من جنوب اليمن :وزير الداخلية يدعو لرفع الجاهزية الأمنية ويشدد على توحيد القرار الأمني والعسكري واقع المرأة في زمن الانقلاب الحوثي نقاشي حقوقي بمحافظة مأرب أول دولة عربية ستُعيد فتح سفارتها في سوريا جلسة جديدة لمجلس الأمن تناقش الوضعين الإنساني والإقتصادي باليمن تصريحات جديدة ''مطمئنة'' للجولاني والبشير بشأن مستقبل سوريا ''في صيدنايا ما في داعي أبداً لوجود غرف سرّية لأن كل شيء كان يصير على العلن''.. الدفاع المدني يعلن عدم العثور على أقبية أو سجون سرية معارك مازالت تخوضها فصائل المعارضة السورية التي أطاحت بنظام الأسد معلومات جديدة حول هروب المخلوع بشار الأسد من سوريا أسماء الخلية الحوثية التي صدرت بحقها أحكام إعدام وسجن طارق صالح يتوعد عبدالملك الحوثي بمصير بشار ويقول أن ''صنعاء ستشهد ما شهدته دمشق''
لا يحس بالمعاناة إلا من يعايشها، ولا يمكن أن يُقدّر حجمها إلا صاحبها، خصوصاً إذا ما كان بعيداً عن أهله متغرباً عن وطنه، فحينها تكبر معاناته وتشتد ألامه، ولأن الدراسة هي المقصد الأول والأخير للطلاب في بلد المهجر، فإن أي شيء يمسهم من ناحيتها هي أم المصائب بالنسبة لهم.
همهم الوحيد أن يكملوا دراستهم ومبتغاهم أن يعودوا إلى اليمن وقد نالوا درجة الدكتوراه بعد سنوات طوال قَضّوها في دراسة البكالوريوس والماجستير ليسهموا في خدمة وطنهم كل في مجاله وتخصصه، إيماناً منهم بأن ذلك حقها عليهم فهي مسقط رأسهم وفيها نشئوا وتربوا وتعلموا، ولهذا فإن أقل ما يقدمونه لها أن يبادلوها الوفاء بالوفاء.
هذا هو حال أكثر من 45 طالب وطالبه أنهوا دراسة الماجستير في مختلف الجامعات الجزائرية في ظل رعاية واهتمام جزائري قل له نظير خاصة من قبل وزارة التعليم العالي وجميع الجامعات الجزائرية بكافة العاملين بها، فالجزائريون لا يُفرّقون بيننا وبينهم في شيء انطلاقا من مشاعرهم الطيبة لليمن، حتى أن المقاعد الدراسة تُعطى مجاناً وبدون رسوم فللجزائر أرضا وشعباً وحكومة كل الشكر والتقدير لهذا البلد المعطاء بلد المليون ونصف المليون شهيد.
معاناة طلابنا وحيرتهم بدأت مع تَحوّل النظام الجامعي هنا في الجزائر من النظام القديم إلى النظام الجديد الذي يدمج بين جميع المراحل بدأً من البكالوريوس ثم الماجستير والدكتوراه، ولا يُسمح للطلاب المسجلين في النظام القديم من الالتحاق فيه، علماً بأن النظام القديم سينتهي العمل به العام القادم، وسيحرم اليمنيين إذا لم يسارعوا بالتسجيل هذا العام.
فجأة وجد زملاؤنا أنفسهم في حيرة من أمرهم، فالدرجات الممنوحة لهم هنا في الجزائر تحتسب من 20، والطالب المتحصل مثلاً على 14/20 تُعد درجته مقبولة في الجزائر لتحضير الدكتوراه بينما في دول أخرى لا تُعدُ كذلك ولا تمكنهم من مواصلة دراستهم هنا تكمن المعضلة أن هؤلاء الخريجون سوف لن يكملوا مشوارهم التعليم بعد الآن .
لهذه المعطيات جميعاً فإن الطلاب الحاصلون على درجة الماجستير يرسلون صرخة استغاثة لوزير التعليم العالي الدكتور يحيى الشعيبي لمراسلة نظيره الجزائري بصورة عاجلة كونهما يترأسان اللجنة العليا المشتركة في البلدين، فإلى جانب ما قامت به السفارة والملحقية الثقافية ممثلة بسعادة السفير جمال عوض ناصر ورشاد شايع من متابعة حثيثة ومساعٍ حميدة ومخاطبات مستمرة، وهي جهود يشكرون عليها ولكنها مساعي تحتاج لمن يساندهما في الداخل، خصوصاً من وزارتي التعليم العالي والخارجية، وان تتم معاملة الجميع بالتساوي من غير محاباة للبعض وهضم البعض الآخر.
أتدرون ما معنى أن تتكلل جهودكم بالنجاح، معناه وببساطة إنقاذ هؤلاء الطلاب الحائرون من مصير لا يدرون كيف سيواجهونه، إضافة إلى أن إكمالهم للدراسة في الجزائر مجاناً سيوفر على الدولة ما يقارب 270 ألف جنيه إسترليني كرسوم تسجيل دفعة أولى، هذا إذا ما قارناهم بالطلاب المسجلين في مصر، ولن يكلفوا اليمن سوى 500 دولار شهرياً لكل طالب، وهي اقل منحة تعطى في دول المغرب العربي، فقيمة تسجيل طالب واحد في مصر تساوي منحة 15 طالب في الجزائر، ناهيك عن أن المنحة الشهرية للطلاب الدارسين في مصر تفوق الممنوحة لطلاب الجزائر.
