وضعية سليمة تضمن إستمرارية إنتاجها من خلال ضمان إدارتها من قبل الشركات العاملة وفقاً لمعايير الصناعة النفطية العالمية. من المعلوم أن المشغل الأجنبي ، يحرص على تسريع الإنتاج بقدر ما يستطيع وخاصة عند اقتراب نهاية مدة الامتياز مع عدم مراعاة صيانة المكامن مما يؤدي إلى تخريب أو إماتة تلك المكامن كما حدث في بعض حقول قطاع 18 صافر. الأخوة في هيئة إستكشاف وإنتاج النفط يبذلون جهداً يشكرون عليه في ذلك ولكن الوضع يتطلب المزيد من الجهد الفني بحسب المعايير النفطية العالمية منذ بداية الانتاج وعلى وجه الخصوص عند إقتراب نهاية تلك الإتفاقيات حتى يتم تسليم تلك الحقول وهي لاتزال في وضع يمكن المشغل الوطني القادم من الإستمرار في عملية الإنتاج من تلك الحقول.
المحور الثالث :-
تشجيع فرص الاستثمار في مجال الإستكشافات النفطية في القطاعات المفتوحة . من المعلوم أن عمليات الإستكشاف تعتبر الرافد الحقيقي لتحسين الإنتاج ولكن البروقراطية المتبعة والروتين الطويل في تسليم القطاعات الإستكشافية يمثل عقبة في وجه العمل الإستكشافي. نعم هناك تحسن في هذه العملية في السنتين الماضيتين، ولكن هذا لا يكفي فلا يزال هناك متسع لتسريع تلك الإجراءات بما يؤدي إلى تسريع إخراج تلك القطاعات إلى حيز الإستكشاف والتنقيب.
المحور الرابع :-
التأهيل الفني والاداري للكادر اليمني تأهيلاً يتناسب مع طبيعة المرحلة القادمة. من المعلوم أن وزارة النفط لا ينقصها الكادر اليمني من حيث العدد فلديها ما يزيد على الفي كادر فني ولكن ينقص غالبيتهم الخبرة العملية في مجال الإستكشاف والتطوير والإنتاج والتشغيل. لذلك يجب وضع خطة إستراتيجية للتحسين النوعي والفني لتلك الكوادر من خلال برامج تدريبية عملية ومن خلال المشاركة الحقيقية للكادر الوطني مع الشركات الاجنبية العاملة في تشغيل القطاعات النفطية. ويعتبر الجهد الذي تقوم به إدارة اليمننة في وزارة النفط مشكورة، أساساً في هذا المحور. ولكن طبيعة المرحلة تحتم التركيز بدرجة أكبر على الجانب الفني، فإذا وجد الكادر اليمني المتميز فنياً، فسيكون له دور فعال في الشركات الوطنية.
إن العمل على بناء شركة وطنية عالية الكفاءة وبكادر وطني مؤهل وذو خبره عملية، سيكون الأساس لإنطلاق أنشطة في الإستكشاف والتنقيب في المناطق غير المغطاة في اليمن وربما يحدونا الطموح لسبر فرص الاستثمار خارج إطارنا الجغرافي.
المحور الخامس :-
تحسين أداء الصناعات التكريرية (مصافي عدن ومأرب). الجميع يعلم بأن مصفاة عدن تعتبر من أقدم المنشآت التكريرية على مستوى الشرق الأوسط والتي تداربكادر يمني مهني متميز في أدائه الفني. لكن لتقادم عمر هذه المنشأة والذي يزيد على نصف قرن،فقد انعكس سلباً على الأداء المتميز لمصفاة عدن. والمعلوم أن من أهم التحديات العالمية اليوم في الصناعة النفطية هو القدرة التكريرية للنفط الخام. لذلك يجب النظر بعناية الى مصفاتي عدن ومأرب من حيث توفير التمويل الكافي لتوسيع القدرة الإستيعابية للتكرير ورفع المستوى الفني والاداري لكوادر تلك المنشأتين.
المحور السادس :-
تشجيع الإستثمار الوطني في الصناعات البتروكيماوية. فبرغم محدودية المصادر النفطية والغازية لبلادنا بحسب الإستكشافات الحالية، إلا أن ذلك لا يمنع من التفكير الجدي والإسراع بدراسة إمكانية قيام صناعات بتروكيماوية معتمدة على المتوفر من المشتقات النفطية والغازية. إن الجدوى الإقتصادية لهذه الصناعات عالية جداً مقارنة بالعائد المجني من تصدير المواد الخام من النفط والغاز كمواد أولية إضافة إلى مردوده الإيجابي بتشغيل أيادٍ عاملة كثيرة.
المحور السابع :-
إنشاء شركة وطنية متخصصة في تقديم الخدمات النفطية للشركات العاملة في القطاعات الاستكشافية والانتاجية. هناك العديد من الخدمات الاساسية في الصناعة النفطية كخدمات الحفر والمسوحات ومجسات الابار والصيانة الفنية للابار وسوائل الحفرعلى سبيل المثال لم يستفد منها الوطن عدا النزر اليسير بل تذهب عائداتها للشركات الاجنبية بنسبة 100%. فبدخول الجانب الوطني في تقديم مثل هذه الخدمات ولو بطريقة المشاركه مع هذه الشركات سيكون له عائد اقتصادي كبير وكذلك تشغيل كوادر وطنية في هذا الميدان. كما ان النجاح المحلي لهذه الشركة قد يقودها الى المنافسة في هذا الجانب الاستثماري خارج اليمن وهذا بحد ذاته سيكون له عائد اقتصادي طويل الامد حتى وإن شحت المصادر النفطية المحلية.
المحور الثامن :-
بذل مزيد من الجهد في تحسين الأداء البيئي لجميع الشركات النفطية العاملة في الحقول المنتجة وكذلك العمل على التطوير الخدمي في القرى والمناطق التى تقع قريبا منها تلك القطاعات النفطية والتاكد من صرف مستحقات الدعم التنموي والتدريبي في المكان المخصص لذلك مما سيسهم في إيجاد بيئة استثمارية مستقرة في تلك المناطق.
ـــــــ
* مدير ادارة الاستكشاف والتطوير بشركة صافر لعمليات الاستكشاف والانتاج