تعرف على التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم 2026 أول دولة أوربية تستعد لتداعيات موجعة في حال غادر السوريون أراضيها وزارة الداخلية السعودية تطلق ختمًا خاصًا تحت مسمى «أهلًا بالعالم» قيادي حوثي رفيع يدخل في مواجهة وتحدي مع مواطنين بمحافظة إب و يهدد أرضهم وحياتهم الجامع الأموي بدمشق يشهد حدث تاريخي في اول جمعه بعد سقوط الأسد عاجل: قائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا أحمد الشرع يكشف عن مخطط جديد لمبنى سجن صيدنايا تعرف على الشروط الأمريكية لرفع هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب ملك خليجي يبعث برسالة ''ودية'' إلى القائد أحمد الشرع ''الجولاني'' سقوط بشار يرعب عبدالملك الحوثي.. ''قال أن لديه مئات الآلاف من المقاتلين جاهزين للمواجهة'' صنعاء درجة واحدة فوق الصفر.. توقعات الطقس للساعات القادمة في اليمن
لا شيء صدم الطبقة السياسية الفرنسية بعد الانتخابات المحلية والمناطقية التي جرت مؤخرا أكثر من النسبة العالية من مقاطعة دورتيها يومي 20 و27 حزيران/يونيو.
وصل الأمر بصحيفة «لوموند» إلى اعتبار أنه إذا كان هناك من درس يُستخلص من ذلك فهي هذه «الحفرة العملاقة التي حُفرت طوال ست سنوات بين الناخبين، لاسيما الشباب منهم، وبين ممثليهم». وبنت الصحيفة العريقة حكمها القاسي على أن «الفرنسيين الذين أضربوا عن التوجه إلى صناديق الاقتراع بنسبة غير مسبوقة إنما فعلوا ذلك بإدراك كامل، ذلك أن فرنسييْن اثنين من بين ثلاثة وجدوا الكثير مما يفعلونه أهم من التوجه لمكتب اقتراع رغم كل كل دعوات القيادات السياسية للجميع بضرورة الاقبال الكثيف على التصويت. هذا «التحذير» كما وصفته «لوموند» يستدعي من كل الأحزاب والقوى السياسية السعي الحثيث الآن لمصالحة الفرنسيين مع السياسة.
تعددت الأسباب التي سعت إلى تفسير هذا العزوف عن الانتخابات فهناك من رأى فيه قلة اهتمام بانتخابات اعتبروها غير ذات وزن، وهناك من أرجعها إلى المناخ العام الذي خلقته جائحة «كورونا» لكن الاستنتاج الأخطر كان الخوف من أن الفرنسيين لم يعودوا يكترثون بحياتهم الديمقراطية أو يقدّرون سياسييهم مما يستدعي جهدا غير طبيعي من هؤلاء إلى إعادة كسب اهتمامهم، والأهم ثقتهم، حتى ينخرطوا من جديد في العملية السياسية ومواعيدها الانتخابية المختلفة.
بدأ القلق يدب حول ما إذا كان هذه المقاطعة للانتخابات المحلية والمناطقية الأخيرة يمكن أن تنتقل «عدواها» إلى الانتخابات الرئاسية العام المقبل لكن الأغلبية تميل إلى عدم مسايرة هذا الانطباع على اعتبار أن الانتخابات الرئاسية موعد وطني كبير مختلف تماما وعادة ما تشكل رهاناته الكبيرة عناصر جلب أكبر للمواطنين للتوجه إلى التصويت.
ما جرى اعتبر كذلك ضربة كبيرة للرئيس إيمانويل ماكرون وحزبه «الجمهورية إلى الأمام» فهذه هي هزيمته الانتخابية الثالثة منذ بداية عهدته، حتى أن صحيفة «لوفيغارو» اليمينية رأت أن الرئيس سيسعى سريعا إلى نسيان هذه النكسة الجديدة مقترحة عليه التوجه إلى تعديل وزاري ورص صفوف جماعته في أعلى هرم الدولة «لإخراج الوزراء المهترئين والاستعانة بدم جديد لكن المشكل أن قوة جذب حكم ماكرون شهدت عرقلة واضحة».
وهناك من المحللين السياسيين من اعتبر أن نتائج الانتخابات الأخيرة أضرّت بقدرة ماكرون على تقديم نفسه كمتصدٍ للتجمع الوطني وزعيمته مارين لوبان، كما أن أسئلة عديدة تطرح الآن حول مستقبل حزب ماكرون نفسه ومدى قوة حضوره في المشهد السياسي المقبل لأن حزبا فشل في جلب الناس على النطاق المحلي وإقناعهم ببرامجه ورموزه القريبة منه من الصعب أن يفعل ذلك على الصعيد الوطني مع الانتخابات البرلمانية والرئاسية، خاصة بعد هزيمته في الانتخابات البلدية في مارس – آذار الماضي مما كرّس افتقار الحزب للتجذر المحلي بين الفرنسيين.
ما يبرر كذلك هذا القلق الشديد من عزوف الفرنسيين عن الانتخابات الأخيرة أن نسبته كانت قياسية وسجلت ارتفاعا ملحوظا عما سبق للبلاد أن عرفته فقد بلغ 66 في المئة من بين الــ 48 مليون المدعوين للتصويت، في حين قدرت هذه النسبة عام 2015 بــ 41.6 في المئة فقط. كل هذه النسب تضاف جميعها إلى الرقم القياسي للامتناع عن التصويت الذي عرفه الاستفتاء الذي جرى في سبتمبر- أيلول 2020 حول تقصير المدة الرئاسية من سبع سنوات إلى خمس، حيث بلغت هذه النسبة وقتها 69.8 في المئة.
إنه»تعبير عن فقدان أمل كبير لدى الفرنسيين» هكذا وصف رئيس البرلمان ريشار فيران نسبة العزوف الكبيرة على الانتخابات المحلية الأخيرة» وهذا أمر «يجب أخذه بكل جدية» فيما تحدث رئيس الوزراء جون كاستكس عن «التعبئة الكاملة حتى تعمل الديمقراطية الفرنسية على أحسن وجه» ذلك أن النموذج الديمقراطي الفرنسي «الثمين والهش يحتاج تجديدا حتى تحافظ أنظمتنا التمثيلية على حيويتها» ولو أنه هو شخصيا ركّز أكثر من غيره على أن وباء الوضع الصحي الذي خلقته «كورونا» هو من يقف وراء نسبة الاقبال الضعيفة على التصويت. حتى مارين لوبان زعيمة أقصى اليمين اعتبرت أن «الوقت قد حان لإعادة الأوكسيجين للديمقراطية الفرنسية».
لقد وصل الأمر بالبعض إلى حد التساؤل عما إذا كان من المناسب جعل التصويت إجباريا للحد مما اعتبر تداعيا للبنيان الديمقراطي لأن لا قيمة للمؤسسات والهياكل التمثيلية المختلفة، من البلدي إلى المحلي إلى الوطني، إذا كان المواطن يشعر بأن ذلك لا يعنيه في شيء وبأن الأمور لن تختلف جذريا إذا تغيرت هذه الأغلبية بغيرها أو هذا المسؤول بغيره.
قد يفهم هذا في الدول الاستبدادية أو في الديمقراطيات الهشة أو الصورية أو حتى في تلك الدول التي تشهد انتقالا ديمقراطيا صعبا ومتعثرا لكن أن يحدث هذا في ديمقراطية عريقة كفرنسا فالأمر يبدو مُحيّرا فعلا… ويبقى الآن متابعة ورصد ماذا سيفعل المسؤولون لمعالجة تحدٍ لم يسبق لفرنسا أن واجهته من قبل.
كاتب وإعلامي تونسي