إن تفويت الفرصة الكبيرة لأن يُكمل هؤلاء الطلاب دراستهم في الجزائر يعد أمراً لا يصدق، فمن غير المنطقي أن يُضيّع مسئولونا أكثر من 45 مقعد دكتوراه مجاني يذهب هدراً، ثم نذهب لنخسر مئات الآلاف بالعملة الصعبة للبحث لهم عن منح أُخرى، إن في هذا بعثرة للمال العام في غير محله.
الجانب الجزائري جد متعاون وهو في قمة تعاونه مع الطلاب اليمنيين ويكفي أن نعرف أنهم طيلة هذه السنوات يقبلون الطلاب اليمنيين بدون رسوم ويعاملونهم كالجزائريين تماماً، بالإضافة إلى خدمات السكن والمطاعم الطلابية والمواصلات المجانية، ولن نجد دولة أخرى تقدم لطلابنا ما تقدمه الجزائر وينبغي أن نستثمر دعمها لنا في تأهيل اكبر عدد من الكوادر، أن نغتنم العلاقات الممتازة التي تربط بيننا كبلدين شقيقين.
معالي وزير التعليم العالي إن هؤلاء الطلاب يوصلون استغاثتهم إليك لأنهم يعرفون أنكم جئتم من هذا الوسط الأكاديمي وقد كنتم من أوائل من عملوا كوزير للتعليم العالي بعد إعادة إنشائها في عام 2001م، قبل أن تعملوا في الملحقية الثقافية بمصر ولهذا فالطلاب إذ يشكرون ما قام به معالي الدكتور صالح باصرة إبّان ترأسه للجنة المشتركة رفقة نظيره الجزائري الدكتور رشيد حروابية، واللذان وقعا معاً اتفاقيات التبادل العلمي إلى جانب اتفاقيات أخرى، والأكيد أنكم سَتُفَعّلون هذه الاتفاقيات وستبدؤون بحل مشكلة هؤلاء الطلاب الحيارى الذين ينتظرون منكم التدخل الشخصي.
الطلاب بدورهم مطالبون بالاجتهاد والمثابرة والتفرغ التام لما ابتعثوا من أجله واغتنام ما حظوا به من دعم اليمن عبر ابتعاثهم والجزائر من خلال احتضانهم، وهنا اقتبس ما قاله الأستاذ الدكتور سليم محمد قلالة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر صبيحة العاشر من ديسمبر الجاري في جلسة مناقشة لأحد طلاب الدكتوراه ، فقد أشاد باجتهاد ومثابرة الطلاب اليمنيين منوهاً بالدور الكبير الذي تقوم به اليمن في إرسال طلابها لتلقي العلوم في مختلف الدول ومنها الجزائر، مبيناً بأن ثمرة ذلك سيعود برفد مختلف القطاعات اليمنية بالكوادر المؤهلة، وحث الطلاب على اغتنام ما توفره الدولة اليمنية لهم رغم شحة مواردها، ودعاهم إلى صقل مواهبهم ونشر مقالاتهم وأبحاثهم في الصحف والمجلات، وأثنى على باحث الدكتوراه علي حسن الخولاني الذي ينشط في الكتابة والتحليل، مبيناً أن ذلك من مقومات الباحثين .
جامعة الجزائر لا تحوي فقط على اليمنيين كدارسين بل أيضاً كأساتذة ومنهم الدكتور عبد العزيز الوصابي والدكتور نبيل الوافي في التربية البدنية، وفي مجال الطب نجد الدكتور إبراهيم حبيب وهو احد اختصاصي القلب بولاية البليدة وغيرهم من الكوادر التي استفادت من تعليمها هنا ولجدارتها أضحت تدرس العلوم التي تلقتها في الجامعات الجزائرية، ومنهم الأخ شايف جار الله باحث الدكتوراه الذي استفادت منه وزارة حقوق الإنسان وقت الأزمة التي مرت بها بلادنا وكان للوزارة الفضل في توضيح الكثير من الأمور للمجتمع الدولي حول حقوق الإنسان في بلادنا، والمحزن أن مثل هؤلاء لا يجدون قبولا في الجامعات اليمنية التي ما زالت تغص بغير اليمنيين فيما الكوادر اليمنية لا تحظى بالقبول فيها؟.
إن القضية التي اشرنا إليها جداً مهمة فعليها يعلق طلابنا آمالهم بغية أن تجد استغاثتهم أذانا صاغية لدى الجهات المختصة في بلادنا كونها لا تخصهم فقط بقد ما تخص كوادر تري أن تتأهل بأقل قدر من التكاليف بما يخفف على الدولة أعباء ومصاريف الابتعاث، واستثماره لطلاب آخرين في دول أخرى...وكان الله في عون العبد ما كا العبد في عون أخيه، والله من وراء القصد.
*باحث دكتوراه بالجزائر
mnadhary@yahoo.